أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - وجه في ظل غيمة أمين خالد دراوشة















المزيد.....

وجه في ظل غيمة أمين خالد دراوشة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6503 - 2020 / 3 / 1 - 17:52
المحور: الادب والفن
    


وجه في ظل غيمة
أمين خالد دراوشة
بدابة ننوهه إلى شح الانتاج القصصي في فلسطين إذا ما قارناه بالرواية والشعر، حتى بتنا نحسب أن كتابة القصة أصعب من كتابة الرواية أو القصيدة، من هنا تأتي أهمية مجموعة "وجه في ظل غيمة" والتي تعد تحدي وتجاوز لواقع الكتابة السائدة والمهيمنة، فالقاص "أمين دروشة يخوض مغامرة في ظل زحمة وطغيان النشر المتفشي، حيث يستخدم نوع أدبي غير (محبب/مستصاغ) من القراء، من هنا تأتي أهمية المجموعة. الأهم في العمل الأدبي المتعة التي يحدثها في القارئ، والتي تنتج من خلال اللغة المستخدمة، أو من طريقة وشكل التقديم، وغالبا ما تمتاز المجموعات القصصي بخفتها ونعومتها، فهي لا تُحمل كما تُحمل الرواية، كما أن (حجمها) المتواضع يجعلها خفيفة الظل على القارئ، حتى لو تعرضت لأحدث قاسية ومؤلمة.
نوع القصص في مجموعة "وجه في ظل غيمة" جاءت بين القصة القصيرة، غير تلك القصة الكلاسيكية التي نعرفها، وبين قصة الومضة والقصة القصيرة جدا، فغالبية القصص لا يتجاوز حجمها الصفحة ونصف الصفحة، إذا ما استثنينا قصتي "سحر الإيمان، ما وراء الشمس" التي تجاوزت الصفحتين، أما بخصوص الشكل الأدبي فلم يكن هاك شكل محدد، بل هناك تنوع في الأساليب التي قدمت بها المجموعة، وهذا أسهم في (تلبية) كافة الاذواق والاتجاهات عند القراء، فمنها ما جاء بصورة الفانتازيا، ومنها ما حمل الرمز، ومنها ما جاء بصورة واقعية، ورغم (فقدان وحدة الشكل) إلا أن اللغة الجامعة اعطت المجموعة الوحدة، كما أن تعرضها لهموم المواطن إن كانت سياسية أم اجتماعية أم أخلاقية، أسهم في جعلها قريبة من القارئ، والأهم تعاطفها مع المرأة التي نجدها في أكثر من قصة، والقاص لم يتعامل مع المرأة كديكور، بل نجدها تتفوق على الرجل.
الفانتازيا والرمز
جاء في قصة قوس قوح: "كان قوس قزح يبهر الأطفال حتى أصابته قذيفة في قلبه، فتهاوى وسقط، وأضاء إضاءته الأخيرة، وتناثرت أشلاءه في الشوارع والازقة والحارات، ولفظ انفاسه.
الطفل المشاكس والعنيد، رفض تصديق الأمر
وحدد موعدا لظهوره من جديد" ص114، تستوقفنا طريقة تقديم القصة التي بدأت بفاتحة بيضاء: "قوس قزح، يبهر الأطفال" ثم تأتي الأحداث/الصراع "قذيفة في قلبة، إضاءتها الأخيرة" ثم الخاتمة التي تحمل الأمل والاصرار على المواجهة "الطفل حدد موعد لظهوره"، بهذه التركيبة المتداخلة والمتماسكة والمختصرة نكون أمام قصة ممتعةـ تُوصل فكرة الأمل عند الأطفال، فمنهم من رفض (التسليم) بموت قوس قزح، بينما نجد (اختفاء) عالم للكبار الراشدين الايجابي، بينما دورهم السلبي حاضر في "قذيفة في قلبه" فهم من يطلقون القذائف ويشعلون الحروب، والقاص/السارد انحسر دوره فقط في تصوير المشهد ليس أكثر، فأبطال القصة هم من الأطفال، وللافت أن الأحداث/الصراع جاءت مفصلة "وأضاء إضاءته الأخيرة" فلم يتم القفز عن مشهد البياض/الاضاءة، رغم قصر القصة، وهذا يشير إلى الأمل والبياض الذي يؤثر على المصور/ القاص، فركز على مواطن الأمل والفرح رغم القذائف.
وإذا ما توقفنا نحن القارئ عند القصة سنجد الفانتازيا حاضرة فيها، ونجد الرمز من خلال "قوس قوح، الطفل المشاكس" له حضور، لكن القصة لم تتوقف متعتها وفكرتها عند الراشدين فقط، بل تتجاوزهم لتصل الأطفال أيضا.
من هنا، اعتقد أن هذه القصة يمكن تقديمها للأطفال، لما فيها من بياض وفرح، فهي تعلمهم على المواجهة وعدم القبول بما هو سائد، وإذا ما أخذنا منطق لقصة فالخيال حاضر فيها، وهذا يدفع بها لتكون قصة من قصص الأطفال. فاللغة البياض تغلب عليها، والأحداث السوداء محدودة، إذا ما قارناها مع البياض، ولم يقتصر البياض على الفكرة فحسب، بل تعداه إلى الألفاظ، وهذا يسهم في تسهيل تقديم القصة للأطفال.
قصة الومضة
هناك مجموعة من القصص الومضة منها قصة "غابة": يغرق بالكتب، يمضي العمر سريعا، أمام المرآة بان شعره الأبيض، يكتشف أنه دون امرأة، يكتب على باب كوخه: مكتبة للبيع مقابل قبلة عميقة..
في الغابة المهجورة" ص108، الأفعال "يغرق، يمضي، يكتشف، يكتب" قصيرة وسريعة، لكن لها وقع مدوي على القارئ، الذي يتماهي مع القصة ومع أحداثها، فالقارئ والكاتب يعلم أنه يمارس عمله على حساب اسرته، وعلى حساب نفسه، (فسطوة القراءة ومتعة الكتابة) تجعله يهمل كل من هم حوله، لكن القاص يوقف هذا التماهي الجميل والرائع أمام الزمن وقوة والمرأة، وللافت أن الأداة التي جعلت بطل القصة يتوقف ويعلم حالته/واقعه "المرآة"، وهي مؤنثة، كما أن شكل كتابتها يتماثل مع العنصر المفقود "المرأة" وكأن الأنثى الأولى "المرآة" الكاشفة، مهدت وفتحت الأبواب أمام الأنثى/المرأة الحقيقية، فوجودهما "المرآة والمرأة" شكلا ومضمونا أسهم في إحداث الانقلاب في حياة الكاتب/القارئ، الذي عرض مكتبه للبيع مقابل قبلة فقط، فبما سيدفعه مقابل الحصول على امرأة كاملة؟.
ونجد فانتازيا في قصة "أمل": يصعد الأمل بخفة، يتسلق أغصان اللوز، يحاول الدخول من النافذة إلى غرفتي
يقع،| وينكسر، ويجر نفسه بعيدا، دون أن يلتفت وراءه.
ومن ذاك اليوم الحزين، وأنا مفعم بالفرح، أفعل ما يحلو لي دون أمل" ض107، قلب الفكرة هو اللافت في القصة، فالقاص يغيب الأمل، ليتحرر ويشعر بالفرح، وهذا الطرح يبدو غريب نوعا ما، لكن في واقعنا الفلسطيني والعربي، فقدان الأمل يجعل الإنسان يتحرر من عبء التفكير بالمستقبل، وتثقل الواقع المعاش، فيشعر بأنه يعيش يومه متجاهلا كل ما هو حوله، وهنا يكون (فقدان الأمل) حالة إيجابية، شكلا، لكن في حقيقة الأمر تكون هذه اللامبالاة تخدم/تعالج مشاكل الفرد فقط، بينما كمجتمع تكون وبالا عليه، فلا يعقل أن يكون كل المجتمع فاقد للأمل.
وفي قصة "لن" يصعقنا القاص بالفكرة التي يقدمها: "قال الأخ الأكبر:
ـ لن أقبل بهذه المساحة الصغيرة، ماذا سيقول عنا الناس.
اجاب الأخ الأوسط
ـ يمكننا أن نشتري مساحة تتسع لشخصين
ضحك الأصغر، وقال:
ـ لا تبخلا... لقد ترك لكما والدكما ما لا تأكله النيران.
أجمع الجميع على ضرورة شراء نصف مساحة المقبرة المتبقية، ودفن والدهم، الذي لا يجوز أن يدفن كالعامة من الشعب" ص105، التعرض لسلوك الاغنياء بهذه الطريقة يحسب للقاص، الذي فجأنا بطريقة التفكير المتطرفة التي تستخدمها الطبقة (البرجوازية)، كما أن النهاية لم نكن نتوقع أن تكون بهذه الحدة، فبدا لنا وكأن المتحدثين في القصة من عالم آخر، وليس بشر مقلنا نحن.
وهناك تكثيف في قصة "جنازة شاعر": "لم يحضر جنازته سوى بضعة رجال ونساء، فالغيوم بكته بغزارة، ولم تسمح للكاميرات بالتصوير..." ص102، فالفكرة جاءت من خلال الواقع، موت الشاعر، ومن خلال الخيال "الغيوم بكته"، وتم (تعليل) قلة الحضور بسبب بكاء الغيوم التي أنابت عن حضور الآخرين.
المرأة
يقدم القاص المرأة بأكثر من صورة، في قصة "رائحة الياسمين"، يتحدث عن الرجل الذي يطلق زوجته ويتزوج من أخرى صغيرة، لكنها بعد أن تستولي على ماله تلقي به إلى الشارع، فتسترده زوجته الأولى، وتقدم له المساعدة وتعتني به، لكن القاص يفاجئنا بغياب الزوج بعد ان استعادته زوجته الأولى، لنجدها قد انتقمت منه بدفنه في برميل زرعته بشجرة ياسمين، فطريقة تقديم القصة كانت مشوقة وممتعة، حتى أن القارئ يعود إليها أكثر من مرة وبمتعة.
وإذا أخذنا فكرة القصاص من الرجل الذي هجرة زوجتها التي تحملت معه شظف العيش، نكون أمام قصة تجمع بين الحبكة الرائعة التي تحدث دهشة في القارئ، وفكرة القصاص (العادل) من المخطئين، وبما أن الانتقام جاء من المرأة فأن هذا يشير إلى قدرتها وحنكتها في القصاص مما خذلها وباعها، فالمرأة ليست ضعيفة، كما أنها ليست (ساذجة) ترضى بما يرسمه لها المجتمع من صور، فقد (أحسنت) التصرف، وحبكت الخطة، لتوقع بزوجها الخائن.
وفي قصة "مسلسلات تركية" نجد الرجل الذي يتزوج من أخرى تصغره بعد أن يقوم بتطليق زوجته التي "أنجبت خمسة بطون، وتوفى السادس والسبع" ص40، لنعرف لاحقا أنه يعمل سجان وجلاد، وأن زوجته الجديدة بعد أن يذهب هو إلى مناوبته الليلية، تذهب هي إلى قائده، واللافت في هذه القصة أن النهاية جاءت في وقت الليل، أي بعد التعب والجهد، فالزوج/الجلاد، يعكف على انتزاع الاعترافات والمعلومات من السجناء، والقائد وزوجته يقضيان أمتع الأوقات، النهاية جاءت صادمة للقارئ، فالسجان المتفاني في عمله، يخونه القائد وتخونه زوجته.
المجموعة من منشورات دار الكلمة للنشر والتوز
يع، غزة، فلسطين، الطبعة الأولى 2020.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر السجن في قصيدة -في السجن- منذر خلف مفلح
- حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى القسم الثالث
- القسم الثاني حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى
- حبيبتي السلحفاة محمود عيسى موسى
- عديقي اليهودي، القسم الثالث محمود شاهين
- الشعر في -كتاب الوجه- هكذا تكلم ريشهديشت- للشاعر محمد حلمي ا ...
- بناء القصيدة عند سمير التميمي -رأيت الحقيقة
- اللغة والألم في -القرص المربع- كميل أبو حنيش
- حلم فلسطين
- مناقشة مجموعة قصصية بعنوان رقصة الشحرور
- عديقي اليهودي، القسم الثاني محمود شاهين
- عبود الجابري تكرار
- رقصة الشحرور مصطفى عبد الفتاح
- عديقي اليهودي رواية فكرية تاريخية سياسية محمود شاهين
- محمد داود -عيد الحب-
- كبوة القراءة والكتابة
- سوريانا وسهى وأنا -على وهج الذاكرة- عيسى ضيف الله حداد
- نبوءة الشاعر في ديوان -عيون الكلاب الميتة- عبد الوهاب البيات ...
- مناقشة كتاب ديوان شعر «في مديح الوقت»
- كميل أبو حنيش لقد صرت أبا رسائل من القلب


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - وجه في ظل غيمة أمين خالد دراوشة