أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - صراع على العيش














المزيد.....

صراع على العيش


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6499 - 2020 / 2 / 25 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


لو أنك مررتَ من جانب المرعى قبل ألف عام، لن تجده على غير صورته اليوم.
الأسد، المتخذ مرتفعاً معشوشباً بمثابة المرصد، كان ولا مِراء أبرز حضور الصورة. إنه يشمل المرعى بنظرة ثابتة، ثم ينتقل بعينيه إلى المرتفع الآخر، المتَخذ حصناً لجماعة الضباع. كان يعتبرهم دخلاء على حوزه، يتحين الفرصة لتأديبهم ومن ثم طردهم.
رئيس أسرة الضباع، وكان لديه زوجتان مع أولادهما الرضع، كان في تلك اللحظة يبادل ملكَ الغابة النظرات، وكذا مشاعر النفور والتوعد. لكنه اليوم كان مهتماً أكثر بحالة الأسرة، على خلفية انقضاء يوم كامل بدون فريسة؛ وهذا معناه أن الصغار لن يجدوا حليباً في ضرع الأمهات. هذه الفكرة، وقد شحذها طويلاً في ذهنه، دفعته كي ينهض من مكانه بشكل مباغت، فما لبثَ أن ركض الهوينى باتجاه قطيع الثيران. سرعان ما دبت الفوضى في القطيع، وكان هم الكبار حماية العجول من الفك المفترس. غيرَ أن هذا الأخير تمكن من الاستفراد بأحد الثيران الهائلة الحجم، وجعل يناور من حوله ويراوغه كي يحظى بفرصة للإيقاع به. الثور، بقوته الجبارة، استطاع في المقابل توجيه ثلاث ضربات مؤذية للضبع المهاجم قبل أن يفقد توازنه. عند ذلك، أطبق الفك المفترس على عنقه ولم يعُد يُسمع سوى الزمجرة والخوار.
إذا القطيع يكتنفه هياج مفاجئ، فيندفع قسمٌ من أفراده الكبار باتجاه المسبعة، المعتلية ذلك المرتفع، كي يطردوا ساكنيها. هنا، أمر الأسد كلتا اللبؤتين كي تنزلا الصغار في الحفرة المخصصة للطوارئ. بعدئذٍ صارت المسبعة مباحة للثيران، وكان بعضهم يحاول التطاول بقرنيه إلى الحفرة للنيل من الصغار. عادت جماعة السباع للهجوم بشكل حذر، ما جعل قطيع الثيران يتراجع إلى المرعى بصورة أكثر فوضوية. عند ذلك، اتجه الأسد نحو الثور الغارق في دمائه وبدأ في تمزيق لحمه. فيما انتظرت اللبؤتان بجانب الصغار، وكانوا قد خرجوا من الحفرة وآبوا للعب والمرح. على حين فجأة، انتبه الأسد لمشية كبير الضباع، العرجاء: " يا لك من أحمق ومغرور! خمس لبؤات بالكاد يستطعن مواجهة ثور بهذا الحجم ". وبدون مهلة تفكير أخرى، نهض بسرعة قصوى في اتجاهه. كبير الضباع، لم يكن في وسعه الركض، فحاول الدفاع عن نفسه من خلال الجلوس على مؤخرته. غير أن الأسد تمكن بقفزة أخيرة من طرحه أرضاً ودق عنقه بلا رحمة.
في الأثناء، كانت اللبؤتان تتناولان الغداء على وليمة الثور الصريع، وراقبا أسدهما وهو يبصق بقرف ثم يتجشأ عدة مرات. لم يكتفِ بذلك، وإنما ذهب إلى النبع المجاور كي ينظف فمه من أثر لحم الضبع وشعره الشبيه بالشوك. مر على بعد خطوات من قطيع الثيران، بيد أن هؤلاء لم يعيروه أدنى اهتمام أو التفاتة. رجع من النبع وأطلق زئيره باتجاه اللبؤتين، فابتعدتا عن الفريسة. لكنه لم يستطع الأكل، وكان مزاجه ما زال مُعكراً.
أنثيا الضبع، كانتا ترمقان في ألم وحسرة جثة رجلهما، وقد تخلصتا أيضاً من هجمة الثيران وحفظتا الصغار في حفرة معدة أيضاً لحالات الطوارئ. ما زالتا تتضوران جوعاً، عدا عن هم إرضاع الصغار. هما كذلك، حينَ اخترق المشهدَ غزالٌ كبير الحجم، يتبعه فهدٌ بأقصى قوى قوائمه. عندما صارت رقبة الغزال بين فكي الفهد، اندفعت إحدى الضبعين مزمجرة. ترك الفهدُ الفريسةَ ثم تسلق بعجالة شجرة قريبة. لكن ظهر على الأثر فهد آخر، ما جعل الضبع تفر إلى جهة ضرتها. المعركة لم تنته، ذلك أنهما ما لبثتا أن هاجمتا معاً الفهدين وتمكنتا من الاستحواذ على الفريسة ومن ثم جلبها إلى المرتفع. بعد نحو ساعة، كان في وسع صغار الضباع تلقف الأثداء المترعة بالحليب.
الأسد، المستلقي بمهابة على الصخرة المرصد، هز رأسه وكأنما يتوعد جماعة الضباع بليلة حافلة بالمفاجآت غير السارة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل التاسع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثامن
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الثامن/ 1
- مزحة، جريمة مزدوجة ومتورطون ثلاثة
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن/ 2
- نادية لطفي؛ الوجه الجميل للفن
- عصير الحصرم 77
- المنزل المنحوس
- حديث عن عائشة: الفصل السابع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السادس
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل السادس
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الخامس
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 1
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 4
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الرابع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثالث
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثالث


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - صراع على العيش