سهد التهجير /3

حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6498 - 2020 / 2 / 24 - 17:29
المحور: الادب والفن
    

من محاسن التطوير في منطق ( التهشيم و العدم ) هو المشاركة في إنتاج القوت رجالا و نساءً
لا توجد معوقات توضع أمام نساء المنطقة في الأعمال
تجمع الأموال الخارجية للمنطقة ( الآتية من البعثات الدبلوماسية لقاطعي الطرق و حرامية المدن المرهفه ) مع الأموال الداخلية الآتية من عمل رجال و نساء المنطقة
الكل يعمل حتى الأطفال منذ سن الخامسة
تقطع أجزاء من اعضاءهم التناسلية و بعدها يتم وشمهم كي يعرفوا فيما بعد
يرمى بعضهم على الطرقات للتسول و مسح بقع الغبار عن سيارات الشوارع الغنية
و بعضهم يرمى أمام بيوت الأغنياء عندما تزداد الكثافة السكانية في المنطقة
و البعض الآخر يلقى مصيرة داخل المنطقة ممنوع من الخروج الا عند السادسة عشر يعاون اهالي المنطقة في نفاياتهم و حميرهم و يتعلم تصليح عربات الحمير الخشبية
لا توجد مدارس في المنطقة بل توجد صنائع الأجداد المهمشين
الصنعه افضل من تعليم مدمر يستمر 17 سنه من الجهد المتواصل و بعدها تحجز الوظائف لأبناء المدن البعيدة المغلقة الفارهه
لذلك الأهالي يعلمون أبناءهم بأنفسهم لاجل كسب إحدى الصنائع
تتدرج الصناعات من تحويل مواد القمامة و تدويرها إلى جباية الضرائب .

و الغريب في المنطقة هو عدم وجود مركز او مؤسسة عقارية منفصله عن عامه الشعب بل تدمج قوالب الحديد و الطين مع بعضها لجميع الفئات الطبقية الا في حالة السلطة و الحكم تتوج الطبقية باقصى صورها فوق شعب المنطقة .
تقل الحوارات ايضا لا توجد محاورة الكل يعمل لأجل الحصول على الطعام و الشراب و الاستحمام
لا وقت للكلام سوى يوم عطلة الاثنين من كل اسبوع تجتمع الاسر في ساحة التشريفات و هنا يبدأ دور الاب عامل الحمير بفعاليات الرقص الحميرية و توزع حلوى الفأر لا أعلم لماذا تمت تسميتها بهذا الاسم الا ان طعمها لذيذ .

تتراكض الحمير حول الساحة دون أن تصطدم بجدار البشر الدائري حولها ترفع عنقها و تخط أقدامها لاثارة الغبار ترفع إحدى الاقدام و تثبت الأخرى على الأرض و تتمايل كما البشر ترقص على وحده و نص

تعود الأسر بعد احتفال الاسبوع إلى النوم مباشرة في بيوت الحديد و الطين مفصوله عن بعضها البعض بستائر الاقمشة القديمة المتهرئه او تقوم الأمهات بعمل ستائر عن طريق خياطة اكياس الحليب مع بعضها
اكياس حليب اطفال الاغنياء تجمع بعد رميها لتستر أجساد اهالي المنطقة عن بعضهم كي يمارسوا الجنس كنوع من الاستقلالية .

الاستقلالية في منطق منطقة ( التهشيم و العدم ) يدل على حالتين لا ثالث لهما ( حالة ممارسة الجنس و حالة دخول الحمام لأجل التغوط )
و ما اقنع هذة الحالتين لإرساء الاستقرار النفسي لدى شعب المنطقة و منحهم فسحة حرة خارج النص .

كل سنه تجتمع الاسر لأجل ألابتهال نحو التل المقدس
يقوم الجميع بإخراج اعضاءه التناسلية و التبول على ارضية التل لغسل الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس

و هكذا هي دورة حياة ممله و لا تجديد فيها الا الهروب سرا
اتفق الاب مع الام على الخروج منها سرا
تدحرجت قطع الطين نحو اقدامهم لم يرتدوا الأحذية
تخطو خطواتهم نحو الهروب بسلاسه تركوا كل شيء يربطهم بالمنطقة الا الكتب وضعت على ظهر الحمار دندوش مع الأب و الأم و الطفلين
حملهم الحمار دندوش بفرح عارم منتشيا بالسير نحو جدار الخروج
استمر المسير ساعتين كأن هذة المنطقة تمثل العالم اجمعه و تحيط به من جهاته الاربع
وصلوا لطريق مسدود وضعت علية احجار كبيرة و خشب النخيل الضخم
ساد صمت العائلة لينطلق صفير عارم اظهر لهم اجساد طويلة من قاطعي الطريق التابعين لمنطقة التهشيم و العدم مكلفين بحمايتها خارجيا و اخذ ضريبة المرور لقوافل التجارة .

- من انتم .

- عابروا سبيل .

- داخلي ام خارجي ؟

- ماذا تعني ؟!!

- هل أنتم من أهالي المنطقة ام من اهالي الخارج ؟

- و هل يوجد عابروا سبيل من داخل المنطقة ؟

- نعم يوجد من يدفع أكثر نقوم بتهريبة .

-و هل ذو الرداء الأسود اقصد ( كلاوش ابن دملوج ) يعلم ذلك ؟

- نعم يعلم و ذلك بشرط أن يجرد الهارب من جميع ممتلكاته ان كان من داخل المنطقة اما اذا كان من خارجها فعلية بدفع ضريبة الحياة لحماية الروح .

- و ماهي ضريبة الحياة ؟

- تقدير الجماعة و رؤيتها لما معكم من بضاعه هو من يقرر ضريبة الحياة .

- و ماذا قررت الجماعة بعد رؤية ما نملك ؟

- أنتم فقراء جدا لا تملكون سوى الكتب و بلا احذية على اصابعكم الطين و القذارة
سنأخذ الحمار و ملابسكم اللطيفة هذة
اما عربة الخشب ستبقى لكم لأجل الكتب فلا قيمه لها .

تم سحب الحمار من العربة و نزعت العائلة ملابسها كي تخرج من الجنه الموعودة الى ارض الخلاص المرسومة بعقولهم لا بعقل الالهه الحاكمة

قام الحمار بالنهيق حزناً على مصيرة المحتوم داخل المنطقة و هو يسحب بالقوة نحوها

لا تدرك الحمير بأن الخروج من المنطقة يعني قتلها و رميها بمستشفى الحيوان التخصصي
لا أحد يستفاد من الحمير في المدن المغلقة الفارهه سوى علماء الأمة يجرون التجارب عليها لحماية اثرياءهم من الامراض المنقوله وراثيا منها لهم .

نظرت العائلة نظرة الوداع السعيد لدندوش
حملت الأم الجزء الأول من مقدمه العربة و حمل الاب الجزء الثاني من مقدمة العربة
و سارا عراة مع الطفلين يحملان اكوام من الكتب بدل الحمار .

#حسام_جاسم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات