أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - أكتب نيابة عنى














المزيد.....

أكتب نيابة عنى


سمير الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 6498 - 2020 / 2 / 24 - 09:23
المحور: الادب والفن
    


ما الذى يمكن أن يكتبه شاعر كشهادة عن نفسه؟ ،إن الأمر برمته يبدو لى أقرب الى الاعتراف فى الديانة المسيحية ولكن ذلك أيضا يتطلب أن يرى المرء كتابة الشعر كفعل من الأفعال المنكرة وهو فى تقديرى مسألة قد تقترب من روح المفاهيم التى تحاول أن تجعل الفن كله يندرج تحت تصنيفه الجديد " كرجس من عمل الشيطان “، هل على إذن أن أكتب فى هذه الشهادة بعض مبررات ارتكاب الجرم أو أن أتخيل أننى أدافع عن وجودى كشاعر أمام محكمة تفتيش مفترضة؟أعتقد أننى لست بحاجة لكل هذا العناء ،إذ أن الشعر عندى هو منتج من المنتجات الجانبية فى حياتى كريفى بهرته أضواء المدن فضاع و سقط فى الحنين لقرية مفقودة لم يعد يراها حين يزور أمه كل أسبوع أو كل شهر أو كل عام وجارى التعديل لتصبح الزيارة كل ربع قرن وذلك لتطور تكنولوجيا الاتصالات التى تجعله يستبدل كل هذا العناء بنقرات أصابعه على لوحة مفاتيح حاسبه الشخصى، و الشعر عندى أيضا – وليغضب من يغضب –منتج جانبى فى حياتى كمدرس مصرى كان عليه أن يمشى على دمه كل يوم ليفتح بيته الذى ظل سنوات غريبا عن عالمه بالنظر إلى عدم القدرة على تجاوز دوره كممول لتكاليف الطعام والكساء، ويبدو أننى مضطر هنا لقول الحقيقة كاملة وللاعتراف بأن الشعر عندى كغيره من المعانى المجردة التى تتحول إلى سلع بمجرد وضعها فى أشكال وقوالب ،وأنا مجبر أيضا على أن أتحدث عن نوعين من البشر، نوع ينتج الحياة والمحبة كالفلاحين والمحبين فى حقول الله ونوع آخر يكتب عن تلك الحياة وتلك المحبة كالكتبة فى المخازن وتجار الحاصلات الزراعية فى الأسواق وحقول الشيطان ولكم أن تتصوروا بأنفسكم فى أى النوعين يقع معظم منتجى القصائد وكتاب المقالات الأدبية مثيرى الضجيج فى قنوات التلفاز ومثيرى الاشمئزاز فى مؤتمرات وزارة الثقافة التى يحضرونها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء المشاركة الجادة فى أى جلسة بحثية من جلساتها، وعلى المعترضين مراجعة كشوف مؤتمر أدباء الأقاليم مثلا ليدركوا أن بمصر نوع من (الشعراء) يمكن تسميته "بالمؤتمرجيه" وستبكى حين تراهم وهم يتعاركون بسبب قلة " كمية الأرز" فى طعام الغذاء أو بسبب أن بعضهم حصل على علبة زبادى واحدة فى العشاء أو أن " الحساء " كان باردا، هل أوضحت أم ترانى تجاوزت حدودى؟ “ على أية حال أريد أن أقول أن الإنسان أكبر من الشاعر وأن الحياة أهم من القصيدة وأن عدم إدراك معظمنا لتلك الحقيقة هو ما يؤدى إلى تلك الظواهر المقززة التى تحدثت عنها بالإضافة طبعا إلى أن المؤسسة الثقافية التى كانت دائما ظلا للمؤسسة الأمنية أرادت أن تختصر الشاعر وتحوله إلى كائن يسعى إلى البدل النقدى للندوة ويصبح من آماله الحصول على " الحقيبة" التى يوزعونها فى المؤتمر لدرجة أن أحد هؤلاء قال لى ذات مرة " تصور أن المؤتمر مر دون توزيع الحقائب" لأن وكيل الوزارة أراد لسبب ما أن يذل الأدباء، فلا أحد يسأل عن أبحاث أو توصيات ويختصر الأمر فى كلمة واحدة " انبسطتم؟" أو ربما يتعمق بسؤال من نوع " هيه.. والأكل.. هل كان حلوا ؟"
كل ذلك يجعلني بعد أن جاوزت 56عاما أدرك أننى كنت على صواب حين استمسكت بما تعلمته فى طفولتى من أمى " الست أم سمير " عن العدل والحرية وعن كفاح البشر الذى يجعلهم جميعا أبناء أسرة واحدة تسمى " الإنسانية “ ومن ثم يجعلنى أكثر وثوقا بأن الشعر هو جزء من تلك الإنسانية وأن هؤلاء "المؤتمرجيه" مستلمى الحقائب ينتمون لقبح يلفظه الشعر الحقيقى تماما كما تلفظه الإنسانية،
إن التكاثر غير الطبيعي لظاهرة المستشعرين وبالذات من شعراء العامية جعلنى أمزح ذات مرة مع الشاعرالكبير سمير عبد الباقى وكان ينتظرنى وتأخرت عن موعده فسألنى عن سبب التأخير فقلت له لقد كان المترو مزدحما وأظن أن عليهم أن يخصصوا عربتين على الأقل لشعراء العامية،
هل أوضحت أننى أصبحت أقلق من وجود كلمة الشاعر أمام اسمى بسبب كل ما ذكرت آنفا، نعم لقد خدعتنى التسمية لأنها كانت تسبق أسماء مناضلين كبار كلوركا ونيرودا وناظم حكمت وهوشى منه وجيفارا ومثقفين تقدميين كأمل دنقل وصلاح عبد الصبور ومحمود درويش وفؤاد حداد وصلاح جاهين، لقد كان هؤلاء شموعا تضىء ظلام العالم وكان الشعر أحد تجليات أحلامهم العظيمة ولم يكن أبدا هدفا فى ذاته، الآن أظن أن" الكلمة" لم تعد تعنى ما كانت تعنيه، وأنها قد تعنى الآن هؤلاء الصنف من البشر مرتادى الندوات الذين يشتهون إلقاء القصائد ( ذات مرة كان أحد الشعراء يدير ندوة ولا حظ تململ الحضور وكلهم من الصنف الذي تحدثنا عنه فأمسك بالمكريفون ليؤكد للجميع أنه لن يستثنى أحدا وأن كل شاعر سيتمكن بإذن الله من إلقاء قصيدته) فهدأ الجمع واستأنفت الندوة،
إذن سأشهد أن المبدعين الحقيقيين جميعا والشعراء على وجه التحديد مناضلون يسعون لتغيير العالم، مناضلون ضد الاستغلال والقبح والقهر وغير هؤلاء هم كتبة ومدعون وينبغى الحذر منهم وكشفهم لكى يظل للشعر قيمة فى هذا العالم. وسأشهد أيضا أن بمصر حاجة لشعراء ومبدعين يعيدون بناءها على الأسس التى ينبنى عليها كل إبداع جميل " أليست الثورة من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية " قصيدة بهية - بل أبهى القصائد - التى يسعى لكتابتها معا كل المبدعين و كل المتلقين.



#سمير_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هشام السلامونى - هل يموت الذى كان يحيا كأن الحياة أبد؟-
- عصافير هاربة من دق الصفيح الرواية داكنة والحياة متجددة وخضرا ...
- شىء من الأدب.. كثير من النقد
- ظاهرة التسول
- -يوم الثبات الانفعالى أم زمن التشيؤ و تبلد المشاعر- قراءة فى ...
- فصول من سيرة التراب والنمل- تلقائية السرد عند الروائى - حسين ...
- العامية المصرية بين الانفعال والافتعال قراءة فى أشعار محمد ع ...
- هشام السلامونى - جدل الفعل والانفعال-
- في مديح التفاهة
- تلقائية السرد عند الروائى حسين عبد العليم
- البخاري ومسلم و-مويان-
- كفاح المصريين كمتتالية روائية - حوار مع الروائى أحمد صبرى أب ...
- الشاعر حمدى عيد
- رحلة الفتى الدمياطى الذى جاوز الستين..
- ما الذى يجعل الماضى مستمرا
- لماذا تتعثر نهضتنا العربية الحديثة؟
- رواية-برسكال- رحلة المهمشين إلى متن الحياة فى القرية المصرية
- تكاثر الشعراء
- اللغة والهوية
- حوار مع جريدة الكرامة


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - أكتب نيابة عنى