أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - السياسة بين «الطهر والنجاسة»














المزيد.....

السياسة بين «الطهر والنجاسة»


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6495 - 2020 / 2 / 20 - 09:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تحليل اخباري: السياسة بين «الطهر والنجـــاسة»


التي تُجمع في فنّ حكم المدينة وحسن التّدبير ورعاية مصالح النّاس وإصلاحهم. وحاول بعض العلماء النظر في صلة السياسة/السياسيّ بالدين والحكمة والأخلاق، والفضيلة والعلوم، والسعادة، والصلاح والإفساد في الأرض،... ثمّ سرعان ما اضفيت دلالات رمزية أخرى على الممارسة السياسية ذات وشائج بنظام من الثنائيات المتضادة كالخير /الشرّ والطهر/النجاسة، لاسيما بعد حركات تحرير الشعوب. فتشكّلت صورة المستعمر على أنّه نجس: دنّس الأرض وكان على الوطنيين تطهيرها بدمائهم النقية.

ومع مرور الزمن وتعدّد التجارب السياسية صار الحديث عن الاستراتيجيات التي يستعملها السياسي لمواجهة خصومه ومنها: استخدام سردية الطهر والنقاء لتلميع صورته في مقابل استعمال سلاح النجاسة لضرب المعارضة ولم تخرج «الإجراءات التطهيرية» التي اتّخذها أردوغان بعد «الانقلاب» عن هذا الإطار.

ولم يتوّقف الأمر عند ذلك الحدّ إذ تشير الأدبيات السياسية إلى تعامل السياسيّ اللاحق بالسياسي السابق وفق ثنائيات :الطهر/النجاسة، الفساد/الصلاح. فقد سعى أنور السادات مثلا إلى ترويج أخبار حول «الفساد» الذي استشرى في عهد من سبقه في محاولة واضحة لإرباك صورة جمال عبد الناصر في الذاكرة الجمعيّة ولكنّه لم يفلح وكذا كان الأمر مع صورة الزعيم بورقيبة.

ومنذ 14 جانفي برزت سردية تقرن كلّ أشكال الفساد بالرئيس السابق وعائلته. فبدا النظام السابق طيلة مرحلة الانتقال الديمقراطي، عنوان الفساد والنجاسة بامتياز رغم اعتراف كلّ المسؤولين بسرعة انتشار هذه الظاهرة في مرحلة الانتقال ومهارة الضالعين في الفساد من النواب ورجال الإعلام والأعمال وغيرهم قصص وروايات. ومع ذلك ظلّت الحكومات المتعاقبة تصرّ على التموقع في مسار الإصلاح، وخدمة الصالح العامّ ومقاومة الفساد.

وبما أن السياسة لم تعد في نظر أغلب التونسيين مرتبطة بالأخلاق والفضيلة وخدمة الناس فقد صارت عبارة «أنا مستقلّ لا أنتمي لأي حزب «علامة على» التطهرية السياسية»، والهروب من السياسة التي تُتمثّل على أنها نجاسة: «الضرب تحت الحزام»، بل صار الواحد يعتبر نفسه الطاهر في مقابل الذين تورّطوا في عالم السياسة، أي النجاسة. والحال أنّ السياسة لا تدار بثنائيات قطبية: الأبيض/الأسود، الطهر/النجاسة... إنّها لعب على تناقضات الخصوم،وحسابات ومصالح تخضع لموازين القوى المحلية والعالمية.

وبما أنّ لغة التواصل تتأثر بما يطرأ على الناس من تحولات فقد ظهرت في الانتخابات الأخيرة، عبارات في الخطاب السياسي جسّدت القيم الجديدة فصار الحديث عن «التعايش مع الفساد» وعدم التطبيع مع «المفسدين» وغيرها. وما دام «كل إناء بما فيه ينضح» فقد تجنّب بعض المترشحين الحديث عن «قلب تونس» مفضلّين السلامة بينما سكتت أحزاب أخرى عملا بالحكمة «إذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجارة».

ولئن أصرت قيادات النهضة على استغلال شبهة الفساد ضدّ مؤسس «حزب المقرونة» لصالحها مذكرة التونسيين بمرجعيتها الإسلامية (حزب يعرف ربي) فإنّ سياق تشكيل الحكومة جعلها تغيّر موقفها فلم يعد التموقع ضدّ أحزاب «غير نظيفة،» ولم يعد ضرب «المفسدين في الأرض» أولويّة بل صار التفكير في «مَنْ يُخْرِجُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟» جائزا وحلالا.

وبناء على إكراهات تمليها موازين القوى تغدو وظيفة حزب النهضة «تبييض سمعة القروي وإضفاء الشرعية» على الحزب الثاني في البلاد، والاستنجاد بفقه الحيل، حتى وإن أدّى الأمر إلى تضليل الرأي العام بحجج من قبيل الدفاع عن حكومة الوحدة الوطنية، والتشاركية، وتوسيع الحزام...

ولكن هيهات فقد سقط «الحزام» وانكشفت العورة: لم تعد قيادات النهضة صاحبة خطاب منسجم ومتماسك قادر على التأثير، تُصاغ مضامينه بكلّ دقة ودهاء بل صار الأداء متعثّرا ومرتبكا وضعيفا يفضح المستور، ولم يعد سمير ديلو المتمرّس بفنّ الحجاج بعد أن «غلطوه».



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والجدل حول اللغة
- «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة
- في محاولات صناعة الشخصية السياسية الكاريزماتية
- في طرق استقبال مبادرات الشباب
- مساءلة
- في أداء المترشّحين وأشكال عرض الذات
- النسوان في قلب العمليّة الانتخابيّة
- ساعة الحسم
- الوصم السياسيّ: قراءة في سلوك الناخبين
- حيرة الناخبين
- أن تكوني سياسيّة في تونس2019
- أسئلة غير بريئة أطرحها في زمن ديمقراطية المشاعر
- هل يؤمن السياسيون بمبدإ التداول ؟
- جثث المهاجرين تفضح الصمت المخجل للفاعلين السياسيين
- محاولات ترسيخ «الأبوية السبسيّة»
- الجهاد بالوكالة
- حدث ومواقف أو انقسام التونسيين حول موت محمّد مرسي


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - امال قرامي - السياسة بين «الطهر والنجاسة»