رواية تحت عنوان صوت من وسط الظلام للدكتورة زهرة خد رج والمطالبة بالتحرر من المجتمع ألبطريركي من أجل التحرر من الكيان الصهيوني

حسن ابراهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 18 - 22:27
المحور: الادب والفن
    

في إطار فضح طبيعة العلاقات السائدة في المجتمع الفلسطيني ,ومن أجل تحقيق رغبة التحرر من الهيمنة الذكرية جاءت رواية تحت عنوان صوت وسط الظلام للدكتورة زهرة خد رج تحمل مشروعا جديدا مفاده الثورة على التقاليد والأعراف السائدة في المجتمع الفلسطيني ,وبالتالي التأسيس لمشروع مجتمعي حداتي كما جاء بأهم مضامين الرواية .
ومن اجل ذلك اختار السارد التركيز على اختيار الشخصيات الروائية من بيئة فلسطينية ذات صلة بالعالم القروي ,بل بالتركيز على أسرة تمارس الفلاحة بهذا العالم ,انه لهذا السبب اختار المرأة ومنحها وظيفة مركزية ,بهدف فضح العلاقة التي تربط المرأة بالرجل داخل هذا المجتمع ,حيث ارتكزت هذه العلاقة على هيمنة الرجل ,مقابل تكريس تدني الوعي لدى المرأة أو ما يصطلح عليه بدونية المرأة ,وبالتالي العمل على تشييئها , كل ذلك من اجل تكريس تبعية المرأة للرجل في القرارات المتخذة بما في ذلك التقرير بشان مستقبلها .
من هذا المنطلق ,ومن أجل العمل على تحرير المرأة من طبيعة هذه العلاقة ,وكل ما له علاقة بطبيعة العلاقات السائدة داخل المجتمع الفلسطيني ركز السارد على شخصية أمنية ,الشخصية الرئيسية داخل الرواية ,باستحضار أهم مراحل تطورها ,ومعاناتها سواء داخل البيت , أو بباقي المؤسسات التي تربطها بها صلة ما ,ونستفيد من كل هذا الدور الذي أراد السارد أن تلعبه المرأة داخل المجتمع الفلسطيني ,والقيمة التي أراد منحها لها ,وإعادة الاعتبار لها خلافا للعلاقات السائدة التي تحتقرها ,وتعطي للرجل الدور المركزي في إطار علاقته بالمرأة في إطار تكريس التمييز بينهما كما هو الشأن بباقي المجتمعات العربية .
إن هذا الجرد إنما نود توضيح مسالة أساسية من خلاله ويتعلق الأمر بتفسير تأخر الشعب الفلسطيني من حصوله على الاستقلال ,إذا يعتبر هذا المعطى من بين المعطيات التي ينبغي اتخاذها بعين الاعتبار أثناء مناقشة القضية الفلسطينية .
من خلال هذا المنطلق سوف يتضح دور المجتمع في تعطيل قدرات المرأة من خلال علاقة الشخصية الرئيسية بالأخ رشدي ,وبغيره من الشخصيات الثانوية داخل الرواية , ويتضح ذلك من خلال العلاقات التي أقامتها الشخصية الرئيسية مع البعض الأخر من الشخصيات ,خاصة الممثلة لبعض المؤسسات ,كل ذلك من أجل تحقيق أهداف منها القمع المتواصل الذي تتعرض له شخصية أمنية ,مقارنة باحتضانها من قبل شخصيات أخرى
لبين السارد من خلال كل ذلك الصراع الدائر في المجتمع الفلسطيني بين تيارات تتبنى الحداثة ,وبالتالي تنتصر لقضية المرأة ,وتشتغل بتفان ,وتمارس الصراع ضد التيارات المحافظة التي تعيد إنتاج نفس العلاقات السائدة داخل المجتمع الفلسطيني .
ومهما يكن من أمر فان السارد بذلك تمكن من تصوير المجتمع الفلسطيني تصويرا موضوعيا من خلال ما جاء ببعض مضامين الرواية تماما كما تستعمل الآلة الفوتوغرافية لتصوير بعض المشاهد ذات أهمية في مجتمع ما .
بناء عليه يتضح أن هذا الصراع بين القوى التي تتبنى الحداثة ,وتصارع من أجلها ,والقوى المحافظة سوف يعرف تطورا ذلك أن مجريات الإحداث سوف تؤكده من خلال التركيز على الحوار الدائر ضمن متن الرواية بين بعض الشخصيات حيث أن إحداثا أخرى سوف تفاجئنا بمعطيات ذات أهمية .
إذا كان الأمر كذلك فان السارد لم يخبرنا بشيء فيما يتعلق بالسبب الجوهري أو الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تطور الأحداث وفقا لهذا المنطق ,خصوصا في بداية الرواية ,ذلك أنه
لم يخبرنا عبر شخصية ما عن هذا المعطى إلا في الصفحة 74 حيث ثم الإفصاح بشكل مباشر عن شيء اسمه المقاومة الفلسطينية ,والتحام الشعب الفلسطيني بها إذ بواسطتها سوف يتخذ الصراع مجرى أخر إذ سوف يتحول التناقض من تناقض ثانوي ويتعلق الأمر بالصراع بين الرجل والمرأة إلى تناقض رئيسي ويتعلق الأمر بالصراع الذي يجمع المجتمع الفلسطيني بالصهيونية ,ومن ثم سوف يتضح أن الهدف من تأسيس المقاومة الشعبية الفلسطينية هو تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني .
لقد اتضح من خلال العلاقات العائلية أن هناك تناقل لأخبار المقاومة بين الجد والأحفاد على الرغم من كل أشكال القمع والترهيب التي تمارس في حق المناضلين .
بمعنى أن السارد أراد أن يخبرنا من خلال بعض الأحداث داخل هذا المتن الروائي أن الشعب الفلسطيني من خلال كل مؤسساته يحتضن هذه المقاومة ويتفاعل معها بشكل ايجابي حيث يغذيها من اجل ضمان استمراريتها إلى حين رحيل المحتل .
انه يعمل على تعبئة التنشئة ,وعليه فعلى الرغم من كون التقاليد والأعراف التي تغذيها الصهيونية تعمل على إبقاء هذا المجتمع متخلفا ,على الرغم من ذلك فإنه تمكن من انتزاع حقه في التعلم ,وما التركيز على تعلم الفتاة على الرغم من كونها عمياء إلا من أجل إظهار رغبة هذا المجتمع في التحرر من التخلف ,والجهل , والأمية ,وما إلى ذلك من الأمور التي تنخره ,وتبقيه حبيس القيود التي تساعد الاحتلال على الاستمرار في استعماره .
من خلال ذلك يتضح إصرا ر أمنية على مواصلة تعليمها على الرغم من كل الإكراهات التي تعيق استمرارها ,ليتبين من خلال ذلك أن السارد يود أن يفيدنا بموقف مفاده ان تعلم المرأة يدخل ضمن أولويات المجتمع الفلسطيني ,وبالتالي أراد من خلال ذلك إظهار الموقف من المرأة على الرغم من كون سياسات الاحتلال الصهيوني تغذي التيارات المحافظة بكل ما من شانه منع تعليم المرأة من اجل عرقلة المقاومة الشعبية التي تساهم فيها المرأة نفسها .
ومن أجل فضح هذه الحقيقة لابد من ان تزود المرأة بقدر من العلم والمعرفة من اجل أن تتمكن من المشاركة في الحياة العامة , بمعرفتها لحقيقة الأهداف التي سببت في تأخر تحرر الشعب الفلسطيني , إذ بالأمية ,والجهل يتم طمس حقيقة هذا الاستعمار .
إنه وفقا لذلك تصر المرأة على تتبع تعليمها من اجل التمكن من تربية التنشئة وفقا لعلوم ومعارف تمكنها من التفكير بطرق سليمة ,وبالتالي من اجل بناء مشروع مجتمعي يستجيب لانتظارات المجتمع نفسه ,من خلال اتخاذ موقف صائب من القضية الفلسطينية ,وبالتالي اعتبارها قضية وطنية .
انه من اجل ذلك ومن أجل القدرة على المساهمة في بناء هذا المجتمع سوف تتمكن الشخصية الرئيسية من إتمام تعليمها الجامعي ,وسوف تنخرط في سوق الشغل من أجل ان تتمكن من مواصلة النضال بتعبئة التنشئة الى حين تحرر الشعب الفلسطيني من الاحتلال الصهيوني .
ومن جهة أخرى فإن السارد لم يفته التذكير بموقف بعض الدول العربية المشرف تجاه القضية الفلسطينية ,ذلك أنه إذا كانت الدولة الفلسطينية لم تتمكن من إيجاد منصب شغل لأمنية الشخصية الرئيسية داخل المتن بسبب كونها عمياء ,وكون المجتمع ذكوري , ذلك ما تغذيه سياسات الاحتلال ,إذا كان الأمر كذلك فإن بعض وسائل الإعلام المكتوبة الجزائرية تمكنت من احتضانها ,ولعل الهدف من ذلك هو ممارسة الموقف من القضية الفلسطينية ,والمساهمة في تعبئة المجتمع الفلسطيني ,والمجتمعات العربية من التحرك لوضع حد لهذه القضية ,انه بتشغيلها كصحفية سوف تتمكن من فضح جرائم الاحتلال التي تمارس في حق الشعب الفلسطيني .
هذا وعلى الرغم من كون التنبيه إلى هذه القضية لم يرد إلا في أخر الرواية ,على الرغم من ذلك فإن السارد أراد أن ينبهنا إلى طول مدة استعمار فلسطين ,وبالتالي ينبغي على المجتمع الدولي التحرك لإصدار قرار وتنفيذه لتحرر الشعب الفلسطيني من هذا الكيان .
بهذا الشكل تكون الرواية قد طرحت أسئلة في غاية الأهمية ,وبالتالي فعلى القراء الإجابة عليها للمساهمة في تسييد الوعي الجمعي العربي والنضال من اجل تحرر الشعب الفلسطيني ,
وفي الأخير لا يفوتني أن انوه باللغة المستعملة داخل هذه الرواية ,التي صيغت بأسلوب سلس,وانتقاء معجمها بشكل يناسب مضامينها ,كل ذلك بهدف التأثير على المتلقي ودفعه للاقتناع بعدالة القضية الفلسطينية .

#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات