أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - الثورة الدموية و الثورة السلمية















المزيد.....

الثورة الدموية و الثورة السلمية


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 15 - 21:31
المحور: الادب والفن
    


( الثورة الدموية و الثورة السلمية)

قلم #راوند_دلعو

مع تطور المجتمعات البشرية بات مفهوم الثورة و تكوينها التشريحي نسبياً اعتبارياً تابعاً لطبيعة الشعب الذي يقوم بالثورة ، أي أَنه يتعلق بوعي المجتمع الذي تحدث فيه الثورة ...

فالشعب الذي بُني وعيه الجمعي على أفكار شمولية موروثة ، ستحتاج ثورته إلى الكثير من العنف و الدماء كي تنجح ، إذ ستكون طبيعتها عنفية شرسة تدميرية ... فالإقصائي لا يزيحه إلا إقصائي و العنيف لا يزول إلا بسيف عنيفٍ مثله ( و غالباً لن تنجح الثورات الدموية في دول العالم الثالث اليوم ، حيث سيذهب حاكماً شمولياً ليأتي حاكم شمولي آخر أو ستتحول إلى حرب أهلية طائفية أو عنصرية أو مصالحية ....)

أما الشعوب المدنية المتحضرة ذات الوعي الجمعي العلماني حيث تنعدم الأفكار الشمولية الإقصائية ، فهناك نجد أن بضعة تجمعات و اعتصامات سلمية قد تغير الحكومة و تقلب ميزان القوى و تنقل السلطة من فئة إلى فئة بكل سلاسة و تحضر ....

إذن باتت الثورة أمراً اعتبارياً يتبع البنية التشريحية لمكونات الشعب ...

فالشعب الذي تنتشر فيه التيارات و الأحزاب الإقصائية و الأديان الشمولية ( لا سيما المحمدية ) بحاجة إلى عنف و دم لتقوم فيه الثورة ... فلا يمكن تخيل ماهية الثورة بلا دم أو عنف في هذا النوع من المجتمعات ...

في حين يختلف التكوين العضوي و التعريف الاجتماعي للثورة بشكل كلي في المجتمعات التي تنقرض و تتلاشى فيها النظرات الشمولية الإقصائية ... فتصبح عندئذ عملية تشغيل طابعة لطباعة منشور ورقي يحمل نصاً توعوياً مقنعاً ، أو تشغيل حاسب لنشر تغريدة تدعو للتغيير على وسائل التواصل الاجتماعي ، بمثابة عمل كارثي رهيب قادر على تغيير ميزان القوى بشكل كلي في المجتمع المدني الراقي و المتحضر ... !

و #الحق_الحق_أقول_لكم ، يتوجب على المجتمعات البشرية أن تحاول جاهدة للارتقاء بنفسها بحيث تحول طبيعة الثورات الشعبية المطلوبة و طرائق تبادل السلطة من الطابع الدموي إلى الطابع السلمي ... و ذلك من خلال :

1) قيام الشعب بعملية قتل ذاتي لكل الأفكار الشمولية و التوجهات الإقصائية المنتشرة فيه ... و ذلك من خلال النخبة المثقفة الواعية و بالتالي تجديد العقد الاجتماعي و إعادة صياغة الدستور وفق أسس علمانية مدنية.

فالقتل الذاتي للفكر الشمولي ثورة .... !

2) ترسيخ التعددية و مبدأ الفصل بين السلطات بشكل حقيقي بين الناس ...

فالتعددية ثورة ... و فصل السلطات ثورة ...

3) السير بالمجتمع نحو المدنية المطلقة .... و محاربة الفساد ...

فالمدنية ثورة ...

4) القضاء على النزعات الطائفية و العنصرية ... و منع تشكيل الأحزاب بناء على أساس ديني أو عرقي.

فالقضاء على الدين ثورة .... و اللادينية ثورة .... و اللامحمدية ثورة .... و اللايهودية ثورة ...

5) و الأهم وجوب تحجيم الأديان ضمن إطار المنزل ( لأن الدين كائن خطير يستخدم في زرع الكراهية و التصنيف و التحريض و القتل و و و ... فالأفضل و الأسلم وضعه في المنزل في إطار الحياة الشخصية).

فتحجيم الدين ثورة ...!

و بالتالي عندما تُكمِل المجتمعات البشرية رحلة العبور بنسيجها الاجتماعي نحو التمدن و التحضر و قبر الأديان ، عندها ستحدث الثورة بمجرد اتفاق مجموعة من الشباب و الصبايا على التجمع بمكان معين للتظاهر و التعبير عن الرأي و تناول بعض النقرشات و المقرمشات و التسالي و الشيبس و البوشار و المشروبات الغازية و من ثم تغيير النظام الحاكم ... !

الحق الحق أقول لكم ، إن الخطأ الذي ارتكبه غاندي هو أنه لم يدرك هذه الحقيقة فحاول تطبيق النظرة الثانية ( الثوريّة السلمية) في مجتمعه القائم على الأفكار الشمولية ( هندوسية و محمدية إرهابية )، فتم قتله بدم بارد باستخدام رصاصة أطلقها أحد أتباع طائفته من المتعصبين .... !

في حين أدرك كل من تشي جيفارا و ماو هذه الحقيقة فحملا السلاح منذ البداية لأنهما كانا يعرفان مدى إقصائية و شمولية الأفكار و التوجهات التي تتبناها الأنظمة العسكرية التي كانت تحكم أميركا الجنوبية و الصين في زمنيهما.

لذلك لا تحلم يا صديقي الثورجي أن تقوم بثورة سلمية في مجتمع مبني على المزدوجات الشمولية الإقصائية القائمة على ال( نحن _ الهم ) ، ( مؤمنين _ كفار) ، ( أطهار _ أنجاس ) ، ( وطني _ خائن) ، ( لوننا _ لونهم) ، ( قبيلتنا _ قبيلتهم) ....

و لا تحاول أن تعتصم حاملاً باقة من الورود في دولة يحكمها العسكر و البسطار .... فسيصبح ثمن حياتك التي لا تقدر بثمن مجرد رصاصة بنصف دولار ! أو أنك في أحسن الأحوال ستعفّن في أقبية المخابرات ...

و الحق الحق أقول لكم ، كي أكون واقعياً أكثر لا بد أن أقر بحاجة المجتمعات المتخلفة اليوم إلى تدخل النظام الدولي بقيادة الدول المتحضرة لإجبارها على إكمال هذه الرحلة سلمياً و بالتالي القفز التاريخي فوق مراحل العنف الثوري للوصول بها إلى المدنية ، مما يؤدي إلى توفير الكثير من الدماء على دول العالم الثالث ....

و إلَّا فإنه لا مفر من أن تَمُرّ الدول المتخلفة عبر سلسلة من الثورات الدموية كي تصل بمجتمعاتها و شعوبها إلى مرحلة القابلية لحدوث ثورات مدنية لاعنفية كتلك التي تقوم بها الشعوب المتحضرة ... تلك الثورات التي تؤتي أكلها من خلال تجمعات سلمية يتم خلالها تبادل النكات و رفع اللافتات و فصفصة البزر و شرب الكولا و الاستهزاء برأس السلطة و كبار المسؤولين و من ثم تناول الوجبات السريعة ثم الرجوع للبيت و النوم للعودة للاعتصام في اليوم التالي بنفس الطريقة .... و تكرير ذلك حتى إسقاط النظام و نقل ميزان القوى و تداول السلطة بشكل كلي !

فما تتمتع به أوروبا الغربية اليوم من القدرة على تغيير الأنظمة بمجرد اعتصامات سلمية مُسلية أو نشر تغريدات فيسبوكية مقنعة ما كان ليحدث لولا الثورة الفرنسية 1879 م التي أنفقت أطناناً من الدماء ... ثم أجهضها الديكتاتور نابليون بشكل جزئي ثم تطور نظام الحكم من الديكتاتوري إلى المدني التعددي عبر عدة مراحل ...

فالرحمة و الخلود لكل الشرفاء الذين ظنوا أن سلميتهم ستنفعهم في مجتمعاتهم الشمولية .... فقد قتلوا أنفسهم بلا قصد ....

و أخيراً أرى أنه يتوجب علي أن أختم مقالي بتحميل النظام الدولي الجديد كامل المسؤولية الأخلاقية عن تقصيره في التدخل فيما يجري من ثورات دموية تجتاح العالم الثالث ، إذ يجب عليه التدخل الفوري لتعديل المسار الثوري لكل دولة بهدف مساعدة الشعوب و إيقاف الدماء قدر المستطاع و تمكين النخب المثقفة من إدارة البلاد و تزويدها بالدعم المادي لتنوير الشعوب المغيبة بالأفكار الإقصائية الدينية للوصول إلى شعب واع متنور قادر على تداول السلطة بشكل سلمي ....

لكن النظام الدولي الحديث يقف بكل دناءة و خبث مكتوف الأيدي متفرجاً على الشعوب و هي تلتهم بعضها.... لا بل يستثمر آلامها في تصريف السلاح لتحقيق المرابح الخيالية و إجراء التجارب العسكرية و البيولوجية على لحوم البشر الضعفاء ...



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق بين التعليم و التفهيم
- خلاف عائلي في قبيلة قريش
- وثنيّة النّص
- فطرة الله التي فطر الناس عليها
- الأثر السلبي لمناهج التفكير الدينية في سياق المعرفة البشرية
- قراءة التاريخ
- الديانة الإسلامية أم الديانة المحمدية ؟
- صباح الميم و الياء
- القرآنيون ما بين علمنة الخرافة و عقلنة الوهم
- القلب النزيف
- ياسمينة على ضريح الله _ قيثاريّة النسرين
- إنه لمن الظلم بمكان !
- نظام اتصالات رديء بين الله و أنبيائه
- أكذوبة العروبة ... أكذوبة ملعوبة !
- مصطلحات قرآنية أهانت المرأة _ الإعجاز الإشمئزازي في القرآن
- بالغتُ باسمِكِ ( شعر عمودي )
- اعتناق الديانة المحمدية على أسس علمية
- الإبهام المُطلق للخطاب في النص الديني
- هذا الموت من هذا الجمال !
- وظيفة الكهنة و الشيوخ المحمديين ، تحت المجهر


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - راوند دلعو - الثورة الدموية و الثورة السلمية