أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - محمد داود -عيد الحب-














المزيد.....

محمد داود -عيد الحب-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 15 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


أهمية الكاتب/الشاعر ليس في تقديم الفكرة فحسب، بل في طريقة تقديمها، باللغة التي يستخدمها والشكل والأداة التي قدمت به، عندما يكون الحديث عن ألم، قسوة، على الكاتب/الشاعر أن يجد مخففات لهذا الأمر، وإلا سيصاب المتلقي بالكآبة، ومن ثم سيكون أثر المادة والفكرة سلبا عليه.
الشاعر "محمد داود" يحسن تقديم الأفكار، فهو يتناول شكل، طريقة، اسلوب يخفف به على القارئ، أما من خلال الحكم، أو من خلال اللغة السهلة، أو من خلال الألفاظ الناعمة، أو من خلال (الاقتصاد) بالكلمات، مما يُشعر القارئ بأن الشاعر لا يريد أن يرهقه، في هذه القصيدة يستخدم الشاعر البحر القصير، وكأنه يبدي انزعاجه من الواقع بقلة الكلام:
"أعـيـدُ الـحـب إلـهامي
ومـات الحب بالشام ؟
وأرض القدس تنخاكم
بـيوم الـجمعة الـدامي
وبـغـداد الـتي فُـجِعت
وتـبكي دمـعها الـهامي
وتـصـرخ حُــرَّةُ الـيمن
فأين حضورنا السامي"
الشاعر يربط المكان بالألم، والمكان هنا ليس وطنه فلسطين فقط، بل الشام وبغداد واليمن، وهذا يشير إلى البعد القومي الوحدوي عند الشاعر، فقد قدم وجع الشام على وجع القدس، وهذا ليس منه من الشاعر، بل لمعرفته أن قوة الشام هي قوة للقدس، وضعف الشام ضعف لقدس، وهذا التقديم يؤكد على الرابط والعلاقة التي تجمع الشام بالقدس، فالقدس على مر التاريخ تعتبر أحدى مدن للشام، وهي تماثلها بشكل الابنية والاسواق، واللافت أن الشاعر يستخدم لفظ "مات الحب" للشام، والجمعة الدامي للقدس، وهذا الجمع بالوجع يؤكد أيضا على الوحدة الجامعة بينهما.
أما فيما يتعلق ببغداد واليمن فهما أيضا "فجعت، تبكي، وتصرخ" وهذا يجعل الامكان الأربعة تتماثل بوجعها، "الموت، الدامي، فجعت، تبكي، تصرخ", وإذا ما توقفنا عند المقاطع سنجدها قصيرة ومختزلة، وكأن الشاعر لا يريد أن (يزعجنا) بالحديث عن مآسينا، لهذا اختصر الكلام.
وإذا علمنا أن المدن لفظ مؤنث، فسيكون وقع "فجعت، تبكي، مات الحب، الدامي" على المتلقي شديد الأثر، فالحديث يدور عن أناث، وهن بعرف القارئ ضعاف وبحاجة إلى الحماية.
لكن يستوقفنا غياب بقية المدن والبلاد العربية، فهل جاء ذلك مقصودا؟ أم أن الحديث عن الألم فرض على الشاعر هذا الأمر؟، اعقد أن الأمرين معا، فالشاعر يتنكر/يتجاهل وجود تلك الدول لعدم فعاليتها وخنوعها أمام مشاهد الموت والبكاء والصراخ، كما أنه لا يريد أن يزعج نفسه ويزعجنا بذكر تلك الدول، ففضل تجاهلها، ليبقينا (منسجمين) قدر الامكان.
يتقدم الشاعر بسؤال استنكار لكل من وقف متفرجا أو مشاركا في المأساة من خلال قوله:
" ومــا هـزَّت مـشاعرَكم
صـفات الـعالم الـنامي
وبـعض الناس تغريهم
يـهـودٌ بـاسم إسـلامي"
ونحن نعلم أن صيغة السؤال دائما تستوقف المتلقي متفكرا فيما يقدم له، وهنا اجزم أن الشاعر أحدد أهم عنصر من عناصر مأساتنا، "يهود باسم إسلامي" وإذا ما توقفنا عند الابيات السابقة سنجدها جاء من خلال (السارد الخارجي) فهناك من يحدثنا عن أحولنا لكنه مجهول بالنسبة لنا، وهذا يستدعي (الكشف) عن نفسه، وبأية صفه يتحدث معنا:
" فـبات الـشِّعر يهجرني
كـسـرتم كــل أقـلامـي
أضـعتم نـخوة الـعرب
قـتـلتم كــلَّ أحـلامـي"
الأداة التي يستخدمها "الشعر، أقلامي، أحلامي" تشير إلى الشاعر، يفقد أحد أهم أدواته "الأقلام، والشعر، الأحلام" بمعنى أنه الوجع الذي ذكره في فاتحة القصيدة، أثر عليه سلبا، ومع هذا، قدم لنا الفكرة بأقل الاضرار، فنحن المتلقين لم نفقد ما فقده الشاعر، فحجم مأساة الشاعر كبير "يهجرني، كسرتم، أضعتم، قتلتم".
يقمنا الشاعر خطو أخرى من معاناته ومعاناتنا:
"وطـأطـأتـم لـنـا رأســاً
وأمـعـنـتـم بــإيـلامـي"
وهنا علينا ان نتوقف عند حالة جمع مأساتنا نحن المتلقين "لنا" ومأساة الشاعر "بإيلامي"، فهو يؤكد من خلال هذا الجمع على وحدة الألم في الشام والقدس وبغداد واليمن" من خلال "وطأطأتهم لنا وبإيلامي" فألمه الشخصي وألمنا واحد كأفراد وكمدن، وهنا يكمن توحد الشاعر مع القصيدة، فهي تخرج من داخله، من قلبه وليس من لسانه، فالوحدة الجامعة للمدن نجدها في ضمير المتحدث نحن "لنا" وأنا "بإيلامي".
يختم الشاعر القصيدة بصورة ساخرة:
"وإنَّ الأرض تـمـقـتـكم
فـنـامي أمَّـتـي نـامـي
سـأمـعِن بـاصـطيادكمُ
إذ مـــا فُــكِّ إحـرامـي"
وللافت أن الشاعر يستخدم لفظ عام للمكان "الأرض" ولم يحدده كما جاء في فاتحة القصيدة، فهل هناك داعي لهذا الانفتاح والتوسع؟، اعتقد أن هذا له علاقة بالمكان، بالدول، بالمدن التي تجاهلها، فهو هنا يربط المكان المجهول بما يجري، وعندما خاطب "أمتي" أكد على أن تجاهله للدول الأـخرى، فقد اهملها بسبب سخطه وألمه عليها ومنها، لهذا خاطبها "امتي" فهو جزء منها، ليس كفرد، بل كمدن ودول "الشام/ القدس، بغداد/اليمن"
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كبوة القراءة والكتابة
- سوريانا وسهى وأنا -على وهج الذاكرة- عيسى ضيف الله حداد
- نبوءة الشاعر في ديوان -عيون الكلاب الميتة- عبد الوهاب البيات ...
- مناقشة كتاب ديوان شعر «في مديح الوقت»
- كميل أبو حنيش لقد صرت أبا رسائل من القلب
- في مديح الوقت -مرزوق الحلبي-
- الأنثى في -مدينتنا- نزهة الرملاوي
- سورية والدين
- الشاعر والمرأة والواقع كميل أبو حنيش -صفا فؤادي-
- التقديم الناعم في رواية -قلب الذئب- ماجد أبو غوش
- ياسين محمد الباكي -أين هم-
- مناقشة رواية أوراق خريفة
- رمال على الطريق مفيد نحلة
- جريمة الشرف في الرواية -شرفة العار- إبراهيم نصر الله
- قصائد الأندلس
- مجلة شذى الكرم السنة الخامسة،
- ديوان زفير سعادة أبو عراق
- ومضة -هكذا هم الفقراء أحمد خلف نشمي
- المعتقل الفلسطيني في كتاب -الصدور العارية- خالد رشيد الزبدة
- مناقشة كتاب اقتفاء اثر الفرشة


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - محمد داود -عيد الحب-