أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي البدري - من الذي سلم ترامب خيط وإبرة صفقة القرن؟















المزيد.....

من الذي سلم ترامب خيط وإبرة صفقة القرن؟


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 14 - 21:44
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


رغم أن كلامي لن يعجب الكثيرين، وخاصة من القيادات الفلسطينية، إلا أني أجد نفسي ملزماً، أمانة مع الواقع وتأريخياً، بقوله، وعسى أن يقود القيادات الفلسطينية إلى المرآة لترى حقيقة ألوان ثيابها.
الوضع الدولي فاسد وثمة محاباة فيه لإسرائيل، لا خلاف على هذا.
الوضع العربي ملعوب به والقيادات العربية متقلبة وتحكمها مصالح كراسيها، تحت الضغوط والتهديدات الدولية، لا خلاف على هذا أيضاً.
لكن بالمقابل فإن القيادات الفلسطينية مارست فسادها الخاص وإنقساماتها، وساهمت من جانبها بتسليم ترامب ونتنياهو الخيط والإبرة ليخيطا بها صفعة القرن لحقوق الشعب الفلسطيني.
كلنا نعرف مدى إنحياز أمريكا لإسرائيل، ونعرف مدى ضغط اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة لصالح إسرائيل، ولكن وبالمقابل، علينا مواجهة أنفسنا كعرب، بمدى الطفولية والرثاثة السياسية التي عالجنا بها هذه القضية، وكذلك رثاثة معالجات القيادات الفلسطينية وفسادها وإنقساماتها، وهي التي حولتها إلى لقم صغيرة سهلة البلع على فم النهم الإسرائلي، الذي إبتلع معظم أراضي فلسطين، ومازالت شهيته مفتوحة على إبتلاع ما تبقى.
ومن زاوية دونالد ترامب، فإن خطته التي سماها بصفقة القرن، أظهرت لنا، وإلى جانب جهله بتأريخ القضية الفلسطينية وجغرافيتها، مدى إستخفافه بالعقل العربي، وتعامله معنا، عبر بنود خطته الوقحة، وكأننا مجموعة من العشائر المتخلفة التي يمكن خداعها بأي قطعة حلوى مغلفة بورق هدايا ملون براق.
خطة ترامب التي يعدها منجز القرن، والتي تجاهلت أهم مبدأ في القضية الفلسطينية، وهو أن أرض فلسطين هي أرض الفلسطينيين وحقهم الوجودي، قبل التأريخي، لم تقدم شيئاً يستحق التوقف عنده، وخاصة في جانب قصر نظره في الرؤية لما بعد ضمور فورة توحش القيادات السياسية الإسرائلية التي تعتمد مبدأ الإنجاز السياسي الآني، من أجل أن تفوز أحزابها بمراكز صنع القرار ومواقع السلطة، هذا الضمور المهدد بتغير مزاج الناخب الإسرائلي، الذي سيصحو ذات يوم لتفاجئه حقيقة أن سياسات قادة أحزابه السياسية، التي وإن وسعت له مساحة الأرض التي يعيش عليها، فهي لم تأته بما هو أهم لهذا العيش وهو الأمان والسلام، أهم شروط الحياة والبقاء لأي شعب من شعوب الأرض.
وبعيداً عن كون أن خطة ترامب هذه هي ليست سوى خطة إسرائيلية، وهي ما يفكر به ويخطط له ويعيش عليه قادة الأحزاب السياسية الإسرائيلية، أي هي ما يريده قادة إسرائيل على الدوام، فقد كان الأجدر بترامب، وهو ينظر في إعدادها وطرحها، إلقاء نظرة على كتب الجغرافيا وخرائطها والكتب والمطادر الجيوسياسية للمنطقة العربية عامة، ومنطقة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي خاصة، قبل المصادر التأريخية، وخاصة أنه يحيط نفسه بمراكز بحوث عتيدة، تتوفر في كوادرها على أكاديميين فلسطينيين وعرب متخصصين في هذا الشأن، ولكنه للأسف إنقاد لضغوط اللوبي الصهيوني ولإستحقاق الإنتخابات القادمة، وحكمته الرغبة في ولاية ثانية، من دون النظر في حقوق الشعوب وإستحقاقاتها الإنسانية والوجودية والتأريخية والجغرافية، وفضل أن يُفصل صفقته على المقاسات التي قدمها له نتنياهو من دون غيره.
إذاً، وكم يشعرني بالمرارة قول هذا، إشتغل نتنياهو بجد من أجل مصلحته كقائد لإسرائيل، بينما إنصرف القادة الفلسطينيون لمنازعاتهم الداخلية وإنقساماتهم المصلحية، شخصية وحزبية وفئوية، وفسادهم المالي، لا أكثر، ولم يصحوا مما هم فيه إلا بعد أن أيقظهم خدم مكاتبهم وأخبروهم أن القنوات الفضائية تتحدث عن غبنٍ جديد لحقوق الفلسطينيين!
يعرف السيد محمود عباس والسيد هنية، أن سلطتيهما سلطة كارتونية، وإن إسرائيل قادرة على إشعال النار فيها وفي ملابسهما ذاتها، متى ما شاءت، ومع ذلك فهما منقسمان إلى سلطتين متعارضتين وإلى حكومتين وإلى قطاعين، ونتنياهو يرقب إنقسامهما هذا ويقهقه طرباً وسعادة.. فمتى ستصحو القيادات الفلسطينية وتنبذ خلافاتها الداخلية لتتفرغ لعدوها وخطره المحدق بفلسطين أرضاً وشعباً ووجوداً؟
نصف الرد الفلسطيني على ورقة ترامب هذه، والتي لا تعكس غير جهله ووقوعه فريسة سهلة للإملاءات الإسرائلية، يجب أن يتمثل في إصلاح السلطة الفلسطينية لنفسها، وتغيير وجوه قادتها المتأبدين، ككل الحكام العرب، في مواقع السلطة، وأن تسعى لوضع أساليب عمل ومناهج مطالبة وتفاوض جديدة، وأن تحدد لنفسها خيارات غير الغرق في الفساد المالي والسلطوي، وأن تعيد قراءة نتائج السبيعين عاماً من تأريخ النضال الفلسطيني، لتشخص لنفسها مواضع الخطأ في هذا النضال.
هل يعقل أن يختزل القادة الفلسطينيون تأريخ سبعين عاماً من النضال والمجابهة في العراك على الكراسي فيما بينهم، فيما عدوهم يقرض الأرض من تحت أقدامهم ويسعى إلى تعليقهم في الفراغ؟ أحقاً هم غارقون إلى حد أنهم لا يشعرون بعمق هذه المصيبة؟
أعرف أن القادة الإسرائليين هم مجموعة من الضباع والذئاب والثعالب، ولكل منهم نوازعه ومصالحه الذاتية والحزبية، ولكن ومع ذلك، فإنهم لا يكتفون بإستغلال أي فرصة لقضم الخاصرة الفلسطينية، بل إن همهم الأول هو خلق فرص القضم هذه، وأعرف أن دونالد ترامب، ورغم تهوره وجهله، فإنه شريك كامل الإنغماس في هذا العمل الدنيء، ولكن ومع ذلك فإن القيادات الفلسطينية تسترخي في قصور المقاطعتين ولا تكلف نفسها خلق فرص قضمٍ لنفسها، وكأنها تراهن على خيار أن تمطر عليها السماء حلاً، لم يأت به مطر سبعين عاماً كاملة من الإنتظار.
ترامب ضمن مبادرته، حدد مبلغاً من المال لدعم الفلسطينيين، فيما لو وافقوا على قبول التخوزق بصفقته الغبية، والسؤال هو، ما قيمة أي بناءٍ على أرض بلا حدود مرسمة ومعترف بها كحدود دولة كاملة السيادة في الأمم المتحدة؟
على الفلسطينيين إستثمار صفقة قرن ترامب المكسور، كوسيلة لإعادة حساباتهم، في أنفسهم، كقادة أولاً، وفي أدوات إشتغالهم وطرق تفكيرهم ثانياً، وأن يوسعوا دائرة إستشاراتهم في التفاوض ثالثاً، من أجل إيجاد وسائل تفاوض جديدة وأكثر قدرة على المناورة.. هل أذكركم أن محمود عباس كان أحد كبار المفاوضين، منذ أيام الراحل ياسر عرفات، والمفاوضات تراجعت بدل أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام؟
أعرف أن الضباع الإسرائلية ماهرة في التفاوض وفي إستخدام القوة التي تقتل المفاوضات ذاتها، ولكن لم لم تعلم سنوات تفاوض محمود عباس الطويلة، وسائل الإلتفاف على مراوغات عدوه ومفاوضه الإسرائيلي؟ هل الأمر عسيراً إلى هذا الحد، أقصد تعلم وسائل مراوغة العدو وإيجاد وسائل إلتفاف عليها؟
أعرف أمراً شهد به ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، أبان الحرب الكونية الثانية وما تلاها، وهو شهادته التي أطلقها في حق الباشا نوري السعيد، رئيس الوزراء العراقي، الذي عاصره وفاوضه على إستقلال العراق من الإحتلال البريطاني، وهي قوله: نوري السعيد الرجل العربي الوحيد الذي إستطاع خداع بريطانيا.. يا فلسطينيين أنتم بحاجة للدهاء وهو وسيلتكم الوحيدة في إسترداد حقوقكم.. فلم لا تتعلموه بدل المناكفات فيما بينكم؟



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المليشيات العراقية تفتح باب النمر الأمريكي على نفسها
- عبثي الضروري
- إطلاقة روليت شائكة
- هذيانات ضد الدولة
- هل أمريكا عاجزة عن إعادة تصحيح ما رسمت في العراق؟
- هل يستطيع شمشون إيران حرق المعبد؟
- إنتهاء عهد تبعية العراق لإيران
- هل حلت الليالي الباردة بالمشروع الإيراني؟
- الجبالُ تقفُ وحدها انتظاراً لكلمةِ الله
- ربما بسبب الحرب... وربما بسبب زرقة الركب
- نادي الأحزاب العراقية المغلق
- برهم صالح على الكرسي الهزاز
- مسؤولية أمريكا تجاه العراق وتظاهراته
- وقاحة سياسية
- عنق الزجاجة العراقية ما بعد عبد المهدي
- أحزاب السلطة وسقوط الغطاء الطائفي
- هكذا تزاحمنا وأرقنا... وتعبنا وقوفاً، على شفتي الكلام
- هل تشبه الحياة خورياً؟
- إرهاب الدولة وسياسة تعطيل الخيارات
- تخمين عبر زجاجة دافئة


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سامي البدري - من الذي سلم ترامب خيط وإبرة صفقة القرن؟