أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد الحاج - -الله كريم والرب رحيم- ..حدث معي وودت إخباركم به !














المزيد.....

-الله كريم والرب رحيم- ..حدث معي وودت إخباركم به !


احمد الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6491 - 2020 / 2 / 13 - 23:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جلست بين المغرب والعشاء وسط مقهى شعبي " واكرر ما سبق لي قوله مرارا،إن الصحفي الذي لايرتاد المساجد التراثية فضلا عن الأثارية ولايتجول في الأحياء والاسواق القديمة ولا يجلس في المقاهي المغرقة بالشعبية ولايمر يوميا بالقرب من مساطر العمال وبسطات الكسبة وعربات الكادحين، ولا يمشي قريبا من مقابر المسلمين ولا من المستشفيات الحكومية التي تغص بالمرضى المحزونين ، فإن ما سيكتبه ليلا سيكون بعيدا عن نبض الشارع ولن يحاكي مأساتهم، لن يكفكف دموعهم ،لن يربت اكتافهم،لن يجبر خواطرهم ، وبناء عليه فأنا من أشد الناس نقدا لكتابات منظري ومفكري الابراج العاجية واكثر الناس تشكيكا بواقعية ومصداقية وفاعلية وانسانية ومثالية وجدوى ما يكتبون "، وعودا على بدء اقول جلست وسط المقهي فيما جلس عن يميني صديقي وعن يساري رجل خمسيني وقور أخرج من جيبه - وصفة دواء - ودسها بيد أحد الشباب راجيا إياه الذهاب بها الى الصيدلية القريبة بغية صرفها وشراء دواء واحد له من مجمل الوصفة الطويلة لنفاده عنده !
ذهب الشاب وطيلة فترة غيابه كان الخمسيني الوقور يردد (الله كريم والرب رحيم) يتبعها بـ (ان شاء الله يأتيني بالوصفة كلها) وهكذا دواليك (الله كريم والرب رحيم ،ان شاء الله يأتيني بالوصفة كلها ) وبعد هنيهة أطل علينا الشاب -ايد من ورا وايد من كدام - وعلى قول المثل الشعبي - لا ابو علي ولا مسحاته - مبادرا اياه بالقول " ابو فلان " هذا الدواء غير موجود في جميع الصيدليات ونصحوني بصيدلية واحدة تبيعه وسط بغداد إن شئت ذهبنا اليها الآن لشرائه وإن شئت أجلنا شراء الدواء الى السبت المقبل !
خاب رجاء الرجل الوقور،طأطأ رأسه منكسرا، جال ببصره يمينا وشمالا على غير هدى ،بعد أن تلاشت أمنياته وتبددت أحلامه بشراء كامل الوصفة الطبية ،بل وحتى ربعها وبعد تجاذب أطراف الحديث مع الشاب وعدد من رواد المقهى فهمنا منهم أن هذا الرجل فقير الحال وهو رب أسرة كبيرة تسكن في شقة مستأجرة وسط عمارة متهالكة وهو من النازحين ..هنا تدخل صديقي قائلا "هلموا الي بالوصفة الطبية وأبشروا بكل أدويتها غدا بعد صلاة المغرب بإذنه تعالى " .
همست في اذن صاحبي قائلا :" بورك فيك وجزيت خير الجزاء على هذه الهمة وهذا التعاطف والنشاط الكبيرين " .
فرد عليَّ بالقول : لقد أحببت هذا الرجل منذ الوهلة الاولى وتعاطفت معه كثيرا ولا أدري لماذا ولابد أن وراءه سر دفعني لكل هذا التعاطف من غير معرفة مسبقة به !" .
هنا ودعنا الرجل الى حال سبيله ، واذا بصاحب المقهى يخبرنا ،بأن "هذا الكهل كان يغسل الاموات مجانا حسبة لله تعالى ،وانه بدأ عملية الغسل المجانية تلك بعائلته اولا - امه وشقيقاته واشقائه الاصغر سنا وعددهم خمسة انفار بعد أن تعرض منزلهم الى صاروخ اميركي عام 2003 قضى على العائلة بأسرها ولم ينج من القصف سواه كونه يسكن مع أسرته منزلا آخر في المنطقة ذاتها ..ليستمر بغسل الأموات بعدها لمن يعرف ولا يعرف ويكفنهم ويدفنهم بيده حسبة لله تعالى ".
ذهبنا الى مسجد قريب وقديم جدا يغص بالكادحين والكسبة وادركنا الركعة الثانية واذا بالإمام يقرأ بعد سورة الفاتحة : " وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".
خرجنا من المسجد واذا بالكادحين وبرغم فقرهم المدقع يتراحمون فيما بينهم ويسلم بعضهم على بعض بوجه باسم منفرج الاسارير، وكان أحدهم يمشي أمامي الهوينا على مكث وتؤدة بعد أن صار بمثابة عكاز لصاحبه الكبير في السن بكل تواضع واحترام وهو يتوكأ عليه ،هنا استحضرت قول زين الدين العراقي :
إنْ كنتَ لا ترحمُ المسكينَ إن عَدِما ..ولا الفقيرَ إذا يشكو لك العَدما
فكيف ترجو من الرحمنِ رحمتَه ...وإنَّما يرحمُ الرحمنُ من رَحِما

وبما أن الشيء بالشيء يذكر فدعوني أسأل جماعة " كلا كلا امريكا "، اين انتم اليوم واين صفحاتكم من ذكرى مجزرة ملجأ العامرية التي أودت بحياة ما لايقل عن 400 مدني عراقي بحسب المعلن فيما الرقم الحقيقي يتجاوز الـ 700 ، منهم من فقد عائلته بأكملها ،ومنهم نصفها ،وبعضهم اصيب بعاهة مستديمة ،وبعضهم فقد عقله،حين قصف ملجأهم في مثل هذا اليوم 13 / شباط /1991 بطائرتين من طراز أفـ117 الامريكية ما اسفر عن تدميره بالكامل !
جماعة كلا كلا امريكا ، حبذا لو كلمة رثاء ،قصيدة نعي ،حفل تأبيني ،شكوى دولية ،مجلس عزاء،تعويض المتضررين ،أم إن الملجأ وضحاياه الأبرياء غير مشمولين بالتعويضات والبكائيات والهتافات والتجمعات والمسيرات والعنتريات المعتادة فضلا عن الذكريات والتأبينيات ؟!
وأستغرق في سؤالي لهم وأقول اين مطالباتكم بتعويض جميع المتضررين من جراء الحصار الامريكي الغاشم الذي استمر 13 عاما على العراق والذي قتل مليون وربع المليون عراقي من الابرياء العزل ؟
اين مطالباتكم بتعويض العراقيين عن الغزو الامريكي الظالم 2003 وما تلاه من دمار شامل للعراق كله ؟
الهتاف بـ" كلا كلا امريكا "على حين غرة بعد مرور 29 سنة من الصداقات والتحالفات - والقوزي والثريد والفسنجون - والسكوت التام والصمت المطبق على جرائم اميركا النكراء والتي انتهت بتدمير العراق كليا فيه الكثير من - الادعاء والتزييف والمراوغة - وفيه من التحايل على التأريخ والحاضر والمستقبل ما لاتستسيغه العقول الراجحة ولا تتقبله الضمائر الحية، ومالا يدرك كله لايترك جله كما يقول الاصوليون ..فهل بالنية رفع دعاوى قضائية على جنرالات اميركا آنذاك في المحاكم الدولية وملاحقة جميع مجرمي الحرب منهم قانونيا ،أم ،إن "قوات الائتلاف،القوات الصديقة ،قوات التحالف،قوات التحرير"على حد وصفكم وتسمياتكم طيلة 17 عاما لاتستوجب الشكوى حاليا ويكتفى بالتظاهر الاستعراضي لحين الحصول على جميع المناصب الحكومية تحت شعار" انا راضي وانت راضي فما حاجتنا للمحاكم والنزاهة والقضاء ووووالقاضي ؟!" . اودعناكم اغاتي



#احمد_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات عراقية لاتخلو من السوداوية مع الثلج الأبيض!!
- التحشيش الفكري ودوره في خلط الأوراق وصناعة الذيول !
- لماذا فشلت التظاهرات الشعبية ..مؤقتا !
- أين ساسة العراق أس البلاء من رحمة الفقراء وتراحم الضعفاء ؟!
- #لا_لصفقة_القرن
- خيالُ الكتابِ الجامحِ وسيناريوهات -المخابرات- = أفلام سينمائ ...
- البطالة أم الرذائل الدائمة والاحقاد القائمة وموقظة الفتن الن ...
- حتى لايذهل الخطباء والمنابر عن مآسي العراق وتظاهرات الشعب ال ...
- لا تنظرالى المتغيرات بعين “حورس” الأحادية لأن الجوكر لايصلح ...
- تظاهرتان مليونيتان وإحتلال بغيض + جوع وفساد وظلم واحد !
- حتى لاتكون محاميا عن التماسيح ضد فرائسها بتهمة العبث بأمن ال ...
- عليكم بالمطعم الهولندي وكفاكم شحا يا أعداء بشندي!!
- السودان والبيضان في زمن الجوع العراقي والهوان !!
- إضاءة على الذين إختلسوا الشمس وإبتزوها وخلف سحب الدخان اA ...
- الشر والظلم منظومة واحدة من العار تفكيكها فئويا وجهويا !
- من قتل عروس كربلاء - هدى - وعذراء بغداد ..مريم؟!
- شبابنا ومهازل السبايكي..الوشم..البنطال الممزق ..ثقافة الهب ه ...
- عاش فقيرا ومات بخمسة ملايين دينار
- المسنون واﻵباء المنسيون بغياب المشاريع الإنسانية الحق ...
- مثقف عراقي سقط سهوا في شراك سيطرة وهمية !


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد الحاج - -الله كريم والرب رحيم- ..حدث معي وودت إخباركم به !