أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيرة أحمد - حكاية مع الدفلى














المزيد.....

حكاية مع الدفلى


نصيرة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 6488 - 2020 / 2 / 10 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


يدي فارغةٌ وأناملي تنبض ُ بقوّة الفقد ، وآرتجاف القلب يكاد يُسقطني أرضا ولم أكدْ أعبر الشارع المظلم ،..كم تيّسرَ للخوف أن يكونَ مبغضاً لدمعتي التي يكفّها الغروب أن تتماثل َ للظهور ، والشرعيةُ تدّنسها بقانون المدركات الصعبة . كأنك ظهرتَ بسرعة ، وآختفيت َ وظهرتَ ..ووجهي يدورُ حول الشارع ويعاندُ الدمع المنهزم أن يشهقَ فيجرف أشجار الدفلى التي تمرّدت على الشتاء المتوحّش بين الشارع والشارع .....وقفتُ بينها لأتّقي زحمة المرور، ولتستطيل الرئات المعطّلة مجرىً اسطوريا ً نحو السماء القريبة الباردة ، حيث الهواء النقي الساكن الذي يتنفّسُ نجوما ً تجمّدت ليلة الأنكسار الطويلة .
بين الشارعين جاورت سكون الدفلى التي سلبها زمن الخوف المتكاثر زهورا حمرا أو رمادية ، فباتت أشجارا بلا هوية تستجدي تعرفة الفصول أو الجنس أو الارض ...توقفتْ أقدامي عن الحركة وأنا أسمعك َ خلفي ..أو جنبي أو بعيدا او تتخفّى بين أوراق الدفلى الهجينة فلاتكاد الأرض الرطبة بالعشب الشتائي المصفر ..، تحمل هذا الجسد المعطّل بصوت ٍ ينحب بآسمي .. أسمع ُ ..أسمعُ ..وألتفت بسرعة ودمع ٌ يتبعثر كالبرق ..
أسمع...أسمع ُ ..عينيك َ تلوذان بالسياج الطويل المبرقع بالطابوق الأصفر القديم ..،وأنا بين الشارعين الساكنين والدفلى تحرسُ قلبي أن يتهاوى تحت الأقدام الهمجية التي عفّرتْ مجرى تاريخ الأبادة الجديدة على أرض الرافدين ....
كأنني رأيتكَ أو يشهقُ ظلّي بصوتك َ الذي لعنته سماسرة السماء المضلّلة ...
أنا سمعتكَ تهمسُ ، ..والجمر بين أصابعي يكاد يسلبُ لحظة اللقاء المجنون ..تلمسُ خدّي البارد وانطفاء القمر الذي احتكم َ الى مهارة الدفلى في اقتناص لحظة العودة عن مرسومٍ ملكيّ يقضي بايقاف العمل بقانون الحب العظيم .
منْ يُحيلني على مبادىء أقلّ شراسة من تلقّي الموت بقلبٍ يأكلُ نبضه ساعة إثر ساعة....؟ منْ يُحيلني على ساحل عقيم يكتم ُ ساعة الغروب ويبتلّ فيه الأسى بجرح قاتلٍ لايندمل .....؟ من يلمسُ الجفن المبلل بأنملةٍ يبعثرها دفؤها حول العينين العسليتين فيقفز ُ زهر الدفلى عند الأرصفة العطشى في هذا الشتاء المترفّع عن العدالة بفتوى النائب الأول الذي شطره ُ الشوقُ أنصافا ً متعدّدة ....
اني أرتجفُ في مكاني ....جسدي يرتعشُ بجُبنٍ وأنت قبالتي ...، ولاشىء يفصلنا سوى براءة الدفلى النافرة بين الرصيف والرصيف ....لايرانا أحد ..ولاتعرفنا الحرية ....ولايعرفنا الشيخ ُ المتجهّم في المسجد القريب الذي خلّفته ُ حمى الحرب الساخنة على أرضٍ مغتصبة في المدينة التي تعرفني وتقتات على أحلام الطفولة البائسة ....وكلانا يبحث عن الغموض والسكون والصمت ...
من يسمع ُ خربشة الأنامل فوق الخدّ البارد بين الخصل التي اشتعلت نهارا ً وسط هدنة الليل ..في هذه المدينة التي نهاها الملك الضلّيل عن حروب الردّة ...، واسترداد قبرٍ عربيّ في صحراء النقب او في مدن الضياع الأول ...فلاينفعكَ عويل الحارث بن عباد وإن استمسكَ بمربط ( النعامة) دهرا لاينقضي ، فالحرب الاربعينية لم تأكل أولادها طوعا أو كرها قط...وأنت لن تكفّ عن اغتيال العدل وإسقاطه ..، وإشاعة الغدر والعبث والتشفّي .....
كتمت ُ قلبي تحت الأقدام التي تثاقلتْ عن إحراق الحلم الخفيّ الذي يحفرُ دمي كلما حان موعد طمر الجثث الخائفة بين الشارع والشارع ..بين جامع زبيدة او الطب العدلي .....
كلما أعبث ُحزنا ً معكَ ، تسقط أوراقي واحدة تلو الاخرى وأنا احلفُ ...أصرخ ُ ..كي تتأنى ..
ياهذا ....فأنا أحيا ...اني أحيا ...قلبي ينبض ..يعبرُ حاجز النِسب التي أقرّها تمثال لينين أو مخافر الحدود التي تئن تحت وطأة الجواز المنهك ِ اذ ابتكرَ لعبة النرد الذي تهزّه الشجرة البلهاء وهي تلعنُ عورات الغدر المشؤوم.



#نصيرة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غباء
- سرّ النار
- بحثٌ مؤقّت
- راهب اللغة
- على أرضها الباردة
- نهاية خاشوركية..(ليلة خطاب الغفران)
- دقيقة يأس
- خرافة
- متى يبكي القلب ؟
- مطرٌ من الذكرى
- صباحٌ بدون عينيها
- ثمن1
- عودة مهاجر
- ألوان السماء
- لحظات2
- إنها هي ..
- كم ...هو؟
- لقاء
- ألم..
- البغدادية والوجه الاسوأ للاعلام العراقي


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيرة أحمد - حكاية مع الدفلى