أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب السعد - قصص همنغواي القصيرة /1















المزيد.....



قصص همنغواي القصيرة /1


محمد نجيب السعد

الحوار المتمدن-العدد: 6487 - 2020 / 2 / 9 - 15:50
المحور: الادب والفن
    


قصة "الطبيب وزوجة الطبيب" لهمنغواي
عندما كتب همنغواي قصة "الطبيب وزوجة الطبيب" في أواخر مارس أو أوائل أبريل 1924 ، لم يكن لديه بالتأكيد فكرة عن مدى أهمية تلك القصة في فهم أعماله. نُشرت هذه القصة أولاً في مجلة TRANSATLANTIC REVIEW ثم في مجموعة "في زماننا" القصصية .هي واحدة من قصص نيك آدمز التي كتبها همنغواي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي والتي توثق نمو أول بطل رئيسي له. في هذا العمل القصير ، نقابل والدي نيك ونتعرف على طبيعة علاقتهما وأهمية ذلك في تطور نيك.على الرغم من أننا لا نرى نيك نفسه الا في نهاية القصة ، الا أن القصة تكشف عن جانب هام في نشأته . إن القصة مهمة كذلك بالنسبة لسيرة همنغواي ولبطل همنغواي وللجنسانية والعلاقات العرقية (القوقازية الهندية) في أعمال همنغواي ، ومهمة أيضاً لعلاقة الأب والابن في أعمال همنغواي.
تقع القصة في ثلاثة مشاهد نقابل فيها عائلة الطبيب آدامز، هو وزوجته وأبنه نيك. في الجزء الأول ، يتشاجر الطبيب آدمز (والد نيك) مع ديك بولتون، الذي استأجره والد نيك لقطع بعض جذوع الأشجار التي انجرفت على الساحل حيث منزل الطبيب الذي "افترض دائمًا" أنه لن يأتي أحد أبدًا لأخذها، بالرغم من أنه كان يعلم أن رجال المصنع قد يعودون إليها. بولتون، الذي أحضر معه ابنه إدي وهندي آخر أسمه بيلي تابشو، اتهم الطبيب بسرقة الأخشاب. في البداية أنكر والد نيك ذلك، لكن عندما يصر ديك على التهمة، يطلب الدكتور آدمز من بولتون المغادرة. من الواضح أن ديك بولتون يريد الدخول في شجار لتجنب دفع دين عليه لوالد نيك، أو هكذا يعتقد الطبيب. ولكن عندما يتحداه ديك، يدرك الدكتور آدمز أن بولتون ،لضخامته ،سوف يهزمه بسهولة، يبتعد ويعود بغضب إلى بيته.
المشهد الثاني يحدث في داخل البيت. من الواضح أن زوجة الطبيب ( السيدة آدامز) قد سمعت زوجها يدخل البيت. كانت مستلقية في غرفة مظلمة، تسأله عما إذا كان سيعود إلى عمله. عندما يخبرها أنه لن يعود ، فإنها تتساءل عما إذا كانت هناك أي مشكلة. يخبرها الدكتور آدمز إلى أنه دخل في خلاف مع ديك بولتون ، وهي معلومة تقودها إلى سؤاله وبقسوة عما إذا فقد أعصابه، وتستشهد بالأنجيل لتوضيح وجهة نظرها. في غرفة نومه الخاصة، لا يرد عليها ويجلس على سريره وهو ينظف بندقيته ويحشوها بالأطلاقات ثم يفرغها . تستمر السيدة آدمز في استجوابه بشأن الشجار مع ديك ؛ في خضم الحديث نعرف كم بعيدة هي عن الواقع. فهي لا يمكن أن تصدق، على سبيل المثال، أن بولتون سيتشاجر كي يتجنب دفع فاتورته. بالإضافة إلى ذلك، فهي تساءل زوجها مثلما تفعل الأم مع طفلها. عندما يغادر الطبيب البيت يضرب الباب بقوة - بلا وعي - رغم أنه يعتذر على الفور.
في المشهد الأخير ، الذي يحدث في الغابة يجد الدكتور آدمز ابنه يقرأ. كما طلبت زوجته، يخبر الدكتور آدمز نيك أن والدته تريد رؤيته ؛ لكن عندما يقول نيك أنه يفضل الذهاب مع والده بدلاً من ذلك، يوافق الدكتور آدمز على ذلك ويضع كتاب نيك في جيبه ويتبع إبنه بعيدًا إلى الغابة حيث يعرف نيك أنه بإمكانهم العثور على السناجب السوداء.
على الرغم من أن همنغواي أشار في إحدى المناسبات إلى أن القصة وثقت اكتشافه لجبن والده ، فمن الخطأ ، بالطبع ، قراءة حياة همنغواي دائماً في قصصه ، كما فعل بعض النقاد. مع ذلك ، لا يمكن إنكار أن همنغواي استخدم تجربته كأساس في كتابة قصصه ورواياته. على المستوى العاطفي نرى حياة همنغواي في حياة العديد من أبطاله. في هذه القصة ، لشخصيتي الدكتور آدمز وزوجته شبه كبير بوالدي همنغواي (كلارينس وغريس همنغواي) ، كما أظهر لنا عدد كتاب سيرة همنغواي ، بدءاً بكارلوس بيكر وأنتهاء بمايكل رينولدز. يلاحظ بول سميث: "إن قراءة كتاب رينولدز المعنون همنغواي الشاب ، وخاصة الفصول 3-5 ، إلى جانب هذه القصة سنرى التشابه الكبير بين بطلي القصة ووالدي همنغواي ، والتفكك الذي طال الأسرة السعيدة وزواجهما" . بالتأكيد ، لا يوجد تطابق تام بين المرأتين. كانت أم همنغواي ، على سبيل المثال ، بروتستانتية ، وليس عالمة مسيحية - لكن تأثير علاقة والدي نيك على تطوره يعكس تأثير والدي همنغواي عليه عندما كان شاباً . إن إختيار نيك للذهاب مع والده في نهاية القصة يوحي ، بعد ذلك ، بأن نيك - في هذه المرحلة على الأقل - يضع والده في مرتبة عالية ، على الرغم من أن بطل رواية "لمن تقرع الأجراس" روبرت جوردان – وهو نسخة بالغة من نيك - سوف يرفض والده بسبب عاطفته القذرة وجبنه. على المستوى العاطفي من الصعب رفض هذا التشابه بين شخوص القصص والروايات وحياة الكاتب . في النهاية ، تشير القصة الى بعض من حياة همنغواي الا أنها ليست سيرة ذاتية تمامًا.
تتبع فيليب يونغ تطور ما أصبح يُعرف ببطل همنغواي في أعمال الكاتب منطلقاً من نيك آدمز. على الرغم حدوث نقلات نوعية في نقد همنغواي في السنوات الأخيرة ، الا أن عمل يونغ يمثل بصمة واضحة في نقد همنغواي . من بين الأعمال المنشورة خلال حياة المؤلف ، تبدأ قصص بطل همنغواي بـ "المخيم الهندي" في مجموعة "في زماننا" مروراً ب" عبر النهر ونحو الأشجار" و"الرجل العجوز." حتى لو كان نيك مجرد شخصية أخرى في همنغواي ، إلا أن طريقة تربيته وبالتالي "الطبيب وزوجة الطبيب" سيكونان مهمان . ولكن كما أشار يونغ ، "نيك هو بطل همنغواي ، الأول. . . : أن تجارب الطفولة والمراهقة والرجولة التي شكلت نيك آدمز شكلت أيضاً الملازم هنري وجيك بارنز والعقيد كانتويل والعديد من الأبطال الآخرين. لقد عانوا جميعًا من طفولة نيك ومراهقته وشبابه ". على الرغم من أن الروايات ستضيف العمق والبعد لسيرة بطل همنغواي ، إلا أنها لن تغيره في الأساس ؛ سوف ينمو من تجاربه ، بالطبع ، لكن تاريخه الأساسي والنفسي سيظل كما هو. ستتأثر علاقته بالمرأة بما حدث في المنزل بين والديه ، وسوف تتأثر استجابته للهنود من خلال إدراكه لكيفية نظر الدكتور آدامز إليهم ومعاملتهم وتجاربه الخاصة معهم ، وموقفه المتحول نحو والده وعلاقته في وقت لاحق مع ابنه متجذرة في حياة نيك.
على الرغم من أن البعض يعتقد أن نيك شاهد إذلال والده على يد ديك بولتون وعلى الرغم من اعتقاد البعض أيضًا أنه سمع النقاش الذي دار بين والديه في المشهد الثاني، إلا أن البعض الأخر لا يرى ذلك . تكشف القصة أن نيك قادر على أتخاذ قرار بتفضيل رفقة والده على رفقة والدته ، وهذه المعلومة توحي بوعيه العام بالمشاكل في المنزل. ليس من المفاجئ إذن أنه عندما يكبر نيك - وعندما يصبح فريدريك هنري وجيك بارنز وروبرت جوردان والعقيد كانتويل وديفيد بورن - سيكون لآرائه عن والدته تأثير على الطريقة التي ينظر ويتعامل بها مع النساء . في قصة " ها أنا أستلقي للنوم" ، على سبيل المثال ، تعتمد شكوك نيك البالغ حول صحة الزواج على ذكرى والدته وهي تتخلص من الفؤوس الحجرية ورؤوس الأسهم الهندية الثمينة الخاصة بأبيه، لذلك فليس من المستغرب أن فريدريك هنري ( وهو نيك البالغ) ، سيختار امرأة مطيعة مثل كاثرين باركلي. على الرغم من أن النقاد النسويين صححوا الطريقة التي يجب النظر بها الى نساء همنغواي ( أما أن يكن عاهرات أو آالهة ) ، الا أننا نرى كاثرين تقول لفريدريك ، "أريد ما تريده. لم يعد هناك أي شيء أسمه أنا الآن. فقط ما تريده انت "(وداعاً للسلاح 106). كاثرين ، بطبيعة الحال ، تتقدم فريدريك بفارق كبير في معرفتها بالحياة ، بالنظر إلى ما حدث لخطيبها وما تعلمته من تجربة فقدانه ، لذا فإن استعدادها لتلبية احتياجات فريدريك يحدث في هذا السياق.
بالنسبة لجيك بارنز – وهو أيضاً نيك البالغ - فإن الوضع أكثر تعقيدًا. نظراً لأصابته القوية فأن علاقته مع بريت تبدو مغايرة لعلاقة فريدريك وكاترين. أن هيمنة بريت لا جدال فيها - لقد حولت جيك في النهاية إلى قواد لها - وفي سيطرتها الكبيرة عليه فهي تبدو أقرب الى السيدة آدمز منها الى كاثرين ، وإن كان الجنس هو الذي يمنح بريت مثل هذه القوة. على الرغم من أن تاريخ بريت الزوجي وتجربتها الحياتية توفر بعض العذر لسلوكها ، إلا أنها تشبه سيرسي ( في الميثولوجيا اليونانية) في سيطرتها على الرجال (شمس 148). بغض النظر عن قدرته في تحمل مثل هذه الهيمنة ، فإن بطل همنغواي - نيك وجيك - تم إعداده لمثل هذه السيطرة من خلال ما شاهده وخبره في المنزل. روبرت جوردان ، من ناحية أخرى ، وهو أيضاً نيك ، يشبه فريدريك أكثر من جيك في اختياره للنساء ، خاصة أنه يرى والده جبانًا ، جزئيًا ، لعدم وقوفه مع زوجته - "تلك المرأة" (لمن تقرع الأجراس 339) ، هكذا يسمي روبرت والدته. مثل كاثرين ، يبدو أن ماريا مستعدة لخدمة عشيقها بكل طريقة ممكنة: "سأفعل أي شيء من أجلك أنت راغب فيه " (349 ). ولكن على عكس العلاقة بين فريدريك وكاثرين ، والتي هي في الأساس علاقة بين شخصيين متساوين ، فإن العلاقة بين روبرت وماريا تميل بوضوح لصالح روبرت. فهو ، بعد كل شيء ، مدرس جامعي تكون رؤيته للعالم أوسع بكثير من رؤية ماريا الأصغر منه وغير المتعلمة. بالطبع ، صحيح أن ما تعرضت اليه على يد الكتائب الفلانجية قد منحها نوعًا من المعرفة التجريبية التي قد تعالج توازن القوى بينهما جزئيًا ؛ لا يزال روبرت يبدو أكثر إدراكًا للحالة التي يتعاملون معها. إن تفكيره حول مستقبل محتمل معها كزوجته في مونتانا يعكس بعض فانتازيا هذه العلاقة والطبيعة الفانتازية لماريا. ريتشارد كانتويل ، نيك في الخمسين من عمره ، وريناتا في "عبر النهر ونحو الأشجار" ، تظهر المرأة المطيعة من جديد . على الرغم من أن ريناتا ايطالية ( من مدينة فينيسيا ) ومتعلمة جيدًا ، وعلى الرغم من أن لديها قواعدها الخاصة التي لن تتخلى عنها حتى بالنسبة لحبيبها ، إلا أن مستوى العمر والخبرة بين الاثنين كبير بما يكفي لجعله الشريك المهيمن. العقيد كانتويل ، الذي أُصيب بنفس الطريقة (في الساق) وفي نفس المكان (فوسالتا) مثل فريدريك هنري ، يخاف جسدياً وعاطفياً على حد سواء من الحياة ؛ العلاقة بينه وبين ريناتا تساعد على شفاؤه قبل أن يتوقف قلبه المريض. في الأساس يتركز دورها في خدمته في أيامه الأخيرة. حتى ديفيد بورن ، وهو نيك الذي ينتمي زمنياً لعشرينيات القرن الماضي والذي تربطه علاقة جنسية تجريبية مع كاثرين المدمرة في "جنة عدن" يبدو مفاجأة ، ويفضل في النهاية دورًا أكثر تقليدية مع ماريتا ("أحاول دراسة احتياجاته "). في كل هذه الحالات ، فإن علاقة بطل همنغواي بالمرأة التي يحبها ينبثق مما تعلمه نيك في المنزل. سواء كانت المرأة مهيمنة أو خاضعة ، فإن البطل على دراية نفسية بديناميات رده عليها بسبب ما رآه يحدث بين الطبيب وزوجته.
أن الديناميات العرقية للقصة لها تأثيرها على بطل همنغواي أيضًا. كتب توماس ستريتشز وإيمي سترونج ، عن العرق وعلاقات القوة الكامنة فيه في هذه القصة المبكرة. وعلى الرغم من أن نيك لا يشهد الشجار بين والده وديك بولتون ، الذي ربحه الهندي هذه المرة ، فقد رأى الدكتور آدمز يتفاعل مع الهنود من قبل ، وخاصة في "المخيم الهندي". في تلك القصة وفي هذه المرحلة من حياته ، تبنى نيك بشكل طبيعي ودون وعي تفوق أبيه وثقافته ، وهذا التصور ينطبق على علاقته برويدو ميتشيل في قصة "عشرة هنود" ومع ترودي جيلبي في قصة "آباء وأبناء". في قصة "عشرة هنود" من الواضح من السياق أن عائلة غارنر ونيك يعتقدون أن البيض متفوقون - كثير من الهنود في حالة سكر ، يدعي كارل أن برودي والهنود الأخرين لهم رائحة الظربان ، وتستخدم السيدة غارنر كلمة تحقيرية للإشارة الى المرأة الهندية ، رغم أنها تصحح ابنها في حديثه السلبي عن الهنود – يشعر نيك بالسعادة " لمعاكسته بشأن برودنس ميتشل" . بطبيعة الحال ، فإن خياناتها أثناء وجوده في المدينة مع عائلة غارنر ، على الرغم من أن ذلك يؤلم نيك ، لا يؤدي إلا إلى تعزيز الهرمية الثقافية. في "آباء وأبناء" ، على الرغم من أن الحياة الجنسية لترودي تمنحها بعض القوة ، من الواضح أن نيك هو المتفوق . تهديداته الصبيانية الكبيرة ، ولكن الفارغة بشكل أساسي بقتل وسلخ فروة رأس أخيها غير الشقيق إدي ورميه للكلاب ، أذا تحدث مع أخته ، يخيف ترودي ويصيب أخيها الثاني بيلي بالكآبة . أن أعتقادهم أن نيك يمكن أن ينفذ تهديده ، يعكس مكانة نيك المهيمنة.
على الرغم من أن "الطبيب وزوجة الطبيب" مهمة لجنسانية بطل همنغواي وخلفيته العرقية ، إلا أن القصة أساسية لفهم ديناميكية العلاقة بين الأب والأبن المتغيرة في أعمال همنغواي. نرى تلك العلاقة أولاً في قصة المخيم الهندي ، التي تسبق قصتنا في الترتيب في مجموعة في زماننا . في تلك القصة ، من الواضح أن رأي نيك بوالده إيجابي ، خاصة أثناء النقاش حول الولادة والانتحار الذي يلي الحدث الرئيسي. يحاول الدكتور آدمز ، الذي يعتذر عن اضطرار ابنه الى مشاهدة مقتل الهندي ، الإجابة عن أسئلة نيك المختلفة ووضع مخاوف الصبي في سياق طبيعي. إنه ناجح على ما يبدو لأن القصة تنتهي مع نيك وهو في القارب مع والده ، مرتاحاً وفي آمان . لو كان قد رأى أبيه يتراجع في شجاره مع ديك بولتون ، ربما كان قد غير رأيه ، لكن عندما يجد الدكتور آدمز ابنه في الغابة ، اختار نيك البقاء مع والده والبحث عن السناجب السوداء بدلا من العودة إلى والدته كما طلبت.
تستمر هذه العلاقة الأيجابية في قصة "عشرة هنود" بين الأب والابن ، على الرغم من أنه سيتعين على الدكتور آدمز أطلاع أبنه نيك على الأخبار المؤلمة في أن صديقته الهندية لم تكن مخلصة له. ومع ذلك ، يعامل الدكتور آدمز نيك بحساسية ولطف ، لذا فإن رباطهم الأساسي لم يتغير. في قصة "عاصفة لثلاث أيام" ، يحاول نيك ، وهو أكبر سناً الأن، التعامل مع الآثار العاطفية لأنفصاله عن مارج. يمضي نيك و صديقة بيل فترة ما بعد الظهيرة بشرب الخمر والحديث عن أشياء كثيرة منها أبويهما . يقول نيك " أن أبي رجل طيب" يوافقه بيل " أنت على حق تماماً. أنه رجل طيب". في قصة "ها أنا أستلقي للنوم" ، يبقى نيك ، وهو جندي الآن غير راغب في النوم بسبب خوفه من الموت ، مستيقظًا بتذكر مختلف الأنهار التي اعتاد أن يصطاد فيها ، والدعاء من أجل أشخاص عرفهم ، ومحاولة تذكر الأحداث في حياته. واحدة من هذه الذكريات هي صورة والدته وهي تقوم بتنظيف الطابق السفلي بينما كان والده في رحلة صيد ، وكذلك حرقها لكل شيء أعتقدت أن لا يكون موجوداً هناك.. لسوء الحظ ، شمل مفهومها للقمامة رؤوس سهام وفخار هندية تعود لزوجها ، وهي أشياء ، كما نرى عند عودته ، مهمة جدًا له. على الرغم من أن نيك لا يعلق بشكل مباشر على الحادث ، إلا أنه لا يوافق على أن الزواج "سيصلح كل شيء" . من الواضح أن نيك يتعاطف هنا مع والده.
الا أن ذلك لا ينطبق على روبرت جوردان ( نيك الأكبر سناً ) . يشعر روبرت بالحرج من عاطفية والده عندما يذهب إلى الكلية في أيام شبابه ، وكان أكثر قساوة في رأيه بأنتحار والده حيث يعتبره عمل جبان . على الرغم من أنه يناقش شرعية قتل نفسه بعد ذلك ويهم في ذلك عندما يسقط جريحًا بعد الهجوم على الجسر ، إلا أنه لا يفعل ذلك في النهاية ؛ إنه يدرك أنه على الرغم من أنه سيتم القبض عليه وقتله ، إلا أنه لا يزال هناك شيء واحد يمكنه فعله من أجل القضية : تأخير تقدم العدو أو قتل ضابطه. مثل جده ، ذلك الجندي في الحرب الأهلية الذي يعجب روبرت به ويحبه ، سيكون شجاعًا ومفيدًا حتى النهاية.
أن قصة "آباء وأبناء" هو نوع من الخاتمة لديناميكية علاقة الأب-الأبن في أعمال همنغواي ، وهي تعكس تقلب رأي نيك بوالده ، وأيضاً الإمكانية للتوصل إلى حل نهائي بشأن مشاعره حول هذا الشخص المهم في حياته. بينما كان نيك يقود سيارته في الريف مع إبنه النائم ، يتذكر أشياء عن والده ، مثلاً تعليمه صيد الحيوانات والأسماك. لكنه يتذكر أيضًا نصيحة الدكتور آدمز غير المرضية حول الجنس: "لقد لخص والده الأمر برمته بأن العادة السرية سببت العمى والجنون والموت ، بينما سيصاب الرجل الذي ذهب مع العاهرات بأمراض تناسلية بائسة وأن الواجب فعله هو الابتعاد عن الناس ". لكن تذكر وفاة والده – الذي أنتحر- لا تزال مؤلمة للغاية. ومع ذلك ، هناك بعض الإدراك للصعوبات التي أدت إلى نهاية والده: "لقد مات في فخ ساهم هو قليلاً في أعداده . عندما يفكر نيك في تجربته الجنسية مع ترودي جيلبي الفتاة الهندية ، يتذكر أيضًا وهو يشعر بالذنب حادثًا كان قد فكر في إطلاق النار على والده. لقد أعطاه الدكتور آدمز بعض الملابس الداخلية التي صغرت عليه ، لكن نيك شعر بالغثيان عندما إرتداها ، فقام بإلتخلص منها وكذب بشأن ما فعله بها. بعد أن عوقب لكذبه ، جلس نيك في مخزن الأخشاب وبندقيته محشوة وتخيل قتل والده بها . تلك اللحظات الأوديبية تُقاطع عندما يسأله ابنه ، الذي استيقظ ، عن العيش مع الهنود. مذهول بالسؤال يظهر نيك نفسه غير قادر مثل والده في الحديث عن الجنس. عندما يتحول النقاش إلى الشكل الذي كان عليه الدكتور آدمز ، يعجز نيك ، مثلما كان أبوه، غير قادر على التواصل . لكن عندما يتساءل الصبي لماذا لم يزوروا قبر جده وعندما يصر على ذلك ، قال نيك: "أعتقد أن علينا القيام بذلك." تلك الجملة توحي بأن نيك سوف يحدد في النهاية رأيه تجاه والده.
لأن أعمال همنغواي في بعض النواحي مترابطة ، فإن "الطبيب وزوجة الطبيب" هي قصة مفيدة للغاية في فهم الجوانب الرئيسية لعالم المؤلف. أن نظرتنا إلى إرنست همنغواي الرجل أُثريت بمعرفتنا بزواج آدمز المضطرب ، طبعاً علينا أن نأخذ بالحسبان حدود العلاقة بين الفن والحياة. أن تطور بطل همنغواي في أبعاده المختلفة وعلاقاته مع النساء ومع الهنود أيضا موجودة في هذه القصة. ولعل الأهم من ذلك هو البصيرة التي تقدمها القصة بشأن المشاعر المؤلمة والمتناقضة التي يظهرها بطل همنغواي لوالده وحوله. تلقي هذه القصة بعض الضوء على حياة وأعمال أحد أشهر كتاب القرن العشرين الذي سيستمر في تقديم المزيد في إرضاءنا وتثقيفنا بغض النظر عن تقلب موجات النقد الأدبي.
"أن الدكتور آدمز وزوجته هما الدكتور همنغواي وزوجته(والدا همنغواي)، وأن المشهد الذي يصور الدكتور آدمز وهو يجلس في صمت في غرفة نومه في ميشيغان وهو يحمل بندقية على ركبته بينما زوجته توبخه بلا مبالاة بسبب تجاهله لمبدأ الأحسان المسيحي و، كأن ذلك يتنبأ بالمأساة التي التي ستحل على منزل همنغواي .لقد تبين أن الدكتور همنغواي (والد همنغواي)كان يرى في قصة "الطبيب وزوجة الطبيب" كقصة خيالية مزينة بتفاصيل معروفة. كتب الدكتور الى إبنه قائلاً" لقد قرأت قصتك عن "الطبيب وزوجة الطبيب" في عدد شهر ديسمبر من مجلة ترانس أتلانتيك ريفيو أعرف أن ذاكرتك جيدة جدًا فيما يتعلق بالتفاصيل وأنا متأكد من رؤية الأخشاب على الشاطئ أثناء قراءة القصة . أخرجت كتاب بحيرة والان وعرضت لكارول وليستر صور نيك بيلتون وبيلي تبشاو على الشاطئ وهما ينشران الخشب . كان ذلك عندما كان عمرك 12 عامًا ".
يقول توماس ستريتشز " تعتبر قصة "الطبيب وزوجة الطبيب" ، من مجموعة "في زماننا" ، مكملاً ساخراً لقصة المخيم الهندي من المجموعة نفسها وهي تمثل أمتداداً لأهتمام همنغواي بالتاريخ والعلاقات الثقافية والسلطة الذكورية. من الناحية الهيكلية ، تشترك القصتان بالكثير . تبدأ كلتا القصتين عند البحيرة ، في هذه القصة يصل ثلاثة من الهنود الحمر الى حديقة بيت الطبيب لأداء مهمة له ، في حين يصل ثلاث رجال بيض الى المخيم الهندي ؛ و بدلاً من امرأة حامل في المقصورة المظلمة في قصة المخيم الهندي ، تجلس زوجة الطبيب في هذه القصة داخل البيت وقد أسدلت الستائر ؛ وتنتهي القصتان في لحظة " صداقة حميمة" بين نيك ووالده. إن الانتصار الطبي الذي يود الطبيب أن يكتب عنه في "المخيم الهندي" تحول الآن إلى عذر حقيقي ولكنه ضعيف بالتأكيد لمواجهته المهينة مع ديك بولتون: "حسنًا ، يدين لي ديك بالكثير من المال لمعالجة زوجته من مرض التهاب الرئة وأعتقد أنه أراد أثارة شجار حتى لا يضطر إلى العمل لتسديد الدين." هذه المرة تظل المجلات الطبية "غير مفتوحة". والأهم من ذلك هو أن القدرة الكبيرة التي أظهرها الطبيب في المخيم الهندي أختفت فجأة خلال المواجهة مع ديك.
أن سر أختفاء هذه السلطة أمر مثير. من الواضح أن الطبيب يتراجع لأن لديك بولتون متفوق عليه جسدياً. يحل "ديك بولتون" (الرجل الضخم) محل "الرجل العظيم" في "المخيم الهندي" في قصة مليئة بالإثارة التي قدمها ديك لقوته الذكورية. يقول للطبيب بلغة فيها وعيد " لا تتعجل في غضبك." يلفت ديك بولتون الانتباه إلى العجز الجنسي الذي رآه همنغواي ، إلى جانب العديد من الكتّاب الآخرين من جيله ، والمستوطن في حضارة بيضاء محبطة جنسيًا خانعة لنوع من الخبرة التقنية التي استغلها الطبيب في" المخيم الهندي …
ومع ذلك ، تبدو قصة"الطبيب وزوجة الطبيب" أكثر تعقيدًا ، لأن إهانة الطبيب متأتية في الأصل من ضربة أخلاقية وجهت لكرامته. لو أفترضنا أن الأخشاب مسروقة ، مثلما قال ديك .النقطة الحقيقية هي أن الأخشاب ترمز إلى مصادرة الأراضي الهندية منذ قرون ، وتعد حديقة الطبيب المسورة مثالاً على ذلك. حتى العلامة الموجودة على الأخشاب تدل على أنها تنتمي إلى شركة وايت وميكنالي ، و لدينا مفارقة هنا لأنه بناء على ما يقوله ديك" "أنت تعلم أنها مسروقة مثلما أعلم أنا" فهو يعني ان الشركة قد سرقتها من أصحابها الأصليين ( الهنود الحمر) والأن الطبيب ( ابيض) سرقها من الشركة ( التي تعود للبيض) . أم مشيئة القدر - الفكرة القائلة بأن للبيض حقًا منحهم أياه الرب في امتلاك أراضي الأشخاص الأقل تحضرا منهم – قد أنقلبت على الطبيب. في قصة "المخيم الهندي" ، اعتمد الطبيب على تفوق المعرفة الغربية لدعم الاستيلاء الرمزي على الأرض. في قصة الطبيب وزوجة الطبيب" يصبح التفوق الأخلاقي للثقافة البيضاء مجرد تغطية لاستغلال عدواني للموارد الطبيعية. المثير في الأمر أن أول عمل يقوم به بولتون هو أزالة الأوساخ عن الخشب: ‘أغسلها. أزل الرمل عنها أريد أن أعرف من صاحب هذه الأخشاب ."
يضيف توماس ستريتشز "في البيت ، يحشو الطبيب بندقيته بالأطلاقات ويعود ويفرغها بطريقة "استنمائية" في محاولة منه لاستعادة ثقته المفقودة في رجولته - أولاً لإثبات أنه" رجل "، ثانياً ، إثبات أمتلاكه البراعة الثقافية والتكنولوجية التي تمكن بها المستوطنون البيض من أحتلال الغرب الأميركي .ما أن يضع الطبيب البندقية جانباً تستعر الإهانة معه من جديد . عندما ترسله زوجته للعثور على إبنهما نيك ، يجب عليه أولاً أن يعتذر عن إغلاق الباب بقوة ، على عكس ديك بولتون ، الذي يترك الباب عن عمد في الغابة مفتوحًا. لكن المهمة لا تعطيه الفرصة لإعادة اكتشاف علاقة الأب والابن التي لعبت دوراً هاماً في نهاية قصة المخيم الهندي . أن طلب الأبن أن يرافق أبيه يعيد للأب بعض من السلطة بطريقة تذكرنا بـ "المخيم الهندي" لكن بشكل سطحي فقط .أن هروب الطبيب إلى الغابة يشير فقط إلى عدم قدرته على مواجهة زوجته مباشرة. علاوة على ذلك ، فإن الدافع وراء "عدم الذهاب الى الزوجة" يأتي من نيك ، الذي يعرف المكان الذي توجد فيه السناجب السوداء. "بعد أن فقد السلطة التي كان يملكها أثناء التجديف وتوجيه القارب ، بعد أن خسر المعرفة التي أرادها نيك ذات مرة ، يذهب الطبيب الى الغابة حيث ذهب الهنود وراء أبنه الذي يعرف الغابة أفضل منه. "
يعتبر التحليل الذي قدمه توماس ستريتشز لقصة "الطبيب وزوجة الطبيب" نموذجًا للتحليل الأدبي (السياسي) خلال فترة النقد النسوي (بدء من سبعينيات القرن الماضي ). يزعم توماس ستريتشز أن (1) القصة نقد للرجال البيض (النساء البيض بريئات) لسرقة الأراضي الهندية ؛ (2) يلقي هذا الناقد باللوم على الرجال البيض لتقدم الحضارة ؛ (3) يشدد على فقدان الطبيب "لسلطته الذكورية" ، وهو الموضوع المفضل لدى النقد النسوي ؛ (4) يتجنب انتقاد الزوجة ، كي لا يسيء إلى النسويين ؛ (5) لم يشر حتى إلى تشابه الزوجين مع والدي همنغواي لأن ذلك من شأنه أن ينطوي على انتقاد لكل من الزوجة وغريس همنغواي ، اللتين يدافع عنهما النقاد النسويون ؛ (6) يفسر الناقد طريقة تعامل الطبيب مع البندقية على أنه "استمناء" وليس كدليل على أنه يفكر في الانتحار، جزئيًا بسبب زوجته – وهي فكرة لا يطيقها مؤيدو النقد النسوي ؛ (7) يشوه بعض الحقائق في النص ؛ (8) يتجاهل التحليلات الموضوعية المنشورة مسبقًا ؛ و(9) بدلاً من ذلك ، يوصي بقراءة الناقدة النسوية جوديث فيتيرلي ، التي تسيء فهم همنغواي بشدة وتتهمه بأنه "كاره للنساء ". كل ذلك يجعلنا نعتقد أن عنوان القصة بالنسبة لتوماس ستريتشز هو "الطبيب والهندي "بدلاً من" الطبيب وزوجة الطبيب ".
قصتنا التي تدور حول الهروب من الواقع تسبقها أقصوصة ( البعض سماها التعريشة) عن تراجع اليونانيين أمام الغزو التركي . "افترض الطبيب دائمًا" أن الشركات لن تاتي لجمع الخشب الذي أنجرف الى الشاطيء على أرضه. "دائمًا"تعني أنه كان على صواب في كل مرة. معظم الناس لهم الحق في التخلص من الشياء التي يجدونها في ممتلكاتهم ولم يطالب بها أحد إلى أجل غير مسمى. الدكتور آدامز أراد الأستفادة من الأخشاب التي جرفتها المياه الى أرضه بدلاً من تركها تتعفن وبدلاً من قطع أشجار الغابة لأستخدامه كحطب . قد يكون الرجل من مناصري البيئة . ديك بولتون أُستأجر لقطع الأشجار مرارًا ولم يشتكي من قبل. ما الذي تغير؟"حسنًا ، يدين لي ديك بالكثير من المال لمعالجة زوجته من مرض التهاب الرئة وأعتقد أنه أراد أثارة شجار حتى لا يضطر إلى العمل لتسديد الدين ." لقد منح الطبيب ديك عملاً ومالاً وكذلك أنقذ زوجته .
يعتمد توماس ستريتشز في تفسيره على المصداقية الأخلاقية للشخصية الأقل أخلاقية في القصة: ديك بولتون هو "كسول للغاية" ومتنمر شرير. صحيح ، من الناحية القانونية ، فإن الوضع غامض. تعود الأخشاب إلى الشركة ، كما أعلن ديك بعد تنظيفها: "إنها تعود لشركة وايت وماكنالي". ثلاث مرات يتهم دوك آدمز بسرقة الأخشاب من أجل جره إلى شجار. " كان ديك رجلًا ضخماً وهو يعرف ذلك. كان يحب الدخول في المشاجرات . "لو كان الطبيب قد سيطر على أعصابه - "كان وجهه أحمر" مثل موليتا - كان بالأمكان تفويت الفرصة على ديك ، بالقول ، مثلاً " أنا أنتشل الأخشاب بدلاً من تركها تتعفن." بدلاً من ذلك ، يثور يفقد السيطرة ،ويطلق تهديدات فارغة وينسحب وهو يشعر بالغضب والإهانة.
يزعم توماس ستريتشز أنه نظرًا لأن شركة وايت White هي مالكة الأشجار، فإن القصة تدور حول قيام رجال بيض بسرقة الأراضي من الهنود قبل قرن من الزمان. على العكس من ذلك ، لا يدعي ديك بولتون أن الهنود يمتلكون الأخشاب . ويستند اتهامه بأن الطبيب "يسرق" الأخشاب إلى الملكية القانونية في الوقت الحاضر. هذا هو السبب في أن اتهامه يجعل الطبيب "متضايق للغاية". يمثل الأسم وايت أقراراً بأن البيض يمتلكون الآن الأخشاب من الأرض التي كان يسكنها الهنود في السابق ، ولكن بولتون لا يعرف الرمزية . إنه لا يعبر عن شكوى عرقية ، إنه يحاول تجنب العمل عن طريق إثارة شجار .
يرجع دوك آدمز إلى بيته ، حيث يشعر بالغضب من رؤية المجلات الطبية التي كان ينبغي أن يقرأها لكنه لم يخرجها حتى الان من ظروفها . هذا التهرب من المسؤولية المهنية يتوافق مع تهربه من المسؤولية الأخلاقية ردا على ثور ديك. ويتبع هذين " التهربين" واحد ثالث عندما ينكر أنه فقد أعصابه. يفرق همنغواي على نحو خاص بين والدته وزوجة الطبيب بجعل الأخيرة عالِمة مسيحية - مفارقة تشير إلى أنها لا تؤمن بزوجها وتعتبره بلا فائدة . لهجتها تزداد حدة وهي تحاضره كطفل. على الرغم من أن الاستشهاد بالكتاب المقدس هو استجابة مألوفة توحي بالعقيدة الجامدة ، إلا أن الكتاب المقدس الذي تقتبسه في هذه الحالة يتوافق مع المفهوم الأخلاقي الذي يتبعه همنغواي للتحكم في المشاعر مثل مصارع الثيران الذي يتحكم في الثور. "من يتحكم بروحه هو أعظم ممن يحتل مدينة ". لو أن الطبيب تحكم بروحه لكان حقق أنتصاراً أخلاقياً ضد المتنمر بولتون ولكن بمقدار أدنى من النصر الذي حققه مصارع الثيران روميرو عندما تعرض للضرب من قبل روبرت كوهن في الشمس تشرق أيضا.
الزوجة هي النقيض المزاجي للمتنمر بولتون ، وهي متنمرة أيضاً. كلاهما يتحكمان بالطبيب . وهي "تتحكم" بروحها عن طريق الاختباء في السرير في غرفة مظلمة مع الستائر المظللة ، معزولة عن حقائق الحياة - من كل شيء يتجسد في بولتون - في عالمها الصغير.ومع ذلك ، من المفارقات ، أنها تحث زوجها ، "من فضلك لا تحاول إخفاء أي شيء عني". لذلك أخبرها ما حدث الا أنها رفضت تصديقه . إنها ليبرالية مسالمة ترفض مواجهة الطبيعة الإنسانية ولا تحترم زوجها وتحافظ على عنجهيتها .
ينام الطبيب وزوجته في غرفتين منفصلتين وفي عوالم منفصلة. يجلس وحيدا على سريره ، ويحشو بندقيته بالأطلاقات ثم يفرغها . إنه يشعر بالعنف ولكنه لا "ينفجر قبل الأوان " الأطلاقات "صفراء" كما يشعر هو. يطلق توماس ستريتشز على هذا العمل الفردي "استمناء". في الواقع ، إن المزاج هو عكس ذلك تمامًا: يشعر الطبيب بالعجز والجبن والانتحار، لا جنس في الموضوع . يقول توماس ستريتشز أنه من خلال إفراغ سلاحه بهذه الطريقة السلبية ( ليس في قتال) فأن الطبيب يحاول استعادة رجولته من خلال إظهار "البراعة التكنولوجية التي" أحتل بها المستوطنون البيض الغرب. يعتقد هذا الناقد أن الرواد إستمنوا طريقهم غربًا. إنه بعيد عن الواقع كما هي زوجة الطبيب. كلاهما يناصران ديك بولتون ويتهمان دوك بأنه مخطئ. اتهاماتهم الخاطئة تجعلهم في موازاة لبولتون. في التركيز على الرجولة والاستمناء كان الناقد قاسياً كما هو ديك.
إن الحوار غير المجدي بينما " يلعب" الطبيب بندقيته يبني التوتر والتشويق حتى "يضع البندقية في الزاوية خلف خزانة الملابس" – لأنه أن فقد السيطرة على عواطفه مرة أخرى ، ستكون البندقية بعيدة عنه ، كما هو تهربه الأخير وهو علاجه الوحيد. عندما تطلب منه إخبار نيك بأنها تريد رؤيته ، لا يرد عليها دوك. انه لا يزال غاضبا. إنه لا يواجه المتنمر فيها ، تمامًا كما لم يواجه المتنمر بولتون. في مصارعة الثيران ، يكون الثور الجبان أكثر خطورة من الثور الذي لا يعرف الخوف ، مما يعني أن السيدة آدمز هي أكثر خطورة من بولتون. مرة أخرى يمشي الطبيب بعيدا. يخرج الطبيب و يضرب الباب بقوة كرد على زوجته .ولكنه يعتذر بعد ذلك. في المقابل ، بعكس الصور النمطية للجنسين ، تكون زوجته غير حساسة وغير مبالية وغير عابئة بمشاعره - كما كان الطبيب مع المرأة الهندية التي تلد في قصة المخيم الهندي .أن قبول زوجته اعتذاره يجعلها تبدو متسامحة وحساسة وكريمة . يبتعد الطبيب ماشيا في الحر صوب الغابة المظلمة ، ربما إشارة الى موته الروحي . بعد أن يهدأ في الغابة ، وجد نيك يقرأ ، وهي عادة تقربه من أمه أكثر مما تقربه من والده ، الذي لا يقرأ حتى مجلاته الطبية ، إلا أن نيك يقرأ في الغابة وليس في غرفة مظلمة مع ستائر مسدلة . يقول دوك لنيك إن والدته تريد رؤيته ، كما طلبت منه. في النهاية يصبح الطبيب قادراً على التمرد ضد زوجته بشكل سلبي فقط ، من خلال السماح لنيك بالأختيار . ألبن يريد البقاء مع ابيه ، يأخذ دوك كتاب نيك ويضعه في جيبه . نيك بالفعل أكثر جرأة من والده ، وهو على دراية بالحياة البرية ويتوق إلى استكشافها. أدوارهم تنعكس. يقود نيك الآن والده إلى الغابة المظلمة لمراقبة السناجب السوداء ، والظلام يشير الى الموت النهائي والتحديات الشريرة للطبيعة.



#محمد_نجيب_السعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-4
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-3
- وداعاً للسلاح وعناقيد الغضب : تقليلية همنغواي وتكثيرية شتاين ...
- التقليلية الأدبية في القصة القصيرة الأميركية-1
- هل الأكثر يعني أكثر أم الأقل يعني الأكثر : بين التقليلية و ا ...
- رسائل إليوت الى إميلي هيل تكشف عن لوعة حب كبيرة
- لماذا ما زلنا نقرأ إرنست همنغواي؟
- صور الحرب عند همنغواي
- همنغواي : أسلوب اللاأسلوب
- الشمس تشرق أيضا : قراءة في مسودات رواية همنغواي
- شعر الغاوتشو:رعاة البقر الأرجنتينيين
- شعر الأحراش : شعر رعاة البقر الأستراليون
- قراءة في شعر رعاة البقر الأميركيين 2
- و لرعاة البقر أدبهم : قراءة في شعر رعاة البقر الأميركيين 1


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب السعد - قصص همنغواي القصيرة /1