أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل السابع















المزيد.....



حديث عن عائشة: الفصل السابع


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6487 - 2020 / 2 / 9 - 15:50
المحور: الادب والفن
    


1
سماءُ المدينة، المضاءة في ليلة رأس السنة بشهبٍ من صنع الإنسان، عليها كان أن تتلبّد بالسحب البيضاء، المُشتَتة بفعل البرق والرعد إلى عاصفة ثلجية أكثر نصاعة. مع تعاقب أيام العام الجديد، ذاب النجعُ الفضيّ عن الأرض، لتظهر مكسوة مجدداً بلازورد الحشائش، التي ستتوَّج قريباً بيواقيت أزهار الربيع وبيارق نرجسه الذهبية.
بينما الطبيعة تتحول وتتبدل، كانت الأجواء في البلد مفعمةً بالتوجس والقلق، تتناهبها الشائعاتُ وتتالى عليها المفاجآتُ المجنونة. الجمل المتحذلقة عن انتصار تحالف الحرية، المرددة على لسان زعيم الأعراب الزاحفين من أعماق الحجاز على ظهور الجمال، كانت تسقط تباعاً بفعل الأعاصير القادمة من جوف أوراق تلك الاتفاقية السرية، ( سايكس بيكو )، المعنونة باسمي وزيري خارجية دولتيّ التحالف نفسه؛ بريطانيا وفرنسا. الهوة بين هذه الأخيرة وذلك الزعيم الحالم بعرش سورية، كانت تتسع إلى ما يُشبه الدوامة كي يغرق فيها أحدهما.

***
" الزعيمُ البدويّ، وكان يظن أنه ضمنَ العرش، آبَ من أوروبا خائباً بعدما مُنعَ من حضور مؤتمر الصلح، الذي جرى في باريس "، كذلك نقل خلّو لأصدقائه ما سبق وسمعه على لسان الصحفيّ أحمد الملا. هذا الصحفيّ، كان فيما مضى ضابطاً في الجيش العثمانيّ، هوَ مَن تخرج برتبة ملازم من مدرسة الفرسان في اسطنبول. مع نشوب الحرب العظمى وشهوده فظائع الأتراك بحق الأرمن في شكل خاص، فر من الخدمة وعاد إلى دمشق كي يتوارى عن الأنظار مع مجموعة قادها خلّو وكان مركزها في جبل قاسيون. لكنه على أثر طرد الأتراك من الشام، اختار هذه المرة دراسة الحقوق، جنباً لجنب مع اهتمامه بالكتابة الصحفية. الفارس السابق والجامعيّ الحالي، كان يُعدّ صهرَ زعيم الحي بمثابة منقذه، لما سدّت أبواب النجاة في وجهه غبَّ تمرده على أوامر الأتراك وهربه من جيشهم. كان لديه أسرة صغيرة، ومنزله يقع إلى الغرب من الحي، في زقاقٍ منفتحٍ مدخله على مسجد حمو ليلى.
مصدر آخر للمعلومات، حظيَ به الأصدقاءُ، الملتفون حول خلّو. إنه الابن البكر للزعيم، موسي، وكان قد انفتحَ على قريبه آكو، العائد حديثاً من موطن الأسلاف. كونهما من جيل واحد تقريباً، جمعتهما ذكرياتُ طفولةٍ سعيدة في منزليّ العز والجاه. موسي، كان ما ينفك يرى في وجه قريبه الجميل، المنسدل عليه الشعر الأشقر، ملامحَ من نازو؛ هذا برغم أن عشقه لها كان من طرفٍ واحد. إن حمله في نفسه تصرف والده الزعيم، بشراء منزل للعمة زَري، كان من واردات حقده على زوجها، الذي عده سارقاً لتلك الحبيبة بطريقة الخداع والمخاتلة، المأثورة عنه. لكن الرجل رحل عن الدنيا، ولم يبقَ لموسي الحق في نكش الذكريات الأليمة. هكذا عاد يُنمّي صداقته القديمة، اعتماداً على مرجع الطفولة والصبا، متشجعاً بما لقاه من ود لدى قريبه آكو.

***
بشأن معلومات موسي، المتعلقة بالوضع السياسيّ، فإنها كانت مستقاة بدَورها من مصدرٍ ثقة. كونه وكيل أعمال عمر آغا شمدين، سمعَ منه أولاً بأول التطورات الحاصلة في البلد مذ أن اجتاحها عربانُ الحجاز، بقيادة الجاسوس الإنكليزي " لورانس ". وكان الآغا قد حوّل ولاءه إلى العرب والانكليز، بمجرد دخولهم إلى دمشق وطرد الأتراك. كذلك فهمَ موسي من معلّمه أنه يسعى للمشاركة بالمؤتمر السوريّ، المقرر أن يعقد في بداية الصيف، وأنه يطمح إلى نيل وظيفة بارزة في الحكومة المقبلة، المتوقع أن تتمخض عن المؤتمر.
الأصدقاء، وبعضهم مثل خلّو وعمر كرّي عيشة، الذين أسهما في الكفاح ضد الأتراك ـ لم يكن لديهم أي مطامع شخصية وراء مناقشة الأمور العامة. لكن بقيت الأمور بالنسبة إليهم تكتنفها العتمة، بالأخص مع تأكد أنباء نزول القوات الفرنسية على الساحل، الممتد من مرسين شمالاً إلى بيروت جنوباً. هناك في جبال العلويين، حملوا السلاح ضد الفرنسيين منذ عام مضى؛ وما تزال أنباء المعارك تصل بشكل متواتر إلى بقية أنحاء البلاد. ما جعل ذاكرة بعض أصدقاء خلّو تتوهج، باستعادة أيام التصدي للجندرمة. بله اليوم، والغزاة هم من أحفاد الإفرنج، الذين أبعدهم الكرديّ صلاح الدين عن المشرق قبل قرون عديدة. أحاديث أولئك الأصدقاء، المتشابهة في الأيام الأولى للأحداث، ما لبثت أن تحولت إلى خطط مقترحة عما يُمكن فعله لو سقطت دمشق بيد الغزاة.

2
عليكي آغا الكبير، كان قد عاد إلى الشام وهيَ على آخر رمق نتيجة المجاعة والوباء. إذ تم إنقاذها بتوقف الحرب عند وصول العرب والانكليز إليها وطرد الأتراك، بقيَ مجهولاً مصيرُ العديد من المجندين المفقودين. بعض أقارب هؤلاء الأخيرين، زاروا العائد كي يستعلموا منه ما لو يعرف شيئاً عن مصيرهم. وكان منهم امرأة صديقه حمّاد، التي سألته أيضاً عن حمّوكي بما أنه زوج عمة ابنها البكر. هذا الموضوع، أثيرَ مجدداً ولكن على منقلبٍ آخر، مأسوي. عندما مر عليكي آغا الكبير على مضافة الزعيم، وكانت ساعة متأخرة من ليلة حارة من بداية الصيف، وجد طاولة مكتبه مغمورة بالأوراق. رفع الحاج حسن رأسه، مزيحاً نظارته عن عينيه، ليقول بأسى: " أصبح مؤكداً مصيرُ المفقودين، وكانت قيادة الجيش التركيّ قد أخفت المعلومات بشأنهم طالما الحرب مشتعلة ". ثم أردفَ، مسمياً حمّاد وحمّوكي في عداد القتلى.
" حقاً إنني لم أعرف شيئاً عنهما، وذلك منذ افترقنا عن بعضنا البعض عقب فترة قصيرة من التدرب على السلاح في معسكر خارج دمشق على طريق بيروت "، علّق القادمُ بنبرة مشابهة. ثم استدرك، " لكنني في خلال مروري بالقرب من ولاية ماردين، بعدما فك الروس الحصار علينا على أثر الهدنة، سمعتُ أن الريح الأسود أهلك سكان قرى بأكملها في الولاية. ولقد تكتمتُ على الخبر لدى وصولي للشام، مؤملاً في نفسي أنّ من أنجاني من الموت في الحرب يُمكن أن ينجي أخي وأسرته من الوباء "
" ليرحم الله أمواتنا وأموات المسلمين، أجمعين "، عقّبَ الحاجُ متنهداً. وما لبثَ أن ذكرَ، أنه سبق وعهدَ لامرأته أمرَ إبلاغ النعي إلى أهل الفقيد حمّاد: " أما بخصوص المرحوم حمّوكي، فإن صهري أخذ على عاتقه الأمرَ عن طريق ابنتنا "
" متى كان ذلك؟ "
" مساء هذا اليوم "، رد الزعيم. هنا، غمغمَ القريبُ باستغراب وكأنه يحدث نفسه: " منذ المساء، ولم نسمع صوتاً يعبر عن الحزن من كلا البيتين؟ ". ثم انتبه لنفسه، وسأل بصوت مسموع: " هل فكّرتَ، يا حاج، بيوم معيّن لإقامة عزاء الفقيدين؟ ". هز الزعيمُ رأسه، وأجابَ: " غداً بالطبع. لقد أوصيتُ الشيخَ البوطانيّ بإعلان خبر وفاتهما صباحاً من منارة المسجد، وأن يتضمن ذلك ذكر توقيت ومكان العزاء ". أضافَ بعد وهلة صمت، " السيدة نورا هلّو، أبلغت حرمنا أن عزاء كلا الفقيدين سيجري في منزلها غداً بعد الغروب ".

***
في صباح اليوم التالي، لما أذاع مؤذن مسجد سعيد باشا خبرَ الفقيدين، اهتمَ به أهالي الحارة وراحوا يعلقون عليه. هذا على الرغم من أن البعض علموا بالخبر منذ الليلة الماضية، بمرورهم على مضافة الزعيم أو بوساطة أشخاص فعلوا ذلك. سبب الاهتمام، أنه كان أول خبر يتعلق بتأكيد وفاة مفقودين في خلال الحرب. وكان من المنتظر أن يعلن المؤذنُ أسماءَ آخرين من المفقودين في وقتٍ لاحق من النهار نفسه، مثلما نم إلى من اجتمعوا بالزعيم. لو أن الخبر أذيع قبل أشهر، لما لاقى ذلك الاهتمام: الموت تربص بالمدنيين أيضاً في تلك الاونة، وكل واحد منهم كان يعتبر ذاته محظوظاً لو عاشَ إلى الغد. لدرجة أن أعداد من هلكوا نتيجة المجاعة في بلاد الشام، كانت أضعاف أولئك العسكر الذين قتلوا على جبهات الحرب.
أحد المفقودين، ممن لم يُحسبوا على المجندين، وفي الآن نفسه كان مطلوباً للسلطات في حينه، ما لبثَ أن ظهرَ في الحارة وهوَ بقيافةٍ تقليدية مع طبنجة مغروسة وسط حزامه. نقل بصره على المحلات، المتسلسلة على جانبيّ الجادة والفائح منها مختلف روائح الحياة. كان يتذكر محلات الجادة في آخر مرةٍ مر أمامها قبل عام مضى، وكانت مغلقة أو شبه خاوية من البضاعة. كذلك قلة من المارة بدوا لعينيه آنذاك، وقد تجسّمَ القنوط في أعينهم. لكن وجود الكلاب والقطط في الدرب، عدّه وقتئذٍ دليلاً على أن المجاعة لم تصل بعدُ إلى حيّه الكرديّ، المحصور بين الجبل والبساتين المتصلة بالغوطة. لكن الرجل لم يكن وحده في هذا اليوم، النابض بحركة الحياة المباركة: طفلٌ غض العود، كان يمسك بيده وقد شاء المشي على أرضية الجادة، المرصوفة بأحجار الغرزة، مذ لحظة نزوله من العربة المشدودة بالخيل. خلفَ الرجل بخطوات على عادة ذلك الزمن، سارت فاتي وقد أسدلت الخمار الأسود على كامل هيئتها وطوت ذراعيها؛ فبدت مثل غرابٍ على وشك النهوض للتحليق في الجو. على عكس رجلها، المنتصب القامة والمهيب الطلعة بحيث لفت أنظار المارة، كانت هيَ منكسةُ الرأس تجرجرُ قدميها ـ كما لو أنها متعثرة بظلها أو بظل الرجل، السائر أمامها بخيلاء وعظمة.
عودة فاتي إلى الحارة، اتفقت إذاً مع يوم إعلان خبر مقتل أبيها في جبهة الحرب. كذلك كانت حماتها في اليوم السابق قد تذكّرت ابنها البكر، حسّو، بمناسبة الخبر ذاته. وهوَ ذا الابنُ يظهر على حين فجأة، دافعاً بيده البابَ الموارب، متنحنحاً بصوت مسموع بغيَة تنبيه النساء الغريبات إن وجدن في البيت. إذاك وبينما الأم تندفع نحو الابن العائد لتعانقه، كانت عيشو تسوّي منديل رأسها بحركة عفوية. مع معرفتها لشقيق زوجها، إلا أنه لاحَ لعينيها كأنه شخصٌ آخر؛ بجلده البرونزيّ، المحروق بأشعة الشمس وبرد الصقيع معاً، وبملامحه القاسية وشعره الطويل المجعد. كأنما كانت بمواجهة سبعٍ ضارٍ، قياساً لشقيقه العذب الملامح والحضور، الذي ما عتمَ أن أفاق على زغرودة الأم وصيحات سعادتها. كان على الأم أن تضبط عاطفتها، احتراماً لابنتي الفقيد حمّوكي، طالما أنهما تحت سقف بيتها. لكنها كانت تدركُ أنهما كلتاهما أبعد عن مشاعر الحزن والحِداد، وربما أقرب للبهجة والراحة.

3
المغامر، المعروف بكونه قاطع الطريق الأشهر في الشام المطلوب في حينه للسلطات العثمانية، لم يكن من عادته التفاخر بأعماله الجسورة وكانت قد حولته إلى أشبه بأسطورة. لكنه اضطر لقص بعض تلك الأعمال على مسمع شقيقه، عالماً أنها تسره. لأن هذا الأخير حمل السلاح دفاعاً عن قضية، وليسَ لمجرد السلب والنهب والتعطش للدم. متباهياً، إذاً، سرد حسّو بعضَ الوقائع الخاصّة بمواجهته للعسكر التركيّ قبيل انسحابه مدحوراً من الشام. ثم عرّجَ المغامرُ على أحدث معاركه، وكانت هذه المرة في جبل لبنان مع القوات الفرنسية المتمركزة هناك. بدلاً عن التحمّس، علّق خلّو بالقول في نبرة تحذير: " قد يستغل الفرنسيون ذلك، لاتهام الأمير فيصل بأنه وراء الهجمات ضدهم. وربما يحرضون بقية دول الحلفاء على رفض الاعتراف بالحكومة الوطنية، لو أُعلنت في دمشق بعد انعقاد المؤتمر السوريّ الكبير "
" لعلمك، وهذا الخبر يجب ألا يعرف به أحد، أن الأمير هو مَن طلبَ من عصابتنا التحرك إلى جبل لبنان كي ننصب الكمائن للدوريات الفرنسية. وصلني الطلب عبرَ شيخ عربي من القنيطرة، وحمّله الأميرُ أيضاً بالذهب مكافأة لنا "، رد حسّو بينما كان يضع سيجارةً في مبسم دقيق الحجم من خشب الزيتون. قدم الشقيقُ الأصغر شعلةً للسيجارة، قبل أن يعقّب مبتسماً: " لهذا حضرتَ إلى الحارة في وضح النهار، مع أنك محكومٌ غيابياً بالإعدام؟ "
" أخبرني الشيخ بخصوص الحكم، أنه سيلغى ضمن عفو عام بمجرد إعلان الحكومة الوطنية "
"هذا خبر سار، وسيُفرح والدتنا "، قالها خلّو مومئاً برأسه إلى ناحية الأم. وكانت هذه جالسة مع امرأة ابنها الكبير بالقرب من الدرج المفضي لمدخل المنزل، فيما لم تظهر خاني بعدُ. في الأثناء، كانت عيشو في المطبخ تحضّر الغداء وقد تعلّقت صغرى ابنتيها بذيل ثوبها. بعد قليل، قاطعت حديثَ رجلها وشقيقه الكبير بإعلانها أن الغداء جاهزٌ وسيقدم في الإيوان. ثم ما لبثت أن اتجهت إلى حماتها، لتهمس في أذنها: " أننتظر خاني أم نرسل إليها خبراً آخر لتحضر؟ ". أجابت الحماة بنبرة ساخرة: " بل نبدأ نحن بالغداء، لأنها على الأغلب تتناول طعامها عند صديقتها ابنة سنجو ".

***
صحَّ توقع المرأة العجوز، لأن خاني كانت عندئذٍ بالفعل في منزل أولئك الجيران، الفائح منه رائحة الطعام والمكائد في آنٍ معاً. لم تكترث لقدوم شقيقتها الوحيدة، تماماً مثلما كان حالها حينَ أنبأت بخبر تأكّد مقتل أبيهما في الحرب. بيد أنها قبيل انتقالها لبيت آل سنجو، كانت قد اختلست نظرة مليّة من هيئة حسّو؛ مَن كان زوجها بكتابٍ مُلتبس، تم إبطاله من جانب كاتبه نفسه. تلصصت على طليقها، وذلك خِلَل باب مسكنها الداخليّ، المؤدي إلى أرض ديار منزل الأسرة المحسنة. عدم خروجها للسلام على الشقيقة الكبيرة ورجلها، ما كان خجلاً من ذكرى مكللة بالخزي والعار: كانت ما تفتأ على محض كليهما ذات الدرجة من الكراهية والضغينة، مذ لحظة تخليهما عنها وكان بمقدورهما اصطحابها إلى حيث مركز عصابة قطاع الطرق، الكائنة في مكانٍ ما من بر الشام.
في نهار اليوم التالي، كانت خاني تسترق النظر من وراء الباب الموارب، لما حضر أحد الضيوف لتحية حسّو. لأول مرة ترى هذا الشاب الأشقر، الوسيم الملامح، والمتسم أيضاً بالحياء. سمعتهم يدعونه باسمه المختصر، آكو، لكن ذلك لم يخرجها من جهلها بشخصيته. الفضول، فضلاً عن شعور خفيّ بالإعجاب، دفعها للذهاب إلى حَني علّ هذه تجلو لها ماهيّة الشاب الأشقر. لم تكد تحدث صديقتها عنه، لتطلب منها أن تكمن وراء باب الدار كي تتعرّف عليه، إلا وهذه ترد ضاحكةً: " آكو؟ أعرفه دونما حاجة لرؤيته مجدداً، لأن قصته ترددت على كل لسان قبل بضعة أشهر "
" وما هيَ قصته؟ فأنتِ لم يسبق أن كلمتني شيئاً عن شخص اسمه آكو؟ "
" ها أنتِ تسألينني الآنَ، وسأجيبك بما أعرفه "، أجابت حَني. ثم تكلمت بإيجاز عن أسرة الرجل، رحيلها عن الشام إلى موطن الأسلاف، وكيفَ هلكت كلها بوباء الريح الأسود في فترة الحرب ما عداه هوَ وشقيقة تصغره سناً.
" كأنني انتبهت لصوت امرأة غريبة في أثناء حضوره للمنزل؛ أتكون هيَ شقيقته؟ "
" بل إنها زوجته، واسمها عزيزة، وهيَ امرأة ريفية لم تنجب له بعد "، قالتها المضيفة مبتسمة وعيناها تلمعان مكراً. في المقابل، خمد بريقُ الاهتمام والحماس في عينيّ الضيفة. قالت كأنما تحدث نفسها: " كنتُ أشك بأنه متزوج، لأنه على شيء من الحياء مع كون سنّه فوق الثلاثين مثلما يبدو "
" وهل الرجل الأعزب يتمتع بالحياء بالضرورة، يا بلهاء؟ "، تساءلت حَني ضاحكةً. ثم استدركت غامزةً بعينها: " اللهم إلا لو أنّ حكمك هذا أوحى به ابن عمي، نورو! ". لم يبدُ المرح على ملامح خاني، بل بقيت كأنها ما تنفكّ مستغرقة في التفكير.

4
امتنعت خاني عن المجيء لرؤية شقيقتها الوحيدة، معتقدةً أنها لن تراها من بعد سوى في مناسبة طارئة. لكن الأمر لم يكن كذلك. فاتي، التي سجّلت فيما مضى انتصارها على الضرة السابقة، جاءت إلى منزل أسرة الزوج كي تبقى فيه مع ابنها. في ثالث أيام وجودها في الدار، وعقبَ مغادرة رجلها إلى مقر عصابته في أعالي وادي بردى، تولت هيَ شخصياً تقديم قصعة الغداء لشقيقتها. لما سمعت خاني ظهراً الطرقَ على باب مسكنها الداخليّ، ظنت أنها عيشو. ما أن فتحت البابَ إلا وشقيقتها تقفُ وبيدها القصعة، يشع من سحنتها بريقُ الشماتة والتشفّي. بعيد نطقها عبارةً بذيئة، صفقت خاني البابَ بسرعة وقوة حتى أن كلبَ الدار نبحَ على الأثر.
" ما هذا منك، هداكِ الله؟ "، خاطبت عيشو المرأة المعتبرة بمثابة العديل لها. وكانت الأخيرة قد دخلت المطبخ وتناولت القصعة، بمجرد فهمها أنها مخصصة لشقيقتها اللدودة. عادت القصعة محمولةً هذه المرة باليد الحنونة، وباليد الأخرى طرقت على الباب. إلا أن عيشو بقيت واقفةً برهة، دونَ أن يُفتح الباب. بعدئذٍ تناهى لسمعها صوتُ صفق الباب الآخر للمسكن، المفضي إلى الجادة. أدركت عيشو عند ذلك أن المرأة الملولة، المجروحة الكرامة، توجهت على الأرجح إلى صديقتها الوحيدة. آنذاك، كانت الحماة تصلي في الإيوان. لم تشأ قطع صلتها بخالق السموات والأرض من أجل فصلٍ سخيف بين امرأتين من أعوان الشيطان ـ كما دأبت على النظر إلى كلتا الشقيقتين، برغم أنها قبلت على مضض وجودهما تحت سقف دارها.

***
" إلى متى ستتحملين حياةَ الذل في ذلك المنزل، يا بلهاء، وعندك هنا من على استعداد لفرش الياسمين تحت قدميكِ؟ "، خاطبت حَني صديقتها بنبرة شديدة زادت من نشيجها. ردت خاني بعد وهلة صمت، فيما تجفف عينيها وفمها بمنديل قماشيّ: " تتكلمين عن ابن عمك، وكأنك تبغين عالةً أخرى في بيتك؟ "
" لكن نورو سيتطوع قريباً بالدرك، فيكون لديه راتبٌ ثابت علاوة على أن هذا بيت أبيه "
" إذاً ننتظر لحين قبوله في الدرك، وبعد ذلك لكل حادث حديث "، قاطعتها خاني وقد أشرق وجهها. علّقت الأخرى وهيَ تهز رأسها، علامة على الموافقة: " طبعاً الرجل غير مستعجل، والأفضل في خلال الوقت أن تواصلا فهم بعضكما البعض ". ابتسمت خاني، متكلفةً شعورَ الخجل؛ هيَ مَن كانت في الأمس القريب تحدث صديقتها عن تولهها بابن آل حاج حسين، آكو!

***
غبَّ عودة خاني إلى مسكنها، ندهت عليها المرأة المحسنة من وراء الباب: " أخرجي إليّ، لأنني أود التكلم معك ". هناك في الإيوان، جلستا وحيدتين إلا من وجود الكلب على مقربة والسلسلة الحديدية مربوطة برقبته كي تمنعه من الحركة. لكنه كان يعبّر بين فينة وأخرى عن احتجاجه، فيقابل تارةً بالنهر من لدُن صاحبته أو تارة أخرى بقذفها فردة الحذاء المنزليّ في اتجاهه. توجهت نحو عشيقة ابنها السابقة، لتحدثها عن ضرورة مراعاة حقوق صلة الرحم. ثم انتهت للقول بلهجة صارمة: " شقيقتك ستقيم لدينا مع طفلها، ولا أريد أية مشاكل بينكما. جاءت إليك اليومَ بطعام الغداء، وكان عليكِ أن تتناوليه منها وتشكريها بغض الطرف عن نيّتها. لأن الله وحده له الحق بمحاسبة البشر على نواياهم، أليسَ صحيحاً؟ "
" بلى، معك حق "، قالت خاني. ثم استدركت: " مع ذلك، أفضّل من هذا اليوم أن يأتيني الطعام من عند صديقتي حَني ". هنا، خرجت المرأة العجوز عن طورها وصاحت: " إذاً لم لا تبقين لديها بشكل دائم، بالأخص وأنك تقضين جل الوقت في دارها؟ "
" هذا ما كنتُ سأفعله حقاً، إنما في وقتٍ قريب لما يُعقد قراني على ابن عمها نورو "، أجابت خاني بطريقةٍ أقرب للقحّة. ثم أضافت بنفس نبرة التحدي: " أما الآن، فإنني أفضّل الانتقال لمنزلهم في الحال على أن يُساء لكرامتي في منزلكم. غير أنني لن أنسى فضلك بالذات "
" مع ألف سلامة "، أوقفت العجوز كلامها وما لبثت أن التفتت إلى الناحية الأخرى من الإيوان. في نفس الساعة، غادرت خاني المسكن، لتحل فيه على الأثر شقيقتها مع الطفل؛ وذلك بأمر الحماة أيضاً. مساءً، قبل ذهاب خلّو إلى عمله، طلبت منه والدته أن ينزع قفل باب مسكن امرأة أخيه، المطل على الجادة. هكذا ضمنت العجوزُ ألا تكرر فاتي مسلك شقيقتها، وأن تبقى في مجال عينيها طيلة النهار.

5
خلّو، لم يكن مرتاحاً لوجود امرأة الأخ بين ظهرانيه. لكن مع مرور الأيام، بلا أي شكوى من مسلكها سواءً من الأم أو امرأته، ما عاد يتذكّر سببَ عدم ارتياحه. من ناحية الشقيقة الأخرى، كان موقفه على شيء من التناقض. إذ عبّرَ للأم منذ اليوم الأول عن عدم رضاه على تسرعها بطرد خاني، قائلاً أن أيّ كلام سيصدر مستقبلاً يمس سمعتها من الممكن أن يخدش سمعتهم أيضاً. وكان رد الأم صاعقاً: " يا بني، الرجال آخر مَن يعرفون حقيقة ما يجري في بيوتهم! "، ثم عادت فأوضحت مع ملاحظتها جحوظ عينيه استنكاراً: " أنا لم أشأ إخبارك في خلال المدة الماضية بتصرفات خاني، الخرقاء والطائشة. إنها باتت ضيفة دائمة على منزل مشبوه السمعة، وأعني منزل آل سنجو. لم أسمح حتى لعيشو أن تنبهك لذلك؛ لماذا؟ لأننا مسلمون، والرسول أوصى بالتستر على المعاصي "
" لكنك قلتِ أن خاني أضحت فعلاً خطيبة لابنهم نورو، ما يعني أن أيّ شبهة تنفى عن مسلكها؟ "، تساءل الابن وكان وجهه ما زال محتقناً بالسخط والخجل معاً. هزت الأم رأسها عدة مرات، قبل أن تجيب بنبرتها الساخرة: " إذاً سندعها وشأنها حيثما أرادت أن تحل، وجنايتها تتحملها لوحدها لو أنّ حكاية الخطبة كان لها مرمى آخر غير الزواج ". بدَوره، هز خلّو رأسه. لكنه امتنع عن التعليق، وما لبثَ أن غادر المنزل في طريقه إلى البستان. ثم مرت الأيام على حكاية الخطبة، أيضاً. وكان على خلّو ألا يتذكّرها، طالما أنّ الرجال هم آخر مَن يعلمون حقيقة ما يجري في بيوتهم؛ بله في بيوت الآخرين!

***
في حقيقة الحال، أن قرار الحماة بعزل النزيلة الجديدة في حجرة شقيقتها خاني، إنما يرجع لوسوستها قبل كل شيء. لقد خشيت أن تجلب فاتي القملَ إلى الدار، هيَ مَن تنقلت مع رجلها وطفلهما بين الجبال والبراري، تارة تنام في كهف وتارة أخرى تحت شجرة، وقلما عرفَ جسدها الماء. لكن الكنّة الأخرى كانت عملية أكثر، إذ ذكّرت الحماة بوصفات قريبتها، أرملة العم أوسمان، وأنها وحدها قادرة على قهر الحشرات الطفيلية وإلا ستغزو المنزل جميعاً. ذلك جرى في اليوم التالي لقرار إبعاد خاني، ولم يكن أحد في المنزل قد شكت مرةً من هكذا حشرات. كون الجو صيفاً، وخلّو يقضي الليل في مناوبته بالبستان، كانت امرأة أخيه تنام مع ابنها في الإيوان.
توجهت عيشو عصر ذلك اليوم إلى منزل المرحوم أوسمان، وكانت برفقة ابنتها الكبيرة ذات الأعوام الخمسة. الابنة، كانت تتلقى تعليمها لدى الخوجة لمدة أربع ساعات نهار كل يوم باستثناء الجمعة. والدها، هوَ من تعهّدَ أمر مرافقتها في الذهاب ثم تأتي بها الجدّة إلى المنزل. وصلت عيشو إلى المنزل، المتوسط موقعه تقريباً زقاقَ الآله رشية، فوجدت سيارة سوداء اللون واقفةً على طرفه الأيسر بالقرب من الباب الرئيس. قالت لابنتها بنبرة أقرب للزهو: " إنها سيارة ابن عمي صالح، وسنركبها في مرةٍ قادمة حينَ يقترب وقتُ العيد كي نشتري ملابس جديدة من سوق الحميدية ". الابنة، ربما كانت أول مرة تسمع باسم سوقٍ غير ذلك، المتصل بين الحي والصالحية؛ أي سوق الجمعة. كثر من بنات جيلها في هذا الجزء من الحي، كن يعتقدن أن " الشام " هيَ مدينة لا يمكن الذهاب إليها، وإنما فقط مشاهدتها من بعيد سواءً في النهار أو الليل!

***
فتحَ لها البابَ حاجي، الابن البكر لشملكان. رحبَ بالأم، ثم رفع الابنةَ دفعةً واحدة إلى فوق، فتركها تسبح في الهواء لحظةً قبل أن تسقط بين يديه القويتين وهيَ تصرخ بجذل مع شيء من الذعر. فكّرت عيشو عندئذٍ بأسف وباللغة العربية، التي اكتسبتها من معاشرة الجدة: " صدق المثل، حين يقول أن الإسكافي حافي! ". كانت تعني، أن شملكان خدمت عُمراً أقاربها وجيرانها بوصفاتها الناجعة، دونَ أن تتمكن في المقابل من شفاء الابن الأقرب للبله. لكن الضيفة استدركت، تخاطبُ داخلها بالكردية هذه المرة: " يقال أن أباه كان سبب حالته، لأنه رجع لمعاقرة الخمر عقبَ حجّه ومنّ الله عليه بالخلف وكانت شملكان في حُكم العاقر قبل ذلك ".
وهيَ ذي صاحبة البيت، تُهرع لاستقبال قريبتها وقد ظهرت عاصبةً رأسها بمنديل. لما اطمأنت عيشو عليها، قالت هذه بصوتٍ مكسور: " كيفَ ستكون صحتي جيدة، ولديّ مثل هؤلاء الأبناء؟ ". ثم أوضحت بالقول: " صاحب السيارة، وعلى أساس العاقل فيهم، يضيع ماله على السهر في الملاهي ومعاشرة بنات الهوى. الابنة، لسانها سليط وطبعها لئيم وصعبة المعاشرة. أما حاجي، شفاه الله، فلا حاجة للكلام عنه "
" الله أيضاً سيُهدي الابنَ الآخر إلى سواء السبيل، وذلك حينَ تجدين له البنت المناسبة "، قالتها عيشو مواسيةً. دعت شملكان ضيفتها للجلوس في الإيوان، ثم عقّبت بعدئذٍ على كلامها، ناسيةً أنها ابنة الزعيم: " كانت الفتاة المناسبة موجودة في هذا البيت، ولم يكن لجمالها مثيل في الحارة. لكن سامحَ اللهُ مَن كان سبباً في إبعاد أسرتها عن الشام، وإلا لكانت اليوم حيّةً بعدُ وزوجةً لابني صالح ". ما أن أنهت جملتها، حتى انتبهت إلى نفسها. ربتت على يد الضيفة، معتذرةً عما بدر منها بحق والدها. ضحكت عيشو، وكانت كأمها تأخذ على الحاج حسن طبيعته العنيدة والمحافظة. ثم ما لبثت أن رفعت يدَ من تعدها امرأة العم، فقبلتها بمحبة واحترام: " لا يمكن لأحد أن يستاء منك، أم صالح، لأنك أطيب الناس قلباً وأكثرهم حباً للناس ".
كذلك كان همّ السيدة شملكان، بخصوص الابن الذي حملت اسمه برغم أنه ليسَ بكرها. ما لم تتوقعه، بطبيعة الحال، أن شقيقة تلك الفتاة، الراحلة، ستعود إلى الشام في قادم الأعوام كي ترتبط بالابن نفسه وكان إذاك متزوجاً..

* الفصل السابع/ الكتاب الرابع، من سيرة سلالية ـ روائية، بعنوان " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن عائشة: بقية الفصل السادس
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل السادس
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الخامس
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 2
- حديث عن عائشة: الفصل الخامس/ 1
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 5
- حديث عن عائشة: الفصل الرابع/ 4
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الرابع
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثالث
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثالث
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الثاني
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الثاني
- حديث عن عائشة: بقية الفصل الأول
- حديث عن عائشة: مستهل الفصل الأول
- سارة في توراة السفح: الخاتمة
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع عشر/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع عشر/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع عشر/ 3
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل الرابع عشر
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل الثالث عشر


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حديث عن عائشة: الفصل السابع