|
ليس باستراتيجية عنف التيار الصدري يمكن العبور بالعراق الى بر الامان
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 6485 - 2020 / 2 / 7 - 09:47
المحور:
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
تشير تجربة استقلال العرب بحكم انفسهم ، بعيد الحرب العالمية الثانية ، الى ان كل الذين حكومهم بقسوة شديدة : كانوا بلا مواهب سياسية حقيقية ، ولا يوجد بينهم من كان متسامحاً وذا عقل غير مغلق على محليته وطائفته ولهجة قبيلته او مدينته . والى الوقت الذي انفجرت فيه ثورات الربيع العربي عام ٢٠١١ : كان طغاة العرب قد استكملوا بناء المؤسسات الامنية لانظمتهم السياسية ، ولكنهم فشلوا في بناء أية مؤسسة سياسية وطنية متكاملة كمؤسستي الدستور والبرلمان ، أو أية مؤسسة قادرة على حماية حريات مواطنيهم ، واطلاق العنان لخيالهم ومواهبهم …
وعبر تاريخ العراق الحديث ( تأسست دولته على يد البريطانيين عام ١٩٢١ ) كان حكام العراق اشد قسوة وأقل رحمة : اذ كلما اشتد تلاقي المصالح وتشابكها الاقتصادي بين الداخل والخارج ، كلما اشتدت ضغط الحاكم على الحركة الوطنية التي بدأت بالتشكل ، خاصة في خمسينيات القرن المنصرم الذي بلغ التشابك بين الاقتصادين الداخلي والعالمي ذروته بعد رفع كمية تصدير النفط وارتفاع اسعاره نسبياً …
ولم تجد الازمة المتصاعدة بين الداخل الوطني والخارج حلاً لها الا على يد الجيش العراقي الذي تحرك لتغيير نظام الحكم في ١٤ تموز ، لقد انجز الجيش الكثير على المستوى الوطني كالاصلاح الزراعي ومجانية التعليم والقرار رقم : ٨٠ ، الا ان الجيش في العراق وفي سواه من الاقطار العربية قد فتح باباً للانقلابات العسكرية لم يقفل لحد الان ( من حركة جمال عام ١٩٥٢ الى الثورة السودانية ٢٠١٩ والتي لم تسلم من تدخل العسكر وحصر السيادة بين يديه ) . كان مشهد العنف ايام حكم حركة الضباط الاحرار بقيادة عبد الكريم قاسم صارخاً ، خاصة في المدن المختلطة دينياً وقومياً كالموصل وكركوك ، بما يشير الى ان الحاكم العسكري الجديد لم يستطع تثوير علاقة المواطنين بين بعضهم البعض اجتماعياً وثقافياً ، وفيما بينهم وبين الدولة والارتفاع بها الى مستوى علاقة المواطنة : وهي المسألة التي طلت بلا حل ، فأثرت بقوة على تماسك المجتمع واكلت من لحمته بعد الانقلاب الفاشستي في ١٩٦٣ وما تلاه من انقلابات عسكرية …
الحكم الذي تلا حرب التغيير والاحتلال عام ٢٠٠٣ : مشوه بنيوياً ومتناقض على مستوى خطابه السياسي وشعاراته ، فالمرحلة التي تم الاعلان عن ولادتها : مرحلة الديمقراطية والفيدرالية والمواطنة ، ولكنها على المستوى العملي تفتقد لادوات التنفيذ المناسبة : فليس بالمقدس الديني يمكن ارساء اسس نظام سياسي لم يوجد نفسه في الغرب الا بعد حرب طويلة اجتماعية وثقافية ضد المقدس تحديداً . لقد دخل العراق بعد ٢٠٠٣ في نفق ، لم تستطع اطرافه وليس بامكانها اخراجه منه …
في الحالات الشبيهة بالحالة العراقية يتم عادة صبغ الاطار الخارجي لما يجري بدهان : التوافق أو الديمقراطية التوافقية ، ولكن مسار تطور الاحداث في العراق مزق هذه الصباغة البائسة فتجلى المشهد على حقيقته عنفاً متواصلاً وحرباً الاهلية مضروب عليها ستاراً من الصمت ، لقد انهدمت مع مجزرة النجف آخر الاعمدة التي كان يروج لها البعض من الرومانسيين والحالمين : بان رمزها وزعيمها مقتدى الصدر سائر الى تحقيق خلاص العراق …
ومقتدى الصدر الذي استلم مقاليد البلاد بقوة التواثي وسكاكين وبنادق تياره المصبوغ بالازرق : لا يختلف في قسوته على العراقيين عمن سبقوه من الحكام العراقيين والعرب : فهو مثلهم متواضع الموهبة ولا يتصف بالحلم وبالحكمة المطلوبة ، وخصوصيته بينهم انه يستلم اوامره من قوة محلية وليس من قوة كبرى كامريكا على عادة الحكام العرب المعروفة : في اشارة واضحة الى اان التنطيمات الاسلامية والميليشياوية منها بالذات تعتمد ضيق الافق الطائفي في ادارة الشؤون العامة …
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ينقذ الثورة تشكيل كيان سياسي
-
دعوة الصدر الى مظاهرة مليونية : انتحار حضاري
-
مقتدى الصدر مرة اخرى
-
مقتدى الصدر إنموذجاً
-
خطاب الرئيس الامريكي : اعلان عن ولادة حرب باردة مع ايران
-
عن جلسة البرلمان العراقي لهذا اليوم
-
كيف سيكون شكل الرد الايراني
-
انا من يخاطب نفسه
-
الثبات المبدأي لثوار العراق
-
الملثمون او قتلة الثوار
-
لا حوار ولا تفاوض مع العالم القديم
-
هل استقال عبد المهدي ؟
-
مذبحة الناصرية
-
عن اليسار العربي
-
ما اليسار ؟
-
وجه المناورة القبيح
-
تمردوا
-
الدرس الخامس : سقوط منهج في الحكم
-
الدرس الرابع من دروس الثورة العراقية : جمعة القتل والأرهاب
-
الدرس الثالث من دروس الثورة العراقية : درس مظاهرات اليوم
المزيد.....
-
صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة
...
-
صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
-
وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية
...
-
-بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب
...
-
قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا
...
-
بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في
...
-
وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية
...
-
هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
-
غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر
...
-
أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة
المزيد.....
-
ثورة تشرين الشبابية العراقية: جذورها والى أين؟
/ رياض عبد
-
تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى
/ سعيد صلاح الدين النشائى
-
كَيْف نُقَوِّي اليَسَار؟
/ عبد الرحمان النوضة
-
انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعر
...
/ كاظم حبيب
-
لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم
/ كميل داغر
-
الجيش قوة منظمة بيد الرأسماليين لإخماد الحراك الشعبي، والإجه
...
/ طه محمد فاضل
المزيد.....
|