الآمازيغ قبل آدم ؟

مهدي فضلان

الحوار المتمدن-العدد: 6483 - 2020 / 2 / 5 - 09:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

إن هذا التساؤل يضع صاحبه في إلتباس و تختلط عليه الأمور ،لأنك بكل بساطة تقرن بين أمرين مختلفين لا يمكن الجمع بينهما بأي شكل من الأشكال.

هناك فكرتان مهمتان ألا وهما "آدم"،و"الآمازيغ"وهتان الفكرتان تحتاج كل منهما للتفصيل و الشرح .

آدم :
شخصية دينية أسطورية ،ظهرت في مجموعة محددة من الأديان وهي الأديان الإبراهيميةو لم تظهر في كل الأديان،كما أنها فكرة بسيطة جدا وهي أنه لابد في وقت من الأوقات أن وٌجد رجل و امرأة أب وأم كل البشر ،فهذه الفكرة هي فكرة فنتازية إلى حد ما وتفتقر لكل مقومات التفكير العقلي الذي يستند للعلم،كما أنها متناقضة تماما مع العلم فلا يمكن أن يتزوج ذكر وأنثى و لهما نفس الحمض النووي(لان الاسطورة تقول أن حواء من ضلع آدم فلهما نفس الآ دي آن )كما أنها تتعارض تماما مع نظرية التطور المثبة علميا و التي تدرسها كثير من جامعات المرموقة لا بل هناك جامعات متخصصة في التطور ،فالتطور أصبح ركيزة من ركائز علم الأحياء البيولوجيا،فعلميا فكرة آدم خاطئة.

الآمازيغ :

الآمازيغ بشرمن نوع البشر الوحيد المتبقي هومو سابيان سابيان فكل البشر الموجودين حاليا هم من هذا العرق الذي ظهر منذ حوالي 200 إلى 300 ألف سنة ،وكل كائن شبه بشري هو في الحقيقة نوع آخر ومن هؤلاء الهومو سابيان نياندرتال و الهومو اريكتيس و الهومو ارغاستر و انسان جاوة(نوع من الهومو ايريكتيس) وهومو هايدلبرغانسيسوغيرها من أنواع البشر التي اكتشفناها و أعطيناها اسماءا انطلاقا من مورفولوجيتها وطريقة عيشها و حجم جمجمتها و عوامل أخرى،أما الآمازيغ فهم بشر عاديون أي أن أسلاف الآمازيغ ظهروا منذ 300 ألف سنة ،أما الآمازيغ أنفسهم فإن ظهورهم قد لا يتجاوز ال20 إلى 50 ألف سنة ، وهذان الرقمان كل منهما كبير جدا مقارنة بالأعراق الموجودة حاليا.

كيف نحل الأحجية ؟

الجملة نفسها تحتوي على مغالطات منطقية كبيرة !

الأمازيغ جاؤوا قبل آدم

الآمازيغ عرق من الهومو سابيان نعرفهم ،بل نحن سكان الجزائر و المغرب و ليبيا أغلبنا منهم ،أما آدم فهو شخصية لا دليل علمي على وجودها و تقدرها المصادر الدينية (الاسلام المسيحية اليهودية) على أنها لا تتجاوز 10 آلاف سنة،فكيف نقرن هذا بذاك ؟

هل يمكن القول مثلا أن البوكيمون أسرع من الحجاج بن يوسف الثقفي !!!!؟

ما علاقة هذا بذاك ؟

سأعطيكم مثالا على معلومة غير منطقية.

لقد كان آدم عربيا !؟

أولا آدم ان كان موجودا فهو أبو البشر، و العرب نوع من هؤلاء البشر، ظهر بعد آدم بقرون و قرون فكيف يكون هو عربي ؟

نفس المغالطات المنطقية موجودة في بعض الأفكار مثل : الطفل البالغ !

من أكبر ثروة ربراب أم عدد سكان تونس !

و من أشهر هذه المغالطات اللغوية مغالطة حلاق القرية وهذه المغالطة تحتاج لتركيز سأكتبها و حاولوا حلها

(لنفترض وجود قرية فيها حلاق اسمه "جيلو"، هذا الحلاق نعرّفه كما يلي : هو الحلاق الوحيد الذي يحلق للذين لا يحلقون لأنفسهم فقط ) ؟

السؤال هو من في القرية يحلق لجيلو ؟

بعض الأفكار تحتوي مغالطات منطقية، في المدرسة تعلمنا أن الجملة الاستفهامية لا يمكن أن تكون خاطئة و هذا غير صحيح فالسؤال يمكن أن يعطي فكرة بالتالي يمكن أن تكون خاطئة

أجب على السؤال التالي :

من فاز بكأس العالم سنة 1998 إيطاليا أم البرازيل ؟

الجواب هو لا هذه و لا تلك، فالسؤال ليس دائما منزه عن النقد

نعود لموضوع الآمازيغ

أولا هناك وجهتا نظر الأولى هي الدين وفي الدين المتعارف عليه (سنة شيعة) فآدم أبو البشر ولم يوجد قبله بشر ،هذا ما يقوله أغلب رجال الدين.

ثانيا العلم :
العلم لا يؤمن بوجود آدم بل يثبت عدم وجوده لأن البشر متصلون بالحيوانات بل علميا البشر حيوانات فكل أنواع البشر من الهومو سابيان سابيان أي الانسان و النياندرتال و وصولا لهومو اوسترالوبيثكس من فصيلة القردة الافريقية ، الهومو و الشمبنزي و البونوبو و الغوريلا كلهم ينتمون للقردة الإفريقية ، فمن هو آدم هنا ؟

ثالثا التوفيقيون
نظرا لأن العلم يثبت بالدليل العقلي المادي صحته و نظرا لأن الدين متناقض تماما مع العلم فقد ظهر بعض المؤولة الذين يريدون تأويل الآيات القرآنية و الأحاديث و يستخدمون الأحاديث الضعيفة كي يثبتوا أن الإسلام أكد على أنه يوجد بشر قبل آدمو هؤلاء توفيقيون لأنهم بكلامهم هذا أرادوا التوفيق بين العلم و الدين ومنهم نجد عدنان ابراهيم و شحرور،ولنفهم هؤلاء علينا فهم منهجهم ،عدنان ابراهيم منهجه هو كالتالي ( كل ما هو حسن و مقبول علميا من التراث الاسلامي فهو صحيح و كل ما هو غير ذلك فهو موضوع اي مكذوب) أما شحرور فيعطي لكل كلمة معنى و لكل مرادف لها معنى آخر فالمدينة ليست القرية و النبي ليس الرسول و القران ليس الكتاب ،ومن هؤلاء شخص اختار الطريق نفسه لكنه من الجهة الأخرى وهو العالم الجزائري نضال قسوم ،و الذي أعتبره سبب استفاقتي من الأساطير و الخرافات، نضال من موقعه كعالم يريد هو الآخر التوفيق بين العلم و الدين عن طريق التأويل بينهما و ربما يكون في قرارة نفسه غير مؤمن تماما بتلك الأفكار إلا أنه يريد تحبيب جمهور المسلمين في العلوم الحديثة بدل صعقهم بحقيقة تناقض دينهم مع العلم.

إن حل هذه المعضلة يكون عبر اتخاذ وجهة نظر واحدة فلو كانت دينية فعندها الآمازيغ بشر عاقلون مكلفون أي أبناء آدم و إلا لما كانوا مكلفين أصلا بالتالي ليسوا قبله.

أما وجهة النظر العلمية فتقول أن الآمازيغ ليسوا قبل ولا بعد آدم إذ لا وجود لآدم .

أما من وجهة نظر التوفيقيين فهذه تحتاج لقعدة و تركيز .

أولا كل التوفيقيين بين العلم و الدين الاسلامي أكدوا على أن آدم هو أبوا الهومو سابيان و أن أول هومو سابيان عاقل هو آدم (وهو ما يتعارض تماما مع قصة الخلق و الجنة و زواج المحارم روح معليش) بالتالي فإن أشباه البشر الذين اثبتتهم الاكتشافات لهم مكان عند هؤلاء، و لكن يا ترى؟ في الاسلام تحدثوا دائما عن أن المعني بالتكليف هم بنوا آدم فهل هذا يعني يا أسماء أن الآمازيغ ليسوا كذلك ؟؟؟؟راكي درتي مشكل كبير مع الدين.

كذلك لو اعتبرنا على حد قولك أن الامازيغ ليسوا هوموا سابيان سابيان كما تقولين فهل هذا يعني أنه يوجد نوعان من البشر في العالم ؟ هومو سابيان سابيان و آمازيغ ؟ راكي زدتي درتي مشكل آخر مع العلم.

هنا نجد أنك إما ارتكبتي خطأ علميا فادحا أو اكتشفتي اكتشافا علميا لا تستحقين عليه أقل من جائزة نوبل لقد اكتشفتي وجود نوعا ثاني من البشر.

و لو افترضنا أن أسماء لا تقول أن آدم هو أبو الهومو سابيان سابيان فمن هو آدم أسماء حنبلي ؟؟

ليس أبو الهومو سابيان ليس أبو البشر مالا شكون ؟؟

علاش فالقرآن يخاطب بني آدم ؟

الطريقة الوحيدة لحل كل هذه المفارقات المنطقية هي اعتماد العلم وحده وعدم خلط العلم بالآساطير فلا يمكن التحدث عن العلم و ادخال ثور ومطرقته أو قصص هوميروس و غير ذلك من خرافات الشعوب.

لنتكلم علم و قبل اكمال هذا المقال أود شرح أكبر خطأ وقعت فيه أسماء حنبلي.

لقد اعتبرت كل ساكن لشمال افريقيا أمازيغيا انشاله في عمره 5 ملايين سنة.

الأمازيغ عرق بشري و ليسوا سكان منطقة الأمازيغ لو ذهبوا ليعيشو في شبه الجزيرة العربية و لم يختلطوا بغيرهم سيبقون آمازيغ.

عندما نجد بقايا بشر تعود لفترة قبل الهومو سابيان لا نسميهم آمازيغ يا أسماء بل نسميهم حسب نوعهم هومو ارغاستر أو هابيليس أو أي نوع ينتمون اليه أو يتم وضع تسمية جديدة ان كان نوعا جديدا مكتشفا لتوه.

عندما نجد شخصا عاش في فرنسا منذ مليون سنة لا نقول أنه فرنسي.

#مهدي_فضلان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات