أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جميل السلحوت - بدون مؤاخذة- جاهليتنا المستمرّة














المزيد.....

بدون مؤاخذة- جاهليتنا المستمرّة


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 6481 - 2020 / 2 / 3 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا عدنا للتّاريخ العربيّ قبل الإسلام سنجد أنّ العرب عاشوا كقبائل متناحرة، قد تربط بعضها تحالفات قبليّة لا تلبث أن تتلاشى أمام أسباب واهية، وقد أقرّت القبائل جميعها "بالشّرف" لقريش؛ لأنّها كانت تقوم على خدمة الكعبة وما يحيط بها من أصنام يحجّون إليها. لكنّ السّيادة في القبيلة كانت لشيخها الذي لا يجوز الخروج عليه. وإذا ما خضع الغساسنة لامبراطوريّة فارس، فإنّ المناذرة خضعوا للإمبراطوريّة الرّوم. وقد كان شعراء كل قبيلة هم النّاطقون باسمها والمتغنّون بأمجاد وغزوات شيخها وبطولات فرسانها وأبنائها الذّكور، لذا جاء في معلقة عمرو بن كلثوم:
إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر ساجدينا
وعندما جاء الإسلام فإنّ أوّل من وقفوا ضدّ الرّسالة الجديدة فإنّ وضدّ خاتم النبيّين هم قبيلته قريش، مع أنّه سليل بني هاشم سادة القبيلة، وقاتلوه وفتكوا بصحبه حتّى أجبروه على الهجرة من مكة إلى المدينة، وعندما انتشر الدّين الجديد واشتدّت شوكته دخل الكثيرون منهم الإسلام خوفا لا قناعة، وبدأت تترسّخ الدّولة الجديدة التي توحّدت القبائل تحت رايتها، لكنّ البعض منهم ارتدّ عن الدّين بعد وفاة الرّسول صلى اله عليه وسلّم، ولم يخضعوا مرّة ثانية إلا بالقوّة، لكنّهم قتلوا الخلفاء الثّاني والثّالث والرّابع في صراع على السّلطة، وعندما جاء معاوية مؤسّس الدّولة الأمويّة، اعتمد في تثبيت أركان حكمه على العصبيّة القبليّة فرفع قميص عثمان مطالبا بالثّأر. لكن الاقتتال الدّاخليّ لم يتوقف، حتّى أنّ الحجّاج قذف الكعبة بالمنجنيق وهدمها على رؤوس الصّحابة، وهاجم المدينة واستباح نساءها، وعندما انهارت الدّولة الأمويّة وجاء العبّاسيّون، يذكر المؤرّخون أنّ أبا عبدالله السّفّاح قد قتل مئة ألف مسلم في ليلة واحدة. وكلّ القتلة في الصّراع على السّلطة كانوا يبرّرون جرائمهم بأنّهم على حقّ. حتّو وجدنا من يفتي بأنّ القتلى شهداء ولا إثم على القتلة لأنّ الطرفين قاتلا وكلّ منهما يعتبر نفسه على حق!
وإذا انتقلنا إلى عصرنا الحاليّ ونشوء الدّول العربيّة "الحديثة" -حسب تقسيمات الغزاة المستعمرين للمنطقة، خصوصا بعد الحرب العالميّة الأولى، والتي تبلورت بشكل واضح المعالم بعد الحرب العالميّة الثّانية وظهور ما يسمّى بالدّول العربيّة "المستقلّة". فهل قامت فعلا دولة عربيّة واحدة بمفهوم الدّولة الحديثة؟ وهل يوجد دولة عربيّة مدنيّة يحكمها القانون؟
وإذا ما انتبهنا للعالم المعاصر ودوله، فإنّنا سنجد دولنا العربيّة امتدادا لما كان عليه العرب قبل الإسلام، لكن بطريقة تواكب تطوّر الحياة، فالحكم لا يزال يخضع لتحالفات عشائريّة هي أبعد ما تكون عن الدّولة المدنيّة الحديثة، ولا تزال تحكمنا ثقافة الصّحراء الوحشية كما وصفها ابن خلدون في المقدّمة، وحتّى الأحزاب والقوى التي تزعم أنّها طلائعيّة تقوم هي الأخرى على أسس عائليّة وعشائريّة، وحتّى أحزاب الإسلام السّياسي هي الأخرى تسير على النّهج العشائري والقبليّ، والشّعوب أيضا ثقافتها المترسّخة قائمة على العشائريّة، فعلى سبيل المثال استطاع حزب إسلاميّ تجنيد العشائر في فلسطين مؤخّرا ضد اتّفاقيّة "سيداو"، لكنّه لم يحاول تجنيدها للوقوف ضدّ صفقة نتنياهو وترامب.
فهل تستطيع العشائر أن تبني وطنا يواكب العصر؟ وهل عندنا دول تستطيع أن تتعامل مع واقع الحياة المعاش؟ في إحدى المقابلات التّلفزيونيّة مع وزير ماليّة دولة نفطيّة "سئل الوزير عن الدّخل القومي للدّولة؟ فأجاب: هذا من اختصاص وليّ الأمر! لكنّه والحقّ يقال لا يبخل علينا بما نحتاجه"! فهل هذه دولة حديثة؟ وهل وليّ الأمر شيخ قبيلة أم قائد دولة؟ وهل المليارات التي يدفعها أولو الأمر في دول النّفط لأمريكا مقابل حماية عروشهم تصبّ في مصلحة الدّولة والشّعب، وهل ننتبه إلى دول تجري محاكمة قادتها مهما كانت مناصبهم لممارسة فساد قد يكون غير مقصود؟
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر وهو: هل يوجد لدى شعوبنا العربيّة مفهوم للوطن؟ وهل جيوشنا لحماية الأوطان أم لحماية "أولي الأمر"؟ وإذا كانت لدينا دول مدنيّة حقيقيّة كبقيّة الشّعوب فلماذا لا يوجد لها أيّ تأثير على السّاحة العالميّة؟ وما الفرق بين دولنا ودولة ماكرونيزيا التي لا ترى على خريطة العالم؟ وإذا وقفنا على الأجوبة الصّحيحة لهذه الأسئلة فلن نستغرب الحال الذي نحن فيه، والذي أصبحنا فيه أضحوكة للأمم.
3-فبراير 2020.






#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدون مؤاخذة- العرب لن يتعاطوا مع صفعة القرن
- بدون مؤاخذة- عندما يعيد التاريخ نفسه
- بدون مؤاخذة-ماكو عرب
- بدون مؤاخذة-صفقة نتنياهو
- رواية قلب الذئب والسيرة الذاتية
- بدون مؤاخذة- العلقمية والطوسيّة المعاصرة
- بدون مؤاخذة- جلد الذات فلسطينيا
- بدون مؤاخذة- صفقة القرن تفضح أمريكا والعرب
- رحلة القمر وحماس الشباب
- خيانة بالإكراه وتجارب الحياة
- رواية الخاصرة الرخوة والفكر التكفيري
- بدون مؤاخذة- مهندسو العنصرية
- حسين مهنا شاعر الإنتماء والحب والجمال
- بدون مؤاخذة- ترامب يقرع طبول الحرب
- بدون مؤاخذة-عام فارط وعام قادم
- بدون مؤاخذة-عندما تتبنى الجامعات العشائر
- بدون مؤاخذة-اتفاقية سيداو وشرفنا المصون
- قصّة البطة المستاءة وحماية القانون
- بدون مؤاخذة-اتفاقية سيداو واختلاف الثقافات
- بدون مؤاخذة- دفاعا عن الثقافة


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جميل السلحوت - بدون مؤاخذة- جاهليتنا المستمرّة