أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - جاءني نملة 🐜 فعاد نحلة 🐝















المزيد.....

جاءني نملة 🐜 فعاد نحلة 🐝


قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)


الحوار المتمدن-العدد: 6480 - 2020 / 2 / 2 - 14:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جاءني نملة 🐜 فعاد نحلة 🐝

( قليل من الفلسفة ينعش عقل الإنسان )ق. م

لم يكن يعرفني ولا أعرفه من قبل. التقيته لأول مرة في المعرض الدولي للكتاب في القاهرة جاء من درة البحر الأبيض المتوسط؛الإسكندرية ممتلئ بالتفاصيل والجزيئيات الدقيقة، وجدته منشغلا ومهموما بالبحث عن الكتب الطبية المتصلة باختصاصه العلمي الدقيق إذ أخبرني بانه اختصاصي بالأحياء الدقيقة والتشخيصية يحضر الدكتوراه في معهد البحوث الطبية - جامعة الإسكندرية. حصل على درجة الماجستير بامتياز من جامعة صنعاء ، وشغل منصب رئيس قسم الطب والعلوم الصحية بجامعة العلوم والتكنولوجيا، كما عمل مشرفا على المحافظات الجنوبية في مكافحة البلهارسيا والديدان المعوية الأحرى في عام 2014. تجولنا في أجنحة المعرض. كل منا يبحث عن الكتب التي تهمه. أنا ابحث عن كتب الفكر والفلسفة والثقافة وهو يبحث في كتب العلوم الطبية. ومن محاسن الصدف أنه لم يجد ما كان يبحث عنه. واقترحت عليه يرافقني في جولتي في رحاب أجنحة الفكر الفلسفي. تجولنا وأخذنا بعض الكتب وعرفته على نخبه من المشتغلين بالفلسفة الذين التقيناهم في المعرض بالصدفة البحتة وعلى مدى أسبوع واحد من الرفقة تناقشنا في موضوعات كثيرة فاكتشفت فيه باحثا واعدا من عدن ويمتلك خبرة تقنية في مجال تنسيق الكتب والأبحاث في مختلف التخصصات. كان شديد الحذر في الكشف عن اهتماماتك العلمية على طريق أهل اليمن في آخر زمن. وبعد أن اطمئن لي كشف لي بعض أعماله المنشورة وغير المنشورة وهي ( Etymology of Microbiology اصل الكلمة للاحياء الدقيقة) والثاني عن Microbial infection of Humans ،العدوى الميكروبية في الإنسان و Color atlas of Urinalysis اطلس ملون في تحليل البول) وجدت أن لديه معرفة واسعة في تخصصه الدقيق بعلم الجزيئيات التشخيصية . فحدثته عن العلاقة بين العلم والفلسفة. وكيف أن أهم الفلاسفة في تاريخ الفكر جاؤوا من أكاديمية العلوم منذ أفلاطون الذي كتب على عتبة أكاديميته العبارة الشهيرة( من لم يعرف الهندسة والرياضات لا يدخل علينا) كلمته صديقي علي أن العلم بدون فلسفة عمى وأن الفلسفة بدون علم خواء. وحدثته عن الفرق بين طالب المعرفة العلمية البحتة وطالب المعرفة العلمية المثقفة وضربت له مثل النملة والنحلة. وحكيت له طريقتي في تدريس طلابي مادة فلسفة التاريخ ببرنامج الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه عن الفرق بين عمل المؤرخ المحترف وعمل فيلسوف التاريخ إذ اشترت لهم الى أن المؤرخ المحترف ينشغل بالجواب عن سؤال ماذا حدث؟ واين حدث؟ وكيف حدث ما حدث؟ ومن الفاعلين؟ بينما ينصرف أهتمام فيلسوف التاريخ الى البحث في سؤال لماذا حدث ما حدث؟ وماهو التاريخ؟ وكيف يتحرك والى اين يسير؟ ولماذا سار على هذا النحو ؟ بمعنى البحث عن الأسباب العميقة لظاهرة التاريخ ودينامياته ومصائره المُحتملة؟ كنت اختتم محاضرتي التمهيدية بسؤال هو عبارة عن لغز فكري مشهور في الدراسات التاريخية فيما يشبه العصف الذهني. والسؤال هو : ما الفرق الجوهري بين نشاط النحلة والنملة؟ كان ذلك موضوعا سمنار المحاضرة القادمة بعد التمهيدية. إذ تبين أن ثمة فرق كبير جدا بين عمل النملة والنحلة؛ النملة كما هو معروف ديدنها في البحث عن طعامها في الصيف وتخزينه في بيوتها الرملية لتقتات منه في الشتاء ولكنها تبقيه كما جمعته بدون أي تغيير أو تعديل أو تشكيل أو اعادة تصنيع. بينما النحلة تجمع رحيق الأزهار من كل الأشجار وتحمله إلى جباحها حيث يقبع أميرها وتعيد تشكيله وتصنيعه في صيغة عسل مصفى فيه شفاء للناس. وتلك الصورة هي التي تداعت إلى ذهني وأنا أرى القراء يتوافدون على معرض الكتاب كمثل النحل في مواسم الربيع. والمعرفة العلمية إذ لم تتحول إلى رؤية عقلانية كلية يمكن تقديمها للناس في صيغة جرعة ثقافية حانية تظل حبيست عقول وكتب أصحابها. والباحث العلمي في إي علم من العلوم إذ لم يخصب معرفته بجرعة فلسفية تمنحها الروح والمعنى يظل يدب على الأرض مثله مثل النملة. صديقي الباحث الواعد علي ناصر محمد اليافعي ذكي ويفهمها وهي طائرة. فهم المغزى واستوعب المعنى وعاد إلى الإسكندرية بأجنحة نحلة بعد أن أهديته بعض الكتب الفلسفية والأدبية فضلًا عما اشتراه بنفسه. عاد بعد أسبوع فقط فتمخض عقله عن ميلاد أول مقال له يمزج بين العلم والفلسفة. وهكذا هي أم العلوم وربيبة الدهشة كانت وستظل روح كل معرفة عقلانية ممكنة وكما قال وايتهد" أهمية الفلسفة للحضارة من حيث إنها محاولة لتنظيم جميع المعلومات الجزئية المبعثرة وصياغتها فى فكرة عامة. كما أنها أكثر تأثيرا من كل الدراسات الفكرية، فهى تبنى القصور الشامخة قبل أن يكون العمال قد حركوا حجرا واحدا، وتهدمها قبل أن توضع مواد البناء فى أماكنها . إنها مهندسة مبانى الروح وهى أيضا محطمتها، والفلسفة قد تعمل فى بطء، فقد ترقد الأفكار فى سباتها عدة قرون ثم على حين غرة يجد الجنس البشرى أنها أصبحت جزءا أصيلا فى كيانات النظم الاجتماعية . والفلسفة أولا وأخيرا جهد يهدف إلى الحصول على فهم منسق منطقى للأشياء والملاحظة الجزئية". وأنا استمع للدكتور علي ومعرفته الواسعة بأنواع الكائنات البكتيرية والفيروسات المجهرية تذكرت حكاية قرأتها لأحد علماء البيولوجيا في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي كان مهتمًا بجمع كل أنواع الموميات الحفرية من بقايا الكائنات الحية وكان يفاخر بجمعه في مختبره العلمي في المانيا وجعلها مزارا للعلماء والباحثين وذات يوم ذهب تشارلز داروين لرؤية المتحف البيولوجي فتعجب من قدرت الرجل على جمع كل هذه الحفريات الكثيرة جدا. كان المختبر اشبه بمتحف أثري يعج بكل أنواع واشكال جماجم وعظام الحيونات وأجنحة الطيور والجلود والقرون والأسنان مصنفه باسمائها. تفاصيل تعمي البصر وتذهل البصيرة؟ فاندهش داروين وقال عبارته الشهرية: ما المغزى الأخير من كل هذه التفاصيل وكيف يمكن إخراجها في رؤية نسقية كلية عقلانية لها معنى وتفيد المعرفة الإنسانية؟! فكان ذلك السؤال هو اشبه بقدح زناد الروح الفلسفية في عقل عالم البيولوجيا الشباب داروين فتمخض عنه كتابه المهم أصل الأنواع. وهو الكتاب الذي يصنف بوصفة أحدى الثورات العلمية في تاريخ المعرفة البشرية. وبالمثل فعل عبدالرحمن أبن خلدون الحضرمي في دراسته للتاريخ إذ أن المؤرخين والإخباريين العرب جمعوا المادة التاريخية ولكنه وحده الذي استخدمها ومنحها المعنى والدلالة الفكرية في مقدمته الشهيرة. وبهذا المعنى يمكن أن نفهم عبارة المنور الفرنسي جان جاك روسو ( أن نحتاج إلى الفلسفية كي نرى الأشياء التي نعيشها ونشاهدها كل يوم بحياتنا) وهذا الأخير هو الذي صاغ مفهوم فلسفة التاريخ إذ كتب قائلا: "لقد قرأت في التاريخ الأوربي عن أكثر من ثلاثة الف حرب ولكنني لم افهم المغزى منها ولم معنى الحرب في التاريخ ولماذا تندلع الحروب حتى اهتديت إلى الفلسفة التي جعلتني أنظر نظرة كلية لتاريخ الحضارة البشرية وبها ومن خلالها عرفت التاريخ وقواه وديناميته المحركة" وهكذا هو الحال مع الفلسفة. فقليل من الفلسفة ينعش عقل الإنسان.



#قاسم_المحبشي (هاشتاغ)       Qasem_Abed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موعدنا الليلة في ساقية الصاوي مع السؤال الفلسفي
- فيما يشبه التفسير لمعنى الكلمة ذاتها
- فيما يشبه الاحتفاء بحوارية الروح والجسد
- المعرض الدولي الحادي والخمسين للكتاب بالقاهرة واشياء واشياء ...
- كيف نفهم العلاقة بين العلم والثقافة؟
- مع رولان بارت في ماهية الكتابة ونص اللذة ولذة النص
- في فلسفة التربية والتربية الفلسفية
- الفيلسوف أحمد نسيم برقاوي هو الذي أيقظني من سباتي الدجمائي
-     فيما بين الفلسفة اليونانية والعربية من افتراق واتفاق.
- النظرية الموجية للحضارات عند فيلسوف التاريخ الأمريكي أولفين ...
- الهيجلية رحاب العزاوية تستأنف الدهشة الفلسفية
- الفلسفة من حب الحكمة إلى حكمة الحب.
- مدخل جديد للدراسات التاريخية
- صراع الإنسان من أجل الاعتراف في عام مضطرب.
- متى يتجاوز العرب الحالة الخلدونية؟! مقدمة في استئناف الفعل ا ...
- البارحة مع ديوان معشوقتي في دار الهلال المصرية
- لست راضيا ولم اندم وهذا ما استطعته
- اليوم لي .. فيما يشبه المعايدة بالعام الجديد 2020م
- فيما يشبه التمهيد.. لمقاربة فيلسوف الأنا العربي
- أمس مؤتمر النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق، باتحاد أدباء وك ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم المحبشي - جاءني نملة 🐜 فعاد نحلة 🐝