أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - وما آفة الأخبار إلا رواتها سفير بريطاني في حضرة السلطان سليم الثالث














المزيد.....

وما آفة الأخبار إلا رواتها سفير بريطاني في حضرة السلطان سليم الثالث


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6476 - 2020 / 1 / 29 - 02:41
المحور: الادب والفن
    


وانا اقرأ الكتاب الاستذكاري الجميل الموسوم بـ(خواطر واحاديث في التأريخ) الذي خطته يراعة الدبلوماسي الأديب نجدة فتحي صفوة والصادرة طبعته الأولى عام 1983، واحتوى على مجموعة الاستذكارات التأريخية التي نشرتها له مجلة (الف باء) العراقية الأسبوعية واسعة الانتشار بتكليف منها، أقول وقفت عند مقاله الموسوم بـ(سفير بريطاني في حضرة السلطان العثماني) وفيه ينقل المؤلف نجدة فتحي صفوة بعض ما كتبه جون باركر الذي عمل سكرتيرا للسفير البريطاني لدى السلطنة العثمانية واسمه سبنسر سمث، واصفا مقابلة السفير سمث للسلطان العثماني سليم الثالث، أقول وانا اقرأ ما ترجمه الأستاذ نجدة لما كتبه باركر، حدثت نفسي، ما اكثر ما يكذب الناس، مستغلين مناصبهم التي تدفع الناس الى تصديقهم، وخطر على بالي ان آفة الأخبار رواتها، اذا كانوا غير صادقين ومنذ عقود ارتاب الرصافي في الرواة ونَقَلَة الأخبار، وانه نظر الى امر الحاضرين فرابه، فكيف بأمر الغابرين يصدق؟، الذين نعايشهم يكذبون علينا، فكيف الحال ونحن نقرأ ما كتبه الغابرون؟ كيف نصدق ما لا يأتلف مع الواقع ويقبله العقل، كل هذا طرأ على ذهني وأنا اقرأ ما كتبه باركر سكرتير السفير البريطاني لدي السلطان سليم الثالث أواخر القرن الثامن عشر.
إذ يذكر (استدعينا في الساعة السادسة صباحا، ووضعنا في قارب اتجه بنا الى (السراي) ونزلنا في أحد المراسي التابعة لدواوين الباب العالي. وهنا اضطررنا الى ارتقاء سلم ضيق متداع يهتز تحت الأقدام حتى وصلنا كشكا أو غرفة خشبية معلقة مفروشة (...) وكانت الستائر من أحط الأنواع ومن ارخص المنسوجات القطنية، وكانت قذرة جدا، رثة ، ممزقة، وفي هذا المكان اجبرنا على الانتظار اربع ساعات ونصف الساعة (...) اقتادونا الى السلم الضيق المهتز، الخالي من السياج مجازفين بكسر رقابنا (..) وامتطينا خيولا ذات سروج تركية (..) ولما ترجلنا، اقتادونا الى شقة ذات مظهر عادي (...) وبعد دخولنا جاء عدد من الخدم يحملون (صواني) معدنية كبيرة، عليها أطباق المأكولات المتنوعة وغسلنا أيدينا، استدعينا الى قاعة الاستقبال (..) حتى وقفنا على بعد عشرين ذراعا من العرش الذي كان السلطان سليم جالسا عليه وكان الصدر الأعظم واقفا الى جانبه (...) ولم يحرك السلطان عضلة ولا عضوا، ولكنه رفع حاجبيه، وحرك أجفانه (وردت هكذا!. والصحيح جفنيه). ببطء شديد مسفراً عن عينين ساهمتين ونصف مغلقتين، وحول رأسه قليلا ملتفتا الى (الصدر الأعظم) مستفسرا من هذا الكافر؟ فقيل له انه عبد أرسله ملك إنكلترا لالتماس رضاه (...) وانتبه السلطان بعد لحظات من التأمل كان خلالها يبدو شديد النعاس، واستدار نحو الصدر الأعظم مرة أخرى، وسأله ببطء شديد: هل أطعموا هذا الكلب وكسوه؟ ولما أجيب بالإيجاب، قال: حسنا ولم يكد ينطق بذلك حتى سارع الخدم الذين كانوا ممسكين بأذرعنا بشدة بسحبنا الى خارج الغرفة..).
نعم، آفة الأخبار رواتها، ترى أيعقل هذا؟ هل تصل الصفاقة بهذا السكرتير ان يكذب كل هذا الكذب؟ ولقد نسي وصف السلم، فذكره مرة بدون سياج في حين لم يشر الى ذلك لدى ارتقائهم إياه للمرة الأولى؟
ثم هو يحاول الانتقاص من اكل الشرقيين الطعام بأيديهم بعد غسلها بالماء والصابون، وهي أفضل من الملاعق وما قد تنقله من جراثيم تعلق بها، كونها يتناوب على الأكل بها أكثر من شخص ولقد لمست مثل هذا الانتقاص في الأدب الروائي وفي الذهن رواية (الجسر) للروائي الألباني إسماعيل كادريه الذي ينتقص من العثمانيين، ويستهزئ بهم، ثم لا ينسى تأكيد وساخة الستائر وتمزقها أيعقل هذا في مقر سلطان عثماني؟ ثم ليقف القارئ عند الوصف المتعسف للسلطان الكسول، الذي لا تتحرك في وجهه عضلة أو حاجب وكأنه قُدَّ من صخر أو كأنه تمثال من تماثيل الشمع لمدام توسو في متحفها اللندني ثم كيف يقبل سفير دولة عظمى بان يوصف مرة بالكافر وأخرى بـ (الكلب) وكيف يقبل السلطان نفسه ان يستقبل كلابا وكفرة؟ ثم ما الداعي لهذه المقابلة ولم يفه السفير بكلمة واحدة؟ هل جاء كي يأكل بأصابعه ويهان ويعزر؟ وصف كاذب برمته سياتي المؤرخون غير المدققين من بعده لينسجوا روايات من وحي هذه الكتابة وينسى الكذاب الأول لتتحول الى مسلمة تاريخية لا يرقى إليها الشك.
ولعل الأدهى والأمر ما ينقله باركر المدلس الكذاب، من وصف لحاجبي السلطان، إذ ان ما قاما به لا يكاد يفعله صبية في الشارع فكيف يجرؤ هذان الحاجبان على إتيان ما أتياه؟ لنواصل نقل أكاذيب باركر التي تولى نجله تحقيقها وتحريرها ونشرها في لندن سنة 1876 يقول: (وينبغي ان لا يفوتني ان اذكر اننا حينما كنا واقفين في حضرة السلطان، كان هناك زنجيان ضخما الجثة (...) وقد وقف كل منهما على جانبي العرش. وكانا طيلة (هكذا وردت والطيلة تعني الحياة والعمر!! وصحتها طوال الوقت يكشران مرة ويعبسان أخرى ويحركان وجهيهما بحركات مضحكة يريدان بها التهكم علينا، ويقولان بصوت يكاد يكون مسموعا (كش – كش) ومعنى ذلك اطردوهم – اطردوهم . لقد واصل باركر تدليسه وكذبه، ففضحه تزيده اذا كان الذي سبق هذه الفقرة، قد يعقل وقد يقبل لكن الذي لا يعقل أبداً حصول هذا في حضرة سلطان عثماني واضح الكذب ان ريبتنا بهذا النص، انسحبت على ما سبق ان كتبه باركر لان هذه الخبزة من هذا العجين، والذي كذب عليك في هذه الفقرة بادية الكذب وواضحته، لا شك كذب عليك فيما سبق، مما يؤكد مقولة: وما آفة الأخبار إلا رواتها!!.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطهرت ريشته من سواد الحقد مارون عبود الناقد الساخر في (نقدات ...
- القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية.توثيق صوتي لمجريات الح ...
- الراديكاليون المتعصبون والكتاب
- تمثلات الحداثة وتراجعها
- رأي محمود أمين العالم بعبد الرحمن بدوي وحسرته على ضياع الدكت ...
- (ثورة الزنج) فيصل السامر المؤرخ الموضوعي العلمي الحيادي
- الدكتور علي جواد الطاهر ورأيه في طه حسين فصول ذاتية من سيرة ...
- توفيق صايغ: شاعر قصيدة النثر الرائد حياة مكتظة بالخيبات، ومي ...
- عبد الملك نوري ما أنصف نفسه وما بحث عن الإنصاف لدى الآخرين
- ناجي جواد المحامي من أبرز كتاب أدب الرحلات
- (بدايات)أمين المعلوف إهتمام مضن ودقيق بتراث الأسرة وتاريخها
- تأريخ ما أهمله التاريخ رواية( ليون الإفريقي) لأمين المعلوف
- مدني صالح الفيلسوف ناقداً.. الناقد فيلسوفاً
- أيهما أصح علميا السامية أم العربية؟
- الدكتور جورج حبش في صفحات من مسيرته النضالية
- ثلاثية شيكاغو.. محمود سعيد يستعيد حنين العراق (2)
- ثلاثية شيكاغو: محمود سعيد يستعيد حنين العراق على ضفة الارض ا ...
- عناد غزوان 1936-2004الموسوعي الذي تخصص في نقد الشعر
- الأديبة الفرنسية فرانسواز ساغان تروي أطيب ذكرياتها
- رحلة إلى تونس الخضراء


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - وما آفة الأخبار إلا رواتها سفير بريطاني في حضرة السلطان سليم الثالث