أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - صفقة القرن .. الموقف الأوروبي















المزيد.....

صفقة القرن .. الموقف الأوروبي


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 6475 - 2020 / 1 / 28 - 23:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا تعني خطة الولايات المتحدة المعنونة ب "صفقة القرن" للأوروبيين ؟
يمكن اعتبار الموقف الأوروبي، تحصيل حاصل، لسبب رئيس يتمثل في الانسحاب التدريجي الذي بدأته دول أوروبا الرئيسية من منطقة الشرق الأوسط، و بالذات بعد فترة ما سمي ب "الربيع العربي".
بل نجد في المجمل، أن الموقف الأوروبي، و منذ عقود، لم يكن إلا صدى خافتا للموقف الأمريكي، و البريطاني حتى، في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، و الحرب الباردة، أي أنه كان خاضعا للاستقطاب الثنائي السائد منذ ذلك الحين، رغم بعض التباينات و الاختلافات و التحفظات، و تلك التفاصيل "الدقيقة"، التي لم يكن المناخ السائد آنذاك يسمح بإثارتها، أو حتى تضمينها مع مواقف من أزمات كبرى، أو قضايا نزاع شائك بما يمكن له أن يترك فراغا يخل بمعادلة "القطبين المتنافرين"، و التي كانت شبه متعادلة الأطراف.
نجد أنه في غمرة الصعود "الناصري"، و بالضبط لحظة هزيمة 67، و ما تلاها، كانت المواقف من "الحرب" بين مصر و اسرائيل، في اتجاه واضح لا غبار عليه، ألا و هو الاصطفاف الكامل الى جانب اسرائيل و الولايات المتحدة، ضد مصر المدعومة لوجيستيكيا و عسكريا من قبل "الروس"، و بما يمثل أيضا، ذلك الدعم، الامتداد "الايديولوجي"، للاتحاد السوفياتي..، و منفذا صريحا، فسيحا، لتوسيع ذلك النفوذ السياسي و الاقتصادي، فيما يشبه بل يطابق الدعم الروسي الآن، للنظام في سوريا، و قبله نظام "القذافي" في ليبيا ، بكيفية أقل إن لم نقل باهتة جدا.
يمكننا اعتمادا على هذا المنطلق "الجيوستراتيجي"، فهم الخطوط العريضة للموقف الأوروبي، بخصوص أزمات الشرق الأوسط و صراعاته التي لا تنتهي، حيث يمكننا تحديد المعيار الأبرز الذي ميز هذا التعاطي، بعيدا عن مطبات "التحالفات" الواهمة،
أو المصالح المتغيرة.
هل يمكن اعتبار الموقف الأوروبي، نتاج اجماع "مصلحي"، في تقاطعه مع مصالح الولايات المتحدة و بريطانيا، أم خاضعا للتبعية، لصالح القوة العظمى المتكاملة مصلحيا، مع هذا الاتحاد ؟
هنا بالضبط نصل لضرورة اعادة رسم "خريطة الاستقطابات"، وفق منهج آخر، لا يلغي كليا، "الثنائية القطبية"، التي قيل بأن التاريخ دفنها في سيره الحثيث نحو "العولمة الشاملة"، و تفتيت البنى القديمة التي تولدت عن الحرب العالمية الثانية في تفرعاتها، الايديولوجية و السياسية و الاقتصادية، و حتى الجيوستراتيجية! و أيضا، منهج يلجم قليلا، اكذوبة "القطب الوحيد"، في ظل تصاعد نوع آخر من "الثنائية القطبية"، نستطيع تسميته "القطبية المعولمة"، و هي شكل آخر من أشكال التناقض و التضارب بين المصالح الكبرى لقوى الاستحواذ و الاستغلال، يتشكل و يتطور بشكل يصعب على الرصد، و التفكيك ! و هو ما سماه ربما، ذ."طيب تيزيني"، بنطاق "الاستباحة الشاملة"، أو مرحلة "ما بعد العولمة"، و القوة العظمى الوحيدة التي ستشرع في تفكيك و اعادة توزيع أطيافها، على مدى أوسع من البؤر ! لضمان الاستمرارية و الفعالية.

أوروبا، أو دول الاتحاد الاوروبي، تجد نفسها وسط هذا الزخم العولمي، شبه متجاوزة، بل تائهة بين منطق الاستقطاب القديم، و الاستقطاب الناشئ، و طفرات عصر ما بعد العولمة! فإذا كان لنهاية الاستقطاب القديم، دور في تعزيز الحضور الأوروبي، ضمن معادلات الاقتصاد الامبريالي العالمي باعتباره رديفا للولايات المتحدة، أو قمرها الهجين "ساتيلايت"، فإن تردي بنيات الاستقطاب الجديد لما بعد نهاية الحرب الباردة، سيكون له القدر الاكبر من الانعكاس عليه لسببين رئيسيين !
أولهما عدم مركزة القرار و النفوذ، في بؤرة واحدة، باعتبار أننا نتحدث عن مجموعة من الدول،
رغم اقرار العملة الموحدة و مجموعة من القوانين و البروتوكولات الموحدة لهذا التكتل!
و ثاني هذه الأسباب، عدم استقرار القرار السياسي و الاقتصادي داخل القطر الواحد، حيث تتداخل المتغيرات الخارجية و تتفاعل لفرض معادلات جديدة في الاقتصاد، و تفريخ تيارات سياسية جديدة بالتوازي مع المناخ العام السائد.
و استنادا الى هذا الواقع، فقد كان للاتحاد الأوروبي أن يتحمل النصيب الأكبر من تبعات و أضرار التحولات العالمية الكبرى، خصوصا خلال العقود الثلاثة الأخيرة،عكس الولايات المتحدة التي تستطيع اعادة توزيع أزماتها، بفعل بنياتها الاقتصادية الصلبة و المتماسكة.
هنا نلاحظ، كيف أن الأزمة التي ترخي بظلالها على الاتحاد الأوروبي، لم تقف عند تقلص و تراجع فعله على الساحة الاقتصادية العالمية فحسب، أو على حضوره، الفعلي و الفاعل، في دائرة الصراعات و الأزمات الخارجية، بامتداداتها "المصلحية"،.الهزيلة، أو البعيدة المدى من حيث المردود، بل طالت حتى الجانب الاجتماعي، و بعنف ملحوظ في بعض الحالات المستجدة، أي أن تبعات الأزمة البنيوية امتدت الى آخر "قلاع المقاومة"، في بنى الاتحاد الاوروبي، أو الثقافة الغربية التي تولي الأهمية القصوى ل "المواطن"، أو ترفع شعار "المواطن أولا" !
هنا نفهم، الى جانب الدوافع الاقتصادية، الجانب الآخر من "البريكسيت"،.أي تلك الرغبة في الانسلاخ عن جلد مهترئ، و الابتعاد عن جسد عليل، يصنعان صورة الاتحاد الاوروبي، في وضعه المأزوم داخليا، و الضعيف خارجيا.
يمكن من خلال الواقع نفسه، فهم التصريحات الأخيرة، للرئيس الفرنسي، بخصوص حلف "الناتو"، و "موته الدماغي"، بمنطق الاسقاط، أو الاسقاط المباشر في هذه الحالة، و كذا الهرولة الفرنسية نحو الصين، باتفاقيات و شراكات اقتصادية غير مسبوقة، الى جانب الغزل مع الروس، و الذي يظل في اتجاه معين ذا أبعاد رمزية و جيوستراتيجية، أكثر منه توجها نحو بديل اقتصادي فعال و ناجع. و يمكن في هذا الباب ايضا، اتخاذ الحالة الفرنسية كنموذج للقياس، بخصوص باقي دول الاتحاد الأوروبي، و ان بدرجات مختلفة من التأثر و التفاعل مع الواقع العالمي الجديد لمنظومة "الميغا امبريالية". دائما وفق الاستقطاب القائم، بين روسيا و الصين من جهة، و الولايات المتحدة من جهة أخرى !

إن الموقف الاوروبي على هذه الأسس، لن يأخذ كثيرا بعين الاعتبار "أوهام" التجييش المضاد، لصالح "الفلسطينيين"، كما يحاول كثير من المحللين و المراقبين تمرير هذه المغالطة السياسوية المؤدلجة السافرة، كما أن "أبواق الدعاية" الجديدة الناشئة، و الملحوظة فعلا بشكل مريب، في هذا الباب، ليس مردها بالقطع صحوة ضمير فجائية تمخضت عن وعي انساني أو ثقافي ناشئ عبر سيرورة أو مراحل، بل إنه نتاج مباشر لحملات "ايديولوجية"، تنتشر بشكل متصاعد مطرد و تصاعد منحى الأزمة البنيوية، و بين أوساط الفكر و الفن و الثقافة نفسها التي سئمت "الصهيونية" نفسها من خدماتها على مدى السنوات و العقود الأخيرة .. أي أننا لسنا بصدد نمط من الوعي الذي ينتج ايديولوجيا معينة، بل بصدد الأزمة التي تنتج نمط وعي معين، يفرض أو يحبذ تبني تلك الايديولوجيا، و هو ما يعرف ب "ايديولوجيا الأزمة" ! و هي تجارة مربحة أكثر من الأولى، خصوصا في بلدان لها وزن و حضور يشارك الفرد في صناعتهما .. أي متلقي الايديولوجيا .
إن الموقف الغربي، و إن كان خارجا عن المألوف في تماهيه مع التوجه الأمريكي، و الطاعة العمياء لساسة تل أبيب، و مجموعات الضغط، سواء في واشنطن او موسكو أو أوروبا نفسها، فلن يكون إلا تطبيقا حرفيا لمقتضيات "الصفقة" نفسها !! ذلك أن الصفقة تحتاج من حين لآخر، لصب قليل من الزيت على النار..

بينما، تحتاج دول الاتحاد الأوروبي، لاستعادة شيئ من "المعنى الوجودي"، الذي بدونه لا يتم تفعيل أي سياسة كبرى، أو احداث تلك الحركة العنيفة في التاريخ، للخروج من الأزمة البنيوية الخانقة، و حالة الركود و اللاجدوى المطبقتين على أرداف القارة العجوز .. ولو بفقدان آخر معنى "وجداني"، أو "وجودي" في معناه المثالي السامي !


ختاما ..
"أوروبا، في جميع الحالات، عائدة الى الانحطاط" !! .. كما توقع "هيجل"



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة القرن .. عصفوران في اليد، خير من عشرة فوق الشجرة !!
- صفقة القرن و ترامب .. عصفوران في اليد ، خير من عشرة فوق الشج ...
- كورونا .. بين البيولوجيا و الايديولوجيا ..
- -صفقة القرن- من جديد
- فرنسا ، الكنيسة، و -النخاسون الجدد-
- العدل، بين الغاية .. و القيمة !
- كلمة مختصرة لابد منها، بخصوص ما يسمى ب -لجنة النموذج التنموي ...
- العالم العربي .. بين التوغل في التيه و تغول الأزمة البنيوية ...
- عن -الزواج - .. و الزواج مع الأتراك
- فارغ / احاطة عاجلة !
- وزير الدفاع السعودي يلتقي العميد طارق محمد صالح
- ماذا بعد مقتل -قاسم سليماني- ؟
- بين -رهاب الذات-، و -اغتراب الواقع- ..
- حول تصريحات الشيخ -الفيزازي- الأخيرة ..
- ايران و قطر .. غلمان و غلمان ..
- على هامش اقالة/ استقالة -جون بولتون-
- -حسن و اسرائيل .. تأملات جينيالوجية ..
- -اسرائيل -و الأمواج العملاقة ..
- تمثلات السيكولوجيا في أنماط الوعي -الشقي- - الايديولوجيا
- -تمثلات السيكولوجيا في أنماط الوعي -الشقي- - الايديولوجيا


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - صفقة القرن .. الموقف الأوروبي