أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس نهرا - القمع السلطوي ليس علاجاً للفقر والانهيار














المزيد.....

القمع السلطوي ليس علاجاً للفقر والانهيار


موريس نهرا

الحوار المتمدن-العدد: 6472 - 2020 / 1 / 25 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ها قد مضى حوالي مائة يوم على اندلاع الانتفاضة الشعبية، والسلطة ما زالت تماطل وتتحايل على الناس، غارقة في تحاصصاتها ومعايير نظامها الطائفي. كما مضى ثلاثة أشهر تقريباً على استقالة حكومة سعد الحريري تحت ضغط الشارع، واصلت خلالها الأطراف السلطوية هدر الوقت في تشكيل الحكومة دون طرح لأي برنامج إنقاذي. وهذا ما يؤكد مدى عقم النظام الطائفي وآلياته ومعاييره، وفشل طبقته السلطوية وسياساتها المتواصلة منذ توقف الحرب الأهلية. وهو ما فاقم الأوضاع العامة للشعب، وأوصل البلاد إلى الانهيار الاقتصادي والمالي، وتوقفت آلاف المؤسسات عن العمل، وتسريح العاملين فيها أو معظمهم، وارتفاع مريع لنسبة البطالة.

هذا وحده يكفي لبروز الغضب الشعبي، فكيف وأنّه يترافق مع تعدّي المصارف على مدّخرات الناس الذين يُمنعون من سحبها وهي جنى عمرهم، فيشعرون بالمهانة في الوقوف ساعات أحياناً في المصارف للحصول على مئة أو مئتي دولار في الأسبوع، لا تكفي لسدّ حاجاتهم الضرورية، في وقت ارتفعت فيه أسعار الكثير من السلع الغذائية، مع التراجع الكبير في قيمة الليرة اللبنانية. والأكثر غرابة، هو استمرار أطراف السلطة، في لا مبالاتهم، حيال الوضع الكارثي والمصير القائم، وإزاء الغضب الشعبي في انتفاضة هي الأكبر في تاريخ لبنان. وفيما يحاول كلّ طرف منها رمي تهمة العرقلة على الآخر، يواصلون بكل صفاقة تناتشهم وصراعهم على الأحجام، والحقائب الوزارية الدسمة، وحتى وهم من لون واحد. فإنّهم جميعهم مسؤولون عن حالة الانهيار مرّتين، الأولى في التسبّب بها، والثانية في أحجامهم عن معالجتها وإدارة الظهر لصرخات الشعب. فما يزالون في الذهنية نفسها، متمسّكين بنظامهم الطائفي القائم، الذي حمى ويحمي فسادهم، وأوصلهم أصلاً إلى السلطة، ليتيح لهم استخدامه لتأجيج العصبيات، وتقسيم صفوف الطبقات الشعبية، لتجنّب تحركها الموحد في الشارع في مواجهة فسادهم وسياستهم التي أفقرت أكثرية الشعب.

لقد أظهرت التجربة العملية مدى التناقض والخلل الأصلي بين الطابع الطائفي العمودي لبنية الدولة وسلطتها، وبين وظيفتها الأفقية التي تتعلق بإدارة الشأن العام للشعب والبلد. وقد أنتجت هذه البنية الطائفية، حالة انقسامات وتناقضات وحروباً أهلية، وأتاحت التدخلات والوصايات الخارجية، وأضعفت مناعة لبنان، وحالت دون تحوّله من مجرد كيان إلى وطن. ولا ينجم الفشل في جعل لبنان فعليّاً وطناً ورسالة، من تعدد الأديان والطوائف في مجتمعه، وإنّما من نظام وسلطة سياسية مبنية على الطائفية تدير المجتمع على أساس التحاصص الطائفي. علماً أنّ التجربة أثبتت أنّ جمعَ وتوافقَ ممثلي وزعامات الطوائف في حكومة، لا يعني وحدة الوطن بل وحدة مصالح هذه الزعامات، وبطابعٍ فوقيّ وظرفيّ لا يعرف الثبات. لذلك ما يزال مفهوم الوطن مغيّباً أو ملتبساً على الأقل، نظراً لتداخله مع المنظور الطائفي لدى أطراف هذا النظام وسلطته. وهذا أيضاً ما يجعل الحكومات المشكلة على أساس الميثاقية والتوافقية بمفهومها الطائفي، نسخة عن البرلمان وكتله النيابية، فيتعطّل دوره في محاسبة هذه الحكومات، ويبقى الفساد والهدر متمادييْن.

إنّ استمرار الانتفاضة وتخطي حواجز الطوائف والمناطق يبين بوضوح أنّ الجوع وقلق الناس، وانسداد الأفق أمام مستقبل وحياة أبنائهم، هو في أساس هذه الانتفاضة واستمرارها، وهو العامل الحقيقي لبناء وحدة الوطن. وإنّ أي محاولة لاستغلال هذه الانتفاضة، داخلية كانت أم خارجية، لا يمكنها طمس حجمها الشعبي غير المسبوق، وتشويه أهدافها التغييرية. أوليست المماطلة السلطوية هي التي تتيح للمستغلين الصيد في الماء العكر؟ إنّ تحايل السلطة المتمادي لم يعُدْ ينطلي على الناس، ولا القمع السلطوي المفرط والمستنكر يخيفهم، فصوت الفقر والجوع أقوى. ولا يعالج الفقر والانهيار بالعنف الذي يستدرج الغضب والعنف. ولا بالمسكّنات والوعود الكاذبة، والتسويات والتوافقات الفوقية. فقد دلّت التجربة أنّها دون جدوى. فالعلاج الحقيقي، هو بتغيير السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وتشكيل حكومة وطنية انتقالية مستقلة عن أحزاب السلطة، تضع قانونَ انتخابٍ نسبيّ وغير طائفي، وبالدائرة الوطنية، وإجراء انتخابات مبكرة، لانتخاب ممثلين حقيقيين للشعب، والعمل لوقف الانهيار، وحماية أموال المودعين خصوصاً الصغار، وإعادة المال المنهوب. هذا هو السبيل لتجنيب لبنان المصير القاتم.



#موريس_نهرا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة في ذكرى اسبوع الرفيق ابو اكرم في بلدة كفركلا
- حزب التحرير والتغيير والاشتراكية: متجدّد بشبابه وراسخ بشعبه
- في ذكرى تشافيز: فينزويلا والهجمة الأميركية
- فيديل... القائد التاريخي والرمز الثوري العالمي.. يُنصفه التا ...
- -انتخابات فنزويلا- مجابهة بين النهج التحرري وقوى التبعية وال ...
- ندوة الدولة من منظور علماني ومعوقات قيام الدولة العلمانية
- الأزمة المستمرة والبرنامج المطلوب
- السياسة الاميركية وفلسفة اللصوص
- حوار انتظاري متعثّر وأزمات متداخلة مفتوحة
- مغزى الإنتصارات في أميركا اللاتينية ودلالاتها


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس نهرا - القمع السلطوي ليس علاجاً للفقر والانهيار