أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير علي - هل تقبلينَ بهذا الرجُل ؟















المزيد.....

هل تقبلينَ بهذا الرجُل ؟


أثير علي

الحوار المتمدن-العدد: 6472 - 2020 / 1 / 25 - 04:15
المحور: الادب والفن
    


تنهدت جين وهي تنظرُ الى نفسِها في المرآةِ الطويلــة و ترى أن مظهرها لابأس بــهِ بعد أن قضيت ساعاتٍ للاستعداد . أستدارت الى النافذه وحدقت مليئاً في السماءِ الزرقاء , أنه يومٌ جميلٌ ليقامَ فيه الزفاف .
غمرتها الغبطةُ وهي تعرفُ بأنها سترى رفيقاتِ الامسِ باتريشيا وروزي وسالي بعد أن غيبت مشاغلُ الحياةِ والأسرة صديقاتها الثلاث ولم يعودوا يلتقوا كالسابق .
فبنتُ باتريشيا ستقترنُ أخيراً بحبيبها بعد أن عاشا سويةً لعامين من دونِ زواج , " كُلُ شيئٍ أصبح غريباً هذهِ الأيام " تمتمت مع نفسها وهي ترتدي حذاء السهرةِ وتضعَ اللمسات الاخيرةَ لزينتها . " أفترضُ أنهُ من المنطقي أن يعيش المحبون سويةً لفترة قبلَ أن يقرروا الزواج فأن وجدوا أن حياتهم مستقرةٌ مع بعض والا فلا داعي للخوضِ في غمار معركةِ الطلاق بعدَ أن يتزوجا " . وهو أمرٌ تعرفهُ هي جيداً ولاتريدُ لاحدٍ أن يختبرهُ مطلقاً .
فبعدَ ثلاثون عاماً من الزواج هجهرها ستيف مع سكرتيرتهِ اللعوب كأياً من القصصِ المبتذلةِ المعتادة .
كرهتهُ لأقصى الحدود لأنهُ جرحها بهذا القدر , ولعنتهُ بأشدِ اللعنات لأنهُ دمرَ نسيجهم العائلي ومن ثم لامت نفسها لانها لم تكن المرأة التي يشتهي ويريد ولم تسعى لأسعادهِ كرجل لكنَ لومها لم يدُم طويلاً لأن الجميعَ كان يراهُ مخطئاً فطغى ذلكَ على أحساسها بالتقصيرِ .
فرضت على أولادها عدم الحديثِ عنه مطلقاً في البيت وفرضت على نفسِها عدم الاستماعِ الى شيءٍ مما يقولونهُ بعد زيارتهم له .
مع مرور الوقتِ والأيام بدأت بنفضِ غبارِ الالمِ عنها وأستجمعت قوتها وأعادت ترتيب حياتها أن صحَ القول , فعادت وأكملت تعليمها الجامعي وعمِلت كممرضة وتدرجت حتى أصبحت رئيسةَ قسمِ التمريض .
واضبت على ممارسةِ الرياضة يومين كلِ أسبوع بانتظام , لذا وأن كانت في منتصفِ عقدِها الخامسِ الا أن لها مظهرُ فتاةٍ في مقتبلِ الثلاثينيات من العمر .
أعادت لنفسها بريقها الذي فُقِدَ بسبب الالم والهجران وبنت نفسها بنفسِها مجدداً وهي فخورةٌ بذلك . وقررت البقاءَ عزباء بكاملِ أرادتها فلامجال في حياتِها الجديدةَ لأي رجُلٍ يجرحُها مرةً أخرى .
وأن تحرينا الصدقُ فهي لاتزالُ تُحِبُ ستيف من أعماقها رغمَ أنكارها ذلك لذا فهي سعيدةٌ أنهُ بعيدٌ عنها فلا أحدُ له قدرةٌ على جرحِ قلبها سواه .
أكتظت الكنيسةُ بالمدعوين للزفاف وبعد موجةِ التحايا والمجاملات أنزوت جين الى الخلف مع روزي وسالي وزوجيهما ليتبادلوا النكات والضحك على ملابسِ الحاضرين حتــى جاءت لحظــةُ تبادل العهـــود بين العريسين .
هنا وقفت جين لتتأكدَ أن باتريشيا لاتبكي كعادتها في هذهِ اللحظاتِ العاطفية وعندها وقعَ نظرُها على مالم تحسِب له حساباً على الاطلاق .
ذاك هو ستيف جالساً على مرمى عدةِ مقاعدٍ الى الامام ولم تدري من أين جاءَ هذا الاحساسُ بالبرودةِ التي تغلغلت في جسدها حتى العظم وقرعِ طبولِ نبضاتها علا فوق صوت كورال العازفين , كيف بحقِ السماءِ لم ترهُ عندما دخلت القاعة ؟ .
ذُهِلت من ردةِ فعل جسدها وأختلاجاتِ قلبها , كيف وهي من بنت سوراً حول عواطفها كلُ تلك السنين حجراً فحجراً كيف أنهار هذا الصرح بمجردِ أن رأتهُ من بعيد ؟ .
أمعنت النظر جيداً فيه تفحصت جلسته وشكلهُ من الخلف " رباه أنهُ لم يتغير مطلقاً عدا بعضُ الشيبِ الذي غزا رأسهُ من جنبيه .
ثم تذكرت انهُ صديقٌ مقربٌ من زوجِ باتريشيا منذُ أيام صباهم لكن لما لم تخبرها بأنهُ مدعوٌ للحفل ؟ .
على الاقلِ كانت ستستعدُ لرؤيته وتأخذُ وقتها بالتدارك .
كان جسدها يرتعشُ كمن أصابتهُ الحمى في فصل الشتاءِ القارص وأحساسُ عدمِ الأمان راودها مجدداً بعد ان كانت قد تعافت منه , فحاولت أن تتدارك نفسها وسط تبريكات المدعووين ومجاملاتهم عوض أن تراه مع تلك السيدة ممسكين بأيدي بعض بكلِ حب أو أن ينظرَ اليها نظرة عطفِ على حالها لانهُ فضلً أمرأةً أخرى عليها فهي ليست بائسة , " على كلِ حال لايهمني مايفعل أو مع من " ثم أدركت أنها تتكلمُ بصوتٍ عال.
" ماذا قلتي ؟ هل قلتي شيئاً ما ؟ " أستدارت سالي لتسألها " هل أنتي بخير ما سِرُ هذا الشحوب المفاجئ؟ "
" أنا بخيرٌ سالي مجردُ طيفٍ من الماضي ظهر أمامي " وأشارت الى حيثُ يجلسُ ستيف.
" يا اله السموات " تمتمت سالي " لم نظنُ أنهُ سيلبي الدعوة ويحضر ولا بعد مئةِ عام "
" ماذا ؟ أكنتِ تعلمين بأنه قد يحضر ؟
أجابت سالي وملامحُ الخجلِ من صديقتها قد بانت معالمها " لم نظنُ بأنه سيحضر أطلاقاً فهو لم يرُد على دعوةِ الزفاف ... لذا ظننا بأنهُ ... لكن دايف أصر على دعوته فكما تعرفين هم أصدقاءٌ قدامى من قبلِ أن نعرفهم , سكتت لبرهةٍ وكأن لاكلام يقال لتهدئةِ صديقتها ثم تابعت القول أ، دايف قد قال بأن ماحدث قد حدثَ منذ زمنٍ بعيد ... ولن تمانعي حضوره وباتريشيا لم تستطع مجادلتهُ في الامر لذا شعرنا جميعاً بالارتياح لانهُ لم يجب على الدعوة " .
قسماتُ وجهِ سالي جعلت جين تتعاطفُ معها ولم تملك بُداً من أحتضانها ففي الاخير هي ليست المسؤوله ولا داعي لافسادِ بهجةِ هذا اليوم .
خرجَ الجميعُ الى الحديقة تحت شمس ذلك اليوم الرائعة وذهبت جين للاختباءِ حتى ينتهي المدعوين من أخذِ الصور وعلى كلِ حال يجبُ عليها أن تستعيد زمام أمورها فلن يقبلَ أحدٌ أعتذارها عن الذهابِ معهم الى الفندُق حيث حفلةُ الاستقبال معدةٌ للجميع .
حجزَ الأصدقاءُ للأقامة الليلة في الفندق كي يمرحوا ويشربوا دون التفكيرِ بعواقبِ القيادةِ مخمورين .
تجمعوا في غرفةِ روزي " تعالوا لنضعَ كُلً المشروباتِ على فاتورةِ الحفل أليست رائعةً خدمةُ الغرفِ في الفنادق ؟ " ضحكت روزي وهي تشربُ كأسها دفعةً واحدة .
كانت كالأيامِ الخوالي عندما كنت نتجمعُ سويةً ونساندُ بعضنا البعض ونبكي معاً أحياناً كما حدثَ عندما أصيبت روزي بسرطان الثدي وعندما أحتفلنا عندما شفيت منه وعادَ شعرُها للظهورِ مجدداً .
أنزوت باتريشيا وجين على جنب لانها ارادت أن تعتذرَ منها بشكلٍ خاص " بالفعل لم أستطع أقناع دايف بأنك لازلتي مستاءةٌ مما حصل سابقاً" .
" حسناً هو رجلٌ وهكذا يظنُ الرجال قالتها جين بأستهجان لذا لاأظنُ أن بالامكانِ أن تلوميه على ذلك " .
أبتدأت خُطبُ التهاني للعروسين الا أن جين لم تكُ تصغي لما يقال فهي كانت تحاولُ أن تسترقَ النظر الى تلكَ المرأةِ بجانب ستيف ولم تستطع رؤيةَ من كانت بوضوح فآخرَ مرةٍ شاهدتهما معاً كانت عندما غادر المنزل بسيارتهِ للمرة الاخيرة . ما المميزُ بتلك المرأة على كل حال ؟ فهي وستيف كانا حبيبين منذ الثامنة عشر من عمرهما كيف أستطاعت تلك المرأةُ أن تفرقهما عن بعض ؟ لم تكُن تظنُ أن بأمكانها أن تكره أحدٍ ما الى هذه الدرجة .
وأخيراً أنتهت خُطبُ الجميع وذهبت جين لتغير فستانها وترتدي فستانها الاسود القصير الذي لطالما جعلها تشعرُ بالكمال , أطالت النظر لنفسها بالمرآة وهي ترى بأن مظهرها أكثر من رائع .
شعرت بالسعادةِ لانها تمالكت نفسها عندما رأته وبالتأكيد هو سيلاحظ أنها قد تغيرت للأفضل وسيشعرُ بالندمِ على مافرط من بينِ يديه , وأن لم يرى ذلك فلا ضير أنها على أستعدادٍ تامٍ الان للنزول ومواجهه مخاوفِها , لمواجهة شبح الماضي هو ومن معه والتخلصِ من رواسبِ كلِ شيءٍ والى الابد .
جاءَ الطرقُ على بابِ حجرتها كجرس المنبه ليقطعَ سِلسلةَ أفكارها فتحت فوجدت ستيف واقفاً أمامها مبتسماً فذُهِلت وهي تنظرُ اليه .
" مرحباً جين .. لقد أخبروني في الاسفل أين أجِدُكِ كنتُ أريدُ التحدثَ اليكِ على أنفراد . هل تسمحينَ لي بالدخول ؟ "
مرت الثواني وكأنها ردحٌ من الزمن وعزيمتها تتلاشى على وقع ضرباتِ قلبها المتسارع .
أغلق الباب بيده " أنا آسِفٌ جين آسِفٌ فوق قدرتي عن التعبير عن أسفي لك , لم أرِد يوماً أن أجرحكِ لم أُرِد جرح أي أحدٍ على الاطلاق أنا فقط آسفٌ لكلِ ماجرى " .
أرادت بكل مافيها من رغبةِ أن يغادر لكنها لم تستطع الكلام وهو ممسِكٌ بيدها ويعترفُ لها بمدى حمقهِ وغبائه وأنه وخليلتهُ قد أفترقا منذُ سنين عدة ولم يعرِف أمرأةً أخرى منذُ ذلكَ الحين والان فقط تحلى بالشجاعةِ الكافية للاعتذار عما أقترفتهُ نزواته السابقه . أستمرَ بوصفِ مشاعر الندم التي يحسُ بها وبانت على محياهُ علاماتِ صدقِ الاعتذار عن أخطائهِ حتى أنها بدأت تصدقهُ شيئاً فشيئاً وفكرت جدياً أن تمنحهُ فرصةٌ ثانيه لتعويضِ ما سلفَ من أخطاء .
سُرَ الاخرون كثيراً عندما أنضموا اليهم , بغض النظر عما قررتهُ جين فقد كان المنظرُ مفرحاً للجميع فالكل كرهَ أن تبقى وحيدةً كلَ تلكَ السنين . بدا الاثنانِ وكأنهم لم يفترقوا أبداً وهي ترقصُ بين ذراعيهِ سعيدةٌ بذلك لتدركَ أن الغفران ليس بالامرِ الجلل وتساءلت مع نفسها هل من المفروضِ ان تلعب دور الفتاة صعبة المنال قليلاً ؟ لكن لاداعي لذلك فقد مضى من
ايامِ الفراق الكثير وجاء وقتُ الاستمتاع بالوقت .
ستيف كان سعيداً هو الاخر عندما علم بأنه لن يكونَ مضطراً لخوضِ محنة الوحدة الان .
وماعليهِ سوى ان يختار الوقتَ المناسب لاخبارها بأصابتهِ بمرضِ السرطان .
بالتأكيدِ ليس الان , ليس بعد .
ربما غداً ؟ .
أو بعدَ غد .......



#أثير_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير علي - هل تقبلينَ بهذا الرجُل ؟