أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - بمناسبة ذكرى مرور أربعة وستون عاماً على انتفاضة مدينة الحي المسلحة الباسلة عام / 1956















المزيد.....

بمناسبة ذكرى مرور أربعة وستون عاماً على انتفاضة مدينة الحي المسلحة الباسلة عام / 1956


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6471 - 2020 / 1 / 23 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما أن بدأ العدوان الغادر الذي شنه الاستعماريون على الشقيقة مصر عام/ 1956 وأخذت تتضح أكثر فأكثر خيانة وأهداف نوري السعيد ومساندته للعدوان الاستعماري على الشقيقة مصر نهض شعبنا ضد العدوان والخيانة حتى هبت جماهير الحي الباسلة تشارك شعبنا مظاهراته وإضراباته غير أن الحكومة السعيدية ومعها الإقطاعيون في مدينة الحي كانوا يتحينون الفرص لضرب المدينة الباسلة والانتقام من أهلها المناضلين فعمدت إلى خطف بعض الوطنيين واعتقال البعض الآخر عندما كانوا راغبين بالسفر خارج المدينة ... وفي ليلة 17/12/1956 جيء إلى المدينة تحت الظلام بقوات إضافية من الشرطة وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بدأت الشرطة تحرشاتها واستفزازاتها حينما أخذت تنتهك وتداهم بيوت المواطنين وتعتقل الرجال وتعتدي على النساء بمختلف الإهانات والشتائم وهاجمت إحدى الدور التي يسكنها أحد الشخصيات الشيوعية البارزة في المدينة مستعملة الشرطة الرشاشات لفتح باب الدار فاستيقظ سكان المحلة فهالهم هذا الاستهتار وهجموا على الشرطة التي لاذت بالفرار... وفي صباح يوم 17/12/1956 أعلنت المدينة الإضراب العام حتى الساعة العاشرة قبل الظهر مشاركة منها للإضراب العام الذي أعلن في جميع الدول العربية احتجاجاً على العدوان الاستعماري على مصر ومحاكمة القادة الوطنيين في العراق من قبل حكومة نوري السعيد ... وفي اليوم التالي منذ الفجر احتلت الشرطة سوق المدينة ومناطقها وساحاتها العامة وهاجمت الشرطة أحد الوطنيين بالرصاص فاضطر إلى الدفاع عن نفسه وساندته الجماهير وراحت تقاوم الشرطة وبعد صراع دام أكثر من 15 دقيقة فرت الشرطة وكان نتيجة الصدام مع الشرطة سقوط أحد الجرحى فانطلقت الجماهير في مظاهرة صاخبة دامت حتى الساعة الثامنة مساءاً بعد أن حاولت الشرطة تفريقها بالرصاص ولكن المتظاهرين تصدوا لها وأرغموها على الفرار ... وبقيت الجماهير في تلك الليلة يقظة حتى الصباح ونظمت صفوفها وفرق حراسة ... وفي صباح اليوم التالي وجدوا أن مدينتهم مطوقة من قبل الشرطة ومعهم ستة مدافع رشاشة ثقيلة وكميات كبيرة من العتاد وسيارات مسلحة وسيارات إسعاف وقد أقامت المتاريس والاستحكامات وفي الساعة التاسعة والنصف صباحاً أرسل متصرف اللواء (المحافظ) ومدير الشرطة في طلب عدد من وجوه المدينة للمفاوضة معهم في شؤون المدينة وفي حوالي العاشرة والنصف عاد الوفد يحمل إنذار من الحكومة (بوجوب تسليم 40 شخصاً من أهالي المدينة) في موعد أقصاه الحادية عشرة قبل الظهر وعدم التعرض للشرطة التي سوف تدخل السوق وترابط فيه وتعتقل من تريد وإلا فإن المتصرف (المحافظ) سيضرب المدينة ولم يعين المتصرف من هم الأربعين شخصاً واكتفى بالقول أن المدينة تعرفهم ويقصد بهم المناضلين من الشيوعيين والديمقراطيين.
كان مطلب المدينة في إضرابهم بسيط وهو إطلاق سراح المعتقلين الذين أضربوا تضامناً مع إخوانهم العرب لنصرة مصر. وعندما كان الوفد في المحافظة مع المتصرف جاء من يبلغ أهل المدينة بأن المعتقلين سيطلق سراحهم فسرى الاستبشار بين أهل المدينة وفتحت أبواب المحلات المضربة.
كانت هذه خديعة لئيمة الغرض منها تخدير يقظة جماهير المدينة وتظاهر بحسن نية الحكومة وصدقها ولتغطية نيتها المبيتة بالعدوان. بلغ عدد الشرطة المدججة بالسلاح التي وصلت إلى المدينة (1500 شرطي) مع ضباطها وطوقت المدينة وسيطرت على منافذها وعزلتها عما حولها من المدن عزلاً تاماً ومنعت الدخول إليها والخروج منها واحتلت إسالة الماء والكهرباء ... فتجلى للجماهير بوضوح تام أن حكومة نوري السعيد تصر على قتل أهل المدينة واستباحة حرماتها وإذلالها ... ولكن أبناء مدينة الحي وبناتها لم يكونوا من الطين والوحل ليسهل لها أن تدوسهم بأقدامها النجسة ... فاندفعت الجماهير العزل إلا من إيمانها وشرفها تهيئ بحماسة وتصميم أسباب الدفاع عن شرفها وعزها وتستعد لدفع مهر كفاحها العادل ضد حلف بغداد العدواني ومن أجل مجد الوطن وحريته وكرامة العروبة وانتصارها وقالت الجماهير قولتها الشهيرة (سنجعل من مدينة الحي بور سعيد ثانية (المدينة المصرية التي صمدت بوجه الاحتلال الاستعماري عام/ 1956)) ... وحوالي الساعة الثانية عشر ظهراً زحفت قوات الشرطة من كل جانب لاحتلال المدينة وهي تطلق سيلاً من النيران وانطلقت ثمانية قذائف من المدافع على المدينة ... فجوبهت القوات الغازية بمقاومة باسلة أرغمتها على التراجع ثم عاودت الشرطة هجماتها الضاربة على المدينة مرة أخرى ولكن المقاومين الأبطال كانوا يصدون موجاتها البربرية الواحدة إثر الأخرى ... وطول النهار والليل كانت المعارك تزداد قساوة وضراوة وشده واستعملت القوات الغازية القنابل المضيئة لتكشف مراكز المقاومة واستطاعت الشرطة احتلال بعض الدور التي أحاطت بمناطق المقاومة وراحت تصليها بنار حاميه ... وخلال الصراع الغير متكافئ كانت الجماهير تناضل بعزيمة وإرادة لا تلين تضيئها بهجة الإيمان بعدالة قضيتها ... وضرب العديد من النساء والرجال وحتى الأطفال أروع آيات الفداء والبطولة ... ففي أحد المناطق للمقاومة مثلاً لم يبق إلا امرأة تقاوم وأبت الاستسلام للشرطة المحاصرة دارها وبقيت تناضل وتقاوم بالطابوق وهي تهتف بحياة الشعب وروحي فداء للوطن وأخيراً تضرجت بدمائها في صلية رشاش .. وسحب الوحوش السعيديون جسد البطلة ورموها من أعلى الدار إلى الشارع ... وجد المقاومون البواسل أنفسهم تحت سيل النيران المباشر وكان واضحاً لديهم عدم الاستمرار بالمقاومة لنفاذ العتاد لديهم ... وهكذا انتهت المقاومة البطولية المجيدة ... فانطلق الوحوش أصحاب الوجوه النحاسية يهاجمون البيوت ويكسرون الأبواب ويعتقلون كل من يشاهدوه حتى بلغ عدد المعتقلين من الرجال والنساء والأطفال (1000 معتقل) وينهبون كل ما تقع أيديهم المجرمة عليها من مواد ثمينة ورابطوا الشرطة في الشوارع والسوق وعلى سطوح المنازل وفتشت جميع دور المدينة أكثر من مرة واحدة وحفروا أراضي البيوت والجدران بحثاً عن السلاح ودخلت الشرطة على (الشهيد حميد فرمان حنون) وكان مصاباً بجراح في بيته فضربه معاون الشرطة وبطحه أرضاً وداس على رأسه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ... وهكذا استباحت مدينة الحي الباسلة ... وقد عرف من الشهداء الأبطال (حميد فرحان حنون وكاظم عبد الصائغ وزكية زوجة راضي شويلية) وأجهضت حوالي السبعين امرأة وراح المجلس العرفي العسكري بصدر أحكامه الجائرة فحكم على 16 مواطناً بالأشغال الشاقة لمدة (15 عاماً) لكل واحد منهم وحكم على ستة مواطنين لمدة عشرة سنوات لكل واحد منهم وحكم بالإعدام شنقاً على البطلين (علي الشيخ حمود وعطا مهدي الدباس).
وفي يوم 28/12/1956 انتقل إلى سجن الكوت المجلس العرفي العسكري ودخل على الشهيدين أشخاص وجها إليهما بعض الأسئلة دون أن يعلموهما بهويتهما أو عملهما ولا يعلموهما بأنهما أمام محكمة وبالطبع لم تتوفر لهما إمكانية وظروف الدفاع عن نفسهما ولم يبلغا بالحكم الذي صدر عليهما وفي يوم 29/12/1956 بلغ مأمور السجن الشهيدين بالحكم الجائر عليهما وبالرغم من إصدار الحكم عليهما بالإعدام إلا أن التعذيب الوحشي استمر ضدهما مما أدى إلى أن يلفظ المناضل الشهيد عطا مهدي الدباس أنفاسه الأخيرة وهو في طريقه إلى ساحة الإعدام وقد أعدم أعداء الشعب والإنسانية البطل حتى بعد موته أما المناضل الشيوعي علي الشيخ حمود فقد أعدت السلطة السعيدية لإعدامه في وسط المدينة في ساحة (الصفا) المكان الذي كانت تنطلق منها المظاهرات الجماهيرية ... ومن على سلم المجد والخلود تحت ظلال المشنقة أنشد :

الشعب ما مات يوماً وإنه لن يموتــــــــــــــا
إن فاته اليوم نصـراً ففي غدٍ لن يفوتــــــــــا
وأجال بنظره نحو فضاء المدينة الباسلة ورفع يده لتحية أبناء الشعب المزدحمة ... وانتهى إلى المجد والخلود على جبين التاريخ حينما الأيام تترى وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ فينطق حكمه الذي لا يرحم فيمدح هذا ويذم ذاك.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والله حيرة ...!!
- دور الطلبة في انتفاضات الشعب العراقي
- من المآثر النضالية لطلبة ثانوية الحلة للبنين في انتفاضة تشري ...
- بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لوثبة كانون المجيدة
- الفرق بين النظام الرئاسي والبرلماني من خلال التجربة العراقية
- الدولة ومسؤوليتها تجاه المكونات الاجتماعية
- ما أشبه اليوم بالبارحة (2)
- العراق وطن مستباح وشعب مذبوح
- القضية العراقية بين صراع المصالح والواقع الملموس
- إلى الذين يكتبون بدمائهم ملحمة النصر (قطعة نثرية)
- شخصيات إنسانية خلدهم التاريخ
- منطق التاريخ وثورة الجوع والغضب
- الحراك الطلابي وثورة الجوع والغضب في العراق
- حوار شفاف مع كتلة سائرون
- (2) حركة القرامطة
- (1) ثورة الزنج في مدينة البصرة العراقية
- مطاليب متظاهري محافظة ذي قار
- الفرق بين الثورة والانتفاضة
- غضب الشعب وعصيان الدولة
- الواقع العراقي وحركة التاريخ


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - بمناسبة ذكرى مرور أربعة وستون عاماً على انتفاضة مدينة الحي المسلحة الباسلة عام / 1956