أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أي مدرسة أعددنا في تونس للأجيال القادمة سنة 2050؟ جزء 2














المزيد.....

أي مدرسة أعددنا في تونس للأجيال القادمة سنة 2050؟ جزء 2


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6471 - 2020 / 1 / 23 - 10:07
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


قال أستاذي وصديقي، عالِم البيداغوجيا والديداكتيك الفرنسي (فلسفة التعليم أو إبستمولوجيا التعليم)، الأستاذ أندري جيوردان في كتابه "تعلّمّ" 1998، صفحة 247 ("Apprendre"):
"في القرن الثامن عشر، كانت موسوعة واحدة تكفي للتوثيق لجميع معارف العصر. أما اليوم فعلوم المخ وحدها تنتج كل عام ما يعادل كمية من المنشورات العلمية بسُمك خمسين متر.
بعض الخبراء يقدّرون أن المعارف البيولوجية تتضاعف كل خَمس أو ست سنوات، و كل سبع أو ثمان سنوات في التكنولوجيا. أما في الروبوتيك أو تقنية المعلومات فصلوحية بعض المعطيات لا تصمد أكثر من ثلاث سنين، وكل ثمانية عشر شهر يُولد جيل جديد من الشرائح الألكترونية.
ما هي المعارف التي ستبقى "صالحة" في 2020 أو 2040؟ وما هي المعارف الجديدة التي ستنبثق من رحم القديم؟
القراءة والكتابة والحساب، صحيح أنها كفايات أساسية، لكنها أصبحت غير كافية للتأقلم مع متطلبات الألفية الثالثة (2050). ألفية تتناقص فيها أهمية الأخبار المكتوبة (الجرائد) وتطغى فيها الصورة (التلفزة والأنترنات)، فبأي زادٍ معرفيٍّ سيحل تلميذ المستقبل شفرة تواترات الصور (L`enchaînement d`images dans les journaux télévisés et les documentaires) والنصوص الرقمية (Hypertexte) وكيف سيحدد مصدرها ونجاعتها ووجاهتها.
عليه إذن أن يتعلم كيف يتعلم: "لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد". شيء يحتاج إلى بعض التفكير وإلا فَقَدَ المَثَل الصيني معناه. على الأفراد تحضير أنفسهم لإدارة المنَظَّم (Comment gérer l`organisé) وغير المؤكد (L`incertain) وغير المنتَظر (L`inattendu).
تغيرت الأولويات، لم يعد مطلوبا من المدرسة أن تكتفي بتعليم محتوى المواد بل عليها إتاحة الفرصة والوقت للتلميذ للإلمام بجميع معارف عصره واكتشاف ما خفي منها ("أن الغباوة في اعتقاد الفرد فهم الأشياء، لا بكشفِ ما حُجِبَ منها، بل بتصديق ما كُشِفَ منها") والتعرّفِ على ما ليس واضحًا أو مألوفا وتدريبه على طريقة استقصاء تجعله قادرًا على مجابهة التحديات الحالية والمحتملة.
تطوير ملكة التعلم عند التلميذ تُعدّ أهم من حشو دماغه بمعلومات قد تفقد قيمتها بسرعة جنونية. يصبح من الأكيد إذن وقبل كل شيء أن نكوّن عقولاً قابلة للتساؤل حول العالَم وحول نفسها، ونربي مواطنين قادرين على مناقشة الرهانات الاجتماعية المعاصرة. فلنرجّح إذن تملّك منهجية في التفكير ونمنحها مكانة هامة في التعليم.
على التلميذ أن يضع موضع التنفيذ البحوث الوثائقية والتجريبية والشمولية (Systémiques) أو ممارسة النمذجة (La modélisation) والمحاججة (L`argumentation) والمحاكاة (La simulation).
لم يعد المطلوب فقط تعلّم حل المسائل بل أصبح المُلِحُّ أكثر هو التوصّل إلى بسط المسائل بوضوح داخل وضعية تعلمية. ولم تعد الأولوية تتمثل في البحث عن المعلومة بل أصبحت الأولوية في فرزها وترتيبها ومناقشة وثاقة صلتها بالموضوع...
إعطاؤنا الأهمية لتملّكِ تمشيات في التفكير وتطوير شخصية التلميذ لا يجب أن يحجب عنا أهمية المعلومات (Les connaissances). لكن وفي هذا الإطار بالذات فإن التغييرَ في علاقتنا بالمعارف (Les savoirs) يفرض نفسه هنا أيضا، ولا زال للمعلومات سببٌ للوجود، ودونها لا نستطيع تطوير سلوكيات (Des comportements) أو معالجة منهجيات (Des méthodes). على شرط أن تكون معلومات قابلة للتلف البيولوجي (« biodégradables ») حتى لا تُحنِّط الفكر في لحظة يحتاج فيها هذا الأخير إلى مرونة قصوى. لكن من ناحية أخرى يجب استغلال بعض المفاهيم "الكبرى" كعناصر منظِّمة أو ضابِطة للفكر. هذه المبادئ الأساسية يجب أن تُختار من أجل إيجاد رابط بين أخبار العالم ومن أجل تمكين الفرد من التموقع وتجديد ترسانته التخيلية (الزمن، الفضاء، المادة، الأخبار، التنظيم، الضبط، الذاكرة، التطوّر، إلخ). وفي نفس الوقت يصبح من الضروري نقد المعارف التي نتناولها. والأهم من المعارف نفسها هو التفكير في الرابط بين المعرفة والثقافة والمجتمع أو بين المعارف والقِيم (Les connaissances ne changent pas automatiquement les valeurs).
على التلميذ أن يتفطن لإمكانية تواجد عدة حلول لمشكل واحد، وكل حل منهم يُفهم في سياقه. أو قد لا يوجد حل بالمرة أو قد تكون الحلول أسوأ من المشاكل نفسها ويصبح السؤال أهم من الجواب... أو يحيلنا الحل على إطار جامد متكلس، والسؤال على استقلالية التفكير لدى الفرد. وفي هذا الاتجاه تصبح المعرفة تَساؤلاً وجيهًا في محله أو ربط وإبداع وبلورة لوجهة نظر. تصبح أداة في خدمة مشروع: مشروع فرد يحضنه مجتمع".

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأحد 18 سبتمبر 2016.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الفرقُ بين الأساتذة الجامعيين الذين يدرّسون في الدول المت ...
- ويسألونكَ عن الديداكتيك.. قُلْ هي ليست عِلمًا بل هي أرقَى من ...
- تأويلات منصفة للمرأة في كتاب الشيخ راشد الغنوشي، -المرأة بين ...
- هل يحق للأستاذ أن يتباهَى بتلامذته المتفوّقين الذين تخرّجوا ...
- لماذا بالَغ أولياء التلامذة في شيطنة الأساتذة؟ (Pamphlet)
- سلوكيات بيداغوجية بسيطة ساعدتني كثيرا في التدريس
- نبذة مقتضبة حول حياة ماريا مونتيسوري، رائدة البيداغوجيا العل ...
- هل أنتَ مَعَ أو ضِدَّ حَثِّ الأطفالِ على المطالعة بمقابِلٍ م ...
- حَوَّاءُ هيَ الأصْلُ وليسَ آدَمُ!: تأويلٌ من تأويلات محمد عب ...
- العلم يقول: ممكن الآن تجنيب ابنك وراثة مرض وراثي، لكن الأغني ...
- مقارنة طريفة بين الأستاذ المباشر والأستاذ غير المباشر (الأست ...
- تَوْصِيفٌ عِلْمِيٌّ ل-النفس الأمّارَة بالسوء-؟
- نَعِيبُ زَمانَنا والعَيبُ فِينا!
- أكبرُ سَقْطةٍ أخلاقيةٍ مهنيةٍ (Déontologique)، ممكن يقع فيها ...
- كليات العلوم التونسية، لماذا لم تنتج لنا علماء!
- كيف يرى الشيخ راشد الغنوشي دورَ علماء الإسلام (مثقفيه) في ال ...
- أحلى صداقة وأدومِها وأصفاها، هي الصداقة الناتجة عن الزمالة ع ...
- أزمة التعليم الخاص في تونس: علاقة المؤسسة التربوية بتلاميذها ...
- موقفان متناقضان من فكرة مأسسة الدين: الشيخ، ضد، والبرادوكسال ...
- أحداثٌ وَقعت لِي أو لبعض زملائي أثناء ممارسة مهنة التدريس


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - أي مدرسة أعددنا في تونس للأجيال القادمة سنة 2050؟ جزء 2