أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عيبان محمد السامعي - علي عبدالرزاق باذيب.. الحاضر دوماً















المزيد.....

علي عبدالرزاق باذيب.. الحاضر دوماً


عيبان محمد السامعي

الحوار المتمدن-العدد: 6470 - 2020 / 1 / 21 - 17:00
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


يصادف اليوم مرور الذكرى الـ29 لرحيل المناضل الوطني والمفكر التقدمي والمثقف العضوي علي عبدالرزاق باذيب, أحد أهم وأبرز رموز اليسار الماركسي في اليمن منذ منتصف القرن الماضي, والذي رحل عن دنيانا في 21 يناير 1991م, بعد أن ترك للأجيال تراثاً نظرياً ثرياً وتجربة نضالية حافلة بالعطاء والتميز.

ترك علي باذيب بصمات مضيئة في أكثر من مجال, في السياسة والثقافة والأدب والصحافة والإعلام والعمل النقابي والسلك الدبلوماسي. وتقلد مناصب عديدة أبرزها: وزير الثقافة والارشاد, ونائب رئيس الوزراء, وسفير اليمن الديمقراطي لدى ألمانيا, وكان من مؤسسي اتحاد الشعب الديمقراطي (عقد مؤتمره التأسيسي في 22 أكتوبر 1961م), ومن ثمّ من مؤسسي الحزب الاشتراكي اليمني وعضواً في مكتبه السياسي منذ إعلانه في أكتوبر 1978م. كما ترأس تحرير عدد من الصحف الوطنية, وكان عضواً في هيئة تحرير مجلة النهج.

إن استحضار واستلهام التراث النظري والتجربة النضالية والإنسانية لعلي باذيب وشقيقه عبدالله باذيب ورفاقهما يمثل حاجة ملحة, لاسيما مع الأوضاع المأساوية التي تعيشها بلادنا, وانسداد الآفاق أمام القوى الوطنية الناجم, في الأساس, عن تضبب في الرؤية وتشوش في التعاطي المنهجي مع قضايا الواقع.

لعب علي باذيب دوراً طليعياً في مختلف المحطات التاريخية في تاريخ اليمن السياسي المعاصر, وهو المفكر الذي تفرّد عن سائر رفاقه وأقرانه بوضوح الرؤية, وبالموقف الناضج والمتقدم زمنياً ونوعياً والواعي لظروف الواقع وملابساته. فكان بحق المفكر الذي حمل القضية الوطنية وتطلعات الشعب هرماً رابعاً, وسعى في سبيل ذلك إلى تقديم الرؤى البرنامجية بأفق سياسي رحب ووضوح نظري ومنهجي تام.

ولعل الكتيب المعنون بـ "حركتنا الوطنية.. أين تتجه؟؟" الذي نشره في يناير 1961م يمثل نموذجاً لامعاً لهذا الوضوح النظري والتماسك المنهجي الذي اتسم به علي باذيب. فقد حدد مسار النضال الوطني والتحرري بوضوحٍ تام في ظروف سياسية وتاريخية ملتبسة, حين ربط قضية التحرر الوطني من الاستعمار البريطاني, بقضية الديمقراطية الاجتماعية والتحرر من قوى الاقطاع والاستبداد السياسي في الجنوب والشمال, وبناء بديل وطني وتحقيق الوحدة اليمنية بمضامين ديمقراطية تقدمية.
ورأى علي باذيب أن ذلك كله لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وحدة القوى الوطنية في سائر اليمن. ولهذا دعا إلى تشكيل "جبهة وطنية متحدة" لتكون بمثابة الإطار الوطني الجامع لمختلف القوى السياسية والاتجاهات الفكرية التي تلتقي حول أهداف مشتركة وهي: مواجهة الاستعمار والقوى الرجعية, والسعي نحو تحقيق التحرر الوطني, والتقدم الاجتماعي, وتحقيق الوحدة اليمنية.

جاءت هذه الدعوة "الباذيبية" المبكرة والمتقدمة قياساً بالخطاب السياسي السائد يومذاك, تتويجاً لتحليل موضوعي لواقع اليمن في خمسينات القرن الماضي, حيث كانت اليمن تغرق في حالة من التمزق والتشطير والتخلف, وتعاني من فظاعات الاحتلال البريطاني في الجنوب ومرارات الاستبداد الإمامي الكهنوتي في الشمال.

أدرك علي باذيب أن جسامة المهمات الوطنية وتعددها وتنوعها على مختلف الأصعدة: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية, وفي واقع معقد كواقعنا اليمني, تتطلب مثل هذا الشكل التحالفي الجبهوي الوطني الواسع؛ ذلك لأنه لا يمكن لأي طرف أو تيار أو بضعة تيارات أن تنهض بأعباء هذه المهمات وتنجزها مهما توهمت ذلك..!

وفي هذا السياق, يشخّص علي باذيب أسباب أزمة الحركة الوطنية التي من أبرزها: التعصب والانغلاق والاستغراق في الخصومات والمهاترات السياسية العبثية, والانصراف عن ما هو أساسي وجوهري, والانشغال بما هو ثانوي وهامشي, وكل ذلك كان يصب في مصلحة الاستعمار وأعوانه وفي مصلحة الاستبداد السياسي.
ونظراً لخطورة هذا الأمر على مسار النضال الوطني, دعا علي باذيب إلى الإخاء الوطني والقبول بالآخر ونبذ التعصب, و"ضرورة العمل على أن ندير مناقشاتنا بإخلاص وتواضع, بعيدين عن الغرور الأجوف, والادعاء الكاذب, والتهجم الرخيص, ومستعدين لأن نتقبل مناقشة بعضنا بعضاً بروح الإخاء الوطني ومن أجل أن نصل إلى الحقيقة." (راجع: علي باذيب: حركتنا الوطنية.. أين تتجه؟)
كما حذر من خطورة فرض الصيغة الأحادية أو التنظيم الواحد كبديل عن الجبهة الوطنية الواسعة, داعياً إلى اعتماد الأسلوب الديمقراطي في التعاطي مع مختلف القوى, وضمان حرية النشاط السياسي وسائر الحريات الديمقراطية.

كتب علي باذيب: "إن الجبهة الوطنية هي أروع شكل وإطار لتنسيق جهود الشعب, وتنظيم قواه, وقيادتها نحو النصر. وهي الشكل التنظيمي الوحيد الذي يمكن أن ينظم تحالف كل القوى الوطنية من أجل تحقيق مهماتها الوطنية المشتركة على النحو السليم وفي الطريق الطبيعي. ولهذا فهي تفترض التقاء جميع ممثلي القوى الوطنية حول مهمات الحركة وأساليب تحقيقها وكل ما يتصل ببرنامج الحركة التقاءً اختيارياً وبمحض إرادتهم, لا عن طريق التعسف, وفرض الرأي مسبقاً, وبواسطة الإكراه من جانب أي فريق. وهي ليست أداة, ولا يمكن أن تكون أداة لتحويل الوطنيين إلى نسخة واحدة متشابهة. وهي لا يمكن أن تعني القضاء على الحريات الديمقراطية في قلب الحركة الوطنية.. بل هي العامل السليم لازدهار هذه الحريات وتفتحها في الطريق الصحيح. (...) إن المهمات القائمة اليوم مشتركة بالفعل بين جميع القوى الوطنية المختلفة التي تضمها بلادنا, ولكن بين هذه القوى اختلافات وتناقضات موجودة بحكم الأسس الطبقية والمرتبية. ولا يمكن تجاهل هذه الاختلافات, وإن كان لا يجب في نفس الوقت وبأي حال العمل على تضخيمها والمبالغة فيها. وليس هناك من نقطة التقاء للمصالح المشتركة بين جميع القوى الوطنية سوى الجبهة الوطنية. أما الحزب الواحد فلا يمكن إلا أن يتيح لقوى معينة بذاتها السيطرة على جميع القوى الوطنية, وهو لا يمكن إلا أن يؤدي إلى حبس آراء الجماعات الوطنية المختلفة لصالح قوة وطنية بذاتها."

وكتب أيضاً: "إن معركتنا الراهنة تتطلب التقاء كل الوطنيين, وتتطلب لهذا إفساح المجال لتبادل الآراء والخبرات والمناقشات, وتبادل النقد الموضوعي وقيام التنظيمات المتعددة. ولن يكون ذلك ممكناً للجماهير أن تنتصر في معركتها, دون أن تعي ودون أن تنتظم. ومن هنا تبدو بجلاء أهمية ضمان حرية النقد, والحريات الديمقراطية في الحركة الوطنية. ومن هنا أيضاً يظهر بوضوح السر في محاربة الاستعمار للحريات. على أن الجبهة الوطنية عندما تتيح المجال أمام كل الجماعة الوطنية لتحتفظ بحقها في الدفاع عن آرائها واتجاهاتها, تنص على ضرورة توجيه الانتقادات والمناقشات بصراحة, مقترنة بالإخاء الوطني والإخلاص. وهي تشجب التسرع في إطلاق النعوت والاتهامات المتحاملة ذات اليمين وذات الشمال, والتي لا يمكن أن تؤدي, إن هي أدت إلى شيء, إلا إلى خلق جو من الإرهاب. وهي تشترط ضرورة حل الخلافات القائمة بين جميع الوطنيين بالأساليب الديمقراطية, أي النقاش الأخوي البناء والرقابة المتبادلة بين مختلف أطراف الحركة الوطنية." (علي باذيب, حركتنا الوطنية.. أين تتجه).

لقد قوبلت دعوة علي باذيب بتشكيل "الجبهة الوطنية المتحدة" بموقف رافض وممانعة شديدة من مختلف القوى التقليدية والقومية, وتساوت في هذا الموقف القوى الانفصالية مثل رابطة أبناء الجنوب العربي, والقوى التقليدية المهادنة للاستعمار كالاتحاد اليمني, وكذا القوى القومية من بعثية وحركية وناصرية.
جاء هذا الموقف, في الأساس, تعبيراً عن حالة العداء ضد التيار الماركسي الذي تزعمه عبدالله باذيب, والذي بدأ يفصح عن هويته الفكرية منذ عام 1954م من خلال أدوار وأنشطة تنويرية, كالكتابة الصحفية في بعض الصحف الوطنية, وإلقاء المحاضرات وتنفيذ الندوات الفكرية والأدبية, والاضطلاع بدور تأثيري في بعض النقابات العمالية والتجمعات السياسية والثقافية المعارضة. إلى أن تهيأت الظروف الموضوعية والذاتية في 22 أكتوبر 1961م للإعلان عن كيانهم السياسي المستقل تحت اسم "اتحاد الشعب الديمقراطي", ليمثل أول حزب ماركسي يسترشد بالاشتراكية العلمية ليس على مستوى اليمن فحسب, بل على مستوى الجزيرة العربية برمتها. وقد صدر عن الحزب وثيقة برنامجية هي "الميثاق الوطني" وتحت شعار "نحو يمن حر ديمقراطي موحد".

ويجمع الباحثون على أن هذه الوثيقة قد تميزت عن سائر برامج التنظيمات والأحزاب السياسية في الشطرين بالموضوعية والعلمية والنظرة الشمولية للوضع الوطني العام, ودقة تحديد المهام النضالية للحركة الوطنية, وربط قضية التحرر الوطني من الاستعمار بالتحرر الاجتماعي من الاستبداد الإمامي وتحقيق الوحدة اليمنية بأسس ديمقراطية واضحة, أي أنه لم يطرح هذه القضايا على سبيل شعارات سياسية فضفاضة كما هو سائد عن بعض القوى, بل ترجمها إلى محددات برنامجية واقعية.

ودعا اتحاد الشعب إلى مساندة الحركة الوطنية الشعبية الديمقراطية المعادية للاستعمار والاقطاع والرجعية المحلية, وضد التجزئة المفروضة على الشعب اليمني, مجدداً الدعوة إلى بناء "الجبهة الوطنية" باعتبارها الشكل الملائم والمناسب للنضال ضد الاستعمار وقوى الاقطاع والسلاطين في الجنوب وضد النظام الامامي الكهنوتي في الشمال.
لقد مثّل "الميثاق الوطني" بحق أول وأرقى وثيقة برنامجية وطنية موضوعية, وعبّرت عن وعي عميق بظروف البلد وطبيعة المرحلة التاريخية التي تمر بها.

تظل تجربة الفقيد المناضل علي باذيب بحاجة إلى مزيد من تسليط الأضواء عليها وإبراز جوانبها المختلفة والمتعددة, لاسيما وأن جزءاً كبيراً من إنتاجه النظري والفكري والأدبي لا يزال يحتفظ بقيمته الوطنية والمعرفية.
ليس ذلك وحسب, بل أيضاً لما جسّده الراحل من مسلكية سياسية مبدئية, وبأفق رحب, متجاوز للشعارات البراقة والتنطع اليسراوي والتخندقات الشكلية إلى ما هو أعمق وأدق وأوضح.

السلام لروحه, والخلود لفكره...



#عيبان_محمد_السامعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن خلدون الحضرمي.. هل كان انتهازياً؟؟!
- الأبوية السياسية كإحدى أوجه أزمة الأحزاب السياسية اليمنية
- أيلول الخالد : محطات على الطريق (*)
- الثقافة من منظور ثوري
- بلقنة اجتماعية أم متحد وطني؟!....
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- قضية المرأة في فكر الشهيد فتاح
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن.. التحولات ورهانات المستق ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- الحركة العمالية والنقابية في اليمن خلال 80 عاماً.. التحولات ...
- مسألة السيادة الوطنية في السياق اليمني الراهن.. دراسة تحليلي ...
- هموم وقضايا السياسة والتنمية السياسية في اليمن المعاصر
- مقبل الخالد..


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عيبان محمد السامعي - علي عبدالرزاق باذيب.. الحاضر دوماً