أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج2














المزيد.....

حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6467 - 2020 / 1 / 17 - 01:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين أن يكون العراق هو الصوت أو هو الصدى أو تتباين التقييمات في ذلك بين مقدم ومؤخر، يبقى العراق هو وطن الأزمات والنكبات والصراع ما بين ديوك المنطقة وثعالبها، وعليه أن يبقى كذلك حتى حين مستنزفا ومتهالكا يعاني الفقر والفاقة والحاجة وهو رأس الغنى وحديقة الله الجميلة، لأن هناك من لا يريد لهذا الاسم أن ينهض مرة أخرى أو يعود لسيرورته الأولى منبرا للنور، فلا عجب إن تكالبت عليه كل عوادي الزمن وتعاوت بوجهه الذئاب.
نعود إلى قضية الأستبداد الديني وعلاقته ومؤثراته في قضية الثورة العراقية الكبرى ثورة تشرين المجيدة، وأوضح أن الأستبداد الديني ليس هو المتعارف عليه فقط حين تتحول الفكرة الدينية سلطويا سيفا على رقاب الناس، بل هناك أستبداد ناعم وحريري ويتخذ شكلا معرفيا وأحيانا يرتدي ثوب الفضيلة والأخلاق والقيم، لكنه بالنهاية يصل إلى نفس النتيجة التي يصل لها عن طريق السلطة والقوة والتمسك بأحقيته في تسيير الحياة دون رادع، هذا الشكل من الأستبداد الديني هو الأخطر وهو الذي يتغلغل في الواقع العراقي تحديدا، حيث تمارس المؤسسة الدينية سلطتها بالأدوات المعرفية الإيمانية ولا تدع للإنسان البسيط وحتى المتعلم أن يفلت من قبضتها، لأنها تتكلم بوجه مثالي وأخلاقي في شكل الطرح والمطروح.
عندما تفجرت الثورة في الأول من تشرين وواجهت عصابات السلطة الحاكمة وأدواتها السياسية التي هي في الغالب من ضمن منظومة الأستبداد الديني السلطوي، حاولت كل المؤسسات الدينية في البلاد أن تخفف من وطأة وردة الفعل على أسلوب الرد من خلال خطب ومواقف أما تخديريه أو باحثة للعذر ومبررة بشكل مخفي وحريص على إبقاء أدواتها خارج الإدانة وخارج المسائلة، وحاولت أن تساوي بين القاتل الجلاد المدجج بكل أدوات الغدر والقتل مع المواطن البسيط الذي لا يملك في مواجهة كل ذلك إلا العلم العراقي وحب الوطن، هذا الموقف المخزي تضاءل قليلا نحو الأعتراف بحق الشعب بالثورة والإصلاح والتغيير لكن ليس بمستوى المسئولية وضخامة الجريمة، وأخذت ترقع في مواقفها الهامشية من الحدث خوفا من إنهيار قبضتها على المجتمع ومدارية للبعض.
كان الصوت الوطني منتفضا ورافضا لهذا الخداع وأسبوع بعد أسبوع وشهر بعد شهر أيقنت المؤسسة الدينية أنها في واد والشعب في واد أخر طالما أنها لم تتخذ موقفا حاسما ولا جدليا من ضخامة الحدث، وهذا الأسلوب الملتوي كان واحدا من أساليب تشتيت الوعي الثوري كما تظن وتتمنى عبر خطابها الملغز والذي يحمل عدة وجوه منها أن نفس الطبقة الفاسدة القاتلة التي أرتهنت إرادة العراق وشعبه كانت تفسر ما يصدر منها على أنها رسالة للثورة وليس لها من خلال مفردات التشويش والتشتيت في منطق الخطاب، الثورة كانت ترفع شعار (نريد وطن) بمعنى أن الجماهير التي خرجت لا تحمل مشروعا سياسيا غير أن تتمتع بحقها الإنسانية في علاقة عادلة ومتوازنة بين حقوقها وواجباتها بما في ذلك أن يكون العراق دولة مؤسسات وحقوق مصانة وواجبات معروفة ومنصص عليها بالقانون، دون أن يكون لأي جهة أو وجهة حق التعالي عليها أو مصادرة قرارها المصيري.
هذا الشعار بجوهريته يتناقض مع هدف المؤسسة الدينية الأستبدادي الذي ترى فيه أهميتها وحقها هي في تقرير مصير الناس وفقا لما تمليه مصالحها هي لا مصالح الشعب والوطن، فالحديث عن حق الناس في التظاهر مثلا ودعواتها للإصلاح دون أن تدين الفاسدين وتتخذ منهم موقفا حازما ولا مسؤولا بأعتبار أن البلد لا يحتمل المصادمة مع عناصر الفساد وأن الله سيكون مع المظلومين يمثل رؤية كهنوتية مترددة لا فيها حزم ولا جدية في معالجة الموقف أو حسم الأمور وهذا هو منهج الأستبداد الديني السلطوي في النهاية، إنها تتماهى تماما مع كل النماذج الدينية عبر التاريخ والتي أرتهنت مواقفها من الخشية من التغيير ونتائجه على المدى البعيد.
وبرغم المواقف التذبذبية من قبل بعض نشطاء الثورة وممن لا خبرة له في فهم حقيقة الصراع القائم والمضمر بين الثورة وتطلعاتها التحررية، وبين ماهية الأستبداد الديني بكل أشكاله، يبقى الصوت الرافض لهذا السلوك المزيف هو سيد الموقف وهو الذي سينتصر بالنهاية معلنا أفول الفترة المظلمة الثانية التي يمر بها الوطن، لأن حقيقة الأستبداد الديني الناعم سوف تكون في لحظة تاريخية قادمة مفضوحة ومكشوفة للجميع، فلا يمكن للمؤسسة الدينية بأي شكل من الأشكال أن تستمر بخداعها وزيفها ولا بد لها أن تتخذ الموقف الحقيقي لها بوجه الثورة والشعب، وعندها سوف يكون الحساب على أشده وربما انزوائها إلى الأبد عندما يصل الوعي الثوري أيضا إلى النضج الكافي الذي يؤهله إلى إدراك المخفي والمضمر من سلوك المؤسسة الدينية بكل أوجهها وتوجهاتها الطائفية والسلفية ورغبتها في أن تبقى متحكمة بالوعي الجمعي العام للشعب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج1
- لا تتوقف الثورة ولن نتراجع
- العودة لمسارات الثورة وأنتظار الحل
- إيران وأمريكا والخيارات المتاحة
- قرار الحرب بين القوة والقدرة وميزان الصراع
- الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1
- عن السيادة وأشياء أخرى
- الفراغ الدستوري والفراع السياسي..
- الرئيس صالح لم يعد صالحا برأي البعض
- المنهج الوزاري لحكومة مصغرة أنتقالية.
- بين سلمية الثورة وعنف السلطة
- رئاسة الجهورية بين مطرقة الدستور وسندان اللحظة الأخيرة.
- خيارات التغيير بين السلطة والشعب
- ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا
- ((المشروع الوطني من أجل عراق أمن ومتطور))
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح2
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح1
- إلى ...................
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - حكم الأستبداد الديني وأفول منتظر ج2