أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - ترامب يقود اميركا من هزيمة الى هزيمة















المزيد.....

ترامب يقود اميركا من هزيمة الى هزيمة


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6466 - 2020 / 1 / 16 - 10:49
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: جورج حداد*


في تشرين الثاني 2016 انتخب البيزنسمان دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية، فتظاهر عشرات آلاف الاميركيين ضده في مختلف المدن الاميركية، معتبرين ان هذا الانتخاب سيكون كارثة على الولايات المتحدة الاميركية، ورفع بعضهم شعار "الموت، ولا ترامب!". وقال العديد من الخبراء حينذاك ان ترامب ليس اكثر من ملياردير غير متوازن، مهووس بالدولارات، مضارب متخصص في قطاع العقارات وبناء الملاهي ونوادي القمار، يفهم السياسة كلعبة قمار، وانه سيدمر كل ما بنته الدبلوماسية الاميركية في عشرات السنين ويقود اميركا الى الحضيض! بينما رأى خبراء آخرون انه كاوبوي اميركي حقيقي، غانغستر وقاطع طريق سيتمكن من ابتزاز العالم من اجل انتشال اميركا من الازمة الاقتصادية ـ الاجتماعية الخانقة التي لا تستطيع ان تجد مخرجا منها.
ودخل ترامب مسرح السياسة الدولية الكبرى، كمضارب يدخل نادي قمار او يدخل حلبة البورصة، وكل همه جمع مليارات الدولارات للانفاق على جهاز الدولة الاميركي الكبير والمترهل والذي لا تكفيه دولارات العالم باسره.
وكأي مضارب لوذعي ولاعب قمار "ابن كار" لم ينس ترامب ان يضع الى جانبه امرأته الجميلة ميلانيا، وابنته الاجمل ايفانكا التي تأسف علنا انه لا يستطيع مضاجعتها، فعينها مستشارته الخاصة، واخيرا صهره اليهودي المؤصل جاريد كوشنر الذي جعله رجل المهمات الخاصة.
ومن خلال بهلوانياته ومسرحياته الكراكوزية المستمرة خاض دونالد ترامب المعارك الدولية الدونكيخوتية التالية:
ـ1ـ اولا وضع ترامب عينه على الصين، التي تمثل كابوسا مرعبا للادارة الاميركية، بوصفها المرشحة كي تتقدم اميركا وتصبح اكبر اقتصاد عالمي في السنوات القليلة القادمة. وفي ساعة "جنون" او "اختلال توازن" قرر المضارب دونالد ترامب ارسال الاساطيل الحربية الاميركية ومحاصرة الصين، تمهيدا لابتزازها فيما بعد. ولاجل ايجاد حجة لحشد الاساطيل الاميركية قرب الشواطئ الصينية، شنت الادارة الاميركية حملة شعواء، على حافة الحرب، ضد جارة الصين، كوريا الشمالية، المنطوية على نفسها، بحجة ان كوريا الشمالية تطور الاسلحة الصاروخية والنووية وتهدد السلم العالمي. وفي الوقت ذاته كانت ادارة ترامب تدعو القيادة الكورية الشمالية الى التفاوض، واجتمع دونالد ترامب نفسه مع الزعيم الكوري الشمالي اكثر من مرة. وكانت نتيجة هذه السياسة الهزلية ـ الحربية للادارة الترامبية الفشل التام:
اولا ـ لان الصين الشعبية عمدت الى تطوير سياستها الدفاعية والتقرب والتحالف العسكري الوثيق مع روسيا، بحيث بدت الاساطيل الاميركية عند الشواطئ الصينية كمجموعة من الجرذان قرب قوائم فيل ضخم.
وثانيا ـ لان كوريا الشمالية ذاتها، وبدعم سري وعلني من قبل الصين وروسيا، طورت تماما اسلحتها النووية والصاروخية التي صارت تهدد بالفعل الاراضي الاميركية ذاتها.
ـ2ـ عمد ترامب الى توتير العلاقات الى اقصى حد مع روسيا وفرض اقسى العقوبات المالية والاقتصادية والسياسية عليها، وعلى كل من يتعاون معها، بقصد اضعافها اقتصاديا وابتزازها ماليا. واعلن الخروج من اتفاقية اتلاف وعدم انتاج الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، والهب الحرب الباردة من جديد، مع روسيا هذه المرة، بدلا من الحرب الباردة السابقة مع الاتحاد السوفياتي السابق. ولا شك ان العقوبات الاميركية اثرت نسبيا على المعاملات المالية والتجارية الخارجية الروسية، الا ان روسيا انتهجت سياستها الخاصة في كل الميادين وخرجت من هذه المواجهة مع اميركا اقوى بكثير مما كانت عليه سابقا، ماليا واقتصاديا وتجاريا وسياسيا وعسكريا. وكرد فعل على السياسة الغبية لاميركا الترامبية ظهرت على المسرح الدولي نواة حلف جبار بين روسيا والصين وايران.
ـ3ـ شن ترامب حربا تجارية غير مسبوقة ضد الصين. كما رفع حاجز الرسوم الجمركية ضد حلفاء اميركا بالذات. وهذا كله سيؤدي الى عواقب وخيمة على مستقبل الاقتصاد الاميركي.
ـ4ـ في 2018 اعلن ترامب انسحاب اميركا من الاتفاقية النووية مع ايران، واعلن تشديد العقوبات عليها وعلى كل من يتعامل معها بحجة انها – اي ايران – تعمل لتطوير القنبلة النووية. وقد حصلت اميركا على عشرات مليارات الدولارات بفعل العقوبات ضد ايران والمتعاملين معها. ومن اهداف العقوبات التي اعلنها ترامب: تخفيض تصدير النفط الايراني الى الصفر من اجل الخنق الاقتصادي التام للاقتصاد الايراني. واعلنت السعودية انها ستعوض النقص في اسواق النفط العالمية. وعملت المخابرات الاميركية على تحريك المعارضة الداخلية في ايران مستفيدة من الضائقة الاقتصادية التي انتجتها العقوبات. وقد قاومت الجمهورية الاسلامية الايرانية بشدة السياسة الامبريالية المعادية لها. وماذا كانت النتيجة؟ ـ ان ايران اليوم هي اقوى من اي وقت مضى: سياسييا واقتصاديا وعسكريا. وقد تحولت الى قوة كبرى اكبر من اقليمية ويحسبب لها الحساب على الساحة الدولية بأسرها. ومؤخرا اجرت ايران بالاشتراك مع روسيا والصين مناورات بحرية ـ جوية ـ صاروخية في المحيط الهندي وبحر عمان. مما يعني ان مضيق هرمز ومضيق باب المندب وجميع القواعد العسكرية الاميركية في الاقليم اصبحت تحت سيطرة القوة الحربية الايرانية المتحالفة مع روسيا والصين.
ـ5ـ بطريقته المسرحية المضحكة قام ترامب بتوجيه الاهانات الى حلفاء اميركا التقليديين من ملوك وشيوخ النفط الخليجيين وابتزهم بمئات مليارات الدولارات بحجة حماية عروشهم. وفي المقابل، وبالتفاهم التام مع اسرائيل والسعودية وزعانفها تم الاعلان عن الشروع في تطبيق ما يسمى "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، مستفيدين من فشل "حل الدولتين" حسب مشروع اوسلو، والانقسام في صفوف المنظمات الفلسطينية. وفحوى هذه "الصفقة" هو دفع بضع مليارات الدولارات مقابل تخلي الفلسطينيين عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وعن القدس وعن الاراضي المغتصبة تحت اسم "المستوطنات اليهودية". وفي هذا السياق اعترفت اميركا بالقدس كعاصمة لاسرائيل ونقلت السفارة الاميركية الى القدس، واعترفت بشرعية "المستوطنات اليهودية" في الضفة الغربية، واعترفت بشرعية ضم الجولان الى اسرائيل، واعترفت بشرعية "يهودية الدولة الاسرائيلية" ورمي مشروع "حل الدولتين" في مزبلة "حل اوسلو". وماذا كانت النتيجة؟ ـ لقد رفض الشعب الفلسطيني بكل فصائله مشروع "صفقة القرن"، بما في ذلك منظمات "سلطة اوسلو"، وبفضل الدعم الايراني اللامحدود واللامشروط، اصبحت المقاومة الفلسطينية، بقيادة حماس، اقوى من اي وقت مضى، واصبحت صواريخ المقاومة الفلسطينية تطال تل ابيب ذاتها، حيث ان المراجع الاسرائيلية ذاتها تعلن عن عجزها عن رد صواريخ المقاومة.
ـ6ـ انفقت اميركا والسعودية وزعانفها عشرات مليارات الدولارات لاجل تجنيد وتدريب وتسليح "الجيش التكفيري الارهابي العالمي" الذي اقتحم سوريا والعراق وارتكب المجازر وحارب باستماتة تحت اسم داعش واخواتها، وكان هدفه تحطيم جبهة المقاومة الممتدة من لبنان الى ايران، واقامة "دولة خلافة" مزعومة لفرض السيطرة الاميركية ـ السعودية الاسرائيلية ـ التركية على منطقة المشرق العربي وشمالي افريقيا، ووضع اليد بقوة على مكامن النفط والغاز العتيدة في شرقي المتوسط، وتحويل شعوب المنطقة الى عبيد، بالمعنى الحرفي للكلمة، للاحتكارات الامبريالية العالمية. ولكن هذا المخطط الجهنمي فشل فشلا ذريعا، بفضل وحدة وصمود معسكر المقاومة بقيادة الثورة الايرانية. واصبحت القوات الاميركية ذاتها تدعي زورا وبهتانا، وامام سخرية العالم بأسره، انها موجودة في سوريا والعراق والمنطقة لمحاربة "الارهاب" الذي يعترف دونالد ترامب نفسه بأن اميركا هي التي اوجدته.
ـ7ـ أيدت ادارة ترامب بشدة العدوان السعودي على الشعب اليمني المظلوم. ولكن الامور بخواتيمها. والمقاومة الشعبية اليمنية البطلة ستزعزع أسس النظام السعودي والوجود السياسي والاقتصادي والعسكري الاميركي في منطقة الخليج كلها.
ـ8ـ في ليل 2 ـ 3 كانون الثاني الجاري ارتكبت ادارة ترامب حماقة ستراتيجية كبرى، وهي اغتيال قائد المقاومة الايراني والاقليمي الكبير الجنرال قاسم سليماني، والذي استشهد معه القائد الشعبي العراقي الحاج ابو مهدي المهندس وعدد اخر من كوادر المقاومة الايرانيين والعراقيين. واعتبرت جميع منظمات المقاومة ان هذه الضربة موجهة الى محور المقاومة بمجمله من ايران الى فلسطين. واعلنت القيادة الايرانية وقيادات المقاومة الاخرى ان الرد على هذا التحدي الستراتيجي لن يكون في ضربة ثأرية منفردة، بل سيكون ردا ستراتيجيا شاملا ايضا وهو: النضال لاجل اخراج الوجود العسكري الاميركي من المنطقة ككل. ولا بد ان نذكر ان الدولة الوحيدة في العالم التي ايدت علنا هذه العملية الارهابية والاستفزازية الاميركية هي فقط اسرائيل. وبذلك فإن اسرائيل غامرت بمصيرها ذاته. لانه بعد اخراج الجيوش الاميركية من المنطقة، فإن اميركا ستتخلى عن اسرائيل ولن ترسل قواتها للدفاع عنها ضد المقاومة الفلسطينية وحلفائها.
وسيسجل التاريخ ان هذه الحماقة المتهورة لترامب ستفتح ابواب الجحيم امام الوجود العسكري الاميركي والاسرائيلي في المنطقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدهور العلاقات بين اميركا والاتحاد الاوروبي
- رغم العقوبات الاميركية الغاز الروسي يشق طريقه الى اوروبا
- ميلاد السيد المسيح وبعض ما رافقه من احداث كبرى
- حلف الناتو يحشرج قبل الموت
- كوريا الشمالية تستأنف تسلحها واميركا تبتز كوريا الجنوبية
- سقوط المشاعية البدائية بتدمير قرطاجة، وظهور المسيحية
- ضرورة تأسيس الجبهة الشعبية اللبنانية للانقاذ الوطني
- -ربيع الأميركان- في لبنان
- فتور كبير في العلاقات الاميركية ـ الالمانية
- الهندسة المالية تأخذ النظام الرأسمالي العالمي الى الاحتضار
- ترامب يصعّد الحرب التجارية ضد الاتحاد الاوروبي
- شبح البانيا الكبرى -الداعشية- يخيم على البلقان
- دونالد ترامب يجر الولايات المتحدة الى الحضيض
- حلف الناتو في ستراتيجية الهيمنة الدولية لاميركا
- التناقضات الاميركية الاوروبية في نطاق تجارة الاسلحة
- اميركا بدأت بالتراجع امام روسيا وامام الصين وايران
- المسرحية الكراكوزية المعادية للشيوعية في المؤتمر الثاني للحز ...
- ضرورة تقويض نظام الهيمنة العالمية للدولار
- السياسة العدائية لاميركا تدفع روسيا والصين الى التحالف ضدها
- ظهور المسيحية وانشقاقها من منظور اجتماعي قومي تاريخي


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - ترامب يقود اميركا من هزيمة الى هزيمة