أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - العدة وقلة القبض















المزيد.....

العدة وقلة القبض


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 21:59
المحور: الادب والفن
    


الوقت ضحى ، نهار صيفي حار ، سيارات ودراجات ،عربات مجرورات بحمير، وباعة متجولون استعمروا الشارع والطوار ..يبيعون كل شيء من الساعات وأطر النظارات الى الخضر والفواكه وتوابل العطار ...بلا ذوق ولا انسجام ..لا نظافة ولا نظام .....
لا المارة وجدوا رحابة في سير ،فقد تضايقوا بالمناكب حد الانزعاج ، تلوث لهم سمع وبصر،ولا رواد المقاهي تنفسوا على الكراسي هواء بلاعرق ولاازدحام ..ولا سباب يتعالى في فضاء ...
امرأتان تترجلان الرصيف ، لم تسلما من مضايقات الرجال على الطوار او ممن يرسل كلمات دعوة الى قهوة صباحية ولا من اطلالات بلا ذوق ولا حياء من مراهقين عبر نوافذ سيارات تختلط فيها النداءات بفاحش الكلام والموسيقى الصاخبة بنفير الابواق يمنون النفس بقضاء يوم حار من عطلة الاسبوع مع فتيات خارج المدينة الصاخبة كيفرن او ايموزار ..
تبرمت احدى المراتين حنقا على ما آلت اليه شوارع المدينة ، فما عاد لأنثى فيها مكان تجوال .. قالت وصدرها يغلي كمرجل : العاصمة العلمية التي كانت تغري شوارعها يوم عطلة بفسحة صباحية بين المكتبات صارت كسوق أسبوعي في قرية نائية ..خليط من الناس والدواب تداخل فيه الصياح بالنهيق والمواء بالنباح حتى الشوارع التي كان يبادر اليها جامعو الازبال بعد صلاة الصبح تضحى وكأنها مراتع للقمامة او مرمدات لاعقاب السجائر مما تخلفه عربات بائعي الخضر والفواكه والفحم والتبن وما ترميه المقاهي من عصارات البن ومطبوخ الشاي بلا رادع ولا أكثرات وما خفي اعظم
حتي القيساريات التي كانت تثير في الناس حب التجوال والاغراء بالتبضع صار روادها يخافون تابعا متحينا او متربصا منقضا...فضاء لجحيم لن تخرج منه الا منهوبا او مجروحا او ممزق اللباس او مدوس الكرامة ،،،،،،،
اما أبواب المساجد فيستحي الانسان ان يقول نحن في دولة إسلامية تعمل بحديث نبيها :
فإذا ابيتم الى المجلس فأعطوا الطريق حقه
ومن حق الطريق غض البصر وكف الاذى
فأي اذى اكبر مما صار يطوقنا في كل مكان ؟
ردت مرافقتها وعلى وجهها تتربع ضحكة لمز :آه ياعزيزتي الزحم والضيق بلا فائدة ..العدة وقلة القبض ...لا زين ،لا مجي بكري ، لاسيفة مليحة، لا جيب عامر ....
وكأن الاولى قد ادركت المعنى أجابت : مع من : هل عاد رجل يريد اليوم زواجا او يصلح لزواج ؟..اولاد الناس ماتوا والمدينة ارتدت حدادها مذ غادرها ابناؤها ..الم يعجبك هذا المأتم يتبدى لباسا على اغلبية المارة ؟قمصانا ملونة طويلة وسخة، فوقها صدريات عسكرية كاننا في بلاد الافغان ،يرتديها رجال اهملوا لحى ماهذبت ولا استقام لها شعر .. وكسوات عصرية كأنها أكياس السكر .. .. حتى الجلابيب التقليدية ما عادت تلبس بذوق واناقة ..لا شيءعاد ينتسب الى تقاليدنا ..تماهي باجنبي ماكان له وجود في حياة آبائنا ...المدينة تحولت الى قرية عشوائية بامتياز بروائحها وطقوسها وسلوك اَهلها ونتانة زوايا أبواب البيوت والمتاجر
وكأن المدينة ما عرفت حضارة ولا عاشت ماض كان ذكره يهز النفوس ويثير الأفكار وينشط العقول حتي العمران الذي كلن يرسخ الحضارة بتغيير البيئة وتهذيب النزعات صار يشجع علي الانخراط في العصابات وقطاع الطرق وجماعات المتطرفين المتعصبين بلا معرفة او تاريخ ولاسند ديني سليم
تنهدت وبعد صمت أردفت وكأنها تبكي بنات جنسها ثم قالت:
تخالطات لابني بلساس و لا رجال بلباس ولا عيالات بحال الناس ...حتى المرأة صارت كقنينة بوطاغاز سمانة وتخلاط الألوان ، مثل للا ميرة المرياحة
اردفت كلماتها بتنهيدة حسرة عميقة كانها تزفر هم عمرها .آآآآه ..ذوى الشباب وطالت العنوسة ..ماتت نخوة الرجال .. وامراة مثلي لن تقبل برجل همه ان يجد موظفة او عاملة تصرف له المهر وتؤثث البيت وتقدم مصروف اليوم وفوق هذا يفرض عليها حجابا اسود ما ارتدته أمها ولا جدتها قبلها ..اي احتقار صارته المرأة في مدينة كانت مهد الحضارة والأناقة والانوار العلمية وتقليعات الموضة ؟؟
سارتا خطوات صامتتين قبل ان تتكلم المرأة الثانية : احمدي الله على عزوبيتك قبل ان يبتليك برجل كزوجي المنحوس النائم في البيت ..لا شغل ولا مشغلة ،ويفرض علي مائة درهم يوميا لقهوته وحشيشه
بادرتها الأولى : ألم يشتغل بعد ؟ عفوا يا صديقتي انت من عودته على ذلك فتجاسر وأطال رجليه..
تنهدت الثانية وردت : في رايك ما ذا افعل هل اطرده من البيت واعين عليه الزمن .. على الاقل احس ان رجلا معي يدخل ويخرج ..
ضحكت الاولي في سخرية من رأي صديقتها وقالت:
اسمحي لي تهجالت العناية ولا زواج الذل كيتو حتى نخدم عليه ونزاودهالو بفلوس الحشيش .والدخان ......
قطعا ساحة البطحاء بتوأدة مقصودة حتى لا يلتصقا بالمارة والباعة المتجولين ثم عرجتا يمينا على طريق يساري ..
مدت الاولى بصرها ثم تنهدت وكانها تسترجع ذكريات قديمة .. لقد عاد بها الزمان الى ايام الدراسة في ثانوية ام البنين ..
شريط الذكريات يبادر بالصور تباعا : فتيات انيقات في عمر الزهور .بوزرات بيضاء او وردية او سماوية . شعور مسدولة الى الوراء او تقطيعات قصيرة متنوعة ، شباب يترقبن خروجهن بلا ضجيج سيارات او دراجات نارية ،ولا أغاني الطام طام ،مجرد متابعة بعيدة بالعين او تبادل للنظرات يصبغ الوجوه بحمرة الحياء ..الرهبة والخوف .. رهبة من وقوع الفتاة فيما يشوه سمعتها وسمعة اسرتها وخوف من قبل الشاب الذي يحترس ان يضبطه احد من اقرباء الفتاة فيقع فيما لا يحمد عقباه ......تعمد الازدحام على دكان حمو بائع الزريعة والكاوكاو ..أو الشفاج وبائع الكسكروت لتمرير رسالة شفوية او بطاقة عنوان .. با الصقلي الحارس الشريف خديم الطالبات الذي يمر وهو ينظر يمينا ويسارا .. يقف ليتملى في الأمكنة ثم يستأنف المسير وكأنه يراقب كل فتاة خوفا عليها من زير او لص....
حين وصلتا باب المحكمة الشرعية تسمرت ببابها وقد تقدمت عنها صديقتها .. توقفت هذه واليها التفتت قائلة :ما الذي اوقفك ؟ اسرعي فاحمد زوجي سيقيم الدنيا ولا يقعدها على تاخري
ضحكت الاولى وقالت : تعالى يابنت الناس وانتظري زوجك سينزل من هنا .. واشارت الى باب المحكمة
ثم تابعت : لقد رايته يقطع السلم الفوقي
تحدق صديقتها مذهولة وهي ترى زوجها يظهر من ادراج فوقي المحكمة يطوق خصر فتاة صغيرة ، تتراقص على وجهها بسمات تفيض لتغمر ماحولها .. اصابها الذهول قبل ان تنخرط في بكاء هستيري ..
فما كانت الفتاة غير خادمتها التي تبقى مع الزوج الذي استحلى البيت بلا عمل



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلب المحارة درة
- شوك صبار
- قهوتي
- ليلة ليلاء
- أعطيني نفسك
- تفاحة
- انزعي عنك غلالة فكر
- فجرت سوق الثرثرة
- وحيدة بين الوجوه
- غلالة ( الجزء الثاني من لهاة مكتوم )
- أحزابنا
- لهاة مكتوم
- المعنى هو الانسان
- معلقات الزمن
- احلام يانيس
- رفقا بالقوارير
- على صدرك ينتهي الركب
- النرجس على ذاتك مات
- الحاضر مات في ذكرياتنا
- حبيبتي غجرية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - العدة وقلة القبض