أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - آرام كربيت - ظلال الوقت















المزيد.....

ظلال الوقت


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:25
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


ماذا تفعل عندما يطاردك العشق.. عندما يغزوك وجه أمرأة .. طيفها من لحم ودم.. يداهمك، يفترسك يمزق أنسجة لحمك وعظامك.. ماذا تفعل بهذا الهياج الذي ينتشل روحك من جسدك ويقذفها في الهواء العابر.. ماذا تقول لقلبك عندما يغرزسكين الشوق في كبدك ، يدخل احشاءك ويجعلك سكراناً دائخاً طوال الوقت.. هل جربت مرارة القذى والفراق. هل خانتك امرأة.. وتاهت مع خيول الريح ومضت فوق سروج البرق والضباب .. ماذ تقول لهذا الوجد الذي ينمو في أوتار قلبك.. وهذه الدماء..الدماء الحارة المشتعلة ليل نهار في ذراري يومك.. ماذا تفعل في الليالي الشتائية الباردة.. عندما يحاصرك ظل أمرأة.. وجهها الجميل المغسول.. المعرش بدوالي الندى.. بالصباحات الربيعية المنعشة. ماذا تفعل بهذا البريق الأسر.. بهذا الجمال المنساب من جفنيها وقامتها المضببة بالسنابل.. ووو.. وردها وزهرها الجميل فوق وساداتك المصنوعة من دموع.. تلونك وتفتح في قلبك مجاري الأحزان.. ماذا تفعل بالزفرات الحارة عندما يقرع خيالها بابك.. تدفعك تقول لك أنا عاشقتك.. ماذا تفعل بحرارة أنفاسك وخدرك.. لمن تقولها.. هل تقولها للجدران الخائبة.. للحيطان الرمادية العجوز.. تقولها للاختزانات التي ثملت من زفراتك.
وبعد جهد.. عاد يقول:
كنت وما زلت عاشقاً.. ولهان. قلبي يصدح بالحب. ولد حبنا في غابات الورد والياسمين.. تعارفنا وتحدينا القدر.. تحدينا أراد الأهل والأصدقاء والأخرين وسرنا إلى الحياة.
كان لنا بذرة... لا أعرف.. إن كانت طفلة أو طفل.. ليس مهماً أن اعرف.. أو أدري!
لكنه.. ولدي.. مفروشاً فوق جنائن الحياة..
عندما اعتقلت.. كان ولدي نخلة أو نسمة تقرع في صدر هذا الكون الجميل.. نسمة قادمة على قوارب الطوفان والماء.
عندما ولد فلذة كبدي.. كنت في الزنزانة أحلم.. وأحلم .. وأحلم.. اختزن جمال العالم وعذوبته بها أو به.. بوجهها أو وجهه البريء الذي يتواصل مع بريق الأفق.. أن أضمها أوأضمه..
كان ولدي مباركاً من القدر.. جاء على أوراق الورد.. السوسن.. والأس والياسمين.
وكان لعبتي في تزجية الوقت وتقطيع المسافات الزمنية الطويلة وراء الجدران المغلقة.
سنون وراء سنون..الأيام تقطع بعضها.
ما أقسى أن تكون عاشقاً خلف القضبان.. مهرتك.. وورد قلبك محاصرفي غابة من الأشوك.
عشرة أعوام مضت.. لقد تمزق صلصال ذاكرتي.. وأنا أعيد الأشياء الحلوة والمرة كما كانت.
زفر بحرارة.. مج الدخان من سيكارته:
ـ لقد توقف الزمن عند ملامحها الاخيرة..
هل صفاء التي يعرفها ما زالت كما كانت أم تغيرات كما تتغير مجاري الانهار الكبيرة عندما تبدل مواضعها , أماكن جذورها، متكئ حلمها, شجيرات قامتها. تهبط . تسافرإلى ممرات منخفضة, رخوة, تمتص يرقات الارض والانخفاضات الراقدة. ويعود ليحرك ذيل الزمن
هل صفاء الجميلة, العاشقة, بقيت كذلك. أم تغيرت كثيرا. وراح يسترسل :
ماذا تغير بها, لونها, شعرها, لون عينيها, وداعتها, حبها، أم أن التيار الجارف قذفها إلى جوفه, وسارت مع أفراس الماء وجدائل الليل .
هكذا لونت ذاكرته بأشياء ضاغطة كالكوابيس الليليلة المفزعة.
وكان شاحبا وفي مواضع الوحشة, في عالم متنقل ودائم الجريان, لكن, ماذا تبقى منه الان.
وراح يهذرويتوه :
لماذا تلتقط الذاكرة الجرباء الصور الثابتة والجامدة والميتة. ما دام كل شيء يهيم على وجهه, يركض دون أستئذان او توقف .
كان وكنت وكانوا في جوف الزنزانة العجوز. السلطان المتربع على عرش الزمن تحت خيمة الحياة الواسعة .
الهواء الطلق يعبرالاسوار قبل ولادة الزمن الأحدب .
حلم
أنتقال الحلم من موضع لموضع. وها هويحب أن يخلد الزمن عند لقاءه بها, لا يريده أن يرحل أبدًا. ان يبقى الزمن معلقاً.
يراقب السلاسل وهي تداعب يديه ويتكئ على جلدها الصلب وينام .
جميعنا الأن بعيدين, على الأمتداد الرخو للفراغ, نعمل على أستعادة الدوران الأحمق تحت تسارع عجلة الوقت. تحت ثقل سيزيف الذاكرة الطافية على ضفاف المدن والضباب, الذي يهتك الأسرار الهاجعة في الأماكن المهجورة، تدفعها الأهتزازات المختزنة إلى حدود الموت, بجانب ستار الحكاية الراقدة في جوف الوشم.
ستتراءى لنا الانعطافات المنسية الحادة من القديم القديم ..
طوال الوقت يسرح .. كيف ..
التقيا تحت ظلال الاشجار, الكينا والزيتون, التين والتفاح, الكروم المسترخية على ضفاف النهرالقريب من بيتهما.
هناك تحابا وتعانقا أول عناق وقبلا بعضهما أول قبلة .
لعبا وشربا وركضا بين بساتين الشمام ودوار الشمس واليقطين. وناما في حضن الماء, وتعّرا وأكتشفا أسراربعضهما البعض .
جسدها مشلوح في سقف السماء يطيرعلى جناح شالها الأبيض, وهو منتصب أمام قامتها كالوتد, يفتح ذراعيه ليحملها كفراشة ملونة وينقلها فوق الأزهار المتنوعة .
ترقص لهما حقول القمح والشعير وعباد الشمس .
وكانت صفاء والارض وبردى, متكئين على الافق, كقدر وحقيقة. يسترخيا هناك من أزمان بعيدة ... بعيدة . من ملايين السنين , بخلياهم المتجددة .
الخريف يعوي ويزعق ببلاهة فوق لون الجدران الرمادية الداكنة.. غيومه مرمية هناك فوق الطبقات.. وغيم تركض وراء نفسها.
ككلب شارد .
سارحا في الشوارع والازقة بعد منتصف الليل .
صفاء
النبتة اليانعة, الخضرة الدائمة, الشابة الجميلة، الرقيقة كالماء الصافي, وجسدها الابيض الغض, ممزق ودمها يغطي الحيطان, الفرش والأغطية, الأرض والستائر. وكان اخر مشهد يربطه بصفاء والجنين، وبه.
الحيطان السوداء تلفه.. تلفنا.
صورة صفاء وجمالها، لم تفارق عقله وقلبه وعينيه. ينظر إلى الزنزانة كقدر عاطل, كعاروقزم.
المدن نائمة تحت هواء القلق, والمزاج العصبي الملفوف بلون الليل..
الزمن الأبلق.. نحس
هناك على مبعدة .
البحر يفتت حصاه, يمارس هذيانه البعيد.. الدائم.. يخنق صراخه ويخمده كالمد الضائع .
كالبرق ..
تنبهق صورة صفاء من وراء تلال الشمس, بين الوهاد والتراب, من البوادي المفتوحة على أكوام من تلال، من تدفقات الريح والبرد والاسرار المسكونة بالنوارس الغافلة, المرفرفة فوق أعالي السماء، مزنرة بضجيج الدهشة الخرساء .
وكان محاصراً..عاجزاً. يلفحه البرد من الداخل والخارج .
مسكونا بصفاء, بتلك اللحظات المجنونة, الهاربة فوق المرافئ الصامتة, والمزاج الهش .
عشرة أعوام مضت كالنجوم الهاربة, كالسراب, كأسراب الخفافيش, كالحزن الملفوف بالدهشة, ملفوفاً بالجدران والعطالة والعطن.
لا يعرف عن مصيرصفاء وجنينهم, أخبارهم.. وبقي الزمن جاثيا عند تلك اللحظات.
لا شيء يروي غليله سوى بلع الهواء والريح, متمعناً فيه, في خيال الفراغ العابر للحدود. ونار كاوية مختونة في قلبه وروحه تتأجج .
منذ ذلك الوقت, والتأريخ يأخذ مجرى أخر, ويحفرأخاديد عميقة في وجدانه .
كان يسبح على سحابة كبيرة, متنقلا, يفكر. راميا ببصره فوق المدى المقلق وعلى نارالتوجس. تتراءى له صفاء بعينيها الواسعتين, بنظراتها الجميلة المصوبة إليه، وقسمات تعابيرها الآسرة لقلبه. تكبر أمامه كأرض بيضاء دائمة الاخضرار, كحلم مخضب بالتألق, بوجهها الناعم الأبيض, الملون الجميل. وقامتها الطويلة الممشوقة وطفله المرفرف فوق رائحة البوادي العذبة وينابيع المياه الصافية وازرقاق البحر. يرسمه كصفصافة, كشجرة زيزفون, كرائحة عطرربيعي متناثر فوق شرائح مصاطب الكون.
يضع كفه الطليقة على وجهه ويحميها من صوت الرعد والمطر ويمسح قطرات الدموع المترقرقة من عينيه .
يحرك اصبعه مع حركة الريح المهبوبة بالأتجاهات الأربعة , يرسم كما يشاء, طفل متعدد الملامح والاوصاف المختلفة. يهجس فيقول مرات كثيرة, بنت ومرات تالية يعود لينقل الاحتمال على المطرح الاخر.. ولد. يركب له أسماء وألوان. أبيض أو أسمر, حنطي أوأصفر. يغسل عينيه بماء المطر وببقايا دموعه المالحة, يلونهما ويتساءل:
ـ ماذ يفعل الان, هل كبرأم مازال كما ولد, صغيرا غير متاقلم مع نمو الوقت, حي أم ميت, هل هو مثل بقية الاولاد يأكل كما يأكلون وينام كما ينامون. هل يذهب إلى المدرسة, مجتهد ام متخلف عقليا حميل أن بشع يتعلم بسرعة أم لا يفقه شيئاً.
أين هم الان.
وثبت الروح من مكانها ناهضة, كزرقة شفافة .
فرشهما على مائدة قلبه, شهق نبرات صوتهما وتشممه, يمضي في تساءل احمق مميت:
إن كان ما يفعله, أو يعمل من أجله, فيه حب للذات وأنانية مفرطة, أن يتركهما وحيدين أسرى الحرمان والخوف, الوحدة والفراغ, تحت وقع اصوات عواء الذئاب, تأكل لحمهم وروحهم. ويمضي في كوي نيران صدره.. يقول للمطرالبارد والسماء السوداء:
من يطعمهم ويعتني بهم, يهتم بهم في هذه الاصقاع الباردة والمفتتة من طقوس العالم. ويسرح في مضغ الليل:
بالتاكيد أنهم مشردون على قارعة الطرق, يتسولون لقمة الخبز والأمان الضائع. ومضى يتساءل بارتباك
من يحميهم ويقدم لهم يد المساعدة في هذه الخطوات الثقيلة من الحياة.
صفاء الوجدان والروح الظمآنة, الجسد الدافئ البديع, والعينان الخجولتان المرحتان التي تمده بسبل البقاء على قيد الحياة.
ضحكتها.. وجهها الغجري, ومزاجها التلقائي مدعاة للفرح, يشبه الأرض الحنونة. نفس الملامح والقسمات.. صدى صوتها يملئ أرجاء الكون تغريدا. وهو المغموس بها, في دفق البروق المنساب من عينيها إلى حدود التلاشي. جريمته, جريمتها , إنهما احبا بعضهما في هذه الأزمان الصعبة, عشقا البر والبحر, النهروالسهل والسماء المشمسة .
كان رضوان متلهفا لاعادة التساوق, العلاقة بصفاء. هائما وهائجا, يجري ويجري, يفكرعلى نحوغريب، يترك لنفسه الحرية في استعادة صورتها الاخآذة, وإعادة مزجها وجدلها بلون الطيور المرفرفة في السماء، لكي يشبع من المشهد المتحاور مع الصدى. شيء واحد كان في ذاكرته, صورتها الثابتة امام عينيه وهي تضرب وتذل, صورة يصعب وصفها.
ويزرع الاغصان المناسبة لتبسط هذه التوثبات المتلاحقة. ويمضي السؤال يشغله ويقطع رقصات قلبه. ترى أين صفاء الان ؟ .
ينظر إلى البعيد, إلى الطريق المتعرج, الممد والطويل. يقذف الحصى الصغيرة المتوثبة والتراب الرخو. يحلم.. يمعن النظرفي الاثير المفتوح والاجواء المتقلبة, للريح الهوجاء والصمت الاخرس.
تحت وقع صراخ حراس الليل, وصليل السلاسل ودفع الخطوات الثقيلة.
تمنى .
أن يكون في زمن ليس من هذه الازمان, وكوكب أخر, وحلم بلاأسوار وقيود ...
صراع يتأجج في داخله, يده بيد بصفاء, يهربان إلى حلم لم يلد, حلم لا وصف له, مفتوح الاحتمالات غير محدد بشروط وقواعد. ويتابع غفوته وغربته, تتدافع الاشارات المرتبكة, وتنوح فوق المروج الخضراء الرحيبة :
كل حلم له زمن ومذنبات, اسهم ومراكب ضوئية ترتقي وتغفو, وتاخذه المستويات المنضضة إلى روحها ليبقى مع صفاءه كل أوقات العمرالطويل. ومضى في اللوعة والحسرة:
رغم الزمن الطويل والقطيعة السكونية, لم تبرح صورة صفاء خياله. وعندما تسترجع وتتجلى في حضرة الكون, تكون الجمال المنساب من وجهها وجسدها هو الشيء المتبقي, المنتصب امامه كالقدر الجاثي, كالوجع المحفورأمام عينيه.
وعاد للالتفات.. لزراعة أزهار السرخس في حوارات الصدى, مغتربا داخل داخله ويمعن في تمزيق صلصال كيانه:
ما ذنب صفاء الجميلة, الحلوة. صفاء الزمن والقدر, الارض والسماء, الشمس والنهار, الليل والنجوم, النهروالسهل, البساتين الخضراء, بكل ما يحدث. لماذا تتغرب وتتعرض للأذى النفسي والجسدي ويتعرض جنينها البريء للحرمان قبل أن يلد ويرى النور.
الدم الحار. يحيط به, يطوقه, يلتف حوله ككرة, ملفوحا بنوبات من الكآبة المتموجة, تنزلق أمامه مسرعة، تتشكل من تدفقات متنوعة تصل إلى حدود الموت.
أرخى جدائل الحزن في كفيه وفردهما, فرشهما في الهواء. وركب الزمن القدري, الاجباري تاركا وجهه يلتصق بحافة الجدران من الجهات الأربعة، منحني الجدع مائلا بمراراة . قال لنفسه :
كيف يمكن ترميم النفس من أدران السنوات المرة, وتجفيف تصدعاتها, والاستعداد لقبول الظرف القادم, الذي سيكون بالتأكيد أقسى واصعب. واضاف بمرارة:
ما دام الزمن الطحلبي ذي اللون النهدي الضارب للصفرة, ينساب مثل ماء السبخات في الاماكن الهشة والرخوة دون توقف, دائم الحركة والدوران, لا يقف عند منحدرأو انحناء, يتمايل ويتماوج, يتابع بنفس الوتيرة بعد أن يراكم في أنفاسه الكثير من الويلات والمصائب. يجري تحت الأنفاق والأعماق, وعلى مرمى النظر. يأخذ الحكايات القديمة والاكثر قربا, يصرها ويرميها في قعرذاته المفتوحة. ينحدر دون أنذار, يفرغ زواته عند اقرب التفاتة, يتمايل يمنة ويسرى، ويتابع كطوفان أجرب دون رادع أوهدف محدد. وتابع يعزف سيمفونيته :
المشهد المتبدل, الالوان والاشكال متبدلة, مرة داكنة ومرة مشرقة يسيرمن جوارالافق إلى منحدرات الاسوار العالية.
أشياء كثيرة تلمع وتتوارى, يبان ويختفي في ذهنه وتزداد صورة المرارة والألم اتساعا في قلبه. تتصارع وتتباره في داخله. يريد أن يعرف أين موضع صفاء الان, أراضيها, هواءها, ينابيع مشارب ماءها. لقد حفظت ذاكرته صورا عنها. لكن. بالتاكيد انسابت مع الزمن وتحولت إلى ارتدادات واشكال مختلفة. ومضى يقول:
ولان الزمن دودة عرجاء, أفعى ملتوية ومتمايلة, تسير بشكل انسيابي, فإن الصورأيضا تكون متحركة وبالتالي الملامح, الهيئة واللون والقسمات والمواقف, الافكار والاحلام والقيم.
قطرات المطر تتجمع وتتكاثف وتتحول إلى كتل كبيرة مفككة.
والاسئلة الغامضة, المبددة.. تتجمع وتخرج من غرفها المظلمة بنزق مع كل لوعة وشوق.
بعد غياب طويل.. طويل. جاءته صفاء مع فتاة صغيرة عمرها عشرة أعوام.. تنظر.. متلفتة يمين ويسار.. تبحث عن وجهه بين الوجوه.. عن وجه يشبه قسماتها.. تقول بين الفينة والاخرى أين والدي.. بابا.. فتاة في الصف الرابع، تلبس ثياباً بلون المطروالحشيش.
وقفت الوجوه تراقب بعضها بصمت وتحفز..الدموع المدرارة تنساب بحسرة وألم على الخدود.
كان وجه سنا الطفلة الصغيرة مدوراً، عيناها بلون الكحل والفرح. قالت صفاء:
ـ لقد غيرنا الزمن كثيراً.. أنا لم أبق أنا.. وأنت لم تبق أنت.. عشرة أعوام.. من الحسرة والألم والفراق.
ـ لم أتغير.. أنا كما أنا.. ما زلت أحبك.. أنت شجرة عمري وحياتي.
ـ زمني متحرك.. سريع.. دائري.. أما أنت فزمنك قزم.. عاجز..واقف في مكانه.. أريدك أن تطلق سراحي فما بيننا من مسافة وزمن لا يمكن أن ترممه الايام القادمة. وأردفت: قلبي مسكون بأخر.. له نسغ أخر ومجرى أخر يحط في جوفي.. أنها اغرائات الحياة وشهوة البقاء .. أنه النداء الذي في داخل كل كائن.. كلانا أختار طريقه وسار به.. لم أطق الفراق والحرمان في الليالي الباردة، انتظرتك طويلاً لكنك كنت بعيد.. العيون وشهواتها أكلتني .. وأطبقت على لحمي. بيننا قضبان وحواجز..وأبنتا تريد أباً إلى جانبهاً.. أريد أن أكرر لك أنها أرادة الحياة واستمرارها.
نظر إليها.. إلى وجهها.. لم تتركه يفرح بزمنه.. بأبنته.. قبل أن ينطق..
جائهم صوت من بعيد.. رفعا رأسهما.. شاهدا الجلاد بسوطه فوقهم يضحك.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذاكرة.. إلى الذاكرة
- السجن..مرة أخرى
- الليل في سجن تدمر
- بعض الذكريات من منزل الموتى


المزيد.....




- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - آرام كربيت - ظلال الوقت