أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة














المزيد.....

بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6460 - 2020 / 1 / 9 - 18:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنا أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ومتجنس بجنسيتها منذ خمسة عشر عاما. ولفد أقسمت يوم أعطتني أمريكا جنسيتها أن أكون مواطنا ملتزما بالدستور ومخلصا لوطني الجديد. إن قسما لا يستهان به من العراقيين الذين أجبرتهم المحن على مغادرة بلدهم العراق وجدوا أنفسهم طوعا في ذات البلد الذي تسبب لهم بالمحنة. ولذلك فهم يواجهون صعوبة لا يواجهها على سبيل المثال عراقيو ألمانيا او عراقيو كندا أو عراقيو السويد أو حتى عراقيو بريطانيا وذلك في الموقف من القضايا الوطنية العراقية, والسبب واضح وجلي. إن أميركا هي التي إحتلت بلدهم. وهي لأسباب عدة ليست بمنأى عما وصل إليه البلد من فوضى وتخريب وتدمير مجتمعي وسياسي وإقتصادي.
إن عددا لا بأس به من عراقي أميركا غالبا ما يشعرون بمحنة إزدواجية الهوية التي لا يعيشها غيرهم من عراقي المهجر, وهي محنة أخلاقية بالدرجة الأولى, وعادة ما يخلقها غياب أو ضعف القدرة على خلق التفعيلة الأخلاقية المطلوبة لأجل تصريف الموقف الأخلاقي تصريفا سياسيا وبالطريقة التي من شأنها أن تنهي أو تحجم من معضلة إشكالية الهوية وإزدواجية الولاء.
حينما تكون هناك حاجة لإعلان موقفي المبدئي من أي حدث وخاصة ذلك المناهض لرأي الإدارة الأمريكية فإني لن أدعي البطولة, بل لعلي لست مطالبا أن أتحلى بها, إذ يكفيني القليل من الوعي والكثير من المبدئية.
يوم كنت في بلدي الأول العراق لم أكن على ود مع نظام صدام حسين لكني كنت على ود مع بلدي العراق. كنت ضد دخول العراق إلى الكويت, وكنت أصرح بذلك في مجالسي رغم أجواء القمع السائدة المعروفة لأن الوضع كان أبشع من أن يتمكيج, بل لعل الأغلبية من العراقيين لم تكن على وفاق مع تلك الخطوة كما أن شعبية صدام حسين قد إنخفضت إلى حدودها الدنيا.
الذي أريد أن أقوله أن بإمكانك, وفي أي مكان توجد فيه, أن تحب بلدك وأن تعمل من أجل تقدمه وحمايته وأن تكون ضد سياسة حكومته في نفس الوقت.
الموقف في أميركا وبشكل عام يقول .. كن أي شيء, لكن لا تكن إرهابيا.
كن مع أي موقف .. على أن لا يهدد ذلك أمن أمريكا القومي.
وربما سيظل الأمر بحاجة إلى بعض تفسير. إدعاء أنك تعيش في بلد حر ليس معناه أنك أن بإمكانك أن تفعل ما تريد, وبالصيغة المطلقة التي تريد. حتى في الجنة وبعد أن يصدر قرار الحكم النهائي لصالحك فإن الملائكة الأمنيين سوف يطلبون منك بكل أدب ولياقة أن تحافظ على أمن الجنة القومي.
هنا على سبيل المثال الخوف من النفوذ الصهيوني وارد وطبيعي, لكن ذلك لا يجعلك جبانا, فنحن, الأمريكون من أصل عراقي, نعلن مواقنا, مثل نسبة لا يستهان بها من الأمريكيين الأمريكيين التي يعلنون موقفهم المساند للقضية الفلسطينية, يخدمنا ويخدمهم في ذلك مبدأ حرية التعبير الذي يحتل خانة (مقدسة) في الدستور الأمريكي.
مرة أخرى لن يكون غاية ذلك أن نقول أننا لا نخاف بالمطلق. المطلوب منا أن نخاف, بمعنى الحرص على أمننا الشخصي والعائلي, ولكن ليس على الطريقة الشرق أوسطية, إذ حمدا لله أننا نعيش في بلد حر, رغم إيماننا أن هذه الحرية ليست مطلقة.
يشعر البعض منا بالحرج وقد يتهمنا البعض بأننا لم نعد قادرين على التعبير عن محبتنا للعراق على الشاكلة التي كنا عليها, وأجزم أن ليس من الحق الإعتقاد بذلك لسبب بسيط وهو أن الموقف المغاير حتى لدرجة الضد مع موقف الحكومة الأمريكية لن يكون معناه موقفا مضادا للوطن الأمريكي.
مرة أخرى .. إن تخريج الموقف ليس صعبا : لقد كنا ضد الاحتلال العراقي للكويت رغم أننا كنا عراقيين مشاعرا وأصالة وجغرافية وتاريخا وجنسية, ولذا لن يكون ممنوعا علينا أو حتى صعبا أن نكون ضد (الإحتلال الأمريكي) لبلدنا الأول, العراق, أو لآي بلد آخر, وقلت الآول ولم أقل السابق._
ورغم إيماني بذلك فإن لدي نفس القدرة والإيمان والمبدئية التي تعينني على أن أعتبر أمريكا أيضا وطني الأول لأني أقسمت على الولاء لها. وسيكون من باب الوفاء الأخلاقي أن أكون ملتزما بالقسم .. على أن لا يعيق ذلك القسم قدرتي على التعبير الحرعن موقفي الأخلاقي أبان المستجدات.
المهاجرون العراقيون المنتشرون في جميع أنحاء العالم لا يعيشون هذه المفارقة الصعبة والمؤلمة في ذات الوقت, أن يكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة. ولكن مع قليل من المبدئية, ومع قليل من الوعي الذي يعينك على الوصول إلى التفعيلة المتوازنة يمكنك أن تُخَرِّج الأمر دونما حاجة لإبراز العضلات أو إدعاء البطولة. وكما قلت: حينما تكون لك قدرة التمييز بين ما هو حكومة وما هو وطن, لن تحتاج إلى وعي معقد أو حتى إلى بعض شجاعة لتخريج الموقف الأخلاقي المطلوب.
فقط حينما تكون أخلاقيا ومبدئيا وواعيا تستطيع أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيادة العراقية المنتهكة وحديث : أمك شافت أمي بالمنز .. ل*
- درس للعراقيين من ثورة السودان
- أيها المسيحيون .. أعيادكم هي أعياد كل العراقيين فلتستمروا به ...
- تريد غزال تأخذ أرنب
- الغضب المتحضر
- الإستحمار الإيراني
- موقف المناطق الغربية من العراق من ثورة تشرين العظيمة ضد النظ ...
- الحراك العراقي .. هل هو ثورة أم حركة إصلاح .. ؟
- عادل عبد المهدي .. هل ما زال هناك وقت لقلبة رابعة
- الذي يحدث في العراق .. ماذا ولماذا
- وجه لعدة وجوه
- النظام الطائفي في العراق .. مفاهيم وإرهاصات
- العلم العراقي ذلك السلاح المعجزة
- بإمكان الديمقراطية العراقية أن تنتظر قليلا
- البحث عن وطن
- ثلاثة إسلامات .. دولة علي ودولة معاوية .. (7)
- صدام والسامرائي .. مرحلة البدايات
- الأرض بتتكلم عراقي .. الأرض .. الأرض
- عادل عبدالمهدي .. هش فقتل ونش فذبح
- إستدراك ضروري ..


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بإمكانك أن تكون أمريكيا وعراقيا في ذات اللحظة