أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - إيران وأمريكا والخيارات المتاحة















المزيد.....

إيران وأمريكا والخيارات المتاحة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6459 - 2020 / 1 / 8 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل أزمة النظام العراقي وحكومته المستقيلة وإنسداد الأفق السياسي التي يواجهها النظام السياسي العراقي برمته مع أشتداد الضغط الشعبي وثورته المجيدة، تأتي أزمة قاتلة وحادة لتزيد من حيرة هذه المنظومة العاجزة أصلا عن إدارة شؤون البلد ويضعها في زاوية الأحراج واللا قرار، وفي ظل معطيات تراكمت وتفاعلت بشكل لا متوقع لها وغير متناهية الحلقات، بل هي أصلا لا يمكنها أن تمارس أي دور في عملية تفاعل أزمة أكبر من حجمها وأقوى من قدرتها حتى على التفكير في مواجهة أبسط الأزمات اليومية، هذا الأمر ليس خافيا على الشعب العراقي وكذلك ليس مخفيا عن ذات السلطة وهي تتحدث وتتصرف على هذا الأساس، فكلا طرفي الأزمة يمتلك من مقومات التأثير الفاعل على القرار السياسي العراقي بما يجعله محصورا فقط في تلقي الصفعات دون رد.
الإشكالية المزمنة في الواقع السياسي لما بعد 2003 لا يتمثل فقط في عجز النظام عن العمل الطبيعي في دولة بدأت في الخروج من وضع ديكتاتوري ويمر في حالة إعادة تموضع في وضع ديمقراطي كما يحلو للبعض وصفه، جوهر الإشكالية يكمن في البناء الخاطئ الذي أرتكبه المحتل عندما لم ينجح في بناء أسس سليمة لواقع يشهد تغيرا عنفيا وتتنافس على هذه العنفية محركات وعوامل ليس من داخله فقط، بل في كثير من الأحيان المفاعلات ومحركات العنف هي خارجة عنه ولها صلة في محاور وبؤر أزمات تقليدية تعصف في المنطقة منذ بدايات تشكيل ما يعرف بالواقع العربي المعاصر بعد سقوط الدولة العثمانية وما تبعها من تقسيم إرثها الجغرافي على الدول الأستعمارية الغربية، ناهيك عن صراع خفي يأخذ بعدا سياسيا في الظاهر ولكن بعده المضمر هو صراع ديني أثني وتأريخي عميق.
في متناول الإدراك العملي لماهية التعامل مع أزمة يجب على السياسي المتمرس والإيجابي أن يستحضر جملة من القواعد الأساسية التي يمكنه بها أن يتعامل بصورة صحيحة مع أي أزمة تناسبا مع أهميتها ومحوريتها في الواقع، من هذه الأس البحث دوما عن المصلحة العليا للبلد الذي يديره كمقدمة أولى تقود إلى مقدمة لاحقة هي البعد الواقعي لما بعد الأزمة وأسباب تفجرها، وأخيرا مقدار الربح والخسارة المتحققة قياسا بتقديم الحلول الممكنة، في أزمة مهمة وصعبة وحادة يمر بها العراق بإدارة هذه الطبقة السياسية المرتهنة لعوامل ومحركات في الغالب لا تراعي المصلحة الوطنية للعراق، لا نتوقع منها أن تتصرف بلياقة وحرفية سياسية محكنة، وقد تقود البلد للعودة لواقع حاول الشعب بكل تضحياتها وصبره أن يتجاوزها نحو مستقبل أراده أن يكون مسالما ومنفتحا على التعاون والبناء والتطور.
نعود إلى موضوع المقال وإن قدمنا قبله ما يمكن أن يتصل به خاصة وأن الأزمة بين أمريكا وإيران كل تداعياتها وأهدافها ومسرحها ومستقبلها سيكون العراق جغرافيا وواقع ومستقبل، الإدارة الأمريكية المتعاقبة ومنذ عام 1979 تعلن وبشكل واضح وأكيد أنها لا تتوافق مع الحكم الإيراني الذي ترى فيه عدو أيديولوجي وسياسي يشكل تهديدا لها ولمصالحها وحلفائها، وهذا التفكير والرؤية معلنة على الأقل إعلاميا وسياسيا واقعيا، من جهتها إيران ترى أن من حقها كدولة محورية وكبيرة وتزعم أنها قائدة لنصف المنطقة دينيا وعليها واجب نصرة هذا النصف مهما كانت النتائج، فهي قامت على أساس مذهبي وديني وأيضا تأريخي، وتعتبر أن أمريكا وحلفائها في المنطقة هم العامل الأساسي والمعرقل لمشروعها الفكري، لذا فوجود التناقض هذا وما رافقه من أحتكاكات مباشرة وغير مباشرة عنق من أزمة الصراع وطوره نحو العداء المزمن بينهما.
بحسابات الواقع أن أمريكا ومعها حلفائها في المنطقة وخارجها يعملون على أحنواء المد الإيراني وتحجيم الطموح السياسي لطهران بمختلف الوسائل والسبل دفاعا عما يعتبرونه من أساسيات أستقرار وسلام المنطقة، هذا الطرح يلاقي صدى طيب وواسع بين الكثير من النظم السياسية الحاكمة وقطاع واسع من المجتمع الشعبي الليبرالي، الذي لا يرى في مشروع إيران سوى العودة إلى زمن الإمبراطوريات والتاريخ الذي كان، في المقابل ترى إيران أن مشروعها يستهدف تحرير شعوب المنطقة من أنظمتها الفاسدة ومنح حق تقرير المصير لها، كلا المشروعين يقول شيئا ويبني شيئا مختلفا فالمشروع الأمريكي الغربي الإقليمي قائم على فكرة حماية أمن الكيان الصهيوني وحماية المصالح الغربية بالدرجة الأولى، أما جوهر المشروع الإيراني فهو مشروع توسعي مركزي يريد أحتواء المنطقة كلها ومصادرة قرارها الكامل لمصلحة قيام حكم إسلامي شمولي تحت راية ولاية الفقيه.
بعيدا عن نظرية المؤامرة والتخطيط المسبق المنطقة برمتها وتخصيصا وتحصيصا، العراق اليوم يحصد كل نتائج هذا التناقض وهذا الصراع بعد أن فقد قراره السيادي وصار لعبة بيد المحتلين من كلا الطرفين، فلا أمريكا تريد أن تخسر موقعها ونقطة الارتكاز في مشروعها العالمي وهو العراق الذي دفعت من أجله المليارات وألاف القتلى من الجنود الأمريكيين، ولا إيران ستسمح لأمريكا أن تقوض رأس السهم في مشروعها ومرتكزها الأول نحو دولة ولاية الفقيه الحلم القومي الإيراني العنصري، والنتيجة أن العراق بشعبه وكيانه ومستقبل وجوده على صفيح ساخن يتلوى بغياب قيادة عراقية قادرة على إيقاف أو تحجيم هذا الصراع قبل أن تحول مساراته خارج وجغرافيته وتأريخه.
وللمضي في البحث في سبر أغوار الأزمة لا بد لنا أن نتبين خيارات الطرفين المتاحة منها والتي تشكل الخطة (أ) لكل منها، والخيارات الأحتياط التي تشكل الخطة (ب) في حالة عدم اللجوء إلى المحتم والضروري، أمريكا لاعب مباشر في الصراع ولا تعتمد على الوكلاء في المنطقة وهي تعرف أن كل حلفائها لا يستطيعون اللعب بمفردهم، أو تحريكهم إلا من خلال منظومة الإعلام وهم بمجملهم يعتمدون على القوة العسكرية الأمريكية المباشرة، على العكس وتماما إيران لا تتدخل في الصراع بشكل مباشر وتصادمي بل تعتمد على الأدوات التي من الممكن أن تستغني عنهم في أي لحظة، وتقديمهم قرابين لأي فشل أو ضغط مباشر، هذا الوقع يجب أن يفهم قبل أن نبين المتاح الممكن، أيضا أمريكا تعتمد على الجغرافية المتحركة بعيدا عن جغرافيتها الوطنية والتي من المؤكد أنها بعيدة المنال عن إيران وتأثير أسلحتها، بينما إيران مخنوقة بجغرافيتها الوطنية والمحاصرة بأكثر من خمسين قاعدة وموقع محيط بها وبالقرب منها.
من ملاحظة هذيين العاملين نرى أن أمريكا يمكنها أن تمتلك الخيارات الأوسع والأكثر قدرة في تحريك بؤرة الصراع ونقلها للداخل الإيراني بينما يغيب هذا الأمر عن القدرة والقوة الإيرانية التي تعاني أصلا من حصار أقتصادي وعقوبات مشددة حرمتها حتى من مصدر الدخل الأساسي القومي لها، في الوقت الذي يشهد الأقتصاد الأمريكي أنتعاشا قويا وغير مسبوق وقادر حتى على فرض وتطبيق العقوبات على قوى عالمية رئيسية مثل الصين وروسيا وكلاهما شريك أقتصادي مشترك للطرفين.
بالمحصلة النهائية أن الخيارات الأمريكية ستكون أكثر وأكبر وأشد فاعلية من وجهة النظر الموضوعية والأفتراضية، لكن لا ننسى أيضا أن إيران بأمتدادها العقائدي في بقاع كثيرة في المنطقة وما حوله تستطيع أن تؤثر بشكل مؤلم ضد القوات الأمريكية، ولا ننسى تجاربهم السابقة من خلال ضرب الوجود الأمريكي والغربي عموما من قبل هذه الأمتدادات وبفاعلية ولا ننسى مثلا حادث السفارة الأمريكية في بيوت قبل فترة ليست بالبعيدة، أو من خلال ضرب مواقع نفطية لحلفاء أمريكا ومنها ما حدث قبل أسابيع عندما قصفت طائرات مسيرة يقال أنها للحوثيين في اليمن مواقع أنتاج وتكرير النفط السعودي.
هناك أيضا عامل مهم في شرح الخيارات التصارعية بينهما وهما وجود الأسطول الأمريكي والغربي عامة، والقواعد العسكرية في المنطقة والتي تجاور وتحادد الجغرافية الإيرانية مباشرة، سواء في الخليج العربي أو على الأراضي المجاورة، وأيضا هناك مسألة اللعب بورقة مضيق هرمز والملاحة العالمية وخاصة البترول وهو شريان وعماد الأقتصاد العالمي المعاصر بصورة عامة والمنطقة الإقليمية بصورة خاصة، ومدى إمكانية أمريكا تأمين هذين العنصرين من الخطر الإيراني المحدق بهما بنجاح دون أن تفقد زمام المبادرة وتسمح لإيران أن تمس ما يعرف ببيت الدبابير.
أقول أن الواقع العسكري والاستراتيجي الآن وبعد مقتل الرجل المهم إيرانيا الجنرال قاسم سليماني وتفجر الأوضاع، أن ما يمكن أن نقدمه للقارئ الكريم هو أعتماد فلسفة عض الأصابع بين الطرفين، فكلما كان الفعل المباشر في ساحة الصراع مؤلما وحيويا يشعر الطرف المضروب بالألم لا بد أن نسمع صراخا بشكل ما، هذا الصراخ الذي لا بد أن يصل في مرحلة ما إلى ما يعرف بالعضة التي عندها يعلن الطرف الخاسر وجعه الشديد الذي يعلن معه عدم القدرة على الأستمرار باللعبة المؤذية والذهاب إلى طاولة التفاوض.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرار الحرب بين القوة والقدرة وميزان الصراع
- الكسب والخسارة في غزوة السفارة ح1
- عن السيادة وأشياء أخرى
- الفراغ الدستوري والفراع السياسي..
- الرئيس صالح لم يعد صالحا برأي البعض
- المنهج الوزاري لحكومة مصغرة أنتقالية.
- بين سلمية الثورة وعنف السلطة
- رئاسة الجهورية بين مطرقة الدستور وسندان اللحظة الأخيرة.
- خيارات التغيير بين السلطة والشعب
- ظاهرة العقل الجمعي وميل الأنخراط (حادثة الوثبة ) إنموذجا
- ((المشروع الوطني من أجل عراق أمن ومتطور))
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح2
- اللعبة السياسية بين البرلمان ورئاسة الجمهورية ح1
- إلى ...................
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1
- غزوة السنك بين صمت القبور وصراخ الصقور
- ثوار ومندسون والطرف الثالث
- المؤامرة الأمريكية!؟
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - إيران وأمريكا والخيارات المتاحة