أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - فتحية علاية المعاوي - خطوة جديدة إلى الخلف أم توجه نحو آرية جديدة؟














المزيد.....

خطوة جديدة إلى الخلف أم توجه نحو آرية جديدة؟


فتحية علاية المعاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6448 - 2019 / 12 / 27 - 22:15
المحور: الصحافة والاعلام
    


تنسى نسبة كبيرة من البشر مع الموجة الرقمية العاتية أنها كائنات موسومة بصفة الإنسانية. بذلك تتحول البشرية إلى جدران منمقة تخلب الألباب، كواجهات المحال التجارية البراقة والمصممة لغرض جلب أكبر عدد ممكن من الزبائن.
في ظل المساحة الافتراضية للموجة الرقمية العاتية، يتجرد الإنسان من إنسانيته البديهية والعفوية ليغدو لوحة إشهارية يعرض عليها أفضل نسخة مفبركة يراها عن شخصه ويستعرضها للعيان.
تتقهقر القيمة الإنسانية لتترك محلها لسلطة الافتراضي. يتناسى الإنسان، أو ربما ينسى فعلا، أن من أولوياته أن يشتغل على نفسه وليس على جداره ((Mur, Wall في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يطور ذاته ويغذي عقله بما هو مفيد، وينمّي قدراته الفكرية والروحية من دون أن يتجاهل الجسدية بطبيعة الحال، بدل إجراء التعديلات وكل أشكال المحسنات البديعية على صوره المنشورة. يبرع في التظاهر بأرقى الأقوال وأطيب النيات على جداره الرقمي لإدهاش الأعداد الغفيرة التي تتابعه، ولحصد أكثر ما يمكن من "اللايكات" (like).
يقيّم الأشخاص في هذه الأيام أنفسهم من خلال تثمين الآخرين لهم. لكنهم يجهلون أنه يبقى مجرد تقييم صادر عن كائنات افتراضية لمخلوقات إفتراضية في المقابل، وأنه يحدث على منصات افتراضية لا تتعدى حدود الشاشات الرقمية.
لماذا الحياة في الخارج لا تشبه الحياة على مواقع التواصل؟
يلحّ هذا التساؤل بمجرد أن نغلق الهواتف وننظر إلى الطريق أمامنا، فنرى أن الكثيرين منا بلغوا قاع النزق وأغرقوا آدميتهم وإنسانيتهم في مستنقع الحمق والغباوة، حتى باتت المادة المعرفية التي تنتَج لنا، لا تتجاوز عتبة "الآيلاينر" و"الكونتورينغ" و"الكراتين" و"الهايلايت".
يجب عدم التعميم. لكنّ كثيرين يتبنّون اليوم قيم الفايسبوك والانستغرام والسناب شات، دون سواها، ويتدثرون بحلة جديدة للتواصل تستر عورة فراغهم القيمي وجهلهم الثقافي فيبيتون ملتصقين بالشاشات الذكية مخافة أن يتخلفوا عن الركب الحضاري الزائف.
يسبغ هؤلاء على ذواتهم مقاييس على درجة عالية من الرداءة تتجلى في التباهي باللباس والتفاخر بالـ"نيو لوك" وتنزيل صور موائد الطعام والسهرات والحفلات وهدايا الأعياد، لاهثين في سباق تنزيل الصور من صالوناتهم ومطابخهم وغرف نومهم وحماماتهم، ونشرها في إطار العائلة "الفايسبوكية والانستغرامية" ليحظوا، إن واتاهم الحظ، بقليل من الاهتمام الذي يقيَّم بعدد اللايكات.
يهجر هؤلاء الواقع بأفراحه وأتراحه ويستبدلونه بوسائل للتواصل، أنا موقنة شخصياً أنها تغتال كل وسيلة للتواصل الآدمي والانسانوي.
هذا الواقع الافتراضي، هو للأسف العظيم، الملاذ الآمن الذي يحتمي وراءه كل جبان وعديم أخلاق ليطلق العنان للسانه بالشتم والقذف والتشهير بسمعة غيره وتشويه صورته والتشكيك في شرفه والطعن في أخلاقه لسبب أو حتى من دون سبب.
ألاحظ أن إرتفاع ظاهرة ادمان وسائل التواصل والأجهزة الالكترونية يتزامن مع تراجع القراءة ومع تردّي المحتوى المقروء. فالعزوف عن القراءة والاطلاع على مختلف المعارف والعلوم يُفقر الذات وينتج عقولا جوفاء وأدمغة خاوية لا ترقى بصاحبها الى مستوى تبادل الحوار والنقاش.
يزيد الطين بلةً، سباق الفضائيات اللامتناهي خلف التفاهة وبثها مضامين إعلامية لا ترقى بالمتفرج إلى أبواب المعرفة والأخلاق وإنما تنحدر به إلى خنادق التبسيط. كل ما يهمها هو السبق الصحافي، لكن في صورته غير الحرفية (البييز) buzz. تثبت هذه القنوات المتعددة الوجه والاتجاه عدم قدرتها على تقديم مادة إعلامية تحتفي بالفكر أولا وترتقي به ثانيا، وتثبت كذلك منهجيتها المدروسة والمحكمة مسبقا بغرض تجهيل المتفرج والزج به في متاهات الابتذال والبلادة.
نرى أنها تسعى بكل ما تملك من جهد ووقت ودعم مالي ولوجستي للاحتفاء بنجوم الرقص والفن الهابط وتقديمهم في حلة النجم الذي تُختزَل فيه مقومات النجاح.
لي أن أفهم كيف أن مجتمعاتنا العربية تحقق بذلك خطوة أخرى إلى الخلف مع الأسف. أو ربما هو التوجه نحو آرية من نوع جديد، على قول الكاتب خوسيه ساراماغو؛ آرية الجمال الجسدي المصطنع والذكاء الميكانيكي المفتعل، آرية "الكمال الظاهري".



#فتحية_علاية_المعاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - فتحية علاية المعاوي - خطوة جديدة إلى الخلف أم توجه نحو آرية جديدة؟