أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ابن خلدون و(خُدام) الحُكام)















المزيد.....

ابن خلدون و(خُدام) الحُكام)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 6448 - 2019 / 12 / 27 - 13:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ابن خلدون و(خــُـدام) الحــُـكام
بالرغم من أنّ ابن خلدون عاصرالقرن الرابع عشرالميلادى، فإنه كتب عن الموضوع الذى شغل الباحثين فى العصرالحديث، أى علاقة المثقف بالسلطة فقال لقارىء (مقدمته) اعلم أنّ السيف والقلم كلاهما (آلة) فى يد السلطان يستعين بهما على تثبيت عرشه..وفى بداية حكمه يلجأ للسيف أكثرمن القلم لأنّ القلم (مجرّد خادم) يــُـنفــّـذ أوامرالحاكم..والسيف شريك فى التعاون..وكل همه تحصيل الثمرات من الجباية..وعندما تستقرله الأمورتكون السيوف (مهملة) إلاّ إذا استشعرالخطرفيلجأ للسيف..ويــُـهمل القلم.
وأعتقد أنّ غالبية المثقفين المصريين كانوا (خدم) لضباط يوليو1952حيث مشوا وراءهم..وردّدوا أكاذيبهم حول أنّ شعبنا المصرى عربى..ومصرعربية..وهم بذلك استجابوا لنداء الأيديولوجيا المُدمّرة لأى عقل رفض أنْ يكون حرًا ورفض التخلص من أساطيرالسياسيين..والكارثة أنّ الشخص الذى يدّعى (الموضوعية) يقول (أنا عربى ومصرى) فهويتجاهل لغة العلم، فأى كائن حى لايعيش برأسيْن..والإنسان الذى يتبنى ثقافة غازية نقيض ثقافته القومية، فهذا رأيه وتوجهه..ولكنه أشبه بمن سلــّـم عقله وجسده لغيره ليفعل به ما يشاء.
وأعتقد أنّ قراءة مقدمة ابن خلدون (المسكوت عنها والمغضوب عليها) تـُـقـدّم الدليل القاطع على اختلاف شعبنا عن (العرب) فى العديد من مناحى الحياة، فإذا كان جدودنا المصريون أبدعوا فى المعماروالطب والهندسة والرياضيات إلخ..ووصنعوا أسرّة النوم والكراسى..وأدوات الطعام وأدوات الزينة والملابس إلخ، فإنّ ابن خلدون كتب فى الفصل المعنون (العرب أبعد الناس عن الصنائع) لأنهم أبعد الناس عن العمران الحضرى ((ولهذا نجد أنّ أوطان العرب..وما ملكوه فى الإسلام قليل الصنائع بالجملة..وانظرالصين والهند والترك وأمم النصرانية كيف كثرتْ فيهم الصنائع)) (المقدمة- المطبعة الأزهرية بالقاهرة- عام 1930- ص 339)
وإذا كان المتعلمون العروبيون من (المصريين) دأبوا على ترديد أكذوبة (العلوم العربية) وأكذوبة (العلماء العرب) وتعمّدوا عدم ذكرجنسيات هؤلاء العلماء، فإنّ ابن خلدون ذكرأنّ هؤلاء العلماء غيرعرب لأنّ لغتهم غيرعربية..والسبب فى ذلك أنّ العرب لم يكن لديهم علم ولاصناعة لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة..وأنّ الصنائع من منتحل الحضر..وأنّ العرب أبعد الناس عنها فصارتْ العلوم لذلك حضرية، وابتعد عنها العرب..وأنّ أهل الحضرهم الذين شاركوا فى الصنائع والحرف ((لأنهم أقوم على ذلك للحضارة الراسخة فيهم منذ دولة الفرس، فكان صاحب صناعة النحو سيبويه الفارسى ومن بعده (الزجـّـاج) الفارسى ومن جاء بعدهما وكلهم غيرعرب وإنما اكتسبوا اللسان العربى بمخالطة العرب..وكذا حملة الحديث أكثرهم غيرعرب وعلماء أصول الفقه غيرعرب..وكذا حملة علم الكلام..وكذا أكثرالمُفسرين..ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه إلاّغيرالعرب..وأما العرب الذين أدركوا هذه الحضارة وخرجوا إليها عن البداوة فشغلتهم الرياسة فى الدولة العباسية..وأما العلوم العقلية فلم تظهر عند العرب إلابعد أنْ تميّزأهل العلم ومؤلفوه واستقرالعلم..واختصّ به غيرالعرب. وقد اختصّ بالعلم الأمصارالموفورة بالحضارة..ولا أوفراليوم فى الحضارة من مصر، فهى أم العالم وينبوع العلم والصنائع)) (ص 480، 481) وما لم يذكره ابن خلدون (كمثال) أنّ البيرونى يُنسب إلى (بيرون) وهى الآن ضمن باكستان..ومن أبناء أفغانستان ابن سينا وأبوحنيفة النعمان والفارابى..وكانت أفغانستان تـُسمى خارسان أوخوراسان ثم تحول الاسم إلى أفغانستان..وقد أكد ابن خلدون هذه الحقيقة عندما كتب ((العلوم كثيرة والحكماء فى أمم النوع الإنسانى متعددون وما لم يصل إلينا من العلوم أكثرمما وصل فأين علوم الفرس التى أمرعمر رضى الله عنه بمحوها عند الفتح؟ وأين علوم أهل بابل وأين علوم القبط من قبلهم؟ وبعد احتلال أرض فارس وجد العرب فيها كتبًا كثيرة، فكتب سعد بن أبى وقاص إلى عمربن الخطاب يستأذنه فى شأنها..وتلقينها للمسلمين فكتب إليه عمرأنْ أطرحوها فى الماء، فإنْ يكن فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه..وإنْ يكن ضلالا فقد كفانا الله، فطرحوها فى الماء أوفى النارفذهبتْ علوم فارس عن أنْ تصل إلينا)) (ص 32، 402)
وعن اللغة العربية كتب أنها فسدتْ على الإطلاق..ولم يبق لها رسم فى الممالك الإسلامية بالعراق وخراسان وبلاد فارس..وربما بقيتْ اللغة العربية المَضرية بمصر والشام والأندلس والمغرب لبقاء الدين فانحفظتْ بعض الشىء. أما فى ممالك العراق وما وراءه فلم يبق لها أثر..وأنّ كــُـتب العلوم صارت تــُـكـتب بلغه غيرعربية. واعلم أنّ لغات أهل الأمصارإنما تكون بلسان الأمة..وأنّ اللسان العربى المَضرى فسدتْ ملكته وتغيرإعرابه..وعن مشاكل اللغة العربية..وتعقيداتها كتب أنها تعتمد على حركات التشكيل لتعرف الفاعل من المفعول إلخ ثم أضاف ((ولايوجد ذلك إلاّفى لغة العرب..وأما غيرها من اللغات فكل معنى أوحال لابد له من ألفاظ تخصه بالدلالة)) وعن اختلاف الشعوب فى اللغة العربية كتب ((فطريقة المُتقدمين مغايرة لطريقة المتأخرين..والكوفيون والبَصريون والبغداديون والأندلسيون مختلفة طرقهم كذلك..واعلم أنّ علم اللغة هوبيان الموضوعات اللغوية..وأنه لما فسدتْ ملكة اللسان العربى فى الحركات المُسماة عند أهل النحوبالإعراب استنبطتْ القوانين لحفظها)) وأنّ غيرالعرب هم من أدخلوا التعديلات على اللغة العربية منهم ((ديوان من مصر منسوب إلى جمال الدين بن هشام من علمائها استوفى فيه أحكام الإعراب مجملة ومفصلة..وحذف المتكرّرفى أكثرأبوابه..وسماه بالمغنى فى الإعراب فوقفنا منه على علم جم يشهد بعلوقدره فى هذه الصناعة..وكان ينحوفى طريقته منحاة أهل الموصل الذين اقتفوا أثرابن جنى)) ومع ملاحظة أنّ ابن جنى من أصل إغريقى..وذكرابن خلدون اختلاف اللغة بين اللسان الحميرى واللسان المَضرى ((فلغة حميرى لغة أخرى مغايرة للغة مَضرفى الكثيرمن أوضاعها وتصاريفها وحركات إعرابها كما فى لغة العرب..وأنّ من أهل الأمصارمن لاينطقون حرف القاف..وقد تبيّن ذلك عندما قال الفقهاء أنّ من قرأ ((اهدنا الصراط المستقيم)) بغيرالقاف فقد لـَـحَنَ وأفسد صلاته..وأنّ اللسان المَضرى فسدتْ لغته رغم أنها لغة القرآن..وإنما هى لغة أخرى من امتزاج العجمة (اللغات غيرالعربية) (318، من 482- 493)
وعن الفرق بين العرب والأمم المتحضرة ذكرأنّ العرب كانوا يسكنون فى خيام من الوبروالصوف ثم انتقلوا بعد غزواتهم لسكنى القصور..وأنّ عمروبن العاص عندما غزا مصركان يجلس داخل القصرعلى الأرض..وأنّ أكثرما يكون من الأمم الوحشية الساكنين بالقفركالعرب لأنهم جعلوا أرزاقهم فى رماحهم ومعاشهم فيما بأيدى غيرهم..ومن دافع عن متاعه آذنوه بالحرب..ونصب أعينهم غلب الناس على ما فى أيديهم تحت المُسمى فى الشريعة بالجهاد (من 218- 226) وذكرأنّ غزوات العرب تبنــّـتْ سياسة إلقاء الرعب فى نفوس الشعوب التى تم غزوأوطانها فكتب ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة..ومن أمثال العرب رُبّ حيلة أنفع من قبيلة..وقال الرسول نـُصرتُ بالرعب مسيرة شهر..وغلب المسلمين من بعده فى الفتوحات فإنّ الله سبحانه تكفــّـل لنبيه بإلقاء الرعب فى قلوب الكافرين حتى يستولى على قلوبهم فينهزموا معجزة لرسوله، فكان الرعب فى قلوبهم سببًا للهزائم فى الفتوحات الإسلامية كلها)) (232) وابن خلدون هنا اكتفى بترديد التبريرات غيرالمقنعة للعقل الحرعن تلك (الفتوحات) أى الغزوات ضد الشعوب الآمنة، لأنّ العرب كما ذكرهو ((جعلوا أرزاقهم فى رماحهم وأنّ معاشهم اعتمد على ما فى أيدى غيرهم)) أى أنّ العرب الغزاة لم يسعوا لنشرالإسلام كما تقول أكذوبة الثقافة السائدة..كما أنهم لم يسعوا لإنتاج احتياجاتهم من غذاء وكساء..وفضـّـلوا الاعتداء على غيرهم من الشعوب لنهب مواردها تحت مُسميات عديدة وهى ما اعترف به ابن خلدون إذْ ذكر أنّ العرب..كانوا يسيرون على سُنن الدين وهى ((ليستْ إلاّ المغارم الشرعية من الصدقات والخراج والجزية)) (ص 233) بل إنّ ابن خلدون ردّد ما هوأشنع إذْ تبنى وجهة نظرالأصولية الإسلامية التى تعتمد حجة (التكفير) للغزو والنهب فكتب أنّ ((النصارى اختلفوا فى دينهم وصاروا طوائف..ولم نرأنّ نسْخ أوراق الكتاب بذكر مذاهب كفرهم فهى على الجملة معروفة وكلها كفركما صرّح به القرآن الكريم..ولم يبق بيننا وبينهم فى ذلك جدال ولا استدلال إنما هوالإسلام أوالجزية أوالقتال)) (ص 195) فلوأنّ ابن خلدون اكتفى بما قرّره عمربن الخطاب وعمروبن العاص عن قاعدة (الإسلام أوالجزية أوالقتال) كما فعل ابن عبد الحكم فى كتابه (فتوح مصر وأخبارها) لبدا كلامه مجرد تقريرلحقيقة الغزاة العرب..ولكنه فى تلك الفقرة تبنى تلك القاعدة (الإسلام أوالجزية أوالقتال) أى أنه متطابق معها خاصة أنّ صياغته كانت دقيقة..وليس فيها أى التباس حيث كتب ((ولم يبق بيننا وبينهم فى ذلك جدال ولا استدلال إنما هوالإسلام أوالجزية أوالقتال)) وهوهنا تناسى دوره كمؤرخ ليتحول إلى داعية للغزوعلى خلفية القرآن وأحاديث النبى..وهوما تأكد عندما كرّرابن خلدون حجة (الكفر) فى الصفحات من 211- 214و229 رغم أنه اعترف بأنّ العرب ((جعلوا أرزاقهم فى رماحهم)) (ص 226) ورغم أنه كتب أنّ العرب متوحشون وليس لهم وطن يرتافون منه ولايقفون عند حدود بل يطفرون إلى الأقاليم البعيدة ويتغلبون على الأمم النائية..وانظرما يــُـحكى فى ذلك عن عمر رضى الله عنه لما بويع وقام يحرّض الناس على العراق فقال إنّ الحجازليس لكم بدارإلاّ على النعجة. سيروا فى الأرض التى وعدكم الله فى الكتاب أنْ يورثكموها)) وبعد أنْ نقل نص كلام عمربن الخطاب أضاف ابن خلدون ((وذلك أيضًا حال العرب السالفة مثل التبابعة وحمير..وكيف كانوا يخطون من اليمن إلى المغرب مرة..وإلى العراق والهند أخرى..وهذا شأن الأمم الوحشية، فلذلك تكون دولتهم أوسع نطاقــًـا..وأبعد من مراكزها)) (ص122) وإذن فإنّ عمربن الخطاب فى النص الذى ذكره ابن خلدون يعتمد آلية (التوريث) وهوتوريث يعتمد على (غزو) الشعوب غيرالعربية..ومن هنا كانت أهمية إضافة ابن خلدون وهوأنّ ما فعله العرب قبل الإسلام فعلوه بعد الإسلام.
وفى فصل بعنوان (العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب) كتب ابن خلدون ((والسبب فى ذلك أنهم أمة متوحشة، باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم، فصارلهم خــُـلقــًـا وجبلة..وأنّ عندهم ملذوذ لما فيه من الخروج على ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة..وهذه الطبيعة مُنافية للعمران..كذلك صارتْ طبيعة وجودهم مُنافية للبناء الذى هوأصل العمران..هذا حالهم على العموم..وأيضًا فطبيعتهم انتهاب ما فى أيدى الناس..وأنّ رزقهم فى ظلال رماحهم..وليس عندهم فى أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه، بل كلما امتدتْ أعينهم إلى مال أومتاع أوماعون انتهبوه فإذا تـمّ اقتدارهم على ذلك بالتغلب..وهم مُتنافسون فى الرياسة..وقلّ أنْ يُسلــّم أحد منهم الأمرلغيره..ولوكان أباه أوأخاه أوكبيرعشيرته إلاّعلى كــُـره..ويفرضون على الرعية الجباية فيفسد العمران..وتـمّ تخريب اليمن والعراق..وتخريب ما كان للفرس والشام وإفريقيا..والمغرب قد لحق بها الخراب..وعادتْ بسائطها خرابًا كلها بعد أنْ كان السودان والبحرالرومى كله عمرانـًـا تشهد به آثارالعمران من المعالم والتماثيل)) وفى الفصل التالى كتب بعنوان (العرب لايحصل لهم المُلك إلابصبغة دينية) والسبب ((فى ذلك لخـُلـق التوحش الذى فيهم..وهم أصعب الأمم انقيادًا بعضهم لبعض للغلظة وبُعد الهمة..والمنافسة فى الرياسة..وأنهم أكثربداوة من سائرالأمم..وإذا ملكوا أمة من الأمم جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ ما فى أيديهم)) وبعد أنْ ذكرتفاصيل الصراع على السلطة..والجرائم التى ارتكبها الخلفاء فى الخلافة الأموية ثم العباسية كتب ((فلم يزل المُـلك فى أعقابهم إلى أنْ انقرضتْ دولة العرب بأسرها)) (من ص 121- 131) ونظرًا لتغلب البداوة على العرب فإنهم بعد أنْ غزوا فارس والروم اندهشوا من مظاهرالحضارة لدرجة أنهم اعتبروا المُرقق (نوع من الطعام) رقاعًا..ورغم ذلك فإنّ الخليفة المأمون أسرف فى نهب موارد الدولة، فذكرابن خلدون أنه أعطى بوران بنت الحسن فى مهرها ((ألف حصاة من الياقوت..وأوقد شموع العنبرة فى كل واحدة وبسط لها فرشـًـا..كان الحصيرمنها منسوجًا بالذهب مـُـكللا بالدروالياقوت..وأنشد المأمون بيتــًـا من أشعارأبى نواس)) (ص 144)
وما فعله المأمون مثال من بين آلاف الأمثلة عن نهب موارد الشعوب سواء من الغزاة العرب أوممن سبقوهم أومن جاءوا بعدهم، فذكرابن خلدون عن الأندلس أنّ (الثقاة من مؤرخيها ذكروا أنّ عبدالرحمن الناصرخلــّـف فى بيوت أمواله خمسة آلاف ألف ألف دينار(= خمسة آلف مليون) مُكرّرة ثلاث مرات يكون جملتها خمسمائة ألف قنطار)) أما أبوهريرة فقد أتاه مال من البحرين فاستكثروه وعجزوا عن عده وتعبوا فى قسمته، فقال خالد بن الوليد رأيتُ ملوك الشام يُدوّنون فوافق عمربن الخطاب على ذلك (203) وذكرابن خلدون أيضًا أنّ عمربن الخطاب ((قاتل الأمم فغلبهم..وأذن للعرب فى انتزاع ما فى أيديهم..وبعد أنْ كان العرب يعيشون فى خشونة العيش وشظفه الذى ألفوه، فلم تكن أمة من الأمم أسبغ عيشـًا من مَضرلما كانوا بالحجازفى أرض غيرذات زرع ولاضرع..وكانوا ممنوعين من الأرياف وحبوبها (يقصد لايعرفون الزراعة) ولقد كانوا كثيرًا ما يأكلون العقارب والخنافس ويفخرون بأكل العلهز..وهو وبرالإبل ويخلطونه بالدم ويطبخونه..وقريبًا من هذا كانت حال قريش..وبعد غزوهم لفارس والروم فكان الفارس الواحد يــُـقسّـم له فى بعض الغزوات ثلاثون ألفــًـا من الذهب أونحوها، فاستولوا من ذلك على ما لايأخذه من الحصر..وهم مع ذلك على خشونة عيشهم، فكان عمريُـرقــّـع ثوبه بالجلد..وكان أبوموسى يتجافى عن أكل الدجاج لأنه لم يعهدها للعرب)) أما بعد الغزوات فإنّ ابن خلدون نقل عن المسعودى أنه فى عهد عثمان ((اقتنى الصحابة الضياع والمال. وكان لعثمان يوم قـــُـتل عند خازنه خمسون ومائة ألف ديناروألف ألف درهم (= مليون) وقيمة ضياعه بوادى القرى وحنين..وغيرهما مائتا ألف دينار. أما الزبير فخلف بعد وفاته خمسين ألف ديناروألف فرس وألف أمة (أى ألف إنسانة عبدة) وكان لطلحة فى العراق ألف ديناركل يوم..وخلــّـف زيد بن ثابت من الذهب والفضة ما كان يُـكسّربالفؤوس غيرما خلف من الأموال والضياع بمائة ألف دينار..وبنى سعد بن أبى وقاص داره بالعقيق)) (170، 171) فبعد أكل العقارب والخنافس..ورفض أكل الدجاج..وبعد السكنى فى خيام من الوبر، إذا بهم بعد الغزوات التى رفعتْ شعار ((لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله)) ينهبون الشعوب ويعيشون فى القصور. ويتركون ملايين الدنانيروالدراهم بعد موتهم وأحدهم يبنى قصره بالعقيق..ورغم كل ذلك فإنّ ابن خلدون يُبرّرالغزوبمرجعية دينية..وهنا يبدوتناقضه، مما يؤكد خطورة طغيان اللغة الدينية على عقل أى مؤرخ، رغم أنه فى أغلب صفحات كتابه عقد مقارنة بين البدو والحضر. بل إنه أشاد بدورمصرالحضارى فكتب ((نحن نرى أنّ العلم والتعليم إنما هوبالقاهرة من بلاد مصرلأنّ عمرانها مستبحرة وحضارتها مستحكمة منذ آلاف السنين)) وأكثرمن ذلك عندما كتب ((لا أوفرفى الحضارة من مصرفهى أم العالم)) (ص364، 481) ورغم ذلك فإنّ العروبيين من (المصريين) يُصرّون على أنّ (مصرعربية) لتثبيت أكذوبة أننا عرب.
ابن خلدون مؤرخ عظيم الشأن..ولكن كسرته المرجعية الدينية فى بعض فقرات كتابه.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الأحزاب الدينية
- لماذا يصمت المغاربة على الاحتلال الإسبانى؟
- أسماء المواطنين والاعتزاز القومى
- مسلسل إهداركرامة شعبنا المصرى
- آفة أنظمة الاستبداد الشمولية
- الكهنوت الدينى والعداء للقومية
- صحوة شيوخ التجديد وتجاهل كتب التراث
- الانتحار بين أحادية التوصيف وتعدد الدوافع
- أحرارالعالم يحتفلون بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان
- لماذا يتمسك الأصوليون بتخاريفهم؟
- الاحتلال الفرنسى والعربى والإيرانى للبنان
- المسكوت عنه عربيا عن جرائم الخلافة الإسلامية
- جائزة ابن رشد للأصولى الغنوشى وأكذوبة التنوير
- مأزق الشعب اللبنانى مع الحزب الإيرانى
- أعداء طه حسين والهدف من تشويهه
- لغز تجاور استغلال الشعوب والديمقراطية
- رد الغعل العربى على انحيازأمريكا لإسرائيل
- سقطت العروبة والعروبيون يحاولون إسعافها
- تطابق الناصرية والإسلام
- كتابة باحث إسلامى عقلانى


المزيد.....




- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - ابن خلدون و(خُدام) الحُكام)