أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - في رثاء محمد شحرور














المزيد.....

في رثاء محمد شحرور


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6446 - 2019 / 12 / 24 - 20:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان همّه أن يجد للإسلام مكانا في عصرنا، وأن يحقق الملاءمة المفقودة بين عقائد وممارسات ظهرت في مجتمع بعيد بقرون طويلة، ومؤسسات الدولة الحديثة التي جذورها في الأرض لا في السماء، فكان طبيعيا أن يتصادم مع فقه العصور الوسطى الذي أنتج في ظل الخلافة، وترك لنا ركاما هائلا من مصنفات تحولت بالتدريج إلى عوائق تشلّ الفكر والعقل.
كان خطابه خطاب تأويل، وصراعه صرخة ضدّ من يحتكر الفهم التفسير، وضدّ من يعمل المستحيل من أجل جعل الناس قطيعا تحت الوصاية والمراقبة، ولذا وجد نفسه في جبهة محاربة الجهل والعنف والكراهية، والتنظير للمحبة والإخاء والمساواة بين البشر، وتمجيد الكرامة والحرية في مقابل غوغائية الدعاة الذين تحيزوا دائما لفقه القسوة وللتقليد الأعمى وتقليد التقليد وحفظ المتون والحواشي والعنعنات.
ولأن مشكلة المسلمين هي مشكلة قراءة وتأويل حسب السياق وضرورات الوقت، فقد قرأ القرآن في شموليته من منطلق اعتبار الدين خطاب خير وكرامة، لا خطاب تدمير وتخريب وقتل وانتقام، وحاول إضفاء قدر من الانسجام على قراءته القرآن بالقرآن، وفق المنطق الإنسي المشار إليه، فاتخذ موقفا حازما من الأحاديث المروية والمتراكمة عبر قرون من الرواية الشفوية التي تخللتها خلافات وأحقاد وحروب وصراعات ومصالح لا حصر لها، انعكست كلها على صورة الدين وموقعه في الدولة، وعلى وضعية الإنسان المسلم التي سرعان ما تحولت إلى انحباس حضاري دام لأزيد من ألف عام.
لذا عمل على إعطاء الدين مضمونا سمحا، فأخرجه من ثقافة البداوة والغزو والاسترقاق، وفتح نوافذه على نسمات الأزمنة الحديثة، حتى يجد فيه الناس أجوبة حقيقية لمشاكلهم، ويتخلصوا من فتاوى العار التي تعكس أزمة عقول علاها الصدأ والغبار.
إن منطق شحرور هو التالي: إذا كان فقه الخلافة الرجعي يدفع المسلم في عصرنا إما إلى التطرف والغلو أو إلى الخروج من الدين والتحرر منه كلية، فإن ثمة قراءة تسمح باحترام الدين واحترام قيم العصر معا، لكن لا بد من تغيير جذري في قواعد التفكير والقراءة.
لقد عمل محمد شحرور من خلال مُجمل إنتاجاته الفكرية على إخراج الإسلام من مأزق حضاري أوقعته فيه حركات الإسلام السياسي باسم "الصحوة"، ما عرّض الدين الإسلامي لنقد شديد بسبب انغلاق "أهل الاختصاص" ، ومحدودية نظرهم، وعقم منهجهم في التفكير، حيث لم يستطيعوا تقديم قراءات تجديدية تجيب على الأسئلة الكبرى لعصرنا، وخاصة منها ما يتعلق بنتائج العلوم، وبالتحولات المجتمعية الكبرى، وبمفهوم المواطنة وعلاقة الدولة بالدين وموقع الفرد بينهما، كما أن الاجتهادات الهامة التي أبدعتها نخبة محدودة من المفكرين التنويريين سرعان ما تمّ الالتفاف عليها من طرف جمهور الفقهاء المقلدين من حُراس قلعة الفقه القديم، ما طرح بإلحاح ضرورة اجتهاد جريئ من داخل المنظومة الدينية نفسها.
إن الراحلين عن هذا العالم ثلاثة:
1) الذين يتركون فيه أثرا لا يبلى حتى كأنهم باقون أبد الدهر.
2) الذين يعتبرونه مجرد معبر فيمكثون في انتظار المغادرة، حتى وهم لا دليل لديهم على وجود حياة أخرى غير هذه التي لم يحسنوا استغلالها.
3) المحتالون النصّابون الذين يتحدثون عن "الآخرة" جاعلين منها سجلا تجاريا لاستغفال البسطاء، واستدرار الأموال للنفخ في أرصدتهم البنكية.
ينتمي محمد شحرور إلى الفرقة الأولى، وينتمي الذين لم يعرفوه ولم يفهموه إلى العينة الثانية، بينما ينتمي شاتموه ولاعنوه إلى العينة الثالثة، والنتيجة تعرفونها، سيخلد ذكر شحرور وسينسى التاريخ أسماه شاتميه، لأن الكراهية لا تصنع التاريخ.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود الحريات الفردية مناقشة لبعض آراء وزير حقوق الإنسان
- كل التضامن مع الدكتور خالد منتصر في معركته ضدّ -الأصنام-
- ماذا تعلمت بلدان جنوب المتوسط من سقوط جدار برلين ؟
- دراسة ثانية تؤكد ريادة المغرب في انعدام الأمانة
- هل فهم المغاربة معنى الحريات الفردية ؟
- لماذا لا نعيش -إسلام النرويج- ؟
- رسائل قصيرة إلى دعاة عزل الذكور عن الإناث في المدارس
- المغاربة والوعي بالانتماء إلى إفريقيا
- الإسلاميون والعسكر، تحالف ضدّ الديمقراطية
- عن ضرب النساء الذي ليس ضربا
- يسألونك عن العِرق، قل هو إلا خرافة وإعلان حرب
- هل يُعجّل كمال فخار بتحرير الشعب الجزائري من براثن الاستبداد ...
- حول الأمازيغية ورموز الدولة، نقط على الحروف
- الفضاء العام بين السلطة والمتطرفين
- الحق في الإيمان والحق في الإلحاد
- أذكى من هوكينغ وأبلد من حمار
- الجزائر ، السودان، ليبيا: أي أفق للجماهير المنتفضة ؟
- تدريس العلوم ليس موضوعا هوياتيا أو إيديولوجيا
- لماذا يلجأ الإسلاميون إلى الإشاعة الكاذبة ؟
- بيان من أجل الشفافية


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - في رثاء محمد شحرور