أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد المناعي - شعب الايغور : ضحية الجغرافيا والارهاب والحرب الاقتصادية الصينية الأمريكية















المزيد.....

شعب الايغور : ضحية الجغرافيا والارهاب والحرب الاقتصادية الصينية الأمريكية


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6445 - 2019 / 12 / 23 - 23:42
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


على غرار عدة قضايا جغراسياسية معقدة ،عادة ما تطرح قضية شعب الايغور الصيني في سياقات مبسطة تقوم على الدعاية الإعلامية والسياسية لصالح هذا الطرف أو ذاك وهو ما يدفع عادة الى الاصطفاف ان لم يكن عاطفي ( أتراك ، مسلمين ، أقليات ...) فهو إيديولوجي أو سياسي ( مع الصين أو ضدها ، مع المصالح الأمريكية أو ضدها ، مع الجماعات الإسلامية الايغورية الانفصالية أو ضدها ...)
قضية شعب الايغور و إقليم شينجيانغ والمعروف بإقليم تركستان الشرقية قضية معقدة تتداخل فيها عدة معطيات تدفع نحو وجود أزمة حقيقية بهذا الاقليم وتلخص حربا ضروس اقتصادية فتحت على مصراعيها بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية استعملت فيها مختلف الأسلحة بما فيها سلاح الإرهاب والأقليات .
1 - الايغور أقلية :
الايغور أقلية مسلمة تسكن شرق الصين وتتميز بموروث ثقافي ديني ولغوي و معماري ونمط عيش متصل بتركمانستان وبتركيا لأسباب جغرافية وتاريخية ، على غرار بقية الأقليات الصينية فان الدولة المركزية تسعى لفرض هيمنتها عبر التعليم والإعلام وطمس بعض معالم الخصوصيات المحلية التي لا تتوافق مع التوجه العام للحكم في البلاد، لذلك سعت إلى تغيير الملامح الاثنية للإقليم بتشجيع هجرة الأغلبية " الهان " للاستقرار والاستثمار في شينجيانغ والذين يمثلون اليوم حوالي ( 40 % ) من سكان الاقليم بعد أن كانوا فقط يمثلون 5 % سنة 1950 ( اليوم 46 % فقط من سكان الإقليم ايغور ) ،هذه الهجرة رافقها تغيير في المعمار ونمط العيش والثقافة لشعب عاش لقرون حياة بسيطة جعلته يحافظ على خصوصيات بدأت تتراجع... وترافقت هجرة الهان مع نشر التعليم الرسمي والإعلام الرسمي والتواجد الكثيف للدولة المركزية ممثلة في الجيش في هذا الإقليم رغم تمتعه بالحكم الذاتي منذ أواسط الخمسينات .
غير أن الايغور ليس اقليما مميزا في هذا المجال فهو يعامل بنفس الطريقة شأنه شأن الاقليات المنغولية شمالا أو التيبتية أو المسلمة الأخرى فلا يجب أن ننسى أن الايغور هم جزء من مسلمي الصين وليس كلهم ففي الصين أقليات مسلمة أخرى مثل القوزاق والطاجيك والتتار والسالار والهوي والقرغيز والمسلمين المنغوليين وغيرهم ويعاملون مثلهم مثل مختلف الاقليات الاخرى في دولة مسالة الحريات فيها عليها أكثر من علامة استفهام وهو ما ينفي أي استهداف لهذه الأقلية لكونهم مسلمين .
2 - الايغور شعب مهمش في اقليم غني واستراتيجي :
اقليم شينجيانغ أو تركستان الشرقية يعيش فيه حوال 22 مليون ساكن على مساحة تفوق حوالي 10 أضعاف مساحة البلاد التونسية وحوالي 5 مرات مساحة ألمانيا بأكثر من مليون و600 كلم مربع ، يمثل البوابة الغربية القارية للصين على الحدود مع الهند والباكستان وأفغانستان وكرغيزستان وأزباكستان غنية بالثروات الطبيعية ( الماء ، النفط ، الغاز الطبيعي ، الفحم الحجري ) وتنتج ربع الانتاج الوطني للصين من البترول كما تعتبر من الأقاليم الأقل تعميرا وبالتالي الأكثر قابلية للاستثمار في الزراعة على غرار القطن وغيره ، غير أن هذا الاستثمار المتنامي في الفلاحة والطاقة والخدمات والاهتمام الجديد للدولة المركزية كان أساسا برؤوس أموال غير محلية ويعتمد على يد عاملة وافدة من أقاليم أخرى ولا يستفيد منه السكان المحليون سوى نسبيا وهو ما يتم استغلاله لترويجه من طرف الانفصاليين كاحتلال صيني .
3 - طريق الحرير الجديد والتورط الأمريكي :
نظرا لموقعه على الحدود الغربية للصين فان اقليم تركستان الشرقية يعتبر المعبر الرئيسي لخطي نقل مشروع طريق الحرير الجديد الذي سيربط الصين تجاريا ببقية اسيا واوروبا وافريقيا لتصدير السلع وتوريد الخامات والمواد الفلاحية .
على هذا الاقليم تجري أشغال انجاز أطول خط حديدي يربط بين المدن الصينية الصناعية الكبرى بغربها نحو مدينة الاسيتانة الاوزباكية ثم موسكو ثم برلين ومنها لبقية دول شمال اوروبا ويخترق كامل الاقليم عبر عاصمته .
وتجري أشغال مد أطول طريق سيارة تربط الاقاليم الصينية الشرقية بالغربية نحو عاصمة تركمانستان سمرقند ثم طهران فاسطنبول بتركيا ثم مرورا ببلغاريا ورومانيا وعبرهما اوروبا الشرقية فموسكو فروتردام الهولندية فالسواحل الايطالية ليطوق كامل أوروبا بالسلع الصينية ويدمجها في الامبراطورية الجديدة .
طريق الحرير هذه مثلت التهديد الصيني المباشر للاقتصاد الأمريكي والغربي عموما والواقع الذي فرض نفسه للامبراطورية التجارية الصينية مستقبلا لذلك تسعى الولايات المتحدة جاهدة لتفجير أزمات داخلية محاولة اغراق الصين في أزمات داخلية مستغلة الجغرافيا الاثنية والتقسيمات الجغراسياسية الهشة المكونة لدولة الصين لعرقلة طريق الحرير .
4 - الولايات المتحدة الأمريكية ولعب ورقة الأقليات المضطهدة :
لم تنفك الولايات المتحدة منذ قيام جمهورية الصين الشعبية على النفخ في التفجير الداخلي لدولة مترامية الأطراف متنوعة الاثنيات تحمل في داخلها بذور الانقسام ، فضخت الاموال والاستثمارات لمحاولة فصل تايوان وهونكونغ شرقا وترك الورقة التايوانية للضغط على الصين وايجاد تسويات سياسية في وقت طالما استعملت فيه الصين ورقة كوريا الشمالية كورقة ضغط على الولايات المتحدة وشركائها وحلفائها في المحيط الهادي ( اليابان ، كوريا الجنوبية ...)
في التيبيت وفي شرق تركستان حاولت الولايات المتحدة لعب ورقة الأقليات المضطهدة للنفخ في التوجه الانفصالي الموجود والكامن في هذين الاقليمين ، فالنزعة الانفصالية قديمة في تركستان الشرقية ودون العودة للتاريخ فقد عرفت منذ سنوات 2008 و 2009 و 2013 - 2014 احتجاجات وصدامات مع السلطة المركزية كانت دموية أغلبها وانتهت بحملات اعتقال وتضييق من السلطات الصينية على الحريات وزاد من عزلة الايغور وانكماشهم وزاد الفرقة بينهم وبين سكان الهان الصينيين .
وقبل ذلك تأسس المؤتمر الايغوري العالمي ومقره ألمانيا بتمويل أمريكي من الصندوق الوطني للديمقراطية الذي صرف سنة 2015 فقط أكثر من 295 ألف دولار حول قضية الاقلية الايغورية و تمول امريكا مشاريع تدعم الانفصال تحت عنوان حماية الاقليات بكل من هونكونغ والتيبت "مركز العدالة بالتبت " .وغيرها وأخيرا اصدار قرار من الكونغرس يسمح بفرض عقوبات على شخصيات صينية على خلفية التهم الموجهة للصين بانتهاك حقوق الايغور .
وفي هذا الاطار تدفع الولايات المتحدة حلفائها في المنطقة للعب دور أساسي في الملف الاوغوري خاصة تركيا التي تستقبل لاجئين ايغوريين والتي وصف رئيسها سنة 2009 علاقة الصين بالايغور بأنها تصفية عرقية وتحاول استغلال الامتداد الاثني لها في المنطقة لتحويل القضية الى قضية ضد المسلمين .
5 - الارهاب عقد القضية الايغورية :
مع بداية التسعينات ظهرت حركات راديكالية دينية في اقليم شينجيانغ من عناصر ايغورية انفصالية أبرزها " الحركة الاسلامية لشرق تركستان " والتي تهدف لاستقلال الإقليم عن الصين وتحكيم الشريعة ، تم تصنيفها من طرف الامم المتحدة كمنظمة إرهابية سنة 2002 واتهمتها الولايات المتحدة في فترة ما بالتنسيق مع طالبان وتنظيم القاعدة في افغانستان المجاورة .
تقول التقارير أن هذه المنظمة مسؤولة عن أكثر من 200 عملية ارهابية ضد الدولة الصينية في الاقليم وحتى استهداف مسؤولين صينيين خارجه وحصيلة تتجاوز ال160 قتيل بين مدنيين وعسكريين صينيين وانطلاقا من علاقات هذه الجماعات بالدولة التركية فقد تسربت مجموعات ايغورية نحو سوريا والعراق والتحقت بداعش بالالاف ( تقول الدولة السورية ان عددهم في حدود ال5 الاف مقاتل ) وبعد نجاح الدولة السورية وحلفائها في تحجيم تواجد المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا والسعودية وقطر على أراضيها ، تواجه تركيا مجموعات مسلحة متمرسة في القتال وتحمل نفس الخصائص الثقافية للشعب التركي على حدودها مع صعوبة اعادة توطين هذه الجماعات ببؤر توتر أخرى كافريقيا ( ليبيا وغيرها ) فلم تجد سوى تيسير هجرة الارهابيين الايغوريين نحو أوروبا ( ألمانيا خاصة )تحت غطاء اللاجئين وأساسا اعادة ادماجهم في المجتمع الايغوري غرب الصين مما صعد في الاستنفار الأمني الصيني وحوّل الاقليم الى أشبه بالثكنة العسكرية حيث نقاط التفتيش في كل المعابر وبث دعاية إعلامية تحذر من التعامل مع الارهابيين وتفتيش الهواتف الجوالة والمنشورات والتضييق على سفر الايغوريين الى الخارج ومحاكمات دورية لانفصاليين أصبح يجمع بينهم صفة الإرهابيين بعد تورطهم في العنف ضد الدولة والتعامل مع جهات أجنبية تركمانية وتركية وامريكية وخليجية.
في المقابل تكثفت الدعاية ضد الصين في العالم السني وفي صفوف المهاجرين المسلمين بدعم من لوبيات الاعلام والمال الداعمة للحركات الجهادية والارهابية في المنطقة والتي وجدت صدى حتى لدى بعض مناهضي الإرهاب تحت باب التعاطف الديني مع أقلية مسلمة مضطهدة من نظام " شيوعي " في اشارة للدولة الصينية ، التقت هذه الحملات مع دعم حقوقي للايغور كأقلية من طرف المنظمات الحقوقية الأمريكية وغير الأمريكية والتقت جميعها في ضرورة معاقبة الصين اقتصاديا وهو جوهر المعركة بين الصين والغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة.
الايغور شعب ضحية جغرافيته التي كلما زادت أهميتها داخليا وإقليميا كلما زادت معاناته تحت أرجل صراع العمالقة وزاد حرص الدولة الأم على إدماجه وكبح جماح من تراوده من الايغور طموحات الانفصال.
وضحية الارهاب المعولم الذي يتم استعماله في حرب اقتصادية أمريكية صينية طاحنة بدأت بأكثر شدة مع طريق الحرير الجديد ولن تنتهي قريبا بواجهات اثنية ودينية وعرقية .



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية التونسية : عوامل النجاح ...
- الحاجة والوهم ، قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية
- الحركات الشعبوية في تونس وليدة فراغ سياسي - اجتماعي فأي بديل ...
- الظروف التي ساهمت في نشأة الحركة النقابية في تونس
- قول في التعددية النقابية في تونس
- الاتحاد العام التونسي للشغل : نجاح الاضراب العام ودروس أخرى
- مؤسسات القطاع العام في تونس بين حمى التفويت وإمكانات التصدي
- ملف المساواة في تونس بين أنصار الحرية وأنصار الشريعة
- تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل :الحاكم و المعارض والرقم الصعب ف ...
- الأزمة في تونس وفشل حكومة الوحدة الوطنية المزعومة
- من أجل حوار اجتماعي يتجاوز التفاوض حول الزيادة في الأجور
- ناهض الحتر وتمزيق صورة - الإله الخادم - من العقول البالية
- في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة ال ...
- من أجل تنسيقية وطنية للقوى الديمقراطية و التقدمية .
- اليسار التونسي : المسارات المختلفة و الفرص الضائعة
- الفضاء الثقافي-مانديلا- زهرة تقدمية في رمال متحركة
- داعش : الامبريالية حين تستثمر في الجهل و الدين و الدم
- الاتحاد العام التونسي للشغل : حركة نقابية صنعت مجد شعب
- في اليوم العالمي للعمل اللائق : واقع من العمل المهين في المن ...


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد المناعي - شعب الايغور : ضحية الجغرافيا والارهاب والحرب الاقتصادية الصينية الأمريكية