أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - رؤيا اللون ...الفن من الزاوية الحرة , التي يقف عليها سعد يكن















المزيد.....

رؤيا اللون ...الفن من الزاوية الحرة , التي يقف عليها سعد يكن


متعب أنزو

الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


الرؤية المحرفة....
الفن من الزاوية الحرة, التي يقف عليها سعد يكن

سلوك المحترف....وعي التشكيل
لم يكن الارتباط بالفن حالة متجسدة بالتجانس مع الذات , كما هو الحال في الزمن الآني , فهذا الغنى المتغير والمتنامي للذائقة الإنسانية يعكس ما تقتضيه حساسية الفن من مسؤولية لم تكن ملحة كما هي عليه الآن.
بمعنى انحياز الفن للذاكرة البصرية ذات العلاقة بالمكان الذي يشكل السلوك الوحيد الذي سيؤهله إلى موقع متقدم على كل المفاهيم ...الموقع الذي سيمنحه تجاذب الغنى الشديد للخصائص الجمالية لذات المكان الذي تشكل اشتراكاته المعرفية...ناصية الحضور المدهش في اللوحة .
ولعل من الحكمة بمكان " والحال هذه تقع" التنازل عن رواية تاريخ الفن للمؤرخين, حتى يتسنى التركيز على تعقب السمات الجمالية وتياراتها الأساسية التي صنعت ملامح المشهد التشكيلي السوري.
وبالتالي إعفاء القارئ من حشد الأسماء المتزاحمة في محترف انفجر عدد فنانيه خلال نصف قرن إلى مايقارب المئات.
لا شك أن المحترف يعاني اليوم _ حسب تعبير أسعد عرابي _ من محنة مزدوجة ترتبط بآلية تفريخ الفنانين ( كنظام كمي في الأكاديمية وسواها) والية تسويقه( من خلال سيطرة أذواق أصحاب الصالات ) وهو لذلك يقع بين نارين : النمطية الاجترارية التي تقلد أساليب أسماء مكرسة لناحية حضورها الرمزي( كما تطلب الأذواق المخملية ) ، والمحابه - التي تفترض سلفا تقييد ثقافة المؤسسات ذات العلاقة العضوية بحركة التشكيل - ناهيك عن تهجين أساليب بعض الفنانين المغتربين الذين يصدرون سياحات أعينهم واختلاساتهم السياحية إلى الداخل ثم يتحولون بقدرة قادر إلى نماذج ثقافية تتعالى على رموز المحترف لتحل نموذجها الحداثي ( المنسق) تحت دعوى الشمولية العولمة والخروج من قدر التخلف بأي ثمن حتى أصبحت دعوى الحداثة ذريعة من اجل إحصاء أية ذاكرة ترتبط بالحضور التشكيلي الثقافي .
محترف يقوم اليوم , في المساحة الحقيقية منه , على محاور أساسية وتجارب تشكيلية مفصلية شكلت الهيكل الإبداعي الأشمل , الذي يحتوي الكثير من المريدين والمجربين والباحثين داخل الروح الناتئة له في تجربة التشكيل العربي ككل.



تأسيس اللغة الفنية
حلب … ذلك "السوبر ماركت" الأثري العملاق الذي يتجاوز بحجمه كل استعارات التسوق الحضاري والغير حضاري، المنزل المؤثث بحق الحياة والرائحة والصوت والوقت، وحق الطبيعة والحدس والهواء والأمنيات.
لنتخيل من الزاوية التي يقف فيها " سعد يكن " وهو الحاضر كأحد رموز المحترف في مدينة تعرف بأنها منبت الكثير من الدلالات والإشارات في تجربة التشكيل السوري " كفاتح المدرس ولؤي كيالي وفتحي محمد ووحيد استانبولي وغيرهم "
ليس في هذا السوبر ماركت ، سوى ما تحتاجه لدماغك وروحك.وعقلك وقلبك .
مكان يختص بالفن والفنانين، ولكل شيء فيه مكان محدد، هناك مثلاً فترينة ضخمة للألوان وأخرى للكتب والأوراق والمجلات والأقلام، وهناك حيّز مخصص للتسكع وتحضير الذاكرة والحقائب....كذلك المقاعد المنتشرة على طريق الوصول إلى " حديقة السبيل أو كنيسة الشيباني وأحياء المدينة القديمة ومقاهيها المغرية " والتي من عليها تقسم الحياة وفق منطق اللون والخطوط , وفق تدرجان الأحمر والبني الداكن والأزرق الكوبالت المائل باتجاه الغنائية على الورق والقماش المائل أيضا إلى منطق اللعبة التي يستمتع به ويجيدها سعد يكن ، وكما هي بكل ولعها بالدقائق والتفاصيل .
حلب المكان ومسرح الكنايات والموضوع, والمفردات التي لا تنضب..مدينة المسرات , التي تظهر كحدث غامض ومستمر في معظم لوحات سعد يكن.

صياغة الرؤية
مغامرة شديدة التشعب تلك التي يتناولها سعد في لوحاته، معززاً حضورها بالصوت والرائحة وموسيقى الخطوط، وبثلاث زوايا حادّة:
الموضوع الموزع بين التسميات الثلاث الأنفة ، واللون تلك المساحة المشغولة بذكاء ماهر و المسحوبة على الأرض والمكان ، والحجم المنوع ، فسعد يعزز فضاء العمل براحة بصرية مشففة ومترامية لاحتواء العين والمتلقي في اللحظة ذاتها .
في سلوك اللوحة لدى سعد ، الأسئلة لا تقود إلى أجوبة لأنها تنفتح بصورة تلقائية على مشاريع أسئلة أخرى معلنة أو غير معلنة ، لكنها بشكلها ولونها الأوحد مشروعة مثلها مثل توصيفات الحرية والحدس والمطر والفن .
تلك المفردات المستعارة من جموح مخيّال وبحث منهجي مستديم الخطى في تعبيراته الفنية ، تبرز فيه مقدرته على تحريك عناصره ومكوناته في مساحات البياض ....... إيقاعات ضوئية مرصوفة بالأفكار ومسالك الجدل ، وحوار سردي بصري مفتوح على فضاء اللوحة وفق نصوص فنية تشكيلية قابلة للفهم والمجادلة وتنوع الرؤى والاستنتاجات.
في أعمال " التحرر" شبه الجدارية _ التي استهل بها عرض " عواقب الراقص " روحة على مسرح الأوبرا _ والمنفذة بمهارة فائقة وعين بصرية مقتدرة على التقاط "الرمزي والإيحائي" في مدلولات المعنى وكل تفصيلة من تفاصيل الاغتراب الإنساني.
يعطي سعد , في قراءته للروح , الأشياء المصمتة والمهملة في حياتنا اليومية بعداً أجمالياً يدخل من نافذة الحساسية القابلة للتفاعل مع عقل المتلقي وعينه ، مع جوهر الفكرة المكنونة وذهن المشاهد في لحظة الصدق والإدهاش والعزوف اللحظي .
مع كل الوقائع التي خضعت للمنظومة الذهنية في عمله المتواصل على التكوين الذي ينزع بسيميائه نحو معادل المكان والزمان المحرر من امتيازاته السلفية من جهة... والأسطورة المشرقية الغنية من جهة أخرى .
والتي تشي بتحرر عالمه التشكيلي وفق علامات فارقة توزعت في انفعال يُهيئ بترتيبات مسبقة وارتجالات لونية عابثة ومتسربة من حدس معرفي واثق له علاقة مباشرة بالمحيط الحيوي الذي يتعايش معه إلى الآن.

ارتياد في تحريف النسب
في المحاكاة التشكيلية التي قام بها الفنانين لاكتشافات القيمة الجمالية المضادة في مسخ النسب و الملكات اللونية المؤسسة على الذائقة الشمولية للفن و التي شكلت فعل موازي و منفصل لما قام به الانطباعيون من تحريفات للمعطى اللوني .
بقيت التوصيفات التي أطلقت في تعميم معنى القبح كقيمة مشروعة "توصيفات ناقصة" و مستهدفة في كثير من الأحيان و رغم ذلك قدمت باعتبارها مدخلاً إلى مساحات لم تكن في حساب التطور التشكيلي الذي صيغ في القرون الوسطى تحت سقف و عين البابوية اليقظة و أطرته فيما بعد الذائقة البرجوازية و التي لم تعتد هذا الانقلاب الحاد في نتاجات "فرنسيس بيكون" و"إيغون شيلي".
اليوم توصف هذه النتاجات الشاذة بأنها تعود بالمشهد الروحي إلى جذور مغيبة في نظرية التصوير و تخرج عن البيانات الانطباعية المغلفة بخاصية الحدس الذي يشكل في اعتبار الكثيرين "نزعة" أكثر منه استبصار .
إن السؤال حول ما إذا كانت هناك آلية معينة لخلق هذه الدراما البصرية الصادمة هو استهداف لا يحمل أي مسوغات لكنه سيحوذ مرجعيات واضحة في أبحاث "سعد يكن" التي تقوم بمجملها على مسخ القيمة و النسب و لكن وفق آليات مبرمجة خضعت لتراكم حدسي و ترتكز بشكل أساسي على حوامل الزمان و المكان و المحيط الحيوي الذي تتآلف عناصر اللوحة وفق فضاءه و دلالاته .
هذا السلوك الذي لم تكن له معالم أكيدة في " نزوات غويا " التي لا تشكل أي مقاربة مع أعمال "سعد يكن" ، و بخلاف التصنيف لكل منها إلا أنها تتوحد في غايات الشكل النهائي للعمل , بينما تشترك بورتريهات "سعد يكن" مع بورتريهات "بيكون" في كثير من المفاصل مع المبالغة لدى الأخير في إعادة ترتيب النسب بشكل مفزع و صادم و متقدم على الإنشاء الحدسي لدى الأول .


تجريب في افتراضات الفكرة والمكان
بتعبير آخر تبدو حالة التماهي والارتباط مع الانفعال الداخلي شديدة الوضوح في لوحاته بدءً بعروضه الموزعة بين دمشق وكندا وألمانيا ونيويورك وانتهاءً بتجارب عرضه في بيروت. وهو يمسك بإحكام بخاصرة الأساليب المتبعة لديه......كما يمكن اعتباره صاحب مذهب اخذ بالتشكل على صعيد طرائق تناول اللوحة وسلوكها التأثيري والصادم, إضافة إلى ذلك لم يغادر التشكيلي سعد يكن شخصياته المرتبطة بالتراث والمنشأة بأسلوب تجريدي يعتمد المساحات اللونية المتجانسة وفق اتجاه ظل مختصاً به حتى اليوم وضمن إحالات الأصالة والموروث الذي يملي عليه التزاما مشفوعاً بحساسية مفرطة للون والوجوه التي تكتسي بسحر المكان .كذلك يملك بحث لوني موثق لروح جلجامش ... تجربة جمعت خيالاته مع نصوص الباحث فراس السواح.
في العرض المميز لأعماله في الأونيسكو تتأكد لدى "سعد يكن" حقائق البيئة كحامل منهجي مبيت لأعماله و هو يعي تماماً مفردات العمل بالقدر الذي يشكله كهاجس متنام لديه و إن المتجسد عنده هو مسرح الروح الذي يحتوي لحظة التصادم بين كل مؤلفات الشعور واللاشعور التي يحملها الإنسان في داخله و هو يتكئ على حرفية أخاذة في صناعة فضاء اللوحة كتشكيل موازي لخلق الشخوص المعاقة و المشلولة و بشكل لا يبدو و كأنه مضاف بقدر ما هو جوهري و كامن في عمق العمل .
سعد يقف وسط هذه المسؤولية بامتياز العارف الذي يعمد إلى تجيير كل سلوكه الفني لغايات الفن الممتلئ حتى أخره بالحوامل الحضارية المشرقية في الخارطة التقنية يتمسك التشكيلي السوري في الخط المتصاعد لمعالجته اللونية
بقي أن نقول أن المهم في لوحة سعد يكن هو المتابعة الحيوية " للوزن" الذي تحققه, لناحية المضامين الفنية، دون أن يعني ذلك نسفا مطلقا للمتعة الذاتية التي تقوده وراء التجريب والبحث الدائمين..... وهو يعتبر أن الفن بمضامينه الإبداعية يجب أن يكون ذو هوية إنسانية وممتلئ برسائله الحضارية ، ومتجاوز لمنطقه الفوضى والبهلوانيان المتسربة من الغرب ...... وهو في ذات الوقت بيان لوني يؤكد على الإمساك بالتراكم الحدسي للإنسان ، وتسجيل مكاشفه حقيقية لحياته وخيالاته الروحية



#متعب_أنزو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الأفكارلبثينة علي في عرض عالي ومفاجىء لنخب دمشق التشكيلية
- ضياء العزاوي يجدد العلاقة بين الرؤية والنص الأدبي
- إدوار شهدا في غاليري أتاسي ....المرور بالأخرين إلى الذاكرة ا ...
- - طربق قصيرة إلى عراس - .....أو هي كذلك ......حازم العظمة من ...
- موسم باريس التشكيلي....يستضيف السوري سبهان أدم ... في أربع م ...
- فرنسيس بيكون... التدخل لدى افتراضات القبح
- استعارة النص من المتخيل اللغوي ...سليم بركات ينشط مجددا في - ...
- التمسك بأسوار الشعر الغربي.....- بلامغفرة- تكرار مهذب لأبحاث ...
- رهاب بزوايا مختلفة
- - رهاب الموصوفات ......عازفة البيانو -رواية ألفريدة يلينيك
- رؤية محرفة......عن علاقة الحدس باللوحة
- فن الأفكار ..ثلاث مشاهد منصبة في دمشق
- حوار مع التشكيليي العراقي هاني مظهر
- حوار فني مع الشاعرة اللاتينية أستري دي لوس ريوس
- يوسف عبدلكي


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - متعب أنزو - رؤيا اللون ...الفن من الزاوية الحرة , التي يقف عليها سعد يكن