أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله نقرش - التوحش والسياسة















المزيد.....

التوحش والسياسة


عبدالله نقرش

الحوار المتمدن-العدد: 6443 - 2019 / 12 / 21 - 14:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التوحش و السياسة
د. عبد الله نقرش
(1)
يعرف الجميع أن لكل عنصر من عناصر الطبيعة خصائص ذاتية في حالة وجوده منفرداً ومنعزلاً, وأنه في حالة التشارك والاتحاد مع عناصر أخرى يكتسب خصائص مشتركة, وربما يتحول إلى حالة تختلف عن حالته البدائية . ولذلك تختلف المنافع والوظائف المترتبة للعنصر وفقاً للحالة التي يوجد بها.
ولربما تنطبق هذه التحولات على الكائنات الحية النباتية والحيوانية بمعنى أنها تختلف أو تتباين خصائصها عندما تكون متشاركة مع بعضها البعض عما هي عليه عندما تكون منفرده أو منعزلة.
وبما أن الإنسان يقع في فضاء هذاالنوع من الوجود ككائن حي لا بد أن يخضع لنفس القانون. فالإنسان الفرد المنعزل أو المتمركز حول ذاته يميل إلى طبائع وخصائص ومسلكيات وربما أخلاقيات ومهارات تختلف أو تتباين مع الإنسان المنخرط في جماعة .
فلذلك يشار عادة بأن هنالك سلوكاً فردياً أوسلوكاً جماعياً وفقاً لما يراد قياسه بالنسبة للفرد , طباعاً أو خصائص أو أخلاقيات أو مهارات أو خلافه.
وهنا, تستعمل أوصاف و تقييمات تتناسب مع حالةالإنسان وخبرته ومعرفته. إذ يوصف السلوك الفردي مقارنة بالسلوك الجماعي وفيما إذا كان يعبر عن حالة بدائية أو حالة متحضرة, باعتبار أن البدائية تنسب إلى الفردية , والحضارية تنسب إلى الجماعة.
(2)
فإذا كان الحيوان يصنف تبعاً لسلوكه بكونه متوحشاً أو أليفاً فإن الإنسان كذلك يصنف تبعاً لسلوكه همجياً أو مدنياً
وإذا حاولنا تطبيق هذه البديهيات على السلوك العام للبشر لاكتشفنا أن لكل دائرة من دوائر علاقات الفرد أثر في تكييف خصائصه وما يرتبط بها .فما بين الحالة الفردية البدائية البربرية والحالة الجماعية الحضارية المدنية , هنالك تباينات واسعة قد تجعل الإنسان إما أقرب إلى الشيطان أو الحيوان,أو أقرب إلى الملاك الإنسان.
فالأسرة تؤهله لنوع من الخصائص ومن ثم العائلة أو العشيرة أو الحي أو المجتمع,وبالتالي الدولة أو العالم أوالكون وفقاً لآفاقه.
بمعنى أن الفرق النسبي بين فرد وآخر سيكون واسعاً,كالفرق بين الإنسان المنغلق حول ذاته وحول ما يخصه,والإنسان النبي الذي أفقه الكون بكليته.
وما بين الإنسانين يقع أي فرد في مكان ما على هذه المسافة.
وكما أن هنالك عناصر خاملة في الطبيعة لا تتفاعل مع غيرها,
وعناصر نشيطة ,وهناك نباتات برية وأخرى هجينة,وأخرى محسنة,وهناك حيوانات متوحشة,وأخرى أليفة,هنالك إنسان بدائي
وآخر بربري,كما أن هنالك إنسان مدني وحضاري .
وكل تلك التصنيفات تقع وفقاً لمعيار العلاقة بالنوع.
(3)
ولوحاولنا تطبيق ذلك على الحياة السياسية ,باعتبارها المفترض أن تكون أكثر أنواع الحياة شمولاً واتساعاً لانها تظلل و تخترق الانماط الاخرى من الحياة ,لاكتشفنا ان الانسان انتقل فيها عبر الزمن بين أن يكون إنساناً برياً متوحشاً بدائياً مدمراً لكل شيء و بين أن يكون إنساناً راقياً مدنياً حضارياً يعمر كل شيء,ويحافظ على صيرورة الإنسان,حياته وحقوقه,وبأرقى صور الحضارة الراهنة.
أي أن التاريخ عرف أصنافاً من البشر ما بين النقطة صفر من السلبية والحد الاقصى من الإيجابية.وهنالك الكثير من الأمثلة,منها ما تعلق بالأفراد كفرعون او نيرون او جنكيز خان او هولاكو ...والقائمة تطول حتى تصل إلى وقتنا الحاضر.مازال هؤلاء الجبابرة المتوحشين يتناسلون .ومنها ما تعلق بجماعات مارست الإبادة الجماعية لغيرها.أو التحكم والسيطرة على غيرها من الجماعات,فضلاً عن النهب والسرقة واستغلال موارد الجماعات الاخرى,وأيضاً الامثلة على ذلك كثيرة يكفي التذكير بكيفية سيطرة الأوروبيين على أمريكا بعد اكتشافها وسيطرتهم كذلك على أفريقيا,
والتذكير بأحداث راوندا في التسعينيات من القرن العشرين.
وسيطرة فئات طائفية على أخرى في كثير من المواقع في العالم ومنها العالم العربي وما يجري الحديث عنه في الصين أو بورما.
ولا ننسى بطبيعة الحال أكبر جرائم القرن العشرين المتمثلة بإحتلال فلسطين من قبل مشروع سياسي غربي صهيوني.وطبعاً القائمة تطول.
(4)
وكي لا نقع في محذور الاحكام التاريخية المطلقة ,او المجحفة او اللاموضوعية, نقصر حديثنا على بعض المشاهدات التي عايشناها, وتابعها العالم لحظة بلحظة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هنالك مجرمون قتلة بكل المقاييس ...ويسيطرون على جماعات أو شعوب ويقودون دولاً تصنف بين الدول المستقلة الحديثة وتحظى بعضوية المنظمات الدولية .
هؤلاء قتلة فعليون,غاصبو حقوق الناس ,ويمارسون نزواتهم الشريرة كالحيوانات,بل اضل سبيلاً.وسلوكهم لايخفى على أحد ...
ويستطيع أي فرد في العالم ان يحصي منهم العشرات ,كما يمكن أن يشير إلى بعض الجماعات والدول التي تمارس هذا القدر أو ذاك من الجرائم من كل نوع.
كيف يمكن للعالم المتمدن,والشعوب ذات السوية الإنسانية العامة.
والقادةالمؤثرون في العالم,بالإضافة للمثقفين والمفكرين والعقلاء بشكل عام,وأينما وجدوا,أن يقبلوا بمثل هؤلاء في العصر المتمدن؟
كيف يمكن قبول هؤلاء القتلة وبأي صفة كانت؟! فبعضهم رؤساء دول وبعضهم قادة جيوش وبعضهم رجال عصابات وبعضهم فاسدون اهلكوا الحرث والنسل.
(5)
هل يمكن تقييم سياسات هؤلاء وانشطتهم الحياتية باعتبارها انسانية؟كيف يمكن التحالف معهم؟ هل يمكن أن يغفر لهم؟!
هل العالم متوحش إلى هذا الحد؟!وهل العالم السياسي تحديداً أكثر توحشاً وغير إنساني إلى درجة البدائية ؟!وهل ما يسمى بالمصلحة السياسية ,يهبط بالسياسة والإنسانية إلى هذا الدرك؟!
كل هذا يحدث وقائم ومعروف,فكيف بعد ذلك يدعون إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان وكرامة الانسانية والعدالة ,وما الى ذلك من مفاهيم يشاع استعمالها باعتبارها قيماً إنسانية وتدمر صباحاً ومساءً.
كيف يمكن التحالف والتعاون ومن ثم الصداقة مع هؤلاء الناس في حين يجب عزلهم ومقاومتهم,والقضاء عليهم؟هل يمكن أن يكون العقل السياسي العالمي فاسداً إلى هذه الدرجة؟نحن نعرف أن العلاقات الدولية ليست ديموقراطية وتقوم على القوة,هذه بديهيات,ولكن أليس من المنطقي أن يتقدم المجتمع الدولي لنصرة الإنسانية.فما هي المصلحة في تدمير إنسانية الشعوب المقهورة بمثل هؤلاء؟.
(6)
ألا يمكن أن يصار إلى تقييم الفعل السياسي والسلوك السياسي لمثل هؤلاء؟أليس من المحتمل بأن من سعى وعمل على تدمير مجاميع إنسانية,أينما كانت هو في الواقع مجرم بالمعنى المطلق والمجرد؟
فإذا كان هنالك من يحاكم بصفته مجرماً في الحرب وهي عادة ما تكون مع غير شعبه ومجتمعه,وغالباً ما يكون فيها أطرافاً او طرفاً آخر,فكيف بمن يرتكب جرائم إبادة بحق شعبه وذويه,ألا يكون سلوكه هذا مشابهاً لسلوك الحيوانات المفترسة المتوحشة,ولا مكان له بين البشر المتحضرين؟!
كيف يمكن التعامل مع القتلة الديكتاتوريين الغاشمين؟وكيف يمكن قبولهم بين القادة السياسيين في العالم المتحضر؟كيف يمكن للأدب السياسي العالمي ناهيك عن الأدب العالمي كله,بل عن الثقافة الإنسانية ان تقبل أو تبرر قبول هؤلاء بين نخب الحضارة الحديثة؟
كيف يمكن تبرير الجريمة لأبناء المستقبل الذين قد يكونوا أكثر إنسانية من البشر الموجودين الآن؟
فلربما بعد مائة عام لن يكون أحداًمن أحياء اليوم حاضراً في حياة المستقبل.



#عبدالله_نقرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطورة العبث السياسي في العالم العربي
- في ثقافة الاستبداد العربية
- زمانان في عالم واحد ام عالمان في زمن واحد؟!!


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله نقرش - التوحش والسياسة