أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 5














المزيد.....

سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6440 - 2019 / 12 / 17 - 20:30
المحور: الادب والفن
    


في تالي الأيام، بقيَ عدنان في حالةٍ ترقّب لموعد الاحتفال بعيد النصارى على أمل الحظوة برؤية الحبيبة. الهيامُ، جعله نهاراً أشبه بالسكران لا يكاد يرى موضع قدميه. لحُسن الحظ، أنّ العمل في تجهيز المدرسة انتهى ولم يبق سوى أقل من شهر على بدء العام الدراسيّ. في أثناء ذلك، استمر مخول في زيارة صديقه الغريب، فجلبَ له ذات مرة القصصَ الموعودة، التي ترجمها من اللغة الروسية. تأثّر عدنان بإحدى تلك القصص، وقال لصديقه على الأثر: " أتصوّر لو أن حوريّة كانت تعرف القراءة، إذن لأوصلتُ إليها رسالةً تفضي ما بقلبي تجاهها ". لقد عرفَ اسمَ الحبيبة من خلال مخول، وشغفَ به أشد الشغف على خلفية موائمته لصورة صاحبته.
" مثلما تعلم، الأمية مطبقة بين ذكور المسلمين، هنا في البلدة، ناهيك عن الإناث "، علّق الضيفُ.
" حتى في دمشق، قلة من الفتيات المسلمات من أتيح لهن حظ نيل العلم "، قال المضيف زاماّ شفتيه علامة على الأسف. ثم أردف، " كم تمنيتُ لو أنّ السلطات، هنا في الريف، تسمح على الأقل للبنات الصغار بالتعلم جنباً لجنب مع الأولاد "
" يعجبني فيك العقلية المتحررة، وأعتقد أنّ ذلك بسبب تأثير الأدب الأجنبيّ المترجم "
" نعم، ولم يكن بلا مغزى أن تضيّق السلطات على حرية النشر وتحصرها، حَسْب، بين النصارى واليهود. لكن الحال غير ذلك في مصر، ما جعل العديد من أدباء المشرق يهاجرون إليها ومنهم من نجح بتأسيس الصحف ونشر الكتب "
" أرأيت كيفَ أن الحديثَ عن المرأة، يجر إلى الحديث العام؛ ما يدل على أن تحررها هوَ من تحرر المجتمع؟ "، قالها الضيفُ مبتسماً. أيده صديقه بهزة من الرأس، ثم عقّبَ بالقول متسائلاً: " لو أنّ حوريّة كانت متعلمة، هل كنتَ لترضى بنقل رسالتي إليها؟ ". مع أن نبرة الدعابة كانت جليّة، لكن مخول أجابَ بعد وهلة تفكير وبلهجة جدية، " كان الأجدر أن تتساءل، ما لو كان سيسرّها تسلل رسالتك إلى يدها، خفيَةً، بدلاً عن مبادرتك بشكل مباشر على التعبير لها عن مشاعرك "
" سأفعل ذلك، يا صديقي، حينَ يحين الوقت. وعندئذٍ ترى أنني من نوع رجال الحرب، غير الهيابين من اقتحام الحصون المنيعة! "، ردّ عدنان مع قهقهة عالية. شاركه صديقه شعورَ المرح، وما لبثا أن انشغلا عن الحديث بشرب النبيذ. مخول، وكان قد علم بمعاقرة صديقه للخمر، هوَ من جلبَ دبجانة من النبيذ، المصنّع على يديّ أبيه من أعناب كرمهم.
في ذلك المساء، وبينما الصديقان يتبادلان الحديثَ في الدور العلويّ من منزل المرحوم رمضان آغا، كانت ابنته تستمع لكل كلمة تقريباً فاها بها. عادة التصنّت، بوضع الأذن على الجدار، انتقلت بالعدوى من المربية إلى أديبة. كان ذلك، مثلما علمنا، حينَ قدّمت آمنة تقريراً لسيّدتها عن الخيانة الزوجية، المقترفة فوق سقف منزلها. لكن السيّدة لم تُطلع المربية على موضوع التجسس، الأكثر جدّة، ولا أيضاً جعلت وكيل أعمالها يأخذ به علماً. لقد فكّرت، وهيَ المتفاخرة بنسبها ومقامها، أنّ من غير اللائق أن تظهر أمام الخدم بمسلكٍ منحرفٍ خلقياً مهما كان دافعه. عليها كان، في مقابل ذلك، أن تتدبّرَ بحكمةٍ ورويّةٍ هذا الأمر، بغيَة سحق آخر أملٍ يعتور خيال أرملة الأب من جهة الرجال.

***
خلافاً لأيّ توقع، وكما لو أنها أخذت علماً بتدبير الغريمة اللدودة، بادرت الأرملة بنفسها إلى الاتصال بمستأجر المنزل. كان عدنان في صبيحة أحد الأيام يتوق كالعادة لقدوم العيد النصرانيّ، متخيلاً السحنة البهية للحبيبة تُرسل إليه عن كثب إشارات التودد. وإذا هيَ، على حين بغتة، من تطالعه أمام عتبة عليّته بعدما مهّدت لذلك بطرقاتٍ هيّنة على الباب. مبتسمةً، تومئ إلى غلام جميل يرافقها وفيه بعض الشبه منها، أوضحت بالقول: " إنه ابني الوحيد، يرغب في نهل العلم بمدرستكم "
" آه نعم، تفضلي يا سيّدتي "، كذلك رحب العاشقُ المتيّم بالأرملة الجميلة وليسَ بدون قليل من التردد الناجم عن المفاجأة. ارتقت برشاقة وثقة درجَ العليّة، وهيَ مطوقة رأسَ الغلام بيدها، وكان المضيفُ بأثرهما. ثم ما عتم الضيفان أن ولجا إلى الصالة، ليتخذا الأريكة العريضة مجلساً. رويداً، استعاد عدنان هدوءه وابتسمَ في داخله، كونه ظنّ أنه كسب المراهنة مع صديقه بشأن اقتحام الحصن المنيع. قدّرَ أيضاً، بناءً على ما عاينه شخصياً من قبل، أنّ الأرملة تتحرك في حرية بسبب طعن أبيها في السنّ: " لكنها رمت أيّ شبهة جانباً، حينَ جاءت برفقة ابنٍ بالغ، فضلاً عن الحجّة المزعومة "، أسرّ لنفسه. من ناحيتها، كانت حوريّة تدرك ولاشك ما في حُسنها من قدرةٍ على استعباد الرجال، حتى من يصغرونها كثيراً في العُمر. لعلها عاينت، بدَورها، تبلبلَ لبّ هذا المعلّم الشاب في أوان زيارته لمسكن أسرتها؛ وربما راقَ لها ذلك!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 1
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الرابع/ 3
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل الرابع
- سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الثالث/ 3
- سارة في توراة السفح: مستهل الفصل الثالث
- سارة في توراة السفح: بقية الفصل الثاني
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني/ 2
- سارة في توراة السفح: الفصل الثاني/ 1
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 5
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 4
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 3
- سارة في توراة السفح: الفصل الأول/ 2


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سارة في توراة السفح: الفصل الخامس/ 5