أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - حلف الناتو يحشرج قبل الموت















المزيد.....

حلف الناتو يحشرج قبل الموت


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6440 - 2019 / 12 / 17 - 16:35
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


إعداد: جورج حداد*


انعقدت مؤخرا في لندن القمة الدورية لحلف الناتو. وقدمت هذه القمة صورة واقعية عن الازمة الوجودية للحلف. وقد ظهر عمق هذه الازمة الى درجة ان الرئيس الاميركي ترامب الغى مؤتمره الصحفي المقرر سلفا، مبررا خطوته بأنه شارك في الكثير من اللقاءات الصحفية. ولكن السبب الحقيقي هو وجود جو من الخلافات الشديدة بين الشركاء في الحلف، التي لم يرد الرئيس الاميركي ان تعرض امام العالم.
ففي بداية مؤتمر القمة كرر الرئيس الفرنسي ماكرون قولته بأن الحلف يوجد في حالة "موت دماغي". ولكن الرئيس ترامب انتقد ماكرون بسبب "موقفه عديم الاحترام" للحلف. وحسب رأيه فإن كلمات ماكرون ليست فقط غير ملائمة، بل وهي وقحة.
ووجه ترامب انتقادات حادة ضد ماكرون وجميع اولئك الذين عبروا عن الشكوك حيال المبرر لاستمرار وجود حلف الناتو. وكما هو معلوم فقد غادر الرئيس الاميركي القمة قبل نهايتها. وكان ترامب يأمل ان يقنع الاعضاء الاوروبيين في الناتو بأن يرفعوا ميزانياتهم الحربية على الاقل الى 2% من الناتج المحلي القائم، مما لم يجلب له التصفيق من الحضور. لانه كان من الواضح ان اي زيادة في الميزانية الحربية سيتم تبذيرها بلا طائل. واغلبية الدول الاعضاء في الحلف ترى انه من الافضل انفاق هذه المبالغ في برامج الخدمات الاجتماعية الضرورية.
وقد خرج خاسرا من قمة لندن كل من ترامب وحلف الناتو والدمية الاميركية يينس ستولتنبرغ الامين العام للحلف، الذي يشغل هذا المنصب منذ 2014 حتى الان.
والسؤال التاريخي حاليا هو: ما هو مبرر وجود الحلف حتى الان؟
انه من الواضح تماما ان روسيا والصين ليستا عدوتين للغرب. ولكنهما تتهمان بذلك من قبل واشنطن. والسبب هو ان الامبريالية الاميركية تحتاج الى وجود عدو، ولو وهمي، لكي تستمر في اشعال وخوض الحروب والصراعات. وكل ذلك لاجل تأمين مصالح المجمّع الصناعي الحربي الاميركي، ولتأمين الارباح له بالمليارات المضاعفة. فالنظام الاميركي الذي يتجلبب بالدمقراطية والنيوليبيرالية هو في الحقيقة نظام نيوفاشستي، ويستخدم القتل الجماعي كبيزنس مربح. والواقع ان القتل الجماعي تحول الى اكبر بيزنس في العالم الغربي. والناتو حوّل القتل الجماعي الى عمل مؤسساتي بوصفه "امرا طبيعيا جديدا". وظهر ذلك بوضوح في صربيا وافغانستان والعراق وسوريا وليبيا.
ولتبرير الاستمرار في سياستها الخارجية العدوانية وانفاق مئات مليارات الدولارات الاضافية على التسلح، تتحجج الادارة الاميركية ايضا "بالحرب الدائمة" ضد الارهاب، الذي اوجدته هي نفسها بالتعاون مع حلفائها الخليجيين. وهذه "الحرب المصطنعة" ضد الارهاب هي الان المصدر الرئيسي لتغذية الاقتصاد الاميركي الذي يتمحور حول الصناعة الحربية. ولتبرير الزيادة في صناعة وتجارة الاسلحة تعمد الادارة الاميركية الى دعم ممارسة العنف البوليسي والفظائع واعمال القمع في كل مناطق نفوذها. ويشمل هذا العنف الداخل الاميركي ذاته حيث اصبح الوضع اشبه شيء بـ"الحكم العسكري".
ولهذه الغاية ابتعد حلف الناتو كليا عن المبادئ "الدفاعية" التي نشأ على اساسها، وتحول الى اداة بيد اميركا لممارسة سياسة العدوان على الشعوب الاخرى بعيدا عن اراضي الدول الاعضاء في الحلف. ولا يمكن الا ان يوصف بالكذب الوقح الادعاء ان الحلف يمثل قوة للدفاع عن اوروبا ضد الغزو الروسي المحتمل. والجدير بالذكر ان اغلبية اعضاء الحلف اصبحوا يرفضون هذه الحجة. والان استبدلت البروباغندا الاميركية هذه الحجة، بحجة اكثر وقاحة وهي ان الناتو هو وسيلة للوقوف بوجه "الخطر العسكري الصيني المتزايد بسرعة". اي ان هناك محاولة لتبرير استمرار وجود حلف الناتو بسبب وجود "التهديد الصيني" المزعوم. هذا مع العلم ان الصين هي من اكثر البلدان الكبرى تمسكا بالسلم وقد طرحت مشروعها العالمي الكبير "حزام واحد ـ طريق واحد" من اجل التعاون البناء بين جميع دول العالم بما فيها البلدان الغربية جميعا.
وتشير كل الدلائل ان القادة الاوروبيين بدأوا يعيدون النظر في السياسة الاميركية التي تفرض عليهم، والتي تتناقض مع مصالح بلدانهم. ولا يستطيع هؤلاء القادة ان يتجاهلوا الواقع وهو ان روسيا والصين انما تعرضان على اوروبا العلاقات التجارية والاقتصادية السلمية والمفيدة لجميع الاطراف، والقائمة على الصداقة والمنافع المتبادلة. والمبادرة الصينية لتحقيق برنامج"حزام واحد ـ طريق واحد" تصبح اكثر فأكثر جاذبية، بالرغم من الانتقادات التي توجه اليها من قبل بعض السياسيين الاوروبيين الاذناب، الذين يحاولون بذلك ارضاء اسيادهم في واشنطن.
ويتضح اكثر فأكثر ان المطالبة الاميركية للبلدان الاعضاء في حلف الناتو بزيادة ميزانياتهم العسكرية الى 2% من الناتج المحلي القائم، لا تهدف الى تدعيم الدفاع عن تلك البلدان ضد "الخطر الشرقي" المزعوم، بل تهدف الى زيادة الطلبيات الحربية من المجمع الصناعي الحربي الاميركي الذي تصر الادارة الاميركية على توجيه كل طلبيات الاسلحة اليه. وقد فرضت العقوبات الاميركية على تركيا، التي اقدمت على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 التي تتفوق على منظومة Patriot الاميركية.
ان الاموال الاضافية، الناتجة عن زيادة الميزانيات الحربية، ينبغي ان تنفق الزاميا في الولايات المتحدة الاميركية لزيادة ارباح المجمّع الصناعي الحربي فيها. وبالاضافة الى ذلك تهدف هذه السياسة الى الاضعاف المتزايد لاوروبا، التي بدون ذلك تتأرجح على حافة الركود الاقتصادي. اي تهدف الى اضعاف اوروبا كمزاحم اقتصادي جدي لاميركا، وجعلها اكثر طواعية وخضوعا للهيمنة الاميركية.
ان كل عملية ركود يصطنعها الفيديرال ريزرف (البنك المركزي) الاميركي، انما تضرب بشكل اولي وشديد اوروبا. وحتى الان لا تزال اوروبا تعاني من الازمة المالية ـ الاقتصادية التي استثارتها اميركا سنة 2008 ـ 2009.
والان تتجمع في الافق مؤشرات موجة جديدة من الركود. واي زيادة في الميزانيات الحربية الاوروبية ستنعكس بشكل كارثي على اوروبا. ويرى المراقبون المحايدون ان حملة العداء الهستيري ضد روسيا والصين وايران انما الهدف الحقيقي منها هو اضعاف اوروبا والسيطرة الاميركية عليها. وهذا ما يهدد حلف الناتو بالانفجار من داخله عاجلا او آجلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوريا الشمالية تستأنف تسلحها واميركا تبتز كوريا الجنوبية
- سقوط المشاعية البدائية بتدمير قرطاجة، وظهور المسيحية
- ضرورة تأسيس الجبهة الشعبية اللبنانية للانقاذ الوطني
- -ربيع الأميركان- في لبنان
- فتور كبير في العلاقات الاميركية ـ الالمانية
- الهندسة المالية تأخذ النظام الرأسمالي العالمي الى الاحتضار
- ترامب يصعّد الحرب التجارية ضد الاتحاد الاوروبي
- شبح البانيا الكبرى -الداعشية- يخيم على البلقان
- دونالد ترامب يجر الولايات المتحدة الى الحضيض
- حلف الناتو في ستراتيجية الهيمنة الدولية لاميركا
- التناقضات الاميركية الاوروبية في نطاق تجارة الاسلحة
- اميركا بدأت بالتراجع امام روسيا وامام الصين وايران
- المسرحية الكراكوزية المعادية للشيوعية في المؤتمر الثاني للحز ...
- ضرورة تقويض نظام الهيمنة العالمية للدولار
- السياسة العدائية لاميركا تدفع روسيا والصين الى التحالف ضدها
- ظهور المسيحية وانشقاقها من منظور اجتماعي قومي تاريخي
- العثمانو اتاتوركية الجديدة المأزومة تبحث عن دورها الضائع
- المبادرة الصينية الكبرى وتقويض الدور الاميركي
- الصين الشعبية تتقدم لاحتلال مركز الصدارة في الاقتصاد العالمي
- الصراع بين كارتيلات صناعة الاسلحة لاميركا والاتحاد الاوروبي


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - حلف الناتو يحشرج قبل الموت