أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مروان عبد الرزاق - رواية «طوق الحمام»: صرخة ضد الموروث الاجتماعي















المزيد.....

رواية «طوق الحمام»: صرخة ضد الموروث الاجتماعي


مروان عبد الرزاق
كاتب

(Marwan)


الحوار المتمدن-العدد: 6437 - 2019 / 12 / 14 - 08:12
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


عنوان الرواية «طوق الحمام» مستمد من أغنية شعبية تقول إن أهل مكة «حمام»، وإن المدينة «قمرية»، وهو طائر أكبر من الحمامة بقليل، وعندما كنت أنظر – كما تقول رجاء- من بيت جدي الذي يطل على الحرم، كنت أرى هذا الموزاييك البشري الرهيب، الذي يطوف بالحرم، وكان يشبه «عنق الحمام في تلونه وتنوعه وتداخله وانعكاساته». وكما ورد في الرواية، «الحلم المُطّوق في صحن الحرم، يلف فوطة حول عنقه ليذهب للاغتسال، حتى إذا جاء المساء، إنه مقدس.. لا يحيا إلا في مكة.. لا تؤذوه، بالأمس رأيت هذا المطوق في أفلام هوليوود في كل مكان، أهو الحمام يهاجر ويشيع؟ أم هي بيوت الله في كل مكان». والغلاف هو عبارة عن كسوة الكعبة.
مكة مكان فريد، لأنها المدينة الربانية، وهي المكان الذي تسرد فيه الروائية أحداثها. والراوي هو «أبو الرووس»، وهو حي قديم مليء بالأوساخ والقاذورات. وسمي بذلك لأن أربعة رؤوس علقت فيه بعد إعدامهم، لأنهم سرقوا كسوة الكعبة في عهد أحد أشراف مكة، بعد أن استغلوا فرصة الاحتفال بالكسوة الجديدة.
تبدأ الرواية باكتشاف جثة لامرأة وجدت مقتولة في أحد الشوارع. ويبدأ المحقق ناصر في البحث عن القاتل في صيغة درامية، وكأنه يتهم الجميع في اتهامات تضليلية مبهمة، ولم يكشف عن الجثة لمعرفة صاحبتها. إنها البداية البوليسية التي لن تنتهي، ولن يتم الكشف عن القاتل والمقتولة، إنما لكي تكشف العوالم السرية الداخلية للعديد من الأشخاص في حي «أبو الرووس». وتقدم رجاء المرأة القتيلة في صورة «عزة» التي ترسم في خرائط الجسد حريتها، و«عائشة» في فضائها الافتراضي العشقي، و«نورا» المنبعثة من جسد الاثنتين محظية الشيخ، الذي يدور بها في كل الأمكنة والبلدان.
وكانت «عائشة» الشخصية الأهم في الرواية في مذكراتها المتكررة لصديقها الألماني عندما أصابها الشلل وهي على كرسي متحرك، بعد حادث أدى إلى وفاة أهلها، والتي كانت تمثل كل النساء بمن فيهم عزة، عبرت عن ظلم المجتمع بالكامل للمرأة. فعائشة «قطة مدعوسة بإسفلت»، و«بنات «أبو الرووس» يولدون في علب لأنهم غير مسموح لهم بالخروج، ويشعرون بالخوف من أي شيء، والعزل للمرأة واضح بأنه لا قرار لها، وهي محصورة بقرار الرجل في هويتها وتجوالها وسفرها، وتصف عائشة حجرتها باللحد، كأنها تعاني من الموت دائماً. والمجتمع هو المسؤول عن ظلم المرأة، ويقول «أبو الرووس» «أنا، صاحب الإجرام والقتيلة». وجميع بنات «أبو الرووس» يعشن حالة من الحب والعشق الممزوج بالخوف والحذر، فيلجآن إلى القرآن لحفظ حياتهن وأنفسهن. فالقسوة في المجتمع، والأسرة جافة وقاسية وتضبط حركة البنات بقسوة شديدة وفق تعاليم «هيئة الأمر بالمعروف». إنها تعبر عن الحرية المسلوبة منها، وعن العشق الذي يغمرها، في مذكراتها ذات الرموز الصوفية، التي تعبر عن المطلق، الذي يعني الصفاء والنقاء. فأنا إنسان ولي كل حقوقي الإنسانية، ولست امرأة يمثلني الرجل ومستعبدة من قبله. ويوسف هو الشخصية الثانية الأكثر أهمية، وعشقه المتيم لعزة، والذي كان ضد المشايخ وظلمهم، وكيف وصل إلى المصلين واقتحم المسجد ليقول لهم «أنتم سرقتم حياتي، أنتم عصبة من المنافقين والكذابين، بهدف أن تدخلوا فسيح جناته»، وحين هاجم الشيخ مزاحم «أنت بيسراك تبني مسجداً، وبيمناك تبني سجناً، وتخاطب بالإيمان، أي إيمان!» هذا الذي تدعيه. فتم ضربه من قبل رجال المسجد، ونتيجة لذلك تم إسعافه ونقله إلى مشفى الأمراض النفسية.
و»نوره»، في القسم الثاني وهي نفسها عزة التي هاجرت وتعلمت الرسم، وتسكن في أفخم الشقق والفنادق، والتي تصاحب خالد الصبيحان، وهو رجل الأعمال ومالك الشركة القابضة العملاقة، التي هجمت على حياتنا التاريخية وتطمسها بأبراجها وفنادقها وأسواقها التجارية، وكيف أن الاحتفال المفاجئ لها في معرضها في مكة، أظهر طبيعة الفساد والظلم الذي تتعرض له المرأة في مكة القديمة والحديثة.

عبرت رجاء عالم عن الجائزة المناصفة كرد على بعض السعوديين الذي انتقدوا المناصفة بقولها: «إن الجائزة عندما تمنح لأكثر من شخص فلا يعني هذا قسمة التقدير المعنوي لنصفين».

و»طوق الحمام» تكشف ما تخفيه مدينة مكة المكرمة من عوالم سرية تنطوي على المظاهر السلبية في حياة البشر، وخلف ستارها كمدينة مقدسة تقبع مدينة عادية تحدث فيها الجرائم وتعاني من الفساد والدعارة والمافيا، التي يقودها المقاولون الذين يدمرون المناطق التاريخية في المدينة، وبالتالي يقضون على روحها، وثقافتها التاريخية، وذلك فقط من أجل الكسب التجاري. لقد تم هدم المدينة القديمة، وحارة أبو الرووس واستبداله بحي النور، وإزالة «300» أثر تاريخي تم طمسها في مكة. ولو خرج أبو الرووس في نزهة سيظن نفسه أنه يعيش في نيويورك نتيجة العمران والسكن الجديد وما يحتويه من جديد. وظلت رجاء «غاضبة» عند نهايتها للرواية وهي تخاف من هذه التغييرات، كوداع للمدينة القديم، التي اندثرت وتمثل أمي وجدتي.
ويبدو أنها رفضت الأدب الواقعي، إنما انجذبت إلى العكس، حيث تمردت على الواقع وتتعامل مع الأدب على أنه الحلم، بين المعقول واللامعقول، ومن المنطق إلى اللامنطق. وتعيش جدلية الوجود على المستوى الإنساني والميتافيزيقي، حيث نرى القضايا الماورائية تطغى على موضوعاتها، حيث قامت بتوظيف: آدم وحواء وقابيل وهابيل وعزرائيل في الرواية، وتلجأ إلى التراث الديني للإيحاء بأن بنات أبو الرووس يجب أن لا يقتلوا، من أجل استمرار الوجود وتطهيره ونقائه، كما ورد على لسان معاذ. وحبكة الرواية بوليسية، أو كما يسميها «إيكو» الميتافيزيقا البوليسية: أي تلك التي تبحث في الوجود الإنساني وعلاقة الفرد بالآخر، وغيبياته وتخيلاته. وهي تبحث عن المطلق فينا كبشر، في معرض محاربتها لإرهاب المجتمع ضد المرأة. وهي تمزج بشكل عضوي بين التاريخ والواقع الراهن والفانتازيا. إلا أن التشتت في العرض تجاه العديد من الشخصيات وهي غير لازمة لفكرة الرواية وحبكتها، والنظرة السوداوية التي تملأ الرواية، بكل تفاصيلها، رغم استخدامها الشعرية الروائية في وصف الأشخاص والمناطق، إلا أن هذه الشعرية معقدة، واللغة المسيطرة معقدة لرواية أكثر من خمسمئة صفحة. ويرى محمد ولد سالم أنه «لو حذفت القصة الثانية في مدريد لما حدث أي حرج في الرواية الأولى»، حيث يمكن أن تشكل قصة نورة والمفتاح، وهو مفتاح الفردوس، رواية مستقلة لو لم يتم ربط نهايتها بالرواية.
وقد حازت الروائية السعودية رجاء عالم، عدة جوائز مثل جائزة بن طفيل وغيرها. وقد حازت في روايتها «طوق الحمام» جائزة البوكر لعام «2011» مناصفة – وهي المرة الأولى في تاريخ الجائزة – مع رواية «القوس والفراشة» للروائي محمد الأشعري. وهي المرة الأولى التي تكسر فيها امرأة طوق البوكر الرجالي. وقد وصف رئيس لجنة التحكيم الروايتين، «إن الروايتين رائعتان ومبدعتان، وتناقشان بشكل عقلاني ومنطقي مسائل وقضايا حساسة تخص منطقة الشرق الأوسط، وهي مشاكل شاهدناها مكتوبة على اللوحات خلال التظاهرات الأخيرة التي هزت المنطقة العربية بأسرها تطالب بالتغيير». وأعرب رئيس مجلس أمناء جائزة البوكر جوناثان تايلور قائلاً «هذه فترة مهمة جداً في تاريخ الرواية العربية، والمهم، إنها المرة الأولى التي تقرر لجنة التحكيم أن تمنح الجائزة لروايتين بدلاً من واحدة، تنفرد كل منهما بطرح مبهر». وقالت رئيسة برنامج الثقافة سلوى المقدادي «إنه لفخر لنا أن نشهد فوز أول كاتبة بالجائزة إلى جانب كاتب آخر». في حين عبر كل من الشاعر علي الدميني «أن كلا من الفائزين يستحق الجائزة وحده، وخصوصاً رجاء عالم، فهي تستحقها منذ سنوات، والمناصفة طريقة رديئة تعبر عن التحيز ضد الأنثى». وكذلك بالمفهوم نفسه عبر الروائي عبد الله ثابت بالقول «إن مسألة المناصفة مع قامة روائية مثل رجاء عالم تعد أمراً غير مفهوم وبحاجة إلى توضيح». والبعض أشار إلى «أنه تمت إضافة الشاعر المغربي ترضية للرواية المغربية، والجائزة هي لرجاء عالم». في حين الروائي أحمد الدويحي قال إن «المناصفة شيء طبيعي ولا يسيء لأي من الفائزين».
وعبرت رجاء عن الجائزة المناصفة كرد على بعض السعوديين الذي انتقدوا المناصفة بقولها: «إن الجائزة عندما تمنح لأكثر من شخص فلا يعني هذا قسمة التقدير المعنوي لنصفين». «والذين يتحدثون عن المناصفة تشغلهم القيمة المادية للجائزة، بينما أنا والأشعري لا يهمنا ذلك». وهذا حديث رجاء الذي تكتب فيه «بحرية مثلما تطير في الحلم». وهي تنتمي لأحدث جيل من الروائيات السعوديات منذ ظهور الرواية السعودية في النصف الثاني من القرن العشرين.
من: القدس العربي-٢١نوفمبر-٢٠١٩



#مروان_عبد_الرزاق (هاشتاغ)       Marwan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية «موت صغير»: ابن عربي بين ترحال الحبّ والعقاب وغياب الت ...
- الثورة اللبنانية المجيدة
- -نبع السلام- أو -نبع الدم- في الجزيرة السورية
- رواية «حرب الكلب الثانية»: «فانتازيا واقعية» ومرايا ضريرة لو ...
- رواية «بريد الليل»: رسائل لم تصل للقارئ عبر ساعي البريد التا ...
- انكسار المقاومة وتوحّش الواقع في رواية «القوس والفراشة»
- رواية: فرانكشتاين في بغداد
- ساق البامبو
- حمام الدار-احجية ابن الازرق
- الانبثاقات السياسية في الثورة السورية
- القمة الأمريكية وكوريا الشمالية
- تشريح الثورة
- ثورة السودان
- وارسو: مؤتمر للسلام أم للحرب
- صعود الجهادية التكفيرية
- هل النظام السوري طائفي؟
- صراع المتشابهات في سوريا(الجزء الثاني)
- صراع المتشابهات في سوريا)الجزء الاول)
- لن اتهم احدا
- بين وثائق القاهرة وخطة الخبراء للانتقال السياسي في سوريا


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مروان عبد الرزاق - رواية «طوق الحمام»: صرخة ضد الموروث الاجتماعي