أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - فوزي بن يونس بن حديد - حقوق الطفل بين شرع الله وتجاوز البشر















المزيد.....

حقوق الطفل بين شرع الله وتجاوز البشر


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 11 - 00:50
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    


لقد حفظ الإسلام حياة الإنسان منذ تكوّنه في بطن أمه، وأمر المسلمين في كثير من الآيات بذلك، وجرّم الإجهاض لأنه اعتداء على الجنين، وحرّم الاعتداء على كل من خلق الله فيه روحًا، تحت أي مسمّى، كمسمّى العار إن جاء المولود عن طريق الزنا، أو مسمّى العوز والفقر أو مسمّى التشويه في الخِلقة، فالذي خلق الكون هو الذي يرزق الطفل مهما كانت حالته، لذلك كان الإسلام حريصا على حياة الإنسان منذ أن كان جنينا وإلى أن يصير شابا يافعا، وحرّم الاعتداء عليه بشتى أنواع الطرق، سواء بالتحرش أو الاغتصاب أو القتل لأن ذلك جرم كبير ومقرف ينبذه ديننا الحنيف الذي يحترم الحياة ويسعى إلى تأصيل العلاقات بين البشر في إطار من البنود الإلهية تعدّ خطوطا حمراء لا يمكن لأي إنسان أن يتعداها ومن يتعداها فقد ظلم نفسه، وعندما ننظر إلى الآيات الكريمة الكثيرة والمتنوعة التي تحرّم قتل الإنسان أو الاعتداء عليه بأي وسيلة نتبين أن الله تعالى رحيمٌ بعباده يريد أن يعيش كل منا حياته ويقضيها بمتعة وتسلية ولا يحقّ لأي كان أن يحاول إزهاق روحٍ خلقها الله تعالى لتحيا، فقد قال تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا" وقوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ" وقوله تعالى: " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ". ولقد وردت السُّنة كذلك بتغليظ تحريم قتل النفس التي حَرَّم اللهُ إلا بالحق؛ سواء كانت نفسًا مُسْلِمة أو نفسًا كافرة؛ فإنه لا تَلازُمَ بيْن وصف الكفر وبيْن جواز القتل؛ فقد يكون الإنسان كافرًا ومع ذلك يكون معصوم الدم والمال، وهي المسألة التي اختلطت على الكثيرين، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ في الدِّمَاءِ)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) وقال ابن عمر: "إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ"
وبعد أن جنح الإنسان مرة أخرى إلى الجاهلية الأولى من خلال تصرفات غير إنسانية نتيجة ضعف الوازع الديني وغياب الضمير الإنساني، همه إشباع رغباته ونزواته، وإرواء نهمه الجنسي ونزوعه للعنف والقوّة بعد انتشار تعاطي المخدرات وأنواع الحشيش، أصبح يبحث عن فرائس سهلة للانقضاض عليها وإشباع غرائزه بكل قسوة دون أي اعتبارات إنسانية للضحية، فقد يكون الضحية طفلا صغيرا أو بنتا أو امرأة تحمل منه فيتكون الجنين في بطنها وبعدها إمّا أن ترميه أو تقصيه من الحياة أو تلده معافى أو مشوّها، وبالتالي تضيع حقوقه الإنسانية وأبسطها طبعا الحياة الطبيعية والبقاء معافى من أي اعتداءات خارجية، وتكثر الجرائم المتنوعة وتنتشر بصورة مرعبة، وإذا لم تكن هناك قوانين صارمة في البلدان التي تعاني هذا الهيجان، فإننا سنشهد انهيارا كليا في التركيبة الاجتماعية وشرخا عظيما في الحياة الأسرية، وعنفا شديدا في العلاقات البشرية، فهم يتصرفون مثل السكارى وما هم بسكارى ولكن مفعول المخدرات والحشيش واللاوعي بتعاليم ديننا الحنيف ومبادئه وانهيار قيمه سيكون شديدا لا محالة ووقعه أليم على حياة أجيال بأكملها.
وعندما أدرك العالم حجم المعاناة بدأ يتدخل اليوم وينشئ ما يسمى باليوم العالمي لحقوق الإنسان واليوم العالمي للطفولة، لأن العالم أصبح يموج في الفتن ما ظهر منها وما بطن، مما استدعى حقا التدخل الفوري من العالم أجمع ومن الفقهاء خاصة لتطويع الفقه الإسلامي والنظر إلى جزئيات المجتمع الإنساني لبلورة قوانين جديدة تحد من التصرفات البهيمية والعدوانية التي تتعرض لها فئات ضعيفة في المجتمع، وينشؤوا فقها جديدا يتطور حسب الحاجات البشرية التي تستغيث كل يوم بالمنظمات الدولية، وهي بحاجة إلى غطاء شرعي قوي يحد من نزيف العصابات والمافيا التي تهوى العبث بالطفولة وتحرجها وتعتدي عليها بكل قسوة وعنف، وكذلك المرأة التي تتعرض لأنواع بشعة من الاغتصاب والعنف الجسدي وتستغلها عصابات الدعارة والعهر للحصول على المال بأي ثمن، ومن ثم ينبغي على فقهاء الأمة الجلوس على الطاولة وبحث المواضيع المتعلقة بالانتهاكات بتعمق وجدية وإصدار فتاوى وقوانين بالتعاون مع رجال القانون والخبراء المعروفين والمتخصصين في مجال العقوبات وذوي الخبرة في الإيذاء الجسدي والنفسي، وما يلزمها من عقوبات صارمة تتبناها الدول وتجعلها ميثاقا توقع عليه وتلتزم به.
ونتيجة لهذا العبث المتواصل والاستهتار برجال الدين وتحدي الشارع ظهرت الجرائم بكل أنواعها ونتيجة لذلك أيضا احتفلت الأمم المتحدة قريبا باليوم العالمي للطفل، وبهذه المناسبة أوصت جميع البلدان بأن تهتم بالأطفال تعليمًا وتدريبًا وتأهيلًا وإشراكًا في الحياة العامة وحتى السياسية والاقتصادية والأخذ بآرائهم ومقترحاتهم، وإبعادهم عن شبح الحروب والدمار والخراب الذي حلّ بعالم اليوم، واضطرّ كثير منهم إلى الهجرة السوداء، مما ألحق الضرر بهم وهم صغار، فكثير منهم اليوم يتعرّضون للانتهاكات الجسدية والجنسيّة، والاستغلال المهني والتجارة الرخيصة في سوق الاتجار بالبشر، وهو الملف الخطير الذي لم يغلق إلى حدّ الآن، وما زال الاستعباد والاسترقاق ظاهرة خطيرة تؤرّق العالم وتديره المافيا وتزدهر به السوق العالمية في ظل الصراعات الأتنية والطائفية والقبلية التي تمرّ بها البلدان العربية والإسلامية، ورغم أن الإسلام حرّم الاتجار بالبشر وجرّم الانتهاكات أيّا كان نوعها خاصة تلك المتعلقة بالأطفال إلا أننا نجد البلدان الإسلامية تعاني من هذه التصرفات البذيئة تجاه العناصر الطرية الظريفة، التي لا تقوى على المواجهة والدفاع عن النفس.
ورغم القوانين العالميّة والإقليميّة والمحليّة، إلا أننا مازلنا نشهد انتهاكات خطيرة ومؤلمة للأطفال، وتستغل المافيا العالمية الوضع الهشّ للكثير من البلدان فتعمل على إلحاق الضرر بالأطفال الفئة الأضعف في المجتمع وتعمد على الاتجار بهم واستغلالهم جسديّا ونفسيّا وجنسيّا دون مراعاة لأبسط حقوق الإنسان، ودون حياء أو خجل، لأنه ليس هناك تتبّع ومراقبة شديدة ولصيقة لعناصر المافيا وليست هناك عقوبات مشدّدة لما يقوم به هؤلاء، فالربح المادي والجشع والطمع هو الذي يغري الناس على حساب القيم والمبادئ والأخلاق والأعراف، وكلها تدخل في عالم يموج بالمتحوّلات والمتغيرات الشيطانية هدفها الاستيلاء بالقوة على المشهد العالمي الذي أصبح مخيفا جدا بل ومرعبا إلى حد كبير، يستدعي التدخل سريعا على مستوى منظمات ودول وكيانات حتى نحمي الطفولة من هذه الهجمة الشرسة اللاأخلاقية والمعتدية على حقّ الحياة والعيش بكرامة.
فالطفل يعيش اليوم أسوأ أحواله في ظل حروب همجية وعبثية طالت المنطقة العربية، هدفها التدمير والتخريب، فضاع الطفل فيها وتاه بين الهجرة القسرية والتعرض للقنابل الصوتية والانتهاكات الجسدية وإجباره على حمل السلاح والعمل المتواصل بثمن بخس ودراهم معدودة لا تشفي غليله ولا تطفئ جوعه، وليست هناك منظمات أو كيانات جدية تهتم بالطفل اليوم حتى تحفظه من هذه الهجمات المريعة التي يتعرض لها، أمام قوة المافيا الشرسة التي تستغل المواقف دون رحمة ولا شفقة ولا عناية ولا اهتمام.
فلا ننسى ذلك الطفل الذي قضى على مشارف بحر تركيا هربًا من جحيم القصف العشوائي في سوريا وتعرّضه لانتهاكات داعش، ونتذكر جيدا محمد الدرة الذي قضى برصاص الاحتلال الصهيوني في مشهد مرعب ومخيف، ولا ننسى الطفلة اليمنية التي تُزف إلى رجل يكبرها بخمسين سنة وهي لا تعرف إلى أين ذاهبة، ولا ننسى الطفلات اليزيديات اللائي استغلهن داعش جنسيا تلبية لرغباته الحيوانية، ونتذكر جيدا عدد الأطفال السوريين المهول الذين قضوا غرقا في البحر الأبيض المتوسط، ولا ننسى تجنيد داعش والحركات المسلّحة المتمردة في العالم للأطفال وهم في ريعان طفولتهم، ونتذكر جيدا إهمال الحكومات للأطفال حينما تركوهم عرضة للتجارة في يد المافيا العالمية وحتى المحلية ولا ننسى أطفال السودان وأطفال الصومال المشردين والمتسولين والمجنّدين للعمل اليومي المرهق من أجل لقمة عيش بخيسة الثمن.
كل ذلك نتذكره ونضعه اليوم على طاولة فقهاء الأمة الإسلامية لعلها تستفيق، وأمام الحكومات العربية التي تتلظى بوزر ما يُفعل بأطفالها اليوم من إهمال حقيقي كانوا عرضة للانتهاكات بجميع أنواعها رغم جدية بعض الحكومات العربية في اتخاذ تدابير حازمة وصارمة ضدّ من تسول له نفسه الاتجار بالبشر أو انتهاك الطفولة، لكنها محاولات خجولة في ظل تعامي العالم والأمم المتحدة والمنظمات الدولية عن ما تفعله إسرائيل مثلا بالأطفال الفلسطينيين يوميّا من اعتقال تعسّفي واعتداء متعمّد وحرمان من الحقوق المعروفة بل ومن أبسط الحقوق، كحق الحياة وحق التعليم وحق الصحة، فالطفل اليوم عموما يستغيث ويستجدي هذه المنظمات والمجمعات الفقهية وعلماء الأمة الإسلامية لتخليصه مما يعاني من آلام مبرحة جسديا ونفسيا واقتصاديا واجتماعيا فلله الأمر من قبل ومن بعد.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما لا تقلقي فالراحم الله...الطب الخاص في تونس يتاجر بالبشر ...
- لجنة الحريات في تونس تعبث بالأحكام الشرعية
- الرجل قوي ولكن المرأة أقوى
- آن الأوان لتحرير القدس يا أبطال الأمة
- اغتيال الحريري في الرياض
- الصهاينة يسقطون مع وعد بلفور المشؤوم
- رعب سبتمبر في أمريكا
- الاستعمار الجديد للمنطقة بدأت فصوله تتضح
- المرأة التونسية بين السياسي المنفلت والديني المنغلق
- المرأة في بؤر الصراع
- فلسفة الجمال في الإسلام
- عقدة الوجود عند الإنسان
- من يحارب من؟
- القدس الشريف الشمعة التي لا تنطفئ
- من دبر الانقلاب في تركيا؟
- مسلمون يصومون ولكن لا يصلّون
- لماذا لا يعتذر أوباما؟
- بن غربية .. لا تلعب بالنار
- فقدتُ أخْتي
- استقالة أوغلو ضربة قاصمة لأردوغان


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي ... / أحمد سليمان
- ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة ... / أحمد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - فوزي بن يونس بن حديد - حقوق الطفل بين شرع الله وتجاوز البشر