|
لاتغلق الهاتف
سمير عبد الرحيم اغا
الحوار المتمدن-العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 10:15
المحور:
الادب والفن
3 اختفت كل الوجوه ، هي مجرد ظلال ، وهو الصائم عن اكل نخلة رجل ضاع بين زمنين ، كان عليه ان يدعي الصيام ، كان الوقت قد جاوز الثانية بعد منتصف الليل ، الشوارع واهية ، تعثرت خطواته في زوايا الغرفة بحافة السرير ، ترجرجت الثوابت من حوله ، رن الهاتف النقال ، رن أكثر من مرة ، انتظر أكثر من دقيقة ولا احد يرد ، يسمع الرنين ، في لحظات الرنين قال : - لقد تغير كل شيء في الموصل ، ظن ان الرقم الذي يريده تغير ،وحسب تقدير ذاكرته فان الشخص المطلوب لايزال داخل الموصل ، المكالمات الخارجية تبدلت ، (كان يتوجب علي الرد : نعم . صوته يأتي من بعيد لرجل ظننت انه مات ) أغلق الهاتف ، عاد يحدث نفسه في صمت وانتظار ، لو يسال احد.. لعله يساعده ، ولكن الكل غير موجود ، هو الوحيد الذي بقي في البيت ، رن الهاتف ولكنه لم يرد ، كان رقما غريبا ، توالى الرنين ، وتوالى معه الخوف والارتباك الذهني ، لابد ان الخوف دلالة على عدم الرد ... بعض الأرقام ترن غريبة بدون أسماء ، من أين لهم رقمي ...؟ الكل يريد أن يعرف انه في البيت حتى جيرانه . كيف يتصل بأهله ، قلب الأسماء في الهاتف .. اسما بعد اسم ... بعض الأسماء قتل أصحابها ، وهذا خطف ولم يعود ، وهذا لم يظهر له اثر ، ذلك وجدت جثته بعد أيام وعليها آثار أطلاقات نارية ، مناطق بأكملها هدمت ، بيوت المسيحيين أصبحت (وقفا ) لهم ، أخرى أصبحت خرابا ، الركام يملأها و لا يمكن المرور فيها حتى في حالة التوقف، شوارع بأكملها القنا صون هم المسيطرون عليها ، لان أهلها تركوها ، ... هربا وخوفا من القتل ليس إلا ، يمر على الأسماء بحذر ، هذا استقر في تركيا ، وآخر في أمريكا ، وثالث في السويد ، أدار الرقم ثانية ، تغير الانتظار ، عاد الصوت نفسه يسال : - من أنت ..؟ _ أي رقم طلبت كان الصوت غامضا ، ساخطا ، لمس الرقم الذي طلبه ، نعم انه هو ، ولكن الصوت غريب ، أغلق الهاتف ، قبل ان يسمع رد الطالب ، أهالي الموصل يهاجرون داخليا من منطقة الى أخرى تنسجم مع ميولهم السياسية والمذهبية ، اتصل بصديق له يعرف ميوله السياسية .. يسكن منطقة لا تنسجم مع هذه الميول ، رد صوت لم يألفه من قبل .. سال عنه ...تلعثم الصوت ثم سأله : أي رقم اتصلت ( آسيا أم زين ) رد : - ما رقمك انت ..؟ رد بعد ان نفذ صبره ، عرف ان هاتف صديقة سرق ، السارق يريد رقمه ليعرف أين هو الآن ، سرقوا الخطوط بعد ان سرقوا البيوت ، .. الوطن .. الذكريات ... وأحلام وأمنيات بقيت معلقة في جذع شجرة ربما تسقط الشجرة في حضني وتكبر ، اتصل الرقم ... يظهر أمامه بدون اسم ، وأي رقم يمثل خطر في ذهنه ، رد عليه صوت خشن : - نعم قال : - بيت من هذا ..؟ انقلب الهدوء في البيت إلى سخط تام ، كاد أن يمزق طبله أذنه ، - هنا مقر ( الدولة ... ولاية الموصل ) تعجب لإضافة وقفة عن الأصدقاء والدنيا تشتعل ، لم يعد يفكر ، وهو في هذا الموقف الخطر ، هل سيعرف المسلحون طريقه من التلفون ويعرفون مكان بيته ، وسيكون هو في عداد الموتى ، كل من يتصل بأي جهة خارجية .. يقتل . وترمى جثته إلى الكلاب ، كم يكره الأرقام .. وخاصة في الهاتف ، حتى أن أصابعه لم تعد قادرة على تقلب الأسماء او الأرقام .. هناك صوت غاضب يمزق طبلة أذنه ،مساء قبل ان تغمس البلدة في السبات و تتجول كائنات برايات سود وموجها العالي يسد الجبال ، لا ترى أثرا لبلدة أو مئذنة أو لون علم ، لو أصبح مريضا ، لو احتاج مستشفى .. فكيف يصل ، وليس هناك من نجدة ، الأطباء هربوا بل تركوا العراق كله ، المستشفيات ضربتها الصواريخ ، لأنها أصبحت مقرا للمسلحين ، ومنهم بقي تحت الصواريخ والقذائف ، الأطباء معرضون للموت ، لأنهم يحاولون إنقاذ الآخرين ، ما فائدة الهاتف ان كان لا يستطيع ان يذهب إلى السوق أو المدرسة ، فجأة رن الهاتف ؟ من المتكلم ...؟ رد علي شخص ، سأله بلهفة قوية _ كنت أخشى ان لا أجدك ، أنا سعيد بوجودك .. وسماع صوتك ، نسي أن يطلب اسمه ، - أشكرك - هل من خدمة ؟ - أنت في الموصل أم خارج الموصل ..؟ أجابه بنفس الصوت البارد المؤدب ، وأغلق الهاتف ، تذكر أن معرفته بهذا الشخص معرفة سطحية بسيطة ، ولكن حقق له الأمل في العيش ؟ - حقا أنا سعيد ليس ثمة خوف أذن من التلفون : قال ذلك وودعه بضحكة .. لأنه احس انه مازال حيا .. والمكالمة الأخيرة هي التي أحيته .
.........................................................................
#سمير_عبد_الرحيم_اغا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزينة
-
قصص بطعم البرتقال
-
لاتبتعد كثيرا
-
لاتسرع في سيرك
-
طبية وعامل
-
ازهار جامعية بيضاء
-
انا ونبيل وسؤدد
-
سيرة ذاتية
-
صور حب جامعية
-
( أرواق عنب ندى فوزي ...................رسائل امرأة من زمن آ
...
-
فراشات جامعية
-
صورتان
-
يوميات دفتر جامعي
-
سر اسعد
-
صورة رقم 59
-
حادثة طريق
-
مندوب العبيدي ... بيدر شعرك ممتلى بك
-
لاتتركوا النارنج وحيدا
-
التشكيل الجمالي في اسلوب التقطيع (في مرآة الحرف )للشاعر اديب
...
-
احب الرياضة
المزيد.....
-
أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|