أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2















المزيد.....

العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تكاثرت الخنادق وكل خندق تمترس بالقوة الشعبية التي تتبعه، وأصبح العراق ساحة تصفيات لها وكل خندق وجد من يدعمه خارجيا ويدافع عنه، أما لمصالح سياسية أو أقتصادية أو مذهبية، في حين بقيت قطاعات واسعة من الشعب العراقي في الأرض الحرام الفاصلة بين المتصارعين، ودفع مئات الألاف من أفراده دون ثمن ذلك لمجرد أن يشعر بعض المتصارعين أنهم أقوياء على الأرض، حتى أنفجر الصراع على أشده في حرب اهلية كان عنوانها الطائفية بكل عمقها التاريخي والسياسي عام 2006، في الفترة التي كان فيها النظام العراقي الجديد يتخبط بين واجب بناء دولة وبين الرغبة بالانخراط المسلح في هذه الحرب خشية من أن تذهب منجزاتهم ما بعد الأحتلال أدراج الرياح.
كما لم ينجح الحكام الجديد في أي ملف مهم من ملفات الإدارة والحكم، أيضا سجل فشلهم الجديد في مكافحة أثار التركة البريمرية الثقيلة ومنها تداعيات تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء والذي كانت شرارته كافية لتفجير الوضع العام برمته، وزرعت ممارسات وسلوكيات وأعلام القوى الطائفية الخوف تأصيلا في نفوس كل العراقيين، كأن قيامة الطائفية قامت على أرض العراق، ساعد ذلك إعلام خارجي ممول من داعمي الأطراف المتصارعة، وتحول البناء السكاني والديموغرافي في العراق إلى كانتونات مغلقة تتحارب بينها من خلف أسوار التقسيم الكونكريتية التي شيدتها الحكومة على أنها حماية لها.
لم يصح العراق من هذا الوضع حتى صارت الحياة لكثير من العراقيين أشبه بجحيم يوم يترصدهم الموت في كل ثانية، وأصبح مشهد التفجيرات والمفخخات مشهد يوميا مألوفا يحصد العشرات من العراقيين صباح مساء، وتحولت مفردات الحياة مع نقص فضيع في أبسط مقومات الحياة الطبيعية مع مشهد الدم على الطرقات والأرصفة إلى منظر مألوف لا تبالي الحكومة ولا مؤسسات الدولة للبحث عن حلول له، وأعلانات الموت تملأ الجدران أينما ذهبت وفي كل بيت رنة وعويل.
كان تفكير سلطات الأحتلال منحصرا في حماية قواتها من هجمات المقاومة بشقيها السني والشيعي، وعليها أن تجد المخرج المناسب الذي يجعل من العراقيين أداة وألة لهذا التدبير، فأستمالت العشائر السنية أولا وبعض الشخصيات التي أرتبطت بها وبعض المتضررين من نشاط القاعدة والقوى الجهادية لتكوين قوة على الأرض ومن داخل البيت السني لمواجهة القاعدة، فأنشأت ما يسمى بالصحوات، هذا الحل ساهم في إضعاف القاعدة ومن معها من داخل الحاضنة الطبيعية وأمن للمحتل بعض المجال والوقت لترتيب وضع قواتها على الأرض.
وأعتمدت الإدارة الأمريكية وحلفائها من جهة أخرى على القوى العسكرية والأمنية الرسمية في تنفيذ جزء من خطة المواجهة، وأعادت تنظيمها وتدريبها وفق عقيدة قتالية جديدة مهامها مكافحة ما تسميه الإرهاب القاعدي، مما زاد من ثقل المواجهة ضدها حتى تم القضاء على معظم القيادات البارزة في التنظيم وعلى رأسها الزرقاوي الأردني الجنسية الذي كان يعد الأبرز والأخطر في قيادة تنظيم القاعدة، على مستوى أخر ونتيجة للهزائم المرة التي تلقتها القاعدة وتغيير في استراتيجيات العمل أنشق جزء كبير منها لتتحول فيما بعد إلى تنظيم دولي أكبر بمشاركة قوى وشخصيات غالبيتها من بقايا الجيش العراقي المنحل، الذي وجد نفسه محاربا ومنبوذا ومطلوب للموت لمجرد أنه كان منتسبا للجيش العراقي السابق أو التنظيمات الأمنية المنحلة سمي لاحقا بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق ثم العراق والشام ومختصره (داعش).
المشكلة الكبرى في الفكر السياسي لدى القادة العراقيون الجدد ما بعد 2003 هي قصر النظر في الرؤية الأستراتيجية عموما والقضايا الأكثر إلحاحا خصوصا، فهم يبحثون دوما أن أبسط الطرق في المواجهة والتي تعفيهم من البحث عما وراء الإشكاليات والمشاكل التي تواجههم، وحتى عندما يسجلون فشل هذه الحلول البسيطة والجاهزة دوما فإنهم في الغالب لا يبحثون سبب الفشل وعلاته، بل يهربون إلى الأمام والتمسك بأراءهم كبرا وعنادا، معتمدين على مجموعة من المستشارين الغير متخصصين والذين لا يملكون ألف باء مفهوم الأستشارة بل جاؤوا أما ترضية لصلات معينة أو من باب الفساد الإداري والمالي، وفي الغالب هؤلاء المستشارين لا يملكون أدنى مستويات التأهيل اللازم.
في قضية مكافحة داعش والتصدي له كفكر وعقيدة وعلل وأستراتيجيات وتكتيكات وأعلام وفي بلد عانى وتمزق شعبه ومؤسساته وهدرت ثروته وأهين جيشه، كانت الحلول الجاهزة والفورية مع أهميتها هي دائما محصورة في أستخدام القوة العسكرية، وإلقاء اللوم على أطراف عراقية متضررة هي أصلا من وجود داعش أو أدعاء وجود مؤامرات تتضخم في عقلية الحكام دون أن يفهم لماذا يتأمر الأخرون، فمثلا من الحلول الأساسية التي كان يجب أن تكون كجزء من الحل الشامل لمشكلة داعش، وهذا ما لم تدركه لليوم المنظومة السياسية برمتها التشريعية والتنفيذية والقضائية أن تعمل لتأسيس معاهد ومراكز أبحاث متخصصة، من أكاديميين محترفين من كل الاختصاصات العلمية والإنسانية والصحية لدراسة الظاهرة جذورا ونتائج، لتقف على ما يجب أن يتخذ كاستراتيجية بعيدة المدى تجنب العراق وشعبه أن يقع مستقبلا في نفس الوحل المخزي.
في غياب سلطة قوية وقانون صارم يطبق على الجميع بيد قضاء لا سلطان عليه حقيقية لا شعار مكتوب يخترق يوميا ألف مرة، وضياع مفهوم المواطنة بين أقدام السياسيين لمصالح فردية وفئوية وأحيانا حتى لا علاقة لها بشخص السياسي بقدر علاقتها بمن وراءه، نشأت ظاهرة الفساد الإداري والمالي كنتيجة حتمية لتفشي ظاهرة الفساد السياسي وحتى الديني والأجتماعي، بل أن أسباب ومظاهر الفساد المالي والإداري هي نتيجة وليست ظاهرة منفصلة عن غيرها من المظاهر الشاذة التي أعقبت الأحتلال، وولدت مع مفهوم ((الذاتوانية)) المتزاحمة المتصارعة مع غيرها والتي أسسها كما قلنا المحتل، بدأ من تشكيلة مجلس الحكم مرورا بسن الدستور الطائفي المكوناتي المحاصصاتي وصولا إلى تقسيم الدولة ومناصبها وفقا لقاعدة النسبة والتناسب بين أطياف الشعب العراقي.
كل ذلك كثر الخنادق المتصارعة وقد تحول الصراع من مذهبي ديني بعد عام 2008 وأنتهاء أوج الحرب الأهلية أو ما يسمى شعبيا (أيام الطائفية)، لتتحول أسباب الصراع ومعطياته إلى صراع خنادق من أجل مغانم ومكاسب الفساد المالي والإداري وعلتهما الفساد السياسي المؤسس، ولو تابعنا حركات الخنادق المتقاتلة بينها وبمنظور تحليلي بحثي نجد أنها تتركز على النفط، الوظائف، مراكز القوى في المؤسسات والوزارات، العقارات والممتلكات العائدة للدولة، الرشى والقومسينات والتعهدات والمقاولات الحكومية، هذا الصراع الشديد جذر من ظاهرة الفساد وأصبح قانونا عاما في بنية الدولة ومؤسساتها وحتى في أختيار الرموز والقيادات لها، لقد تبرقع هذا الفساد حتى يمر بدون محاسبة أو مسائلة قانونية من خلال رفع الشعارات الطائفية حتى بين أبناء المذهب الواحد.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح1
- غزوة السنك بين صمت القبور وصراخ الصقور
- ثوار ومندسون والطرف الثالث
- المؤامرة الأمريكية!؟
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة ح2
- الحكومة العراقية بين سندان الامم المتحدة ومطرقة الثورة
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح2
- أستقالة عادل عبد المهدي بداية حل ام بداية أزمة؟. ح1
- الخطوة التالية ح2
- الخطوة التالية ح1
- العراق في قلب العاصفة
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح2
- ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - العراقيون بين خندق الوطن وخنادق الأخرين ح2