أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم صفي الدين - ما بين دين عبدالله رشدى وعلمانية خالد منتصر















المزيد.....

ما بين دين عبدالله رشدى وعلمانية خالد منتصر


سليم صفي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 6432 - 2019 / 12 / 8 - 17:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الصراع بين الفكر الدوجمائى والنسبىّ قديم جدًّا، اتخذ شكلاً مؤسسيًّا فى مجتمعنا المصرى من جانبه الأصولىّ، ممثَّلاً فى التيار الدينى الذى تمثله "الكنيسة والأزهر"، فى مقابل التيار العلمانى الذى نأمل أن نرى له عملاً مؤسسيًّا فى المرحلة الراهنة، سواء أكان حزبًا أم ائتلافًا. استطاع رجالات المؤسسات الدينية المختلفة تسفيه الصراع، بالدوران حول مناقشة قشور الفكر، دون التعمق فى صلب الإشكاليات الضخمة المؤرقة، والحائلة دون تقدم المسار الثقافى والفكرى والفلسفى. وللأسف دار معهم فى تلك المناقشات التغييبية كثير ممن يُحسبون على الجانب الثقافى والعلمانى فى مصر.

- أسس هذا الصراع العقيم، الدائر على مر سنوات طويلة بين التيار الدينى ومجموعة من المثقفين، لحالة الجمود الفكرى التى نمر بها فى الآونة الأخيرة. يتصدر الجانب الأول على سبيل المثال "عبدالله رشدى"، الذى أعتبر أن من السذاجة عدم النظر والتدقيق ومحاولة قراءة ظهوره بهذا النسق، بل ومن هم على شاكلته. فى رأيى أن ظهور هذه المجموعات هدفه -كما سبقت الإشارة- تسفيه القضايا الاجتماعية، والدينية، وأسلمة القضايا السياسية. ففى الوقت الذى يعلو فيه الحديث عن الاقتصاد، وأزمة العيش، يخرج واحد من هؤلاء بتصريح يتضمن تكفير المجتمع بسبب حجاب المرأة؛ فينجرف وراءه من ينسبون أنفسهم إلى العلمانية والثقافة، تاركين بطون الناس خاوية على عروشها، للدفاع عن المرأة المصرية سليلة الفراعنة، الذين يبدو أن هؤلاء أنفسهم لا يعرفون عن تاريخهم شيئًا!

- الجانب الآخر من هذه المعادلة السلطوية -فى رأيى- يمثله "خالد منتصر" على سبيل المثال (وأنا أدعمه بكل تأكيد فى حق التعبير ورفض اتهامه بازدراء الأديان) فهو لا يقل عن رشدى فى شىء؛ يسفه من قضايا الثقافة، والاجتماع، وكذلك الدين، ولا يقترب من السياسة أبدًا إلا من جوانبها الداعمة للسلطة. ففى الوقت الذى يتيه فيه الناس حول الوضع القائم، يأتى دور المثقف مبلورًا فى شكل "موقف" يوضح ويشرح ويظهر ويبين الصورة فى أعين التائهين، إلا أن هؤلاء المثقفين من أمثال منتصر، وإسلام بحيرى، وفاطمة ناعوت... إلى آخرهم، يتركون كل شىء مؤثر فى الواقع، وفجأة يقيمون الدنيا فرحًا وتهليلاً لنصرة العلمانية، والثقافة، والتحرر، لأن "ممثلة" قررت خلع الحجاب! كأنَّ العلمانية تعنى بالفعل تعريف حازم شومان لها "يعنى أمك تقلع الحجاب"! غير أنها منهج تفكير نسبى، لا مظهر له ولا دينَ معينًا، وهى بكل تأكيد ليست دينًا يستلزم خروج الإنسان من دينهِ حتى يتمكن من الانضمام إليه، ناسين -بالأحرى متناسين- أن قرار خلع وارتداء الحجاب لا شأن لأحد به، فهو أمر شخصى وقرار خاص. هذا فضلاً عن توقيتات تلك القرارات التى لا تحدث صدفة، ولهذا حديث آخر.

- الإشكالية تمثلت فى محاولة تديين العلوم والثقافة والفنون والآداب، فانعزل المثقفون والمفكرون عن التفكير فى حلحلة هذا التديين ودحض ذلك الفكر من خلال تقديم البدائل السياسية والاجتماعية... إلى آخرها، وانخرطوا فى نفى التأصيل الدينى للعلوم والاجتماع، بدلاً من تقديم الفكر مبلورًا فى شكل دراسات وأبحاث وكتب، ومحاولة سحب البساط من رجال الدين، مثلما فعل طه حسين، وعبدالرحمن بدوى، ونجيب محفوظ، وغيرهم، بتقديم الفكر وتطوير المفاهيم، وجذب المجتمع إلى القضايا الحياتية، ودفعه للتفكير فيها من جانب ذاتى برجماتى.

- وبذلك انحصرت القضايا الفكرية على الدين فقط، وضاقت أكثر لتقف أمام الإسلام وحده كمشكلة مؤسسة للتخلف عن ركب الحضارة! دون التفريق بين الدين والتديّن، فالدين بحسب تعريف عبدالجواد ياسين هو: الوحى والأخلاق الكلية. وأعرّفه أنا بأنه أمر شخصىّ يخص كل إنسان على حدة، وهو أمر روحى سرى جامع بين العابد والمعبود. على عكس التديّن الذى هو فى أصلهِ دحض للدين ذاته من خلال الانتقال من حالة السرية إلى العلنية بالاعتماد على المظهر كأساس للدين، والطقوس الظاهرة كأساس للإيمان. وعلى أساس هذا الانحصار، وعدم التفريق سالف الذكر، انغلقت القضايا الفكرية والثقافية على نقل ما جاء فى كتب التراث وآراء الأئمة، "والسخرية" منها وليس نقدها.

- وبالتوازى مع تلك المناقشات النقدية المرجوة لهذا الفكر عمومًا، وذلك التراث خاص، يجب تقديم أطروحات جديدة ومفاهيم متطورة تقدم بديلاً للمرفوض من القديم، فقد عرّف الفيلسوف الفرنسى "لوك فيرى" الفلسفة الغربية الحديثة بأنها محاولة لإعادة بناء المفاهيم الكبرى للمسيحية، ومن هنا نفهم سر التحول الضخم الذى حدث فى مسار المسيحية من دين انتشر بهدم معابد اليهود وقتلهم والتمثيل بجثثهم، إلى "الله محبة"، ثم نوسع إطار النقاش والطرح مما هو دينى إلى ما هو اجتماعى وسياسى وأخلاقى. فلا يمكن اختزال المناقشات الفلسفية والفكرية على الجوانب الدينية، وتضييق الأمر لحدود التاريخ الإسلامى فقط، ونترك الساحة السياسية والاجتماعية خاوية على عروشها.

- بعد نجاح رجال الدين فى تقزيم الصراع الفكرى على النحو الموضح أعلاه، استطاعوا إقصاء الفلسفة من المعادلة تمامًا، فغاب حضور رجالاتها من المشهد بالكامل، وتركت الساحة الفكرية والثقافية لمن لا يملكون المنطق الفلسفى والرؤى البديلة فى مواجهة رجال الدين، والطرفان فى رأيى وجهان لعملة واحدة، فقد استحضرا بديلا للتناقش الفلسفى والعلمى والفكرى، وهو المناظرات بالنحو المتعارف عليه حاليًّا، والتى لا تتخطى كونها صراخًا أهوج وتراشقًا بالألفاظ والأحذية، تنتهى بتصنيف المتناظرين على نحوين اثنين لا ثالث لهما: كافر ومؤمن، وطنىّ وعدو الوطن... وهكذا على حسب المحور محل التناظر.

- الحل فى رأيى يبدأ من الخروج من الدائرة المفرغة التي رسمها رجال الدين، والنقاش حول المظهر وقضايا التراث، إلى استحضار الفلسفة والمنطق ومناقشة قضايا الواقع المأزوم، مع ضرورة التفريق بين الأفكار والتفكير، فالتفكير هو نقاش لأفكار وقضايا مطروحة بالفعل "وهذا ما يدور فيه غالب من يوصفون خطأً بأنهم أصحاب أفكار". أما الأفكار فهى طرح جديد أو تطوير لنظرية أو مفهوم. الفيلسوف الفرنسى "جيل دولوز" قال: "وجود الفكرة شكل من أشكال الاحتفال" وذلك لأن الفكرة هى مظلة لكل جديد، وللمفاهيم المتطورة، فالفكرة تعنى اضمحلال ما هو قديم. من هنا نبدأ مرحلة جديدة معاصرة لما نحياه، متسقة مع الواقع والصراعات الفكرية والحياتية. من هنا نبدأ تشكيل وعى مجتمعى قائم على النسبية وقبول الآخر، يدرك من خلالهِ أفراد المجتمع ضرورة "أن يقرأ لا أن يجعل أحدًا يقرأ له" كما قال نصر أبوزيد. ألا يقبل بأحد يفكر عنه، وعليه نصل إلى ما قاله كانط: "التحرر من الوصاية"، وعليه يصبح كل فرد فاعلاً فى نطاقه لا مفعولاً به.

- الخلاصة: دين عبدالله رشدى -ولا أعنى هنا الإسلام- القائم على "البسى عشان الجنة"، و"لا تفكر ونحن نفكر عنك" مرفوض. وعلمانية خالد منتصر، القائمة على "اقلعى عشان تتحرى" مرفوضة كذلك. فلا الدين يعنى الرداء، ولا العلمانية تعتنى بالمظهر.



#سليم_صفي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزب من ورق
- اخترناه وبايعناه
- شوكة الأزهر في حلق العلمانية.. إلى أين؟!
- كيف يدعو الأزهر إلى التجديد ويرفض التطوير؟
- بديهيات حقوق الإنسان
- ظاهرة الإلحاد بين الحوار الفلسفى والإرهاب الدينى
- الأزهر يحارب الدولة؟
- حول تصريحات السيسى
- جمهورية بامبوزيا
- فض اشتباك رابعة والنهضة
- يناير.. من حلم التغيير إلى كبت الوطن
- سيدى الرئيس.. نظرة دون خوف
- الأحوال الشخصية وقانون -ع-
- بين فراقين.. صديقى الذى لم يَعُد
- حرب الأسئلة «السؤال المناسب»
- الإله بين الكفر بالذات والإيمان الاجتماعى.. «الذات والإله»
- ارحل يا سيسى؟!
- فرج فودة الذى قتله الجميع
- بين زعيمين
- رمضان كريم


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم صفي الدين - ما بين دين عبدالله رشدى وعلمانية خالد منتصر