أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم مرزة الاسدي - خاطرة استطرادية :مصائبُ قومٍ عندَ قومِ فوائدُ














المزيد.....

خاطرة استطرادية :مصائبُ قومٍ عندَ قومِ فوائدُ


كريم مرزة الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 6432 - 2019 / 12 / 8 - 13:35
المحور: الادب والفن
    



بذا قضتْ الأيّامُ ما بينَ أهلِها**مصائبُ قومٍ عندَ قومِ فوائدُ
هذا ما قاله المتنبي العظيم(915 - 965م/303 - 354 هـ / ولد في الكوفة؛ وقتل في دير العاقول قرب نعمانية العراق على يد فاتك الأسدي؛ إثر هجاء المتنبي لأخته أم المدعو ضبّة في قصيدته ، ومطلعها
ما أنصفَ القومُ ضبّة** وأمّه الطرطبة
ما يهمنا البيت الخاطرة؛ وهو من روائع حكم المتنبي التي خلدها التاريخ الآدبي.
نعم، بذا ( قضت الأيّام)، الجملة التي بين قوسين كلام غاية البلاغة ( مجاز عقلي)؛ لأن الأيام جزء من الزمن، والزمن لا يقضي؛ وإنما الناس الفاعلون الحقيقيون، هم الذين يقضون.
ما لك شغل! بقول الشاعر:
زمانٌ مضى قد لعبنا بهِ*** وهذا زمانٌ بنا يلعبُ
الزمان - ياعزيزي القارئ الكريم- ليس بساحة كرة قدم، ولا بلاعب كرة طاولة؛ هذا كلام بليغ المقصود به أهل الزمان؛ ليش تروح بعيد!!
والإمام الشافعي قد صرّح، وما لمّح بقوله:
نعيبُ زماننا، والعيبُ فينـــا*** وما لزماننا عيــــبٌ سوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ **وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحـمَ ذِئبٍ****وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا
ويروى دخل ابو مياس الشاعر على مجلس، وهم يتحاورون؛ فقال لهم ما أنتم فيه وفيما تتذاكرون .قالوا نتذاكر الزمان وفساده .فقال لهم كلا إنما الزمان وعاء، وما ألقى فيه من خير أو شر كان على حاله. وانشد يقول:
أرى حللا تصان على أناس***وأخلاقا تداس فما تصان
يقولون الزمان به فساد***وهم فسدوا وما فسد الزمان
نعود لبيت خاطرتنا، والعود أحمد.
لا أعتقد يفوتك الجناس التام بين قومٍ و قومٍ، والطباق الإيجابي بين مصائب وفوائد، وحصرهما المتنبي في شطر واحد، وهذا ما يثير الدهشة والإعجاب والتأمل على مقدرة الشاعر وعظمته في صياغة الكلام ببلاغة غاية الإبداع،
والأدهش...الأدهش...المعنى العميق الملهم الذي التقطه الشاعر من الحياة!!
نعم، المعاني - كما يقول جاحظنا العظيم- مرمية على أرصفة الشوارع؛ والعبقري الفذ من ينتبه إليها، ويقدمها بتشكيل غاية الجمال والإبداع لهذا الناس!
وهذا الانتباه الملهم ، هو الذي جعل أرخميدس أن يضع قاعدته في حمامه، عندما انتبه إلى خفّة وزنه في الماء، وصيّر نيوتن أن يبدع في صياغة قانون جاذبيته، إبان سقوط التفاحة على رأسه المسكين!! وهذا ما أشرت إليه سابقًا، وأكرر وفي الإعادة إفادة!!
البيت الخاطرة من قصيدة للمتنبي يمدح فيها سيف الدولة الحمداني ، ويذكر هجوم الشتاء الذي أعاقه عن غزو ( خرشنة)، مطلعها:
عَواذِلُ ذاتِ الخالِ فيَّ حَواسِدُ وَإِنَّ ضَجيعَ الخَودِ مِنّي لَماجِدُ

إلى أن سيف الدولة أعاد الكرَّة، وفتحها وقتل رجالها، وسبى نساءها، ووقفن النساء كجوارٍ مسبيات أمام سيف الدولة وجنده، والأبيات التالية تكمل الصور:
أخو غزواتٍ ما تغب سيوفـــهُ ***رقابهم إلا وســـيحان جامــدُ
فَلَم يَبقَ إِلّا مَن حَماها مِنَ الظُبا** لَمى شَفَتَيها وَالثُدِيُّ النَواهِدُ
تبكي عليهن البطاريق في الدجى*** وهن لدينا ملقياتٌ كواسدُ
بذا قضت الأيام ما بين أهلها **** مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ

والحق هذا حال العرب، وبقية الأمم حتى في صراعاتهم وحروبهم بين أنفسهم، أو كما تسمى اليوم الحروب الأهلية، هاك هذه الحادثة التاريخية العربية المؤلمة.
كانت عند المختار بن أبي عبيد امرأتان، إحداهما أم ثابت بنت سمرة بن جندب، والأخرى عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري، فعرضهما مصعب على البراءة من المختار، فأما بنت سمرة فتبرأت منه فخلاها، وأما الأنصارية فامتنعت فقتلها، فقال الشاعرعبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، - وقيل لعمر بن أبي ربيعة- مستهجناً فعلة المصعب الإجرامية ، متعللا بضعف المرأة وتبعيتها كسلعة ، ولله الأمر من قبل ومن بعدُ:
إنّ من أعجبِ العَجائبِ عِندِي*** قتلُ بيضاءَ حرةٍ عُطبولِ
قُتِلَتْ باطلاً على غيــــر جُرْمٍ ***** إن للهِ دَرَّهَـا من قتيلِ
كُتبَ القتلُ والقتالُ علينــــــا ***وعلى الغانياتِ جَرُّ الذُّيولِ
هذه هي الدنيا، وحالها - يا قارئي العزيز- وما في اليد حيلة، إلا أن تؤخذ الدنيا غلابا.
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ"



#كريم_مرزة_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بيني وبين أهلي وأبناء جلدتي في النجف الأشرف العجب العجاب
- اشددْ بأزرِكَ كيْ تكونَ الغالبا
- هذا هو (العراق العريق)، إن كنتم جاهليه - يا أولي الألباب!!!
- وصية أبي تمام لتلميذه لبحتري: قراءة تحليلية استطرادية
- الجواهري على أعتاب -ذكرياتي-خطفًا ممتعًا
- رثاء الحسين: صوتُ النعيِّ فمُ الزمان ِ يذيعهُ
- ( اللغة العربية بين يديك)، المؤلف الجديد لكاتب هذه السطور
- كعب بن زهير: قصيدة ( البردة) في مدح الرسول (ص)، نظرة تحليلية ...
- أرقّ الغزل في الشعر العربي، وما تتذوقون...!!
- أبي قدْ طواكَ الرّدى يا أبي
- لغتنا الجميلة بين شعرها العظيم؛ والتّمرّد العقيم...!!
- أخطاء شائعة في كتابة الهمزة!!
- فكنْ كالأرض ِتحملُ كلَّ طودٍ...!!
- الرصافي بتمامه إلمامًا: نشأته، حياته، شعره، شموخه فقنوطه.
- خاطرة: إشكالية التعصب للعقل الجمعي المتوارث، واجتهاد العقل ا ...
- صحيفة بلادي اليوم تسرق مقالة لي بكمالها وتمامها، للمرّة الثا ...
- (حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ -إنسانُ-)
- العزُّ و الإباء عند عباقرة شعرٍ و فنٍّ
- 2 - تقطيع شعر حر (تفعيلة) لشعراء كبار عروضيًّا،
- 1 - بحور شعر التفعيلة، وما يكتبون!!!


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم مرزة الاسدي - خاطرة استطرادية :مصائبُ قومٍ عندَ قومِ فوائدُ