|
مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1562 - 2006 / 5 / 26 - 11:25
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا شك أن تعامل القطاعات الحكومية مع ظاهرة الإرهاب الذي تمارسه الجماعات الدينية ، إذا استثنينا الجانب الأمني الذي أثبت فعالية أجهزته في إفشال المخططات الإرهابية وتفكيك خلاياها ، وبهذه المناسبة تستحق منا الأجهزة الأمنية بمختلف مستوياتها كل التنويه والتقدير ، إذا استثنينا هذا القطاع ، فإن التعامل الحكومي لا يجسد الفعالية المطلوبة في التصدي للفكر التكفيري ومنابع الكراهية المبثوثة في كل مكان ، وكذا العوامل المشجعة على الاستقطاب . وأقتصر في هذا النطاق على النماذج التالية : أ ـ قطاع التعليم بمختلف أسلاكه : دون الخوض في مضامين المقررات الدراسية التي تعد مجالا خصبا لتمرير ثقافة الانغلاق والتطرف ، فإن الممارسة اليومية لفئة من المدرسين تثبت أن هذا القطاع أصبح خارج دائرة المراقبة . فعلى مستوى الهندام لم تتمكن الإدارات التربوية ـ مع استثناءات محدودة ـ ولا المصالح الخارجية للوزارة من أجرأة قرار توحيده ، بحيث صارت مظاهر الأفغنة تغزو صفوف التلميذات على وجه الخصوص. فضلا عن ذلك فإن الفصول الدراسية تحولت إلى أوكار للتأطير والاستقطاب ، عبر الترغيب والترهيب ، دون أن تتخذ الإجراءات الإدارية ولو في مستواها الأدنى . ب ـ قطاع الإفتاء والوعظ الديني الذي هو من مسئولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، توجيها وضبطا ومراقبة ، والذي يعرف حالة من التسيب لا تختلف عما كانت عليه قبل أحداث 16 مايو . الأمر الذي يثير أكبر من سؤال حول دور المجالس العلمية ومدى التزامها بتصريف توجيهات جلالة الملك باعتباره أمير المؤمنين . لقد كان حرص جلالته واضحا وأكيدا على تأهيل المجالس العلمية كما جاء في الخطاب الملكي ليوم 30 أبريل 2004 ( فإننا قد وضعنا طابعنا الشريف ، على ظهائر تعيين أعضاء المجالس العلمية ، في تركيبتها الجديدة ، مكلفين وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية بتنصيبها ، لتقوم من خلال انتشارها عبر التراب الوطني ، بتدبير الشأن الديني عن قرب ، وذلك بتشكيلها من علماء ، مشهود لهم بالإخلاص لثوابت الأمة ومقدساتها ، والجمع بين فقه الدين والانفتاح على قضايا العصر ، حاثين إياهم على الإصغاء إلى المواطنين ، ولاسيما الشباب منهم ، بما يحمي عقيدتهم وعقولهم من الضالين المضلين ) . لكن للأسف لم نلحظ تحركا فعالا في مجال مراقبة مضامين خطب الجمعة ومحتويات الكتب والأشرطة التي تباع في أبواب المساجد والمكتبات " التراثية" التي نبتت كالفطر . ناهيكم عن حالة التفرج والسلبية التي تبديها إزاء ما يُنشر أو يُروج من مواقف وفتاوى تتعارض مع صحيح الدين أو تحرم المهرجانات الثقافية والفنية وعددا من الأعمال السينمائية . طبعا الأمر هنا ليس قدحا في تلك المجالس العلمية بل انتقاد لها على التقصير في الالتزام بما سبق وحدده الخطاب الملكي ( وصيانة للحقل الديني من التطاول عليه من بعض الخوارج عن الإطار المؤسسي الشرعي ، فقط أسندنا إلى المجلس العلمي الأعلى اقتراح الفتوى على جلالتنا ، بصفتنا أميرا للمؤمنين ورئيسا لهذا المجلس . فيما يتعلق بالنوازل الدينية ، سدا للذرائع ، وقطعا لدابر الفتنة والبلبلة . مؤكدين أن توسيعنا وتجديدنا للمجالس العلمية ، لا يعادله إلا حرصنا على ألا تكون جزرا مهجورة من لدن العلماء غير الأعضاء بها ، بل نريدها ملتقى لكل العلماء المتنورين ) . وما يقال في حق المجالس العلمية ينسحب أيضا على " الرابطة المحمدية لعلماء المغرب" . ج ـ قطاع الإعلام سواء الرسمي أو الحزبي أو المستقل ، والذي ، إذا استثنينا عددا ضئيلا من الجرائد ، لا يجعل من مواجهة أفكار التطرف ومخططات الإرهابيين إحدى معاركه الرئيسية . بل إن صحفا عدة صارت لسان حال شيوخ التطرف وأمراء الدم ، تغطي إعلاميا كل تحركاتهم وتروج لهم أباطيلهم . إنها عن قصد أو دونه تصور أعضاء الجماعات الإرهابية كما لو أنهم فئة وقع عليها الظلم . علما أن الإرهاب لم يبدأ عملا إجراميا ، بل بدأ فكرا يجعل القتل دينا والانتحار استشهادا . فالذين نفذوا تفجيرات الدار البيضاء لم يكونوا هم من أنتج عقيدة التفجير بقدر ما كانوا ضحيتها وأداتها في نفس الوقت . والأخطر في وسائل الإعلام هذه انحيازها للإرهابيين ضد الدولة والمجتمع بما تروجه من ترهات مفادها أن الدولة هي من خطط لتفجيرات الدار البيضاء ، وهي من حرك العناصر الانتحارية . د ـ قطاع الجمعيات الحقوقية خاصة تلك التي انحازت بشكل كلي وسافر لصالح منتجي الفكر الإرهابي ـ شيوخ السلفية الجهادية ـ أو أعضاء الخلايا الإرهابية المفكَّكة . وأذكر في هذا المقام " الوقفات التي تخوضها جمعية " النصير" وآخرها الوقفة الاحتجاجية أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يوم الخميس الماضي ، والتي يراد منها ، حسب رئيس الجمعية ، ( الجهر بمظلومية ما تعرض له العديد من المعتقلين الأبرياء ، وعن المآسي الإنسانية التي خلفتها تلك المحاكمات الماراطونية ) . هـ ـ عموم المواطنين : رغم المساعدات التي قدمها المواطنون في الكشف عن العناصر الإرهابية ، إلا أن المواطنين لم يتحولوا إلى حماة أمنهم وأمن وطنهم عبر الرصد اليومي لكل مظاهر التطرف ، بدءا من أبنائهم وما يظهر عليهم من تشدد على مستوى تصرفاتهم أو قناعاتهم ، مرورا بذويهم وأقربائهم ، وانتهاء بما يرصدونه من تطرف في الحي والمسجد . فماذا لو أن أي مواطن أعلن أن مدرس ابنه متطرف أو ابن الجيران إرهابي ؟ أكيد حينها لن تجد الجماعات الإرهابية منْفذا للعقول ولا وكرا للتأطير والتدريب .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد ثلاث سنوات أين المغرب من خطر الإرهاب ؟
-
هل يمكن تعميم المنهج السعودي في مواجهة الإرهاب الإسلاموي ؟
-
الشيخ ياسين يجعل من الخرافة فُلك النبي نوح
-
هل يفلح الحوار المتوسطي في تفعيل الحوار المغاربي ؟
-
هؤلاء هم أعداؤك يا وطني
-
رسالة إلى الدكتور شاكر النابلسي
-
القرارات السياسية تتغذى على الأعراف وتوظفها لتهميش المرأة وإ
...
-
الفقه شرعنة للعرف وتشريع للتمييز ضد المرأة
-
عولمة الإرهاب وعولمة الحرب عليه 2
-
لما تصير المرأة ضحية العُرف والفقه والسياسة(1)
-
أصبح ممكنا الحديث عن عولمة الارهاب وعولمة محاربته 1
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
-
شيوخ التطرف هم ملهمو الرسام الدنمركي وشياطينه
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن 2
-
التحالف مع العدل والإحسان لا يكون إلا على أساس معاداة النظام
...
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن -1
-
مغالط من يماثل بين غاندي الهند وياسين المغرب
-
الثورات لا تكون دائما بلون الدم ورائحة البارود
-
تحريم تهاني أعياد ميلاد المسيح تحريض على الكراهية وتكريس لها
-
إذا ضعفت حجج المرء زاد صياحه
المزيد.....
-
كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا
...
-
بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا
...
-
جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
-
العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
-
سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح
...
-
مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها
...
-
بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن
...
-
قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح
...
-
البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
-
البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|