أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مسعود عكو - الأمم تحتل قامشلو














المزيد.....

الأمم تحتل قامشلو


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1562 - 2006 / 5 / 26 - 11:19
المحور: المجتمع المدني
    


الثانية بعد منتصف الليل, اتصلت بصديقي الشاعر الطويل "محمد بيجو", والتمست منه الحضور ليزيل عن روحي دخان الفراغ الذي يلازمني كلما حاولت أن أشعل شمعة, وما هي إلا لحظات حتى طرق زجاج نافذتي المطلة على الشارع , فتحت له الباب بهدوء كي لا أوقظ من أشاركهم المكان , لم نجلس بل تجولنا لأكثر من ساعة بين أحلام النائمين على أسطح المنازل , ومشينا في أزقة قامشلو, هذه المدينة الصغيرة, والهادئة التي لا تنام لتحرس أحلام ساكنيها, والتي أكتحل ليلها الفضي بقمر حزين قد مال إلى هلال,وحوله عيون متعبة لنجوم تحاول أن توصل بريقها إلى الأرض ومن عليها .

الليل, السماء, النجوم, الأرصفة, أنا, ومحمد كلنا كنا نستمع إلى صوت بعض السيارات التي تمرّ بقربنا, وخاصة تلك التي لأولئك الذين أفرغوا في قلوبهم نخب العتمة والنساء.

هذا ألمي الذي لم يحس بالضجر يوماً من السكارى الذين يرمون للنسمات أصواتهم ومواويلهم المتقطعة, وهم يتدحرجون دون أن يعرفوا إلى أين ستذهب بهم أجسادهم.

لفت انتباهي منظر كنت قد شاهدته في النهار, لكن! لماذا بدا بشكل آخر في هذه الليلة؟ سؤال لم أجد له جواباً بل ظل في مخيلتي المتعبة من هواجس, وأفكار لا يحدها زمان, ومكان.

الأمم تحتل قامشلو, لكن ليس بعساكرها, ولا بدباباتها, وجيوشها الجرارة, ولا بمفوضيها الساميين, ولا بحكامها المؤقتين. بل بشيء أخر تماماً... الأمم تحتل قامشلو بأعلامها... نعم براياتها الوطنية.

أعلام معظم الدول المشاركة في تصفيات نهائي كأس العالم التي ستقام الشهر القادم في ألمانيا, في أقوى مهرجان أممي يوحد نظرات الملايين إن لم أقل المليارات من البشر باتجاه هذه الكرة المنفوخة بهواء, وتطير من ركلة بسيطة حتى ولو كان الراكل ليس بلاعب, أو حكم, أو حتى مدرب.

أعلام العالم قاطبة ترفرف في سماء نيويورك, وأمام مبنى الأمم المتحدة, ومجلس الأمن الدولي, ومن يسير هذه الأيام في قامشلو سيجد ذلك بعينيه في منظر يشبه نيويورك في رفرقة الأعلام فوق المنازل, وعلى الجدران والأعمدة الكهربائية, وحتى الأشجار لم تسلم من غزو الأعلام فغطت العشرات خضارها بألوان زاهية أخرى ترمز إلى الفريق الذي يحاول مشجعوه إرسال إشارات للآخرين بأنه يشجع هذا الفريق, ويأمل فوزه بنهائيات كأس العالم ليتفاخر أمام أصدقاءه ليكسب رهان اللوتو, أو جائزة أخرى قد راهن على فوز فريقه بالبطولة.

ما لفت نظري أكثر بأن معظم أعلام البلدان المشاركة, ومن جميع القارات كانت موجودة على هذه الأبنية, وفي النهار معلقة أمام محلات تجارية منتظرة أن يحن عليها أحد مشجعي فريقها لكي يعطي ثمنها لصاحب المحل, ويقوم هو بحملها, ويسارع بالذهاب إلى بيته, أو محله, وتعليق ذلك العلم في أعلى نقطة من البناية, وذلك في استمرار مسلسل التحدي بين جارين, أو صديقين في منافسة أخوية, وشيقة.

لكن! لم أجد أي أثر لا على سطح بناية, ولا أمام أي محل, ولا حتى على أية شجرة علم السعودية, تونس, إيران, وغانا هذه الدول الأربع المشاركة بجانب البرازيل, والأرجنتين, ألمانيا, هولندا, إنكلترا, السويد, ودول أخرى, وتفسيري لهذه الظاهرة ليس لعدم وجود مشجعين لهذه الفرق. لكن! ألوان أعلام هذه الدول لها قصة أخرى قد يكون المرء حذراً جداً من رفعها على سطح بنايته, أو أمام محله, فعلم السعودية الأخضر يتوسطه "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ووجود سيف تحت هذه العبارة, قد يحسب مشجع فريق السعودية ألف حساب قبل أن يرفع علمه, وأبسط تهمة له هو أنه يؤيد الجماعات الدينية في إشارة إلى الرمز الديني للعلم, أو قد يتهم بأنه من جماعة دينية متطرفة, أو إرهابية مع الاحترام الجزيل لعلم المملكة العربية السعودية, أما تونس فلا أحد يعرف بأنها عربية فهي بعيدة عنا بعد القمر لا بل نرى القمر في الشهر مرات عدة في حين لا نسمع كلمة تونس إلا إذا كنا نستمع إلى المغنية المحبوبة لطيفة التونسية, أما إيران فكلمة "الله" المتوسطة للعلم تجعل مشجعه يعيد في نفسه حسابات العلم السعودي, وقد يتهم بالولاء لدولة أخرى مع العلم أنه لا يوجد مشجعون للفريق الإيراني سوى الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين في سوريا وقد يكونوا هم أيضاً من الذين يكرهون كرة القدم.

أما غانا الفقيرة هذه الدولة الإفريقية, والتي تقدر مساحتها بحوالي /238500كم2/ وسكانها بحدود /20467740نسمة/ لم يتجرأ أحد على رفع علمها رغم أن فريقها من الفرق الإفريقية النشطة, والذي ثابر, وجاهد رغم فقره المدقع, وأوصل بلاده إلى نهائي كأس العالم, وفعل ما لم تستطع أن تفعله أقوى وأغنى دول العالم ألا يستحق فريق كهذا أن يكون له مشجعين يرفعون علمه أيضاً أسوة بباقي الفرق. لكن! ألوان علمك يا غانا تخيف الكثيرين من مشجعيك, وخاصة النجمة السوداء التي تتوسط ألوان الأخضر, الأحمر, والأصفر.

وبعد كل هذا قلت لصديقي:
هل نشجع فريق غانا ونرفع علم فريقها غداً... يا أبو البيج ؟
قال لي بعد أن التفت لمرات حول نفسه: " أظن بأن علينا أن نذهب لننام في بيوتنا يا أبو العك "



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محكومون بالأمل - إلى محمد غانم وفاتح جاموس وآخرين...
- إيران النووية وأوراق جديدة للمساومة
- مجازر الأرمن ذكرى ألم متجدد
- حوار مع الكاتب والصحفي مسعود عكو
- أيُّ جلاءٍ نريد؟
- إنهم يقتلوننا... اللهم فاشهد!!!
- نوروزونا كل يوم
- حلبجة الشهيدة عروسة الحجل الحزين
- آذار نامه
- أطوار... وأشياء أخرى
- التبعية البعثية في مسودة قانون الأحزاب السورية
- ثقافة الأغبياء في الإساءة للأنبياء
- في البحث عن وطن
- نادي الجهاد:أزمة رياضية أم قضية سياسية؟
- ربيعنا الذي صار خريفاً
- الشعب سيحاسب مجلس الشعب
- انشقاق خدام: صفقة أم انتقام؟
- الإرهابية القاتلة في ثقافة الأشلاء المتناثرة
- القلم الشهيد بل شهيد القلم
- فاقد الشيء لا يعطيه


المزيد.....




- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مسعود عكو - الأمم تحتل قامشلو