أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - كارل ماركس : لأوّل مرّة في التاريخ ، مقاربة و تحليل علميّين جوهريّا لتطوّر المجتمع الإنساني و آفاق تحرير الإنسانيّة -( مقتطف 1 من الفصل الأوّل من كتاب بوب أفاكيان - إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة -خلاصة أساسيّة - )















المزيد.....



كارل ماركس : لأوّل مرّة في التاريخ ، مقاربة و تحليل علميّين جوهريّا لتطوّر المجتمع الإنساني و آفاق تحرير الإنسانيّة -( مقتطف 1 من الفصل الأوّل من كتاب بوب أفاكيان - إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة -خلاصة أساسيّة - )


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6427 - 2019 / 12 / 3 - 00:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كارل ماركس : لأوّل مرّة في التاريخ ، مقاربة و تحليل علميّين جوهريّا لتطوّر المجتمع الإنساني و آفاق تحرير الإنسانيّة
( مقتطف 1 من الفصل الأوّل من كتاب بوب أفاكيان
" إختراقات
الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة
خلاصة أساسيّة " )

الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 35 / نوفمبر 2019
شادي الشماوي
إختراقات
الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة
خلاصة أساسيّة
تأليف بوب أفاكيان
[ ملاحظة : الكتاب بنسخة بى دى أف متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن ]
تمهيد من المترجم :
نضع بين أيدى القرّاء باللغة العربيّة كتاب في منتهى الأهمّية ألّفه بوب أفاكيان رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة الشهير بمهندس الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعية الجديدة ، ففيه يشرح بدقّة و بشيء من التفصيل الإضافات التي ساهمت بها الشيوعية الجديدة في تطوير علم الشيوعية اليوم الذى لا مناص من التسلّح به إن رمنا تفسير العالم تفسيرا علميّا و تغييره تغييرا ثوريّا من وجهة نظر البروليتاريا الثوريّة و مهمّتها التاريخيّة : تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال و تحقيق المجتمع الشيوعي العالمي .
و قد أسالت الشيوعية الجديدة التي طوّرها بوب أفاكيان الكثير من الحبر بين مناصر و معارض و قد وثّقنا في كتبنا السابقة عددا لا بأس به من نصوص هذه الجدالات صلب الحركة الشيوعية العالمية ؛ و بهذا الكتاب الجديد ، نتطلّع إلى دفع مزيد النقاش الجدّي ، العميق و الشامل لهذه الشيوعية الجديدة التي تطرح نفسها تجاوزا إيجابيّا ، نظريّا و عمليّا لمفترق الطرق الذى توجد به الحركة الشيوعية منذ مدّة الآن .
و لمن لم يطّلع / لم تطّلع بعدُ على النقاشات حول الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعية الجديدة ، نذكرّ بتعريف مقتضب لها صاغه بوب أفاكيان ذاته : " تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي. ( القيام بالثورة و تحرير الإنسانية ، الجزء الأوّل ، جريدة " الثورة " عدد 112، 16 ديسمبر 2007 ).
و محتويات الكتاب هي ، عقب المقدّمة التفسيريّة المقتضبة للمؤلّف ،
كارل ماركس : لأوّل مرّة في التاريخ ، مقاربة و تحليل علميّين جوهريّا لتطوّر المجتمع الإنساني و آفاق تحرير - I الإنسانيّة
الإختراق المحقّق بفضل الماركسيّة -
- الماركسيّة كعلم – المادية الجدليّة ، لا المثالية الميتافيزيقيّة
- الشيوعية الجديدة : مزيد الإختراق بفضل الخلاصة الجديدة II
- العلم
- إستراتيجيا ... ثورة فعليّة
- القيادة
- مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي
+ هوامش
[ ملاحق الكتاب - 3 - ( من إقتراح المترجم ) ]
------------------------------------------------------------------------------------------------------------

مقدّمة تفسيريّة مقتضبة

ستعترضنا في ما يلى عديد المفاهيم التي تعالج بالضرورة أمورا ذات مستوى عالى من التجريد النظري و قد بذلت قصارى الجهد لجعلها في متناول الذين لا يملكون بعدُ ما يكفى من التعوّد الأساسي على هذه المفاهيم ، من أجل تسليحهم ب " وسيلة ولوج " ما يشار إليه في الجزء الأساسي من العنوان ، بينما بالنسبة للذين ألفوا بعدُ تلك المفاهيم و هم من أنصارها ، الغاية هي تعميق الإستيعاب للقدرة على إعتمادها و إستخدامها للمساهمة في الثورة و بلوغ الغاية الأسمى الشيوعية ، فهذه النقاط النظريّة من المتطلّبات الممكنة و الضروريّة و الملحّة لإحداث قفزة في تحرير الإنسانيّة . وهذا العمل في بعد من أهمّ أبعاده، شرح تفصيلي لوثيقة " الخلاصة الجديدة للشيوعية : التوّجه و المنهج و المقاربة الجوهريّين و العناصر الأساسيّة - خطوط عريضة " (1) و في الوقت نفسه ، كما يحيل على ذلك العنوان ، هذه " خلاصة أساسيّة " ذلك أنّه ، حتّى و إن كان عرضا شاملا للكثير ممّا يجرى التطرّق إليه هنا ينطوى عليه كتاب " الشيوعية الجديدة " (2) – و عناصر من هذا متضمّنة في أقسام من " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " (3) الذى من الممكن و بطرق هامة إستخدامه ككتيّب للثورة - فإنّ هناك أيضا حاجة إلى نقاش مستفيض و معمّق للنظريّة و التوجّه الإستراتيجي و الأهداف الإستراتيجيّة للحركة الشيوعية مثلما تطوّرت منذ زمن ماركس و مزيد تطويرها و تلخيصها بفضل الشيوعية الجديدة . و عملنا هذا كذلك " خلاصة أساسيّة " عوضا عن محاولة خلاصة تامة و نهائيّة لكون تطوّر الشيوعيّة الجديدة عمل بصدد التقدّم و جزء هام منه هو مواصلة التعلّم و مزيد تلخيص ما سبق أثناء الموجة الكبرى الأولى من الثورة الشيوعية ، بداية من الإختراق التاريخي الذى حقّقه ماركس .

كارل ماركس : لأوّل مرّة في التاريخ ، مقاربة و تحليل علميّين -I لتطوّر المجتمع الإنساني و آفاق تحرير الإنسانيّة جوهريّا

في كتاب " نظريّات فائض القيمة " ، أشار ماركس إلى الحدود الأساسيّة للإقتصاديين السياسيين البرجوازيين فقال إنّهم ينظرون إلى العلاقات الاقتصادية الرأسماليّة و المجتمع القائم على الاقتصاد الرأسمالي على أنّه الشكل " الطبيعي " الوحيد للإقتصاد و أعلى نقطة نهائيّة لتطوّر المجتمع الإنساني . و بكلمات ماركس ذاته : " هذا الشكل المحدّد ، الخاص ، للعمل الاجتماعي ، كما يظهر في الإنتاج الرأسمالي ، يُعلنه هؤلاء الإقتصاديّون على أنّه الشكل العام و الأبدي ، على أنّه شيء تحدّده الطبيعة و يعلنون علاقات الإنتاج هذه على أنّها علاقات مطلقة ( و ليست تاريخيّة ) الضرورة ، طبيعيّة و معقولة من العمل الاجتماعي " (4) [ التشديد في النصّ الأصلي ] . و يشرح ماركس أنّ أفكارهم " أسيرة تماما لحدود الإنتاج الرأسمالي " .(5)
هذه هي النقطة العمياء و هذا هو مكمن إخفاق جميع المنظّرين و النظريّات و التعليقات البرجوازية بشأن الوجود الإنساني و تطوّره التاريخي - و إمكانيّاته - و بشأن جميع المشاريع و البرامج الإصلاحية المنسجمة مع هذه النظرة البرجوازية للعالم .
و مثال عن ذلك : يتضمّن كتاب " القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة " ( بوب أفاكيان ، الجزء 1 ) (6) جدالا ضد كارل بوبر و هجومه على الماركسية على أنّها غير علميّة . و كجزء من ذلك ، دحضت مساعى بوبر إلى تشويه كامل التحليل الماركسي لفائض القيمة و فهم أنّ القيمة محدّدة بوقت العمل الضروري إجتماعيّا الذى يستغرقه إنتاج الشيء ، ودحضت تشديد بوبر على أنّه بدلا من ذلك ما يحدّد القيمة هو العرض و الطلب . و في الحقيقة ، هناك دحض شامل لهذه الحجّة بالذات التي إستخدمها بوبر صاغه ماركس نفسه في " نظريّات فائض القيمة " ( و في غيره من الأعمال ) . فأناس من أمثال بوبر لم يكلّفوا أنفسهم عناء حتّى الحديث عن دحض ماركس لتلك الحجّة ، بما في ذلك في " نظريّات فائض القيمة ".
لكن ، أبعد من شخص مثل بوبر ، إلى درجة كبيرة ، الحدود الأساسيّة التي يتحدّث عنها ماركس هي فرضيّة عمليّة كبرى مفادها أنّ الذين ينطقون باسم هذا النظام ( أو على أيّة حال هم في إتفاق مع مبادئه و قيمه ) قد تمثّلوا أو " ورثوا " هذا كجزء من " الحكمة العامة " للمجتمع الرأسمالي ، عادة دون حتّى التفكير في ذلك أو وعيه في أيّ زمن معطى . و يرتبط هذا كذلك بطفيليّة الرأسماليّة الإمبريالية المعاصرة ، و بالأخصّ في الولايات المتحدة فواقع أنّ الرأسماليّة المتزايدة العولمة تعوّل إلى درجة كبيرة جدّا لتنتج و تحافظ على نسق الربح ، على شبكة واسعة من المصانع الهشّة ، لا سيما في ما يسمّى بالعالم الثالث لأمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ، بينما النشاط الرأسمالي في " بلدان موطن " الرأسماليّة - الإمبرياليّة ينصبّ بصفة متزايدة في مجال التمويل و المضاربة الماليّة ، و " الهدف الأعلى المنشود " ( ليس إنتاج المواد الماديّة الأساسيّة ) هو التقنية العالية و كذلك قطاع الخدمات و مجال التجارة ( بما فيها الدور المتنامى للسوق على الأنترنت).
و مثلما أعرب عن ذلك لينين ، يسم هذا ب " طابع الطفيليّة " مجتمعات بأسرها على غرار الولايات المتحدة ، و نظريّات و ملاحظات الذين يتبنّون ، مجدّدا ، أنّ علاقات الإنتاج البرجوازية علاقات عمل إجتماعي طبيعيّة و نهائيّة و أبديّة ، ليسوا سوى التعبيرات الفكريّة لهذه العلاقات البرجوازية المتميّزة كما هو الحال اليوم بالدرجة العالية من الطفيليّة في بلد كالولايات المتحدة . إنّها تعبيرات عن عدم القدرة على النظر أبعد من ما شخّصه ماركس على أنّه الأفق الضيّق للحقّ البرجوازي - الحقّ كما يعيّن و يحدّد ضمن إطار علاقات الإنتاج البرجوازية و العلاقات الإجتماعيّة المناسبة لها .
و غالبا ما يتمّ التعبير عن ذلك بكلمات من صنف " الديمقراطية " السحريّة التي هي في الوقت نفسه مرتبطة إرتباطا لا تنفصم عراه بالرأسماليّة و مع ذلك بطريقة ما لا تملك مضمونا إجتماعيّا و طبقيّا – إنّها ديمقراطية " خالصة " ميتافيزيقيّة - في حين أنّها في الواقع ( كما سأتحدّث عن ذلك بصورة أتمّ لاحقا ) الديمقراطية التي يجرى الحديث عنها و مديحها بهذه الطريقة هي شكل من الدكتاتوريّة الطبقيّة التي تيسّر و تعزّز علاقات الإنتاج الرأسماليّة و النظام الرأسمالي ككلّ للإستغلال و الإضطهاد .
و إليكم بعض الأمثلة المعاصرة على ذلك – بعض ممّا يبدو أنّه مصدر لا ينضب من أمثلة من هذا القبيل .
في كتاب " نهضة في اليمين " (7) لدافيد بروكش وهو معلّق محافظ ( لكن معارض لدونالد ترامب ) ، يذكر نظريّات جون لوك على أنّها مصدر إلهام كبير لما يرفع رايته بروكس على أنّه نجاح عظيم للديمقراطية و الرأسمالية الأمريكية . لوك ، فيلسوف إنجليزي في فترة صعود الرأسمالية قبل عدّة قرون ، بطل الدفاع عن الفرد - الفرد كفرد و إمكانيّة الصعود الاجتماعي و محاكمة الفرد وفق مؤهّلاته الفردية و ليس إنطلاقا من الكاست / الطائفة الاجتماعي الذى يولد الفرد ضمنه . و صرّح بروكس ، مكرّرا تركيبة برجوازية مبتذلة ،أنّ هذا هو أساس المساواة الإنسانيّة و أساس الديمقراطية والرأسمالية، و أنّ الولايات المتحدة هي النموذج الأعلى و النموذج المشرق . و في الواقع ، كان لوك ، فوق كلّ شيء ، مدافعا عن و منظّرا للفرد صاحب ملكيّة . و قد تفحّصت هذا في كتاب " الديمقراطية : أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك ؟ " أين أشرت إلى أنّ " المجتمع الذى كان لوك منظّرا شارحا له و مناصرا له سياسيّا عمليّا أيضا ، كان مجتمعا قائما على العبوديّة المأجورة و الإستغلال الرأسمالي ". (8) - و هو ، وجبت الإشارة إلى ذلك ، مجتمع متميّز بلامساواة عميقة و علاقات إجتماعية إضطهاديّة . و كما أشرت أيضا بشأن لوك :
" ... من غير المفاجئ أنّه ، بينما كان يعارض العبوديّة في أنجلترا نفسها ، لم يكن يدافع فحسب عن مؤسّسة العبوديّة ، في ظلّ ظروف معيّنة ، في المبحث الثاني ، فحسب بل كان كذلك يكدّس الأرباح الهامة هو ذاته بفضل تجارة العبيد و قد ساعد في صياغة دستور حكم تترأّسه أرستقراطية مالكة للعبيد في إحدى المستعمرات الأمريكيّة ". (9)
هنا ، نلاحظ " النقاط العمياء " الصارخة لدى منظّرى المجتمع البرجوازي و مدّاحيه ، و خاصة أولئك الذين يكيلون المديح للرأسمالية الأمريكية : بصفة متكرّرة يتجاهلون دور العبوديّة في " رواية النجاح الكبير " للرأسماليّة الأمريكيّة - في حين أنّه في الواقع كما أشرت في " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " 1:1 " لم تكن الولايات المتّحدة مثلما نعرفها اليوم لتوجد لولا العبوديّة ."
هناك واقع عميق مكثّف في هذا الموقف . و مثلما ألمحت إلى ذلك في خطاب " الثورة - لا شيء أقلّ من ذلك ! " ، في كتاب آدام غودهارت سنة 1861 (10) " يذكر هذا الواقع : في الفترة المؤدّية إلى الحرب الأهليّة ، القيمة الماليّة الجمليّة للعبيد في هذه البلاد كانت أكبر من القيمة الجمليّة لكافة المصانع و السكك الحديديّة " (11) [ التشديد مضاف ] ( و بوسعنا هنا أن نحيلكم على " النصف الذى لم يُروَ أبدا " (12) لأدوارد بابتيست الذى يمضى عميقا في الدور الحيوي الذى لعبته العبوديّة في تطوير الاقتصاد الأمريكي ، و الفظائع التي لا توصف المنجرّة عن ذلك .)
و يهلّل دافيد بروكس بوجه خاص للتوسّع الإقتصادي الكبير الذى جدّ في الولايات المتحدة في الفترة الممتدّة بين 1860 و 1900 ( الذى يحتفى به كذلك بكلمات متهوّرة آين راند ). لكن ، مجدّدا، تمّ هذا على أساس العبودية و إلى درجة كبيرة ؛ و في فترة ما بعد الحرب الأهليّة إلى جانب مواصلة منتهى الإستغلال لجماهير السود في ظروف بالكاد أفضل من العبوديّة ( و بعدُ مازجة بعض عناصرها ) ، إرتبط هذا التوسّع الاقتصادي بالتوسّع الترابي إلى الغرب بما يعنى المزيد من قتل السكّان الأصليين الأمريكيين و سرقة على نطاق واسع لأراضيهم ( غير محترمين بصفة متكرّرة المعاهدات في هذه السيرورة ) ، و توسّع السكك الحديديّة إلى الغرب مشتملة ضمن أشياء أخرى على الإستغلال الخبيث للمهاجرين الصينيين و مترافقة مع التمييز العنصري الإضطهادي العنيف . و من الحقائق الأساسيّة و البسيطة فضلا عن ذلك ، مثلما وضعت ذلك في خطاب " يجب على نظام ترامب / بانس أن يرحل ! باسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة ، عالم آخر ممكن " : " الولايات المتحدة بلد أقام مجاله الترابي و أقام أسس ثروته بواسطة الغزو المسلّح للأراضي و الإبادة الجماعيّة و العبوديّة و الإستغلال بلارحمة للموجات المتتالية من المهاجرين إلى أمريكا " .(13)
و مثال أكثر روعة عن إشهار الفلسفة باسم الطموح البرجوازي نعثر عليه في مقال " الفلسفة تدفع الديون " لروبار أ. روبين . فروبين يفتخر بأستاذ فلسفة في جامعة هرفارد في خمسينات القرن العشرين ، رفائيل دموس الذى كما يصفه روبين قائلا :
" سيستخدم أفلاطون و فلاسفة كبار آخرين ليبيّن أنّ إثبات صحّة أيّة مقترح في النهاية و في آخر المطاف غير ممكن ... إستخلصت من هذا أنّه ليس بإمكاننا أن نثبت أي شيء بالمعنى المطلق ، و من ذلك إستقرأت أنّ كافة القرارات الهامة تكون حول الإحتمالات . تمثُّلُ اللبّ الأساسي لتعاليم الأستاذ ديموس – موازنة الأخطار و تحليل الإحتمالات و المفاضلات - كان مركزيّا في كلّ شيء قمت به في شغلى في العقود التالية في وزارة المالية و الحكومة ". (14)
و ليس عرضيّا أو من قبيل الصدفة أنّ روبار أ. روبين الذى يسوّق للسفسطة النسبيّة المعادية للعلم ( من غير الممكن إثبات أي شيء نهائيّا و بدلا من ذلك يجب على المرء أن ينطلق من موازنة الأخطار و تحليل الإحتمالات و المفاضلات ) هو ذات روبار أ. روبين الذى كان سكرتير وزارة الماليّة طوال رئاسة بيل كلينتون ، و الذى كتب ( في مقال في " النيويورك تايمز بوك ريفيو " ) أنّ في تأسيس هذه البلاد و تبنّى دستورها : " تمّ حلّ الخلافات حول مدى السلطة الفدراليّة و رسم مؤسّساتها الديمقراطية عبر محاججات طويلة و في النهاية ، عبر التسويات المبدئيّة " .(15)
في مقال " حول " التسويات المبدئيّة " و جرائم أخرى ضد الإنسانيّة " (16) ، نبّهت إلى واقع أنّ مثالا بارزا و فاضحا من " التسويات المبدئيّة " التي تبنّاها مؤسّسو هذه البلاد كان القبول بالعبوديّة ، إلى جانب تحفّظ فى الدستور يعتبر العبيد ثلاثة أخماس بشر . و كما تطرّقت إلى ذلك كذلك في " يجب على نظام ترامب / بانس أن يرحل ! ..." ، : عمليّا أسّس هذا الدستور للإغتصاب الجماعي إلى جانب العبوديّة . كلّ " المؤسّسين " - و ليس مالكو العبيد وحسب - هم المسؤولون عن هذه الجرائم الهائلة . و غالبا ما تتمّ المحاججة ، كوسيلة لعقلنة كلّ هذا ، بأنّه إن لم يجر عقد مثل تلك التسوية ، لم يكن من الممكن توحيد المستعمرات في بلد واحد و تحت حكومة واحدة . بيد أنّ هنا يثار سؤال مجرّد طرحه ينبغي أن يوحي بقوّة بالجواب : لماذا كان من الضروري و بأيّة طريقة يبرّر تأسيس بلد على أساس العبوديّة المؤسّساتيّة و الفظائع الملازمة لها ؟ لماذا لم يكن من الأفضل بكثير رفض تأسيس بلد على هذا الأساس ؟
هنا ينهض بإرتياح حاد كبير ليس عمى – متعمّد أو غير ذلك – لكن الإفلاس المرير لشخص مثل روبين و بصفة أعمّ لأتباع و مدّاحى المعسكر الفكري للرأسماليّة و بالأخصّ الرأسماليّة الإمبريالية للولايات المتحدة .




الإختراق المحقّق بفضل الماركسيّة

في تعارض مع ما تتقّدم به التعبيرات المتنوّعة للفلسفة البرجوازية و النظريّة السياسيّة و النظريّة الإجتماعيّة ( أو سلعنة الفلسفة ، كما هو الحال بالنسبة لروبين ) ، تقرّ المقاربة العلميّة المتجسّدة في ما جاء به ماركس و تشدّد على أنّ العلاقات الجوهريّة و الأساسيّة التي يجد الناس أنفسهم جزءا منها في المجتمع ، و مفتاح فهم كيف يسير الاقتصاد و المجتمع ، هي علاقات إنتاج مجتمع معطى و العلاقات الإجتماعيّة المناسبة لا . ( هذا شيء إلتقطه ماركس في صيغة صارت مسمّاة " الكلّ الأربعة " التي سأعود إليها لاحقا ).
هذه العلاقات ليست " عرضيّة أو " من قبيل الصدفة " أو عبثيّة - إنّما هي قائمة على الواقع المادي لكون أي مجتمع هو جوهريّا طريقة تفاعل البشر فيه مع بعضهم البعض و مع بقيّة الطبيعة تلبية للمتطلّبات الماديّة للحياة و لأجل تنشأة أجيال المستقبل . و هناك رؤية ثاقبة و أساسيّة لماركس تقول إنّ في أي مجتمع يدخل الناس في علاقات إنتاج معيّنة ليست من إختيارهم لكن تكون جوهريا محدّدة بطابع قوى الإنتاج ( بما في ذلك الأرض و المواد الأوّليّة و البناءات و الهياكل الماديّة الأخرى ، و التقنية و البشر بمعارفهم و قدراتهم ) في أي زمن معطى . و بما أنّ قوى الإنتاج تتطوّر بإستمرار ، بواسطة المبادرة و النشاط الإنسانيين ، ضمن أي نظام معطى ، تبلغ نقطة تصبح معها علاقات الإنتاج معرقلة لقوى الإنتاج ، و بالتالى يصبح شكل مناسب لمزيد تطويرها و ثورة ضروريين لحلّ هذا التناقض . و تحصل هذه الثورة في المجال السياسي ، بشكل مكثّف في الإطاحة بالسلطة السياسيّة القديمة و إرساء نظام جديد من الحكم السياسي تكون مهمّته الجوهريّة تغيير علاقات الإنتاج في إنسجام مع الطريقة التي تطوّرت بها قوى الإنتاج .
و مثلما أشار ماركس ، من المظاهر المميّزة للإصلاحيين - بمن فيهم " الإشتراكيين " الإصلاحيين - هو أنّهم بقدر ما يشخّصون الاقتصاد كمصدر للامساواة و غيرها من الأمراض الإجتماعيّة ، بقدر ما ينزعون نحو تحديد المشكل في مجال التوزيع بينما المصدر الأساسي للإضطهاد و اللامساواة الذى يميّز مجتمعا إستغلاليّا كالرأسماليّة يكمن في مجال الإنتاج و بالأخصّ في علاقات الإنتاج .
و الآن ، في ما يتّصل بعلاقات الإنتاج ، يجدر بنا أن نعرض تحديد لينين لمختلف مكوّنات علاقات الإنتاج فقد قال إنّ علاقات الإنتاج تتكوّن من أجزاء ثلاثة هي ملكية وسائل الإنتاج و الدور في التقسيم الاجتماعي العام للعمل و الحصّة الناجمة عن ذلك في توزيع الثروة الإجتماعيّة . لذا ، إذا فكّرنا في ذلك ، لو كنت شركة كبرى أو مؤسسة مالية ، رأسمالي كبير ، فأنت تملك قدرا كبيرا من وسائل الإنتاج ( مصانع و آلات و تقنية أخرى ، و أرض و ما إلى ذلك ). و لو كنت رأسماليّا صغيرا ، برجوازيّا صغيرا ، قد تملك بعض تلك الأشياء لكن ليس قدرا كبيرا منها ؛ لن تملك رأسمال بملايين أو مليارات الدولارات – ربّما كمّية أقلّ بكثير . هذا هو المظهر الأوّل – و لينين شخّصه على أنّه الأكثر جوهريّة – لعلاقات الإنتاج : ملكية أو عدم ملكيّة وسائل الإنتاج ، و كيف أنّ قدرا من وسائل الإنتاج يمتلكه شخص ( أو تمتلكه شركة إلخ ).
و المظهر الثاني أو المكوّن الثاني لعلاقات الإنتاج هو الدور في التقسيم الاجتماعي للعمل فمثلا ، شخص قد لا يكون مالكا لوسائل الإنتاج ، في حدّ ذاتها ، بل يملك قدرات نادرة قد يكون قادرا على فرض أجر كبير مقابل تلك القدرات حتّى و إن لم يكن يملك وسائل إنتاج . و الذين قد حصلوا عموما على مستوى عالى من التعليم ، أناس حرفيّين على سبيل المثال ، هم كذلك في موقع مختلف عن الذين لا يملكون وسائل إنتاج و لا يملكون قدرات عالية التطوّر ( و كلّ ما لديهم ليعيشوا به هو تمكّنهم من بيع قدرتهم على العمل ، ، قوّة عملهم ). لذا ، يشكّل الحرفيّون و أوضاع مشابهة إلى جانب أصحاب وسائل الإنتاج الصغيرة ( أو وسائل التوزيع الصغيرة ، كتاجر أو صاحب متجر ) الطبقة الوسطى ( البرجوازية الصغيرة ) في تعارض مع البرجوازيّة الكبيرة ، الطبقة الرأسماليّة الحاكمة .
و في ما يتعلّق بالبرجوازية الصغيرة - و إختلافات هامة موجودة بين فئات خاصة من هذه الطبقة ، و كذلك ما تشترك فيه جوهريّا – ملاحظات ماركس في " الثامن عشر برومير لويس بونابرت " غاية في الرؤية الثاقبة و جدّ وثيقة الصلة بالموضوع الذى نحن بصدده . كتب ماركس أنّه لا يجوز للمرء أن يتصوّر أنّ المثقّفين الديمقراطيين :
" هم جميعا بالفعل أصحاب الحوانيت أو مدافعون متحمّسون عن أصحاب الحوانيت . فإنّهم بحسب تعليمهم و وضعهم الفردي قد يكونون بعيدين عن ذلك بعد السماء عن الأرض . إنّ ما يجعلهم ممثّلين للبرجوازية الصغيرة هو أنّهم عاجزون عن أن يتعدّوا في تفكيرهم النطاق الذى لا تتعدّاه حياة البرجوازيين الصغار ، و أنّهم يتوصّلون بالتالى ، نظريّا ، إلى القضايا و الحلول ذاتها التي تساق البرجوازية الصغيرة إليها عمليّا بدافع مصلحتها الماديّة و وضعها الاجتماعي ".
إنّ المثقّفين الديمقراطيين البرجوازيين الصغار ( أولئك في المجتمع الذين يقوم موقعهم الاجتماعي و نمط حياتهم على العمل في مجال الأفكار ، بشكل أو آخر ) ينزعون بالأساس إلى الجانب " اليساري " من المشهد السياسي البرجوازي ( الموقع " الليبرالي " أو " التقدّمي " ) بينما الكثير من فئة " التجّار " ( أو بكلمات أعمّ ، أصحاب وسائل إنتاج أو توزيع صغيرة ) ينزعون غالبا إلى اليمين ، حتّى اليمين المتطرّف من هذا المشهد ( بالرغم من كون على الأقلّ بعض المقاولين الصغار ، و كذلك الكثير من " الاقتصاد غير النظامي " يبدون إستثناءا لهذا ). لكن الصحيح أنّ كلاّ من التجار ( بالمفهوم الواسع ) و المثقّفين الديمقراطيين ينزعون ، عفويّا ، إلى البقاء ضمن الحدود المقيّدة لعلاقات الرأسماليّة السلعيّة و المفاهيم المناسبة للحقّ البرجوازي .
ثمّ هناك أناس لا يملكون وسائل إنتاج و أيضا لا يملكون قدرات عالية التطوّر أو مستوى عالى من التعليم يتمكّنون بفضلهما من الصعود إلى الموقع الوسطى في المجتمع و تقسيمه العام للعمل و بالتالى يقعون في أسفل السلّم الاجتماعي فيبيعون قوّة عملهم و يجرى إستغلالهم بشتّى الطرق أو لا يقدرون على بيعها و بالنتيجة يجدون أنفسهم إمّا معرّضين للجوع أو يلجؤون إلى الإحتيال بشكل أو آخر ، و غالبا ينخرطون في ما يعدّ نشاطات برجوازيّة صغيرة – البيع المتجوّل أو ما شابه – للبقاء على قيد الحياة .
و هكذا يمكننا رؤية أنّ تقسيم العمل مترابط مع إمتلاك أو عدم إمتلاك وسائل إنتاج غير أنّه ليس مماثلا تماما لذلك جرّاء مسألة التعليم و القدرات و الحرفيّة و ما إلى ذلك . و بإمكاننا أن نلاحظ أيضا كيف أنّ ملكيّة ( أو عدم ملكيّة ) وسائل الإنتاج و تقسيم العمل في المجتمع وثيقة الصلة بالحصّة من توزيع ثروة المجتمع . إن كنت تملك وسائل إنتاج قيمتها ملايين أو بلايين الدولارات ، لو لم تكن رهيبا في ما تفعله أو ببساطة لم تلتهمك فوضى الرأسماليّة ، ستحصل على الكثير من الأرباح و البعض منها سيدرّ عليك كدخل فردى ، بكمّيات كبيرة حتّى و إن أعدت إستثمار جزء منه بدافع التنافس الرأسمالي . و إن كنت من الحرفيين أو تملك قدرا ما من وسائل الإنتاج ( أو التوزيع ) ، لكن ليس الكثير منها ، ستحصل على قسط متوسّط من توزيع ثروة المجتمع . و إن كنت لا تملك وسائل إنتاج و تفتقر إلى مستوى عالى من التعليم أو مؤهّلات عالية التطوّر ، عندئذ ستحصل على أصغر قسط من توزيع ثروة المجتمع .
و هنا نتوقّف عند نقطة هامة هي أنّه ، على سبيل المثال ، يمكن أن يكون تاجر أفقر من شخص أجير في مصنع أو في وضع مماثل ( مستشفى أو مستودع إلخ ) . و مع ذلك ، التجّار من البرجوازيّة الصغيرة لأنّهم يملكون وسائل إنتاج صغيرة أو وسائل توزيع صغيرة بينما الشخص الأجير قد يكون لديه دخل أعلى إلاّ انّه لا يملك وسائل إنتاج ، و لا حتّى أيّة قدرات عالية التطوّر ، لكنّه يعيش ببساطة من بيع قوّة عمله ، من طبقة مختلفة هي البروليتاريا . وهذا هام لأنّه ، في هذه البلاد مع كلّ الشعبويّة ، هناك تشخيص طبقي خام يستند إلى الوضع الاقتصادي أو الدخل. فغالبا ما نستمع إلى أنّ " الطبقة العاملة " - و المعلّقون البرجوازيون ينسون عادة إضافة كلمة " من البِيض " هناك ، في حين أنّهم يحيلون بوضوح على ذلك - " الطبقة العاملة صوّتت لفائدة ترامب لأنّها فقيرة جدّا إقتصاديّا " . لكن إلى جانب واقع أنّ العلاقات الإجتماعيّة و " القيم " الإجتماعيّة كانت عاملا أكثر تأثيرا من الدخل في ما يتّصل بما إذا صوّت الناس أم لا لترامب ، فإنّ الكثيرين من هذه " الطبقة العاملة " سواء كانوا فقراء إقتصاديّا أم لا عمليّا جزء من البرجوازيّة الصغيرة . و من هنا من المهمّ فهم هذه الأشياء فهما عمليّا . لا يتعلّق الأمر بأصناف عبثيّة بل يشكّل إختلافا حقيقيّا بمعنى ما هي وجهة نظرك إن كنت فعليّا تعمل بالتجارة و تطمح إلى النجاح و ربّما إلى التحوّل إلى تاجر كبير ، أو كنت مجرّد شخص يبيع قوّة عمله – فلهذا تبعات حقيقيّة على ما تكون عليه حياتك و كذلك على ما تكون نظرتك ، حتّى عفويّا . ( و لاحقا سأتناول بالحديث حدود العفويّة ) .
هذا تحليل هام للينين يحدّد هذه المكوّنات الثلاثة لعلاقات الإنتاج و كيف تتداخل و تأثّر في بعضها البعض و لا يمكن أن تكون منفصلة كلّيا عن بعضها البعض حتّى و إن كان كلّ مكوّن منها هام في حدّ ذاته و المكوّن الأوّل( ملكيّة وسائل الإنتاج) هو المكوّن الحاسم فوق كلّ شيء . و هكذا، بينما ليست علاقات الإنتاج العلاقات الهامة الوحيدة في صفوف الناس في المجتمع ، فإنّها الأكثر جوهريّة و في النهاية الأكثر تحديدا و يوفّر لنا تحليل لينين هذا مقاربة علميّة لفهم أين يتموقع الناس في المجتمع، و ما هو دورهم في المجتمع قبل كلّ شيء – و حتّى ، إلى درجة معيّنة على الأقلّ ، ما هي نزعاتهم العفويّة في علاقة بأشياء متنوّعة تحدث في المجتمع و العالم ( مرّة أخرى مع فهم ، كما سأعود إلى ذلك لاحقا ، الحدود المعيّنة للعفويّة ). و المسألة ليست مجرّد أنّ هذه العلاقات الجوهريّة و السياسيّة في المجتمع ، و إنّما مسألة فهم أنّها ، كما شدّد على ذلك ماركس ، مستقلّة عن إرادة الأفراد . إنّها أصناف إجتماعيّة حقيقيّة لها معنى حقيقي و ليست مجرّد تمرين فكري عبثي أن نجمّع الناس في هذه الأصناف - إنّها تعكس الواقع المادي الفعلي الذى له إنعكاسات حقيقيّة و تأثيرات عميقة على الناس.
عندما يخرج علينا ترامب ببعض خطبه اللاذعة الفاشيّة و هجماته المسعورة ، ستستمعون إلى هؤلاء المبتذلين من الحزب الديمقراطي يشتكون :" ليس بصدد توحيدنا ، إنّه بصدد تشتيت صفوفنا " - كما لو أنّه من الممكن توحيد الجميع إن كان الرئيس عوض الهذيان بطريقة مسعورة ، يقول كلمات معسولة دقيقة . و ( بالعودة إلى لوك ، على سبيل المثال ) كلّ هذا جزء من محاولة التفاعل على إعتبار أنّ كلّ شخص في المجتمع مجرّد فرد . بالطبع الناس أفراد غير أنّهم ليسوا مجرّد أفراد – فوق ذلك ، هم جزء من علاقات إجتماعيّة و أكثر جوهريّة ، جزء من علاقات الإنتاج ، و لهذا تبعات حقيقية على كيفيّة عيشهم و نظرتهم العفويّة للأشياء و كيف يتصرّفون ، إلى درجة ذات دلالة . تُبنى هذه الأشياء في هذا المجتمع و لا يمكنكم مجرّد تجاوزها أو إستبعادها بقول كلمات معسولة " توحّدنا " عوض " تشتّتنا " .
و مثلما ألمحت إلى ذلك ، علاقات الإنتاج في المجتمع ، مهما كانت اهمّيتها و جوهريّتها ، ليست بطبيعة الحال العلاقات الهامة الوحيدة في المجتمع ، و سيكون من الخطأ تقليص كلّ شيء إلى علاقات الإنتاج هذه . فهناك أيضا علاقات إجتماعيّة محدّدة و هامة هي بدورها موضوعيّة و ليست مجرّد أصناف أو أشياء عبثيّة في أذهان الناس . فمثلا ، ثمّة العلاقة الإجتماعيّة – علاقة لامساواة إضطهاديّة - بين الرجال و النساء . و ثمّة العلاقة بين الشعوب و الأمم المضطهِدة و المضطهَدة داخل المجتمع ( و كذلك على الصعيد العالمي ). و على سبيل المثال ، إن كنت من البيض ، أنت في موقع في هذا المجتمع ، موضوعيّا ، و إن لم تكن من البيض ، إن كنت من الذين يحال عليهم شعبيّا ب " الملوّنين " – السود و اللاتينو و غيرهما – أنت في موقع مغاير ، أنت موضوعيّا في موقع أدنى مضطهَد . و طبعا لا يعنى هذا أنّك في موقع دوني كإنسان و إنّما أنت جزء من صنف من البشر موجود موضوعيّا بموجب العلاقات الإجتماعيّة في المجتمع و يتمّ التعاطى معه و يحافظ عليه في موقع دوني ، حتّى و إن لم يكن بأيّ شكل أدنى كإنسان . و ثمّة إيديولوجيا مطوّرة لعقلنة هذا تقول إنّك جزء من مجموعة من البشر أدنى . و مثل هذه العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة تتناسب و علاقات الإنتاج الإضطهاديّة .
و من المهمّ جدّا فهم أنّه حينما إنطلق هؤلاء الرجعيّون من العصور المظلمة في توجيه هجماتهم في مجال التعليم حديثا في أريزونا ، مثلا ، من الأشياء التي قاموا بها أنّهم تحرّكوا للتخلّص من دراسات الشيكانو . و قد سمعت أحدهم من مؤسسة تعليم تابعة للدولة مسؤول عن هذا القرار يصرّح : ليس بوسعنا أن نسمح بتعليم يقول للناس إنّهم جزء من مجموعة في المجتمع مضطهَدة ؛ يجب أن يكون لدينا تعليم يقول للناس أنّهم جميعا مجرّد أفراد .
و الآن ، كانت الحياة ستكون أبسط بكثير لو إستطعنا عمليّا إلغاء الإضطهاد الاجتماعي بعد الحديث عنه . لكن ، في العالم الحقيقي ، هذه الأصناف من الناس – هذه العلاقات الإجتماعيّة ، لوضع ذلك بطريقة أفضل – موجودة موضوعيّا . إنّها جزء من العلاقات المتطوّرة تاريخيّا في هذا المجتمع . ليس بوسعنا مجرّد تمنّى إلغاءها، و ليس بوسعنا إلغاؤها بعدم السماح لأيّ كان بالحديث عنها . ( طبعا الغاية و بالتأكيد المرمى من عدم السماح للناس بالحديث عن هذه الأشياء عمليّا ليس إلغاؤها بل بالعكس تأبيدها و تعزيزها ).
و الفهم العلمي لطبيعة المجتمع و الحاجة إلى الثورة يعنى بداهة فهما لحدود شخص مثل مارتن لوثر كينغ لكن من المهمّ جدّا رؤية كيف أنّ اليمينيين ، و حتّى بعض الليبراليين ، يتعاطون مع خطابه الشهير " لديّ حلم " و لنعد تقريبا ما جاء على لسان مارتن لوثر كينغ : لدي حلم بأن يكون في يوم ما أحفاد العبيد و أحفاد ملاّكى العبيد قادرين على أن يكونوا جنبا إلى جنب و على أن يتعاملوا مع بعضهم البعض فقط كأفراد و يحكمون على بعضهم البعض ليس إنطلاقا من لون بشرتهم بل إنطلاقا من مضمون شخصيّتهم . و تذكّروا الآن أنّ مارتن لوثر كينغ قال " لدي حلم " - إنّه حلم أو أمنية أو هدف - أنّه في يوم ما سيكون ذلك واقعا . ثمّ يأتي هؤلاء اليمينيين و بعض الليبراليين ليقولوا : مارتن لوثر كينغ قال هذا مجتمع يحكم فيه على كلّ شخص ليس إنطلاقا من لون بشرته بل إنطلاقا من مضمون شخصيّته، لذا كفّوا عن الشكوى بشأن إضطهاد السود."
حسنا ، هذه محاولة أخرى ، في تناغم مع ما صرّح به ذلك الفاشي المسؤول عن التعليم في أريزونا ، لمحو علاقات الإضطهاد ( أو بالأحرى ، محو الإقرار بوجود هذه العلاقات الإضطهاديّة ) بعدم السماح للناس بالحديث عنها أو بتشويه ما قالوه عندما تحدّثوا عنها . و الهدف بداهة هو الحفاظ على ذلك الإضطهاد و تعزيزه . من هنا ، هذا جدّ هام ، مسألة العلاقات الاجتماعية جدّ هامة . بداهة ، تتداخل هذه العلاقات الإجتماعيّة مع علاقات الإنتاج الجوهريّة في المجتمع ، لكن لها حياتها الخاصة أيضا ، و إنعكاساتها هائلة . و مرّة أخرى ، المسألة الهامة هنا هي أنّ هذه العلاقات تطوّرت تاريخيّا و توجد موضوعيّا . لم تكن الولايات المتّحدة الأمريكيّة لتوجد لولا ذهنيّة تفوّق البيض . و هذا واقع آخر بسيط و أساسي .
و بالعودة إلى ما قلته آنفا ، لننظر إلى كيف يجمّع " الآباء المؤسّسون الكبار " البلاد - و أجل ، كانوا آباء . جمّعوا البلاد على أساس " تسويات مبدئيّة " لمأسسة العبوديّة . هذا قائم صلب هذا المجتمع و له تبعات حقيقيّة . ليست العبوديّة مجرّد تجريد . العبوديّة شيء يؤثّر على الناس الحقيقيّين . إنّها نمط حياة : نمط إنتاج أشياء ، و لها ديناميكيّتها الخاصة وهي تتفاعل مع الإنتاج و التبادل في أجزاء أخرى من المجتمع و على النطاق العالمي - إنّها شيء حقيقي . ثمّ ، حين جدّت الحرب الأهليّة ، و هزم الشمال الجنوب ، كجزء ضروري من إلحاق الهزيمة بالجنوب ، كان على الشمال أن يلغي العبوديّة ، أوّلا في الولايات الكنفدراليّة و تاليا في عموم البلاد - هذا ما إضطرّوا إليه إضطرارا ، لينكولن و من معه .
لكن بعد ذلك ، كيف أعادوا توحيد البلاد ؟ لم تكن نيّتهم إمتلاك نصف بلاد . لهذا لجأ لينكولن إلى الحرب في المقام الأوّل . قال : لا يمكن أن نسمح لنصف البلاد بأن ينفصل ، لا يمكن تشكيل بلد إن كان بوسع نصفه الإنفصال . لهذا لم يكن في نيّتهم الحصول على نصف البلاد و جعل كافة القوى الأوروبيّة تتحالف مع النصف الآخر الذى تحرّر بالقوّة و إنفصل . كان عليهم أن يعيدوا توحيد البلاد مجدّدا كبلاد كامل ، و الوسيلة الوحيدة التي خوّلت لهم القيام بذلك ، نظرا لعلاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعيّة السائدة ، هي القيام بكافة أنواع " التسويات المبدئيّة " ومن جديد مع الأرستقراطية الجنوبيّة و الملاّكين العقّاريين الكبار الذين كانوا إلى درجة كبيرة جدّا ، ملاّكين سابقين للعبيد . و هكذا تمّ الإنقلاب على إعادة البناء ، بُعيد الحرب الأهليّة ، و من جديد تمّت خيانة جماهير السود .
و ما يعكسه كلّ هذا هو أنّ هذه علاقات تطوّرت تاريخيّا . و لو حاولوا ، لنقل ، أن يقمعوا تماما ملاّكى العبيد سابقا الذين قادوا التمرّد على الكنفدراليّة - و الذين سعوا إلى الإنفصال و خاضوا حربا في سعي منهم لتحقيق ذلك ، لو واجهوهم مواجهة تامة ، ما كانوا ليقدروا على تجميع البلاد مرّة أخرى كبلد رأسمالي . كان ذلك سيمزّق البلاد بأسرها و على الأرجح لن يقدروا على الحفاظ على جزء صغير منها في النهاية ، إن إستطاعوا ذلك . و عليه ، لهذه العلاقات الإجتماعيّة و ترابطها مع علاقات الإنتاج السائدة معنى حقيقي و تأثير حقيقي .
و العلاقة الإضطهاديّة بين الرجال و النساء تطوّرت تاريخيّا على مدى آلاف السنين و إتّخذت الآن شكلا خاصا داخل إطار علاقات الإنتاج الرأسماليّة و النظام الرأسمالي ككلّ ( و ليس فقط في بلد معيّن بل على الصعيد العالمي ). و ليس هذا شيئا عبثيّا أو مجرّد مسألة مواقف أشخاص . و إنّما يؤدّى إلى قضيّة العائلة التي تنحو في ظلّ الرأسماليّة إلى أن تكون مؤسسة بطرياركيّة / أبويّة إضطهاديّة . فهي تشمل علاقات إقتصاديّة و كذلك علاقات إجتماعيّة – هي وحدة إقتصاديّة و علاقة إجتماعيّة تتحدّد في النهاية و تتشكّل بعلاقات الإنتاج السائدة الأكثر جوهريّة في المجتمع المعطى ، حتّى بينما لديها حياة و ديناميكيّة و تأثير خاصين .
فالمسألة التي يجب التشديد عليها هنا ، مرّة أخرى ، هي أنّ علاقات الإنتاج هذه والعلاقات الاجتماعية هذه تطوّرت تاريخيّا، وهي متجذّرة في المجتمع في زمن معطى بما في ذلك في مجتمع الولايات المتحدة في الوقت الحاضر . هذا من ناحية و من ناحية أخرى ، على خلاف ما يتقدّم به كافة هؤلاء المنظّرين ( وكيما نكون متلطّفين ) الفلاسفة البرجوازيين ، بينما تطوّرت تلك العلاقات تاريخيّا فهي في الوقت نفسه ليست دائمة .
و في إرتباط بكلّ هذا ، متحدّثا عن الحركيّة الإجتماعيّة التي ترفع عادة كأحد أهمّ مظاهر المجتمع الرأسمالي ، أشار ماركس في أحد أعماله الكبرى الأخرى ، الغرندريس ، إلى أنّ الأفراد يمكن أن يغيّروا موقعهم الإجتماعي و الطبقي داخل مجتمع مثل هذا لكن جماهير الشعب لا يمكن أن تتخلّص من علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعيّة الإضطهادية إلاّ عبر الوسائل الثوريّة – بالإطاحة و إلغاء النظام القائم على و المجسّد لهذه العلاقات .
و هنا نقطة شدّدت عليها كثيرا ، في تطور الشيوعية الجديدة ، وهي نقطة ذات صلة وثيقة بالموضوع :
" في نهاية المطاف ، نمط الإنتاج يحدّد أساس التغيير و حدوده ، بمعنى كيفيّة معالجة أي مشكل إجتماعي ، مثل إضطهاد النساء ، أو إضطهاد السود أو اللاتينو ، أو التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي ، أو وضع البيئة ، أو وضع المهاجرين و ما إلى ذلك . و في حين أنّ لكلّ هذه الأشياء واقعها و ديناميكيّتها الخاصة و ليست قابلة للتقليص إلى النظام الاقتصادي ، فإنّها جميعا تسير في إطار و ضمن الديناميكيّة الجوهريّة لذلك النظام الاقتصادي ؛ و ذلك النظام الاقتصادي ، ذلك النمط من الإنتاج ، يحدّد أساس و في نهاية المطاف حدود التغيير في ما يتعلّق بكافة المسائل الاجتماعية . ومن ثمّة ، إذا أردنا التخلّص من جميع هذه الأشكال المختلفة من الإضطهاد ، ينبغي علينا أن نعالجها في حدّ ذاتها ، لكن ينبغي علينا كذلك أن نحقّق هذه التغييرات بالمعنى الجوهري . و لوضع ذلك بصيغة أخرى : يجب أن يتوفّر لدينا نظام إقتصادي لا يمنعنا من إحداث هذه التغييرات ، و بدلا من ذلك لا يسمح لنا فحسب بل يمدّنا بأساس مناسب للقيام بهذه التغييرات " (17) [ التشديد في النصّ الأصلي ].
في جداله ضد إصلاحي مثالي في زمنه ، برودون ، ناقش ماركس كيف أنّه حسب برودون هناك بؤس فى الفلسفة ( كانت تلك لعبة بصدد عنوان عمل برودون ، فلسفة البؤس ). و حسب المنظّرين و المعلّقين إلخ البرجوازيين لأيّامنا هذه ، ( المدّاحون المعاصرون للرأسماليّة الإمبريالية ) ، هناك فقر مدقع في الخيال - و كذلك في الأخلاق - و بالأخصّ جوهريّا فقر في العلم .
و على عسكهم ، أجرى ماركس تحليلا للمجتمع الإنساني و تطوّره التاريخي على أساس علمي و بمنهج علمي .
ومن المفيد التعمّق في موقف ماركس الموجود في نفس الجزء من " نظريّات فائض القيمة " الذى منه أوردنا مقتطفا سابقا: " لكن بنفس الدرجة التي يُفهم بها أنّ العمل هو المصدر الوحيد للقيمة التبادليّة و المصدر النشيط للقيمة الإستعماليّة ، " رأس المال " كذلك يرتئيه ذات الإقتصاديين البرجوازيين ... كمعدِّل للإنتاج ، كمصدر للثروة و هدف للإنتاج ، فيما يُنظر إلى العمل كعمل مأجور ...، كمجرّد كلفة إنتاج و أداة إنتاج ترتهن بالأجر الأدنى و تجبر على النزول إلى ما دون هذا الأدنى حالما توجد كمّية من العمل " غير ضروريّة " بالنسبة لرأس المال . و في هذا التناقض ، يعبّر الاقتصاد السياسي [ البرجوازي ] ببساطة عن جوهر الإنتاج الرأسمالي أو ، إذا أردتم ، العمل المأجور ، للعمل المغترب عن نفسه و الذى يقف في مواجهة مع الثروة التي خلقها كثروة مغتربة عنه ، و في مواجهة مع قوّة إنتاجه الخاصة كقوّة إنتاج منتوجاته، في مواجهة مع إثرائه بتفقيره الخاص و مع سلطته الاجتماعية كسلطة المجتمع ". [ التشديد مضاف ]
هنا يمضى ماركس إلى قول " هذا الشكل المحدّد ، الخاص ، للعمل الاجتماعي ، كما يظهر في الإنتاج الرأسمالي ، يُعلنه هؤلاء الإقتصاديّون على أنّه الشكل العام و الأبدي ، على أنّه شيء تحدّده الطبيعة و يعلنون علاقات الإنتاج هذه على أنّها علاقات مطلقة ( و ليست تاريخيّة ) الضرورة ، طبيعيّة و معقولة من العمل الاجتماعي " (19) ولنتفحّص ها التحليل الحيوي عن كثب أكثر ، لا سيما الجزء الذى وضعت تحته سطرا ل( الحروف البارزة ) هنا .
مثلا ، شدّدت على الجمل أين قال ماركس إنّ الإقتصاديين السياسيين البرجوازيين ينظرون إلى العمل المأجور ك" مجرّد كلفة إنتاج و أداة إنتاج " . بكلمات أخرى ، يقلبون الأمور رأسا على عقب و يتعاطون مع سيرورة الإنتاج ، و إنتاج الفائدة أو الربح ، كشيء ينجم عن رأس المال و عن دور الرأسمالي ، بدلا من أين يكمن في الحقيقة - في إستغلال العمل المأجور. و يلمس هذا المسألة الحاسمة التي شدّدت عليها سابقا ، و التي لا يمكن التشديد عليها مرّات أكثر من اللازم : رأس المال علاقة إجتماعيّة – علاقة إستغلال و إضطهاد إجتماعيّة - و ليس مجرّد " شيء " . ليس مجرّد آلة ، ليس مجرّد أرض ؛ ليس مجرّد مواد اوّليّة ؛ ليس مجرّد بناءات – إنّه علاقة إجتماعيّة . و من الهام جدّا إستيعاب هذا فهو أمر يُحجب بإستمرار. و اليوم ، لا يتحدّثون فحسب عن رأس المال كآلة أو أي شيء لا حركة فيه ، و إنّما أمسوا وقحين إلى درجة أنّهم يتحدّثون عن " رأس مال بشريّ " ؛ يتحدّثون عن الناس " كرأس مال بشريّ " ما يجب أن يقدّم إشارة في ما يتّصل بطبيعة النظام ، و تقليص البشر إلى " رأس مال بشريّ ".
و هذه العلاقة الإجتماعيّة ، إستغلال العمل المأجور ، شكل خاص من الإستغلال في ظلّ الرأسماليّة ، وهي مصدر فائض القيمة و الربح في هذا النظام . و من الدور الفعلي أن ينهض العمل ، مكرّسا في سيرورة الإنتاج ، بدور في خلق المزيد من فائض القيمة التي يستخرج منها الربح ، بعد خصم التكاليف الأخرى . و مع الرأسماليّة ، لا يوجد تعميم للعلاقات السلعيّة فحسب – كلّ شيء يُحوّل بصفة متصاعدة إلى سلعة – لكن هناك أيضا الخصوصيّة الحيويّة لقوّة العمل، القدرة على العمل، كسلعة – هذا نوع خاص من السلع : على خلاف العناصر الأخرى للإنتاج ( وسائل الإنتاج الأخرى ) بكلمات ماركس ، فإنّ قوّة العمل كسلعة مستعملة في سيرورة الإنتاج ، يمكن أن تخلق المزيد من القيمة في إستخدامها في سيرورة الإنتاج ، من القيمة المساوية لأجرها ، لنضع ذلك بصيغة مبسّطة . لهذا أشار ماركس إلى هذا على أنّه رأس المال المتحوّل ، في تعارض مع رأس المال القار : رأس المال المستثمر في قوّة العمل يمكن أن يؤدّى إلى خلق المزيد من رأس المال ، المزيد من الثروة ، فائض القيمة - بينما يحيل رأس المال القار على الآلات والمواد الأوّليّة و غيرها من الأشياء التي هي مجرّد " إستثمارات " ( مجرّد " وسائل " إنتاج ) لا تنمّى من قيمة المنتوج في سيرورة الإنتاج ؛ لا تقوم سوى بتمرير القيمة الموجودة بعدُ في المنتوج الجديد .
و إلى جانب هذا ، من المهمّ فهم أنّه ، على خلاف المفاهيم السائدة لدى الإقتصاديين البرجوازيين ، لا " تضاف " قيمة في المجال التجاري ، من خلال بيع المنتوج ؛ بالعكس ، ما يحدث من خلال مثل هذه المبادلات التجاريّة هو تحقيق قيمة قد خُلقت بعدُ بواسطة إستعمال رأس المال المتحوّل ، أي ، إستغلال العمل المأجور ، في سيرورة الإنتاج .
و هكذا ، قوّة العمل كرأسمال متحوّل مطبّقة في الإنتاج ليست مجرّد " كلفة إنتاج " أخرى ، " إستثمار " آخر ؛ و منبع " النموّ الاقتصادي " ليس مالكو مثل هذه " الإستثمارات " ( الرأسماليّون ) و " تجديد" هم أو " عبقريّة الأعمال الحرّة " ، و إنّما مرّة أخرى هو إستغلال أولئك الذين يخلق عملهم " ثروة مغتربة " تحدّث عنها ماركس ، و الذين ، حسب كلماته ، يقفون في مواجهة مع ثروة خلقوها على أنّها " ثروة مغتربة " عنهم – يقفون في مواجهة مع ما أنتجته قوّة عملهم الخاصة على أنّه " قوّة إنتاج منتوجاته " الذى في الواقع قد خلقوها بواسطة عملهم .
هذه طريقة أخرى لقول – مسألة أخرى غاية في الأهمّية سلّط عليها ماركس الضوء – إنّه في ظلّ الرأسماليّة ، يهيمن العمل الميّت على العمل الحيّ . ما معنى هذا ؟ إنّه لا يعنى أنّك تمضى إلى مصنع وتجد هناك أناسا ميّتين ! طبعا ، لا أحد يفكّر عفويّا في هذا على هذا النحو في هذا النوع من المجتمع الآن ، و الإقتصاديّون السياسيّون البرجوازيّون لا يتحدّثون عامة بهذه المصطلحات ، لكن ذات تعبير " العمل الميّت " يشير إلى فهم صحيح للأشياء لأنّ ما هو عمليّا الشيء المنتج بفضل الإنتاج غير إنتاج العمل ؟ أجل ، تدخل ضمن ذلك المواد الأوّليّة لكن من أين تأتى المواد الأوّليّة ؟ إنّها هي الأخرى إنتاج للعمل لقد تمّت الإشارة في " بصدد إمكانيّة الثورة " (20) ( وهي وثيقة في منتهى الأهمّية صادرة عن الحزب الشيوعي الثوري ) إلى أنّ أشياء كالأرض و المواد الأوّليّة ، إن أمكن القول ، " تمنحنا إيّاها الطبيعة " . هي هناك سواء وُجد أناس أم لم يوجدوا . لكن ، لأجل جعلها جزءا من سيرورة الإنتاج ، يجب أن يشتغل عليها الناس . فعلى سبيل المثال ، الذهب أو الفضّة أو المواد المعدنيّة الأخرى يجب البحث عنها في مناجم . و الأرض يجب فلاحتها . يجب أن تصبح تلك المواد جزءا من نمط إنتاج . و في ظلّ الرأسماليّة ، يتمّ ذلك عبر العمل المأجور ، في الغالب الأعمّ - ليس كلّيا و إنّما في الغالب الأعمّ . و إذن ، ما نراه عندما ننظر إلى المواد الأوّليّة ، مثلا ، هو العمل الميّت - عمل قد دخل بعدُ في السيرورة - لا نرى العمل يقام بالذات هناك لأنّه بعدُ قد أنجز . و هذا ، يعدّه الرأسماليّون و الإقتصاديّون السياسيّون البرجوازيّون مجرّد وسيلة إنتاج . لكن ، يشدّد على ذلك ماركس ، المعنيّ عمليّا هو تجميد عمل قد أنجز في صناعة هذه الأشياء : إستخراج المواد الأوّليّة أو الإشتغال على هذه المواد الأوّليّة لصنع آلة هي بدورها تستعمل لصنع آلة أخرى تستعمل هي الأخرى لصناعة منتوج تام يباع كسلعة إستهلاكيّة .
ومن هنا ، عندما نقول إنّ في ظلّ الرأسمالية " يهيمن العمل الميّت على العمل الحيّ " ، فإنّ هذا يعنى أنّ العمّال المأجورين حين يأتون إلى سيرورة الإنتاج ، يعاملون أساسا كملحقين بالآلة ، و تهيمن عليهم تلك الآلة – و التي هي في حدّ ذاتها إنتاج لعمل سابق .
و كلّ شخص له تجربة أبدا في تسريع النسق في مصنع ، مثلا ، يعرف ما يعنيه ذلك . ( أو يمكن أن تنظروا إلى حلقة مسلسل تلفزي عنوانه " أحبّ لوسي " الشهيرة حيث شخصيّة لوسى و صديقها أثال يعملان على خطّ تركيب و ليس بوسعهما تحمّل مشقّة ذلك . حسنا ، يهيمن عليهما العمل الميّت ، تهيمن عليهما الآلات ) هذا ما يحدث في ظلّ الرأسماليّة : الناس الذين خلقوا هذه الآلات تجرى بدورهم الهيمنة عليهم من قبل الآلات ، و هذا تعبير أساسي عن وضعهم كمُستغَلّين.
إنّ تعميم العلاقات السلعيّة في ظلّ الرأسماليّة ، و الخصوصيّة الحيويّة لقوّة العمل كسلعة – نوع خاص من السلعة التي ، خلافا لعناصر الإنتاج الأخرى ، يمكن أن تخلق المزيد من القيمة بإستخدامها في سيرورة الإنتاج ( رأس المال المتحوّل ، في تعارض مع رأس المال القار ) - هذا هو المظهر المميّز للرأسماليّة في علاقات الإنتاج . و مع تعميم الإنتاج السلعي و التبادل وخصوصيّة قوّة العمل كسلعة ، نجد التناقض الأساسي للرأسماليّة ، التناقض الأساسي بين الطابع الاجتماعي للإنتاج ( في تعارض مع الإنتاج الفردي ) بعدد ضخم من العمّال المنظّمين في أنظمة عمل ، عادة الآلاف تحت سقف واحد، لكن جزء من سيرورة عامة تشمل الملايين و في نهاية المطاف بلايين الناس - عمل يقوم به ليس ملاّكو وسائل الإنتاج بل أناس يشتغلون لديهم كعمّال مأجورين - لدينا هذا الإنتاج الاجتماعي ، و مع ذلك ، في الوقت نفسه ، لدينا التملّك الفردي بيد ليس الرأسماليين الأفراد فحسب و إنّما خاصة اليوم ، بيد تجمّعات كاملة من رأس المال في شكل شركات و جمعيّات خاصة لرأس المال - أحيانا أفراد لكن بصفة غالبة في عالم اليوم ، شركات و جمعيّات أخرى لرأس المال تكون عادة متحكّمة في بلايين الدولارات من رأس المال ، و ليس فقط في بلد واحد ، بل عالميّا . هذا هو المقصود بالتملّك الفردي - ليس تملّكا من قبل المجتمع ككلّ ، بل تملّكا من قبل رأسماليين متنافسين . و تلك الكلمة " متنافسين " في منتهى الأهمّية ذلك أنّ التملّك الفردي يعنى أنّه سيوجد تنافس بين مختلف المجموعات من الرأسماليين الذين يتملّكون فرديّا الثروة المنتجة إجتماعيّا .
و إلى ماذا يفضى هذا ؟ الفوضى – الفوضى في الإنتاج و الفوضى في النظام الرأسمالي ككلّ . و قد ناقش إنجلز في " ضد دوهرينغ " حركة التناقض الأساسي للرأسماليّة بين الإنتاج ذي الطابع الاجتماعي و التملّك الفردي . و أشار إلى أنّ سير هذا التناقض يتّخذ شكلين إثنين مختلفين من الحركة تمثّل ديناميكيّة سيرورة حركة التناقض الأساسي .
و هذان الشكلان من الحركة هما من ناحية ، التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا التي تستغلّها هذه البرجوازية ، و من ناحية ثانية ، الشكل الثاني للحركة الذى شخّصه إنجلز ، بصورة مهمّة ، هو التناقض بين التنظيم و الفوضى ، تنظيم الإنتاج على مستوى لنقل ، المؤسسة -التي يمكن أن تكون عالية التنظيم ، بحسابات كثيرة و تقديرات للسوق و كافة الأشياء من هذا القبيل ، و يمكن أن تكون منظّمة بإحكام بمعنى كيف أنّ السيرورة الفعليّة للإنتاج تجرى على مستوى الشركة الرأسماليّة الفرديّة ، و ما إلى ذلك – بينما ، في الوقت عينه ، يتناقض هذا مع فوضى الإنتاج و التبادل في المجتمع ككلّ ( أو اليوم العالم ككلّ ، اليوم أكثر من أي زمن مضى في العالم ككلّ ). لذا لدينا هذان الشكلان من الحركة – و سأعود لاحقا إلى مظهر مميّز حيوي للشيوعية الجديدة : أهمّية تشخيص المشكل الثاني لحركة هذا التناقض الأساسي، أي ، تناقض فوضى / تنظيم ، أو القوّة المحرّكة للفوضى ، على أنّها عامة الشكل الرئيسي و الأكثر جوهريّة لحركة التناقض الأساسي للرأسماليّة.
بكلّ هذا ، قام ماركس بما أخفق - أو رفض - كافة الإقتصاديّون السياسيّون و شارحو النظريّة السياسيّة و الإجتماعيّة البرجوازيّة في القيام به على الأقلّ بأيّة طريقة أساسيّة و صريحة : وضع الرأسماليّة و علاقات إنتاجها الأساسيّة في إطار تاريخي أشمل بما يكشف عن انّ هذه ليست فعلا نهاية و أعلى تعبير عن تطوّر المجتمع الإنساني – " الشكل العام و الأبدي ... علاقات مطلقة ( و ليست تاريخيّة ) الضرورة ، طبيعيّة و معقولة "- بل هي شكل خاص ، محدّد تاريخيّا و مؤقّت لا غير من مثل هذه العلاقات يمكن تجاوزه بالعلاقات الإشتراكية و في آخر المطاف بالعلاقات الاقتصادية و الإجتماعيّة الشيوعيّة ( و المؤسسات و الأفكار المناسبة ) التي تجسّد إلغاء جميع علاقات الإستغلال و الإضطهاد .
الآن ، صحيح أنّ بعض التوقّعات الخاصة لماركس و إنجلز عند تأمّلهم في النزعات في المجتمع الرأسمالي طوال حياتهم، لا سيما أنّ المجتمع الرأسمالي سيواصل في الإنقسام أكثر فأكثر إلى طبقتين متعارضتين – البرجوازية ( المستغِلّون الرأسماليّون ) و جماهير البروليتاريين المستغَلين مع طبقة وسطى تنحو إلى التقلّص ، لم تتأكّد و بوجه خاص مع مزيد تطوّر الرأسماليّة إلى نظام إستغلال عالمي ، الرأسماليّة الإمبريالية ، بما يعنيه ذلك من نهب إستعماري لما يسمّى بالعالم الثالث و منتهى إستغلال أوسع الجماهير الشعبيّة هناك ، ضمن شبكة عالميّة من المصانع الهشّة . لقد أمسك النقّاد البرجوازيّون للماركسيّة ( مثل ، مرّة أخرى ، كارل بوبر ) الإختلاف بين توقّعات ماركس ( و إنجلز ) حول الإستقطاب في المجتمع الرأسمالي و ما جدّ فعلا هناك ، مع تطوّر الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، ليحاولوا تشويه الماركسيّة و إعتبارها صحيحة علميّا. بيد أنّ مثل هذا " النقد " لا يتجاهل أو يسعى إلى إستبعاد ، التحليل العلمي الذى شرع فيه إنجلز مع نهاية حياته ( مع نهاية القرن 19) و أنجزه لينين ، لكيف أنّ النهب الإستعماري الذى قامت به الرأسماليّة – الإمبريالية وفّر فتاتا يمثّل إلى درجة كبيرة القاعدة الاقتصادية المادية لتبرجز فئة من الطبقة العاملة و نموّ الطبقة الوسطى في " البلدان الأم " للإمبرياليّة ، بما في ذلك بلدان كأنجلترا ثمّ الولايات المتحدة لقوى قياديّة إستعماريّة ( أو إستعماريّة جديدة ) ، لها إمبراطوريّة واسعة للإستغلال .
و إذن ، في حين أنّ نزعات محدّدة داخل المجتمع الرأسمالي لاحظها ماركس قد خفتت او حتّى إنقلبت إلى درجة معيّنة ، في البلدان الرأسماليّة الإمبرياليّة ، و حتّى مع نموّ الطبقة الوسطى في عديد بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث خلال عديد العقود الماضية ، فإنّ التفقير الواسع في هذه البلدان يظلّ ظاهرة ضخمة ، و أساس الإستقطاب الذى شخّصه ماركس – " مراكمة الثروة في قطب من المجتمع تساوى في الوقت نفسه مراكمة البؤس و عذاب الكدح و الجهل و العنف و الإنحطاط الفكري في القطب المضاد "(21) . و لا يزال هذا نهائيّا ينسحب لكن الآن بأكثر أساسيّة على الصعيد العالمي . وذو أهمّية جوهريّة، لا يظلّ المنهج و المقاربة العلميين اللذين يجسّدان الإختراق الذى حقّقه ماركس في ما يتّصل بتحليل المجتمع الإنساني و تطوّره التاريخي ، صالحين بالمعنى العام و إنّما يوفّران أيضا أساسا لتحليل و تلخيص ، علميّين ، للتغيّرات التي حدثت منذ زمن حياة ماركس بما في ذلك التغيّرات التي من الممكن أنّ ماركس لم يتوقّعها .
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمهيد المترجم لكتاب جديد لبوب أفاكيان : إختراقات - الإختراق ...
- وضع ماو تسى تونغ فى قلب حياة الحزب - مقتطف 3 من الفصل الرابع ...
- الشيلي : في مواجهة القمع الحكومي العنيف ، تجبر الإحتجاجات ال ...
- الهجوم العسكري لجيش تركيا الفاشيّة على روجوبا – بيان للحزب ا ...
- قتل الأكراد و القتال من أجل - المصالح الأمريكيّة - ، و المصا ...
- الفاشيّون و الشيوعيّون : متعارضان تماما و عالمان متباعدان
- وضع حركة التصحيح و الحركة الثورية - مقتطف 2 من الفصل الرابع ...
- جولة من أجل ثورة فعليّة فى الولايات المتّحدة الأمريكية
- خمسة أنواع من الإنتفاضيّة - مقتطف 1 من الفصل الرابع من كتاب ...
- الحزب الشيوعي الفليبيني و الأصدقاء الزائفون للثورة الفليبيني ...
- ثلاث وثائق عن المؤتمر الأوّل للحزب الشيوعي التركي / الماركسي ...
- رسالة مفتوحة إلى الحزب الشيوعي الفليبيني من هيئة الحركة الأم ...
- لن نُطيع أوامر ترامب الفاشي ! - منظّمة الشيوعيين الثوريين ، ...
- بورتو ريكو : 15 يوما من الإحتجاجات أ زاحت من السلطة الحاكم ا ...
- حول قضيّة البيئة في العالم و في الفليبين- مقتطف 3 من الفصل ا ...
- أمريكا – المعتدى الكاذب و خارق الإتفاقيّات في الخليج الفارسي
- متطلّبات الجبهة المتّحدة الثوريّة - مقتطف 2 من الفصل الثاني ...
- برنامج الثورة الديمقراطية الجديدة في الفليبين مقتطف 1 من الف ...
- أيّها السود : المهاجرون ليسوا أعداءكم – أعداؤكم هم النظام ال ...
- ينشأ 420 مليون طفل – خمس أطفال العالم – في مناطق حرب ؛ هذا ه ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - كارل ماركس : لأوّل مرّة في التاريخ ، مقاربة و تحليل علميّين جوهريّا لتطوّر المجتمع الإنساني و آفاق تحرير الإنسانيّة -( مقتطف 1 من الفصل الأوّل من كتاب بوب أفاكيان - إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة -خلاصة أساسيّة - )