أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - شىء من الأدب.. كثير من النقد















المزيد.....

شىء من الأدب.. كثير من النقد


سمير الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 6424 - 2019 / 11 / 30 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


يعتقد كثيرون أن وظيفة النقد تنحصر فى تقييم الأعمال الأدبية والفنية، أى أنهم يرون أن دور النقد يلى عملية الإبداع وهم بذلك يختصرون مجمل وظيفته إلى مجرد التعليق على الروايات والقصائد ولوحات التشكيليين وبذا تصبح وظيفته أشبه بوظيفة المعلق الرياضى فى مباراة كرة القدم حين ينقل للجمهور انطباعاته على الهواء مباشرة، ولذالك انتقلت عدوى الأساليب الإذاعية السطحية إلى عملية النقد بالغة الأهمية والجدية فأصبحنا نقرأ كلاما من نوع" استطاع الشاعر أن يحلق عالياً فى فضاءات الشعر وأن يتجاوزها إلى فضاءات جديدة" دون أن نفهم ما الذى فعله الشاعر على وجه التحديد، ناهيك عن الإرهاب الذى تمارسه الكلمات الجديدة مثل" فضاءات- ورؤيوى- وانعتاق- " وأشياء كثيرة لا أفهم منها شيئا رغم دراستى للنقد فى الجامعة، ولعل ذلك يبرر لى ولغيرى من المهمومين بالنقد لماذا ينشغل هؤلاء المعلقون الرياضيون الذين لم تستوعبهم صفحات الرياضة بأعمال ساذجة أو مفتعلة أو منسوخة من أعمال أخرى أصيلة بعد تشويه ملامحها لكى يسهل تسويقها كإبداعات أو تسويق كتابها كمبدعين، تماما كما كان يفعل سارقو الحمير حين كانوا يصبغون الحمار الذى سرقوه ليلا ويبيعونه لصاحبه فى وضح النهار! ، هل أتجاوز حين أقول أن معظم ما نقرأه من نقد فى الصحف والمجلات السيارة ليس سوى إعادة إنتاج لمقولات جادة فى غير موضعها لأغراض شخصية؟ ، وأن الكتابات النقدية السائدة لا تعدو كونها تلميعاً لعملات زائفة ولكتابات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ساهمت فى صرف جمهور القراء عن قراءة الإبداع برمته رديئه وجيده؟
في ظنى أن النقد لو عاد لوظيفته ولدوره الرائد في حرث التربة وتهيئة المتلقى لتعرف طلاب الجامعة والمتعلمين عموما على أسماء مهمة لروائيين وقصاصين كمحسن يونس ومحمد المخزنجى ورضا البهات وأحمد زغلول الشيطى وعزت القمحاوى و لعرفوا شعراء حقيقيين كمحمد كشيك ومصباح المهدى وسهير متولى وعلى قنديل و عمر نجم وحمدى عيد ومحمد الشهاوى وفارس خضر وإيهاب البشبيشى وكثيرين، منهم من قضى نحبه دون أن يضعه النقد في موضعه الذى يستحقه ومنهم من ينتظر لعل الزبد الطافح على السطح يذهب جفاء ، هذا طبعا بالإضافة إلى أننا لو أدركنا أن وظيفة النقد الأساسية هى الانشغال بالنص الأهم والأعم وهو " نص الحياة" لما وجدنا مذيعين وصحفيين لا يعرفون شيئا عن مصطفى مشرفة وسيد عويس وجمال حمدان، لأن النقد في جوهره هو مشروع فكرى وجمالى يهدف إلى تقييم الرؤى والأفكار ووضعها في موضعها حسب قربها وبعدها من النظرية الجمالية التى تهدف إلى إعادة تشكيل رؤيتنا للعالم وفق تلك النظرية التى تنشأ نتيجة لشروط وظروف اجتماعية واقتصادية موضوعية كما حدث حين خرجت الرومانسية كرد فعل للصخب والتلوث اللذين صاحبا الثورة الصناعية لكى تحاول أن تعيد الإنسان لحضن الطبيعة ولإنسانيته، إذ كانت الهجرة من الريف للمدن بحثاً عن العمل في المصانع قد أدت إلى تكدس البشر فوق بعضهم في الحوارى الفقيرة ومن ثم كان ما كان من انتشار الجريمة فضلاً عن التشيؤ والانحلال الأخلاقي الذى جاء كنتاج جانبي لتطور الصناعات من نمطها الحرفى الذى كان يجمع بين الإنتاج والفن إلى بدايات نمط الإنتاج الكمى الذى يربط الإنسان بالسلعة ذاتها كمنتج وكمستهلك، ومن هنا يمكن فهم كيف استطاعت أعمال روائية أوربية أن تغير الأفكار التقليدية عن التربية كما فعلت رواية " جين أير" لشارلوت برونتى وكيف ساهمت روايات "دى. اتش. لورانس" في إعادة صياغة أفكار المجتمع حول قضايا هامة كالزواج والأسرة وأيضاً ما فعلته رواية " القلعة" من التعجيل بإلغاء نظام panel system- في قطاع الصحة والأمثلة كثيرة لدرجة تستعصى على الحصر لكنها تثبت أن الكتابات الإبداعية والنقدية لم تكن حيثية للجلوس على المقاهى وأن الكُّتاب كانوا مثقفين عضويين مرتبطين بقضايا حقيقية تمس جوهر حياة الناس وكانوا مناضلين واجهوا سلطة الكنيسة وتخلفها وتعرضوا بشجاعة للمؤسسات والأفكار المستقرة بهدف تطويرها أو إلغائها لكى تتحسن وتتقدم ظروف الحياة لأن الإبداع لم يكن أبدا طوال تاريخه نشاطا من أنشطة أوقات الفراغ ولم يحدث مثلا أن شاعرا قلل من أهمية الحياة واعتبر الشعر أكبر وأهم منها كما نسمع بعض شعرائنا وهذا هو السبب في أن الاهتمام بالأعمال الإبداعية في أوربا لم يضمحل كما هو حادث الآن في المجتمعات العربية، إن غياب المعايير واختلال النظام القيمى وتشوه العمارة وانحطاط التفكير وتخلف الفكر السياسى وعودة أنماط التفكير التى تنتمى للعصور الوسطى على يد تيار الإسلام السياسى وبمساعدة غير مباشرة من المثقفين المنعزلين عن القضايا الجوهرية لشعوبهم والمسكونين بهاجس انتهاك التابوهات الدينية والدينية فقط رغم أن بعضهم لا يجرؤ على مجرد التعبير عن وجهة نظره أمام رئيسه في العمل!، ومن قبل كل ذلك الخلل الاجتماعى الذى كان نتيجة تشوه علاقات الإنتاج، ثم الانفتاح غير المنضبط والفساد والنهب كل ذلك لم يكن ليحدث ولم يكن ليتم التسليم والقبول به بتلك السهولة لولا غياب التفكير النقدى وافتقار العقلية العربية بوضعها الحالي لمقومات ومعايير الحكم على الأفكار والسياسات، لأنه في غياب النقد بمعناه الجمالى العام تختلط الأشياء فيصبح الباطل حقا والحق باطلا وتنمحى ذاكرة الوجدان و يغيب العقل،
هل أؤكد مرة أخرى أن أمة بلا تفكير نقدى لا تعلم أين تسير؟ ولا كيف تسير؟ ولا ماذا تريد ؟ ولا منهم أعداؤها ومن هم أصدقاؤها؟ ولا لماذا وكيف تعلم أبناءها؟ ولا ما هى الرواية الجيدة التى ينبغى تسليط الضوء عليها ومن هو الشاعر الذى يثرى وجدان أمته ويجب أن يقرأه الناس؟ و ما هى الأفكار التى يجب تجاوزها أو دحضها والأفكار التى يجب دعمها ونشرها ؟ وجدير بالذكر أن كتابات الدكتور جلال أمين بمقاربتها السسيولجية التى تتعامل مع الواقع كنص عام هى كتابات دالة وموحية في هذا السياق كونها تؤكد على إننا بحاجة لنقاد حقيقيين وكتابات نقدية- في الفكر والفن- تقدم قراءة لوقائع حياة المصريين وتصف مصر وصفاً تشخيصياً وتطرح حلولاً تعيد لنا فضائلنا و ذاكرة وطننا وتكنس تلك الكتابات الرديئة والأفلام الهابطة والموسيقى الصاخبة الغريبة التى تلوث آذاننا وتسلبنا ثقافتنا الوطنية ، وقبل كل ذلك نحن بحاجة لغرس جذور التفكير النقدى الجاد لكى يعود المدرس مدرسا والطبيب طبيبا والأديب أديبا وتعود مصر إلى مصر لأننا بصدق أصبحنا نفتقدها بشدة وكذلك نفتقد أدوارنا داخل النَص الذى تكتب من أجله كل النصوص " نَص الحياة والوطن".



#سمير_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة التسول
- -يوم الثبات الانفعالى أم زمن التشيؤ و تبلد المشاعر- قراءة فى ...
- فصول من سيرة التراب والنمل- تلقائية السرد عند الروائى - حسين ...
- العامية المصرية بين الانفعال والافتعال قراءة فى أشعار محمد ع ...
- هشام السلامونى - جدل الفعل والانفعال-
- في مديح التفاهة
- تلقائية السرد عند الروائى حسين عبد العليم
- البخاري ومسلم و-مويان-
- كفاح المصريين كمتتالية روائية - حوار مع الروائى أحمد صبرى أب ...
- الشاعر حمدى عيد
- رحلة الفتى الدمياطى الذى جاوز الستين..
- ما الذى يجعل الماضى مستمرا
- لماذا تتعثر نهضتنا العربية الحديثة؟
- رواية-برسكال- رحلة المهمشين إلى متن الحياة فى القرية المصرية
- تكاثر الشعراء
- اللغة والهوية
- حوار مع جريدة الكرامة
- صلاح عيسى -الكتابة بقلب العاشق و بمبضع الجراح !-
- الفصل الأخير فى حكاية مقاومة الشاعر- طارق مايز -للموت
- ملحمة السراسوة أنثروبولجيا الريف المصري


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - شىء من الأدب.. كثير من النقد