هل الحياة بدأت بالخلق ام بالصدفة ؟

صباح اصلان

الحوار المتمدن-العدد: 6421 - 2019 / 11 / 27 - 16:15
المحور: الطب , والعلوم
    

سؤال مهم يُطرح كثيرا، خاصة بين طلاب المدارس والجامعات التي انتشر فيها تدريس نظرية التطور ونشأة الحياة بطريقة الصدفة والتطور العشوائي، ومَنع تدريس الأديان فيها لسيطرة الملحدين على ادارات المدارس و معدّي المناهج الدراسية واساتذة الجامعات .
السؤال الذي يتحيّر الطلاب بين الأقتناع والأنكار على جواب اساتذتهم وهو : هل بدات الحياة بالخلق الألهي للانسان والحيوان والنبات، ام وجدت الحياة بطريق الصدفة بالتفاعلات الكيميائية العشوائية فأنتجت الخلية الأولى التي تطورت وتحولت عبر ملايين السنين الى انسان ذكر وانثى وحيوانات مختلفة الأنواع سابحة بالماء و زاحفة على الأرض و طائرة بالجو ، وكذلك تطور فرع منها الى نباتات خضراء كما يقول اصحاب نظرية التطور الداروينية والملحدون ناكري الخلق ووجود الله ؟
الكتاب المقدس يحذّر من تصديق تعاليم الآخرين تصديقا أعمى فيقول: "قليل الخبرة يصدّق كل كلمة، والنبيه يتأمل في خطواته " و ويقول الأنجيل :
"فتشوا الكتب لأنكم تظنّون ان لكم فيها حياة ".
بعكس من يحرم السؤال والاستفسار بقوله : " لا تسالوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم" .
لابد لكل من يمتلك العقل عليه أن يستخدم قواه العقلية ليفحص كل شئ، ويتأكد من صحته قبل التصديق والإيمان به .
نعود للسؤال المهم : هل خَلق الأنسانَ والحيوانات والنباتات والكون بنجومه ومجراته وشموسه وكواكبه المذكور تفاصيلها في الكتاب المقدس، هي حقيقة ام خرافة ؟
ما هو اصل الحياة وكيف وجدت على كوكب الأرض في بداية نشأتها ؟
لدراسة اساس نشأة الحياة ووجودها على الأرض علميا، لابد من التركيز على تركيب الخلية الحيّة، و معرفة مكوناتها ووظيفتها، لأنها الوحدة البنائية الأساسية لكل الكائنات الحية . ولمعرفة ذلك والإيمان أما بنظرية الخلق الإلهي من قبل خالق مقتدر ذكي قادر على كل شئ وهو من يمتلك ويهب الحياة، او بنظرية التطور الداروينية وتكوّن الحياة والخلية الأولى كيميائيا بالصدفة وتطورها بالطفرات العشوائية، لابد من دراسة بُنية الخلية وتحليل الفرضيات التي ترتكز عليها نظرية التطور الداروينية للوصول الى الحقيقة التي يقتنع بها العقل ويقبلها المنطق .
نظرية الخلق تقول لنا حسب الكتاب المقدس في سفر التكوين، ان الله خلق الانسان ذكرا وانثى بإرادته وعلى صورته ، وقد خلق قبله السماوات والأرض، وخلق على الأرض الحيوانات والنباتات وكل ما يديم الحياة على كوكب الأرض من هواء وماء و جاذبية وحرارة وضوء وغيرها بمقدار دقيق وثابت . وبسلطان الله واهب الحياة تكاثر الانسان وتناسل اجيالا بعد اجيال وكذلك الحيوانات والنباتات. كل نوع ينتج من جنسه اجيالا جديدة، فالأنسان يولِد انسانا يشبه ابويه، والقرود تولد قرودا شبيهة بآبائها واسلافها، والحصان ينتج حصانا من جنسه، وشجرة التفاح تنتج شجرة تفاح من جنسها.
اما نظرية التطور حسب فكر الملحدين ناكري وجود الخالق، فيقولون ان الحياة بدأت في الخلية الأولى في مياه البحار اوالمستنقعات الدافئة منذ بلايين السنين. ونشأت اول خلية حية من اختلاط وتفاعل مواد كيميائية مع بعضها تلقائيا بالصدفة بعد ان توفرت لها البيئة المناسبة من حرارة وشرارة برق حفزت التفاعلات الكيميائية، فتشكلت مركبات معقدة ثم تكونت منها جزيئات اكثر تعقيدا وحوامض أمينية، فتكونت الخلية الأولى ودبت الحياة فيها، لكن الملحدين يعجزون عن تفسير كيف دبت الحياة في تلك المواد الكيميائية الجامدة الغير حيّة. والميت الجامد لا يوّلد حياة ولا حركة، فتحولت الخلية الى كائن حي يتحرك ويتنفس ويتغذى ويتكاثر ويحسّ بما حوله، وله غشاء بفتحات وبوابات يمتص غذاءه ويفرز فضلاته، ونواة وسايتوبلازم و كرموسومات تنقسم وتنقل الصفات الوراثية الى الأجيال الجديدة . ويزعم التطوريون ان العنصر الاساسي المحرك والمولد لكل هذا هو الصدفة والعشوائية، ولا يوجد موجّه ذكي يسيطر على كل هذه الفعاليات!!
ثم تطورت هذه الخلية البدائية الى كائنات ارقى وتحولت الى اسماك وضفادع ثم زواحف وثدييات و وحشرات وطيور وقرود عبر ملايين السنين، ومن سلالة القرود تطور جنس منها الى قرود منتصبة القامة تسير على قدمين وتستخدم يديها للتسلق وتناول الطعام، ثم تطورت تلك القرود المنتصبة القامة الى انسان بدائي شبيه بالقرد، ثم تطور هذا الى كائن شبه قرد وشبه انسان يسير على قدمين يعيش على ما يقتات عليه من الطبيعة من حيوانات ونباتات، حتى وصل بمراحل التطور البطيئة عبر الزمن الطويل الى الأنسان الحالي ذو العقل المفكر واللسان الناطق بلغة مفهومة، ومبدع ومخترع و رائد للفضاء وعالم يفلق الذرة ويصنع السيارات والهواتف والأنترنيت ، وقد كان اصله من سلالة القرود !!
بينما نرى القرود بأنواعها بقت على حالها قرودا ولم تتاثر بالتطور المزعوم منذ ملايين السنين الى اليوم، تعيش في الغابات وتتسلق الأشجار. ولم تتطور رغم انها من سلالة مشتركة مع الأنسان حسب ما يدعيه الملحدون اصحاب نظرية التطور .
تعتمد نظرية التطور على فكرتين :
1- فكرة الأنتخاب الطبيعي Natural selection
الكائنات الأكثر ملائمة للبيئة والقادرة على صراع البقاء المقاومة للطبيعة وضروفها القاسية ستميل للنجاة من الأنقراض وتترك ذرية أكثر من الكائنات الأضعف تكوينا والأقل ملائمة للبيئة. الكائن الأقوى او الأكثر تكيفا مع البيئة والطبيعة سيعيش أطول والبقاء للأقوى.
منذ اكتشاف ال DNA فسر العلماء ان التطور البيولوجي يحصل بسبب الطفرات العشوائية في الجينات المورثة. وهذا الجزء من نظرية داروين في التطور هو الذي يقوم بكل العمل التطوري . كل شئ مهم في هذه النظرية يدور حول مفهوم الطفرات العشوائية .
2- فكرة التغييرات او الطفرات العشوائية
هذا الجزء من نظرية التطور لداروين هو الأضعف فيها والأقل دعما وصمودا، وباطل في أغلب الحالات، لأنها لا تجيب عن تساؤلنا لماذا دائما تحدث طفرات موجبة تتجة نحو التطوير الأحسن وليس الاسواء، بينما الطفرات تحدث بالصدفة وليس لها موجه ذكي وهي بالأصل عشوائية الاتجاه لا تميز بين الاتجاه الجيد والردئ في تحسين النوع واعطائه الصفات الجديدة .
توجد فئة من العلماء يعتقدون وبدون دليل ان الحياة ربما قدمت الى كوكب الأرض من الفضاء بواسطة الصخور النيزكية حاملة معها الحوامض الأمينية التي كانت اساس تكون الحياة .
لحد الأن لم يثبت العلم بالتجربة ان الحياة يمكن ان تنشا من جزيئات غير حيّة . بينما نظرية الخلق تثبت للجميع ان الحياة اللاحقة تنتج من حياة سابقة، فلكل كائن حي ابوين مشابهين له، وهو ايضا ينتج جيلا آخر بعده مماثلا له بالصفات، وهكذا تستمر الحياة بلا توقف الا بموت الكائن الحي انسانا او حيوانا او نباتا فينقطع نسله . وبداية الحياة كانت بالخلق ، انسانا وحيوانا ونباتا، كل منهم ينتج نسلا من بعده وتستمر الحياة .
خير تعبير عن ذلك ما قاله عالم الحياة البروفيسور الكسندر مينيج : " لم تدعم الأدلة التجريبية الفرضيات القائلة ان الحياة ظهرت فجاءة على الأرض من مجرد حساء بدائي، ولم يحقق العلم اي تقدم ملحوظ يقودنا الى هذا الأتجاه " .
الحياة تنتج حياة، وكل كائن حي على الأرض جاء من سلف مشابه له تماما ومن جنسه. ويستحيل ان تولد حياة باي شكل كان ولو بشكل خلية من مواد كيميائية جامدة لا حياة فيها. في عام 1953 حاول عالم الكيمياء الحيوية ستانلي ميلر انتاج خلايا حية او احماض امينية تنتج حياة في دورق زجاجي من مركبات كيميائية وغاز الميثان والامونيا والهيدروجين، وسلط عليها شرارة كهربائية لتحاكي ضروف البيئة الأولية لنشاءة الحياة على الأرض، لكن كل محاولاته باءت بالفشل الذريع لتخليق خلية حية، بل استطاع تكوين بعض المركبات العضوية التي لم تنتج شيئا تخدم فكرة انشاء الحياة. وفشلت كل التجارب التي اجراها العلماء بعده لتخليق خلية حية.
علم الأحياء يقول ان الخلية الحيّة تتكون من عناصر اساسية للحياة بدونها لا توجد حياة، وهي ال DNA، RNA ، والبروتينات .
ومن المستحيل ظهور اي منها من مواد جامدة لا حياة فيها وبالصدفة لأن تركيبها في غاية التعقيد . ان جزئ البروتين المتوسط الحجم في الخلية البسيطة يحتوي على 200 حامض أميني ، وفي كل خلية يوجد الاف من انواع البروتينات الحاوية على الأحماض الأمينية .
ان احتمال تشكل بروتين واحد على الأرض هو واحد من مليون بليون احتمال، وهذا هو المستحيل بعينه . وتكوّن البروتين لوحده في الخلية لا يكفي لوجود الحياة فيها، فلابد من وجودRNA الضروري لصنع البروتينات، وان افترضنا تكوّن هذان العنصران بالصدفة معا في مكان واحد، فلابد من تكوّن العنصر الثالث المهم جدا لتكاثر الخلية وهو جزيئات ال DNA كنز المعلومات البيولوجية لكل كائن حي، الذي ينقل الصفات الوراثية لذلك الكائن من السلف الى الخلف . ولابد من تعاون العناصر الثلاث معا لدوام الحياة واستمرارها وتكاثر الخلايا . اما تكوّن وتجمّع هذه العناصر في خلية واحدة بطريق الصدفة لتكوين خلية حية ، فهذا هو المستحيل .
تقول الدكتورة كارول كليلاند عضو معهد ناسا لعلم الأحياء الفلكي ، : " ان احتمال حدوث ذلك بالصدفة هو احتمال ضعيف الى ابعد الحدود ".
يمكن تشبيه تكون الخلية الحية بالصدفة وتكاثرها، بعالم عبقري ابتكر وصنع روبوت من قطع الحديد والبلاستك ودوائر الكترونية وكومبيوتر متطور مبرمج لتحريك الروبوت بحركات مذهلة، فهل يتمكن هذا الروبوت المذهل ان ينسخ نفسه وينتج روبوتا مماثلا له دون تدخل انسان ذكي؟ مستحيل حدوث ذلك لأن الروبوت ليس جسم حي ليتكاثر ويتناسخ وينتج اجيالا من ذاته دون تصنيع من انسان ذكي وعاقل .
كذلك لا يمكن للخلية المتكونة من مادة غير حية ان تنسخ نفسها لتنتج جيلا جديدا عنها بقواها الذاتية .
نظرية الخلق الألهي لازالت هي الأقوى والأصح رغم مقاومة الملحدين ونكرانهم لها، لأنها تطابق الواقع وليس الخيال والتخمينات، وتقر بولادة الحياة من حياة سابقة، بعكس نظرية التطور التي يدعي الملحدون ان الحياة نشأت من مادة غير حية وتكاثرت و تطورت ، ولا يملكون الدليل العملي والعلمي عليها. ودليلنا الآخر على صحة نظرية الخلق ،ان كل جنس ينتج من نفس نوع جنسه، ولا نؤمن بتطور الأنواع ليتحول السمك الى ضفدعة او سحلية، او الطير يصبح ديناصورا والقرد يتطور بيولوجيا الى انسان عاقل وناطق كما يدعي التطوريون والملحدون.
جاء في سفر التكوين – العهد القديم
(قال الله: لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا، وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه)
وقال الله: لتفض المياه زحافات ذات نفس حية، وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء
21 فخلق الله التنانين العظام، وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياه كأجناسها، وكل طائر ذي جناح كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن
22 وباركها الله قائلا : أثمري واكثري واملإي المياه في البحار. وليكثر الطير على الأرض .
وقال الله: لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها: بهائم، ودبابات، ووحوش أرض كأجناسها.
نظرية الخلق تعتمد على فكرة ان كل جنس ينتج من نفس جنسه، وترفض فكرة ان جنس القرد يتطور الى جنس أنسان، او السمك يتحول بالتطور البيولوجي الى سحالي و طيور .
ان بنية الجسم البشري من أكثر البنى الحية تعقيدا في الكون، فهو يتألف من نحو 100 تريليون خلية حية بالغة الصغر موزعة على العظم والدم والدماغ والعضلات وغيرها، وهي تشكل انسجة الجسم المتنوعة في وظائفها واشكالها .
يعتقد التطوريون ان الخلايا ذات النواة هي الخلف المتطور من الخلايا السلف عديمة النواة الأبسط تركيبا. لكنهم لا يعلموا كيف وجدت النواة ومكوناتها ، وكل ما يتذرعوا به هو حدوث طفرات جينية تغيّر من تركيب الخلية وتحولها الى شكل آخر ، وكذلك تطور الكائن الحي من نوع الى نوع آخر بالطفرات الجينية .
هناك سؤال يعجز التطوريون من الأجابة عليه، كيف عرفت الطبيعة ان تقسم الكائنات الحيّة الى كائن ذكر وكائن انثى، وكل منها يحمل جهازا للتناسل والتكاثر يختلف بشكله و وظيفته لكنه يلائم جهاز الجنس الآخر من نفس النوع بيولوجيا وتشريحيا لأكمال عملية الأتحاد والتناسل وانتاج نسل جديد. وكذلك نريد اجابة منهم لماذا لا يمكن تناسل الأنواع المختلفة من الحيوانات مع بعضها، مثل تناسل الكلاب مع القطط، اوالضباع مع الذئاب لتنتج اجناسا جديدة، إن كان جميع الأحياء من اصل مشترك واحد ؟
لازلت نظرية التطور غير مثبتة علميا. ولم يعثر العلماء والباحثون في المستحاثات والحفريات على بقايا وعظام كائن حي مرّ بمرحلة التطور بحيث يمتلك جسم مشترك لحيوان ما يحمل صفتي كائن يتطور من نوع الى آخر . بتعبير آخر مثلا جسم سمكة وهي في مرحلة التطور والانتقال الى سحلية مثلا، وتحمل زعانف السمكة باصابع ورئة السحلية في مرحلة الانتقال والتطور من نوع الى آخر .
في ختام حوار بين زعيم الملحدين المؤمن بالتطوروالناكر للخلق و وجود الله ريتشارد دوكنز مع عالم رياضيات مؤمن بالخلق، قال دوكنز معترفا بهزيمته بالحوار قال : " انا لا استطيع تفسير منشا الحياة حاليا ، لا احد يستطيع " .
وهذا دليل فشل الملحدين لتفسير منشا الحياة رغم ادعاءهم ان الخلية الأولى الحيّة تكونت من مواد ميتة !!
الميت لا ينتج كائن حي .

#صباح_اصلان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات