أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1















المزيد.....

ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6419 - 2019 / 11 / 25 - 02:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يختلف إثنان إن ما يحدث في العراق منذ تشرين الأول الماضي وللآن ليست مجرد تظاهرات وأحتجاجات مطلبية، بقدر ما هي ثورة شعبية هدفها أكبر من مجرد مطالبات بتحسين الواقع الاجتماعي والسياسي والأقتصادي لبلد أنهكه الفساد والتخريب وتدخل خارجي أفسد كل شيء وأطاح بهيبة النظام والدولة، كما لا يختلف دارسي السلوك الأجتماعي السياسي من أن هذه الحركة الأحتجاجية بكل مقوماتها ومقدماتها والمعطيات على الأرض تؤشر حقيقة واحدة أننا أمام ثورة حقيقية لا ينقصها وصف ولا يتخلف عنها مفهوم الثورة بكل تفاصيلها وشروطها وملامحها العامة.
الثورة في المفهوم السياسي العام هي خروج الشعب على إرادة طبقة سياسية متحكمة الهدف منها تغير أسس النظام وإزاحة القديم مقابل بديل نقيض له، فمن شروط الثورة الشعبية أنها لا تستهدف النتائج في حركتها بل تبني نتائجها على حقيقة التناقض مع النظام القائم، بمعنى حتى ينطبق وصف الثورة على أي حركة شعبية يجب أن تكون نقيضا للواقع ومستهدفا له، هذا إضافة إلى أن أهداف الثورة يجب أن تكون أيضا واضحة المعالم محددة الأفق برؤية تجديدية، حتى لا تكون مجرد شغب أو تمرد على سلطة النظام ينتهي بفقدان الرؤية وعدم الوضوح في الهدف.
ومن أدبيات علم الأجتماع السياسي أن الثورة دائما ما تلد وفقا لظروف مجتمعية تصل فيها التناقضات إلى حد الاصطدام دون أن يكون هناك مجال للتسويات أو المساومات، وعندما تنضج أسباب الثورة بكل عناوينها سوف نشهد حالة تقاطع وإنفصام بين السلطة والشعب قد لا تنجح المؤديات الخارجية والداخلية في تغيير معادلة التناقض هذه، وقد تفشل الثورة حينما تنساق خلف وهم الإصلاح أو التغيير الشكلي لأساسيات النظام، وكثيرا من الثورات تحطمت وهي في أوج فاعليتها لأن الثوار أوهمتهم السلطة أنها ستقبل التغيير، ولكن على مراحل بتبرير الحفاظ على الأمن أو من خلال جر بعض القادة إلى موقع التساوم من جهة، وأستخدام أساليب التسويف والمماطلة كي ترتب وتعيد تموضعها لتنقض في لحظة على لب الثورة ومحركها.
المهم في أي ثورة أنها تمتلك إرادتها دون أن ترهن موقفها على مستجدات أو ظروف أحتمالية قد تحدث أو لا تحدث، وأن لا تدع لغير الثوار أن يتسلل أو يكون في موقع مؤهل لأن يستخدم لضرب الثورة من داخلها، والمهم أيضا حسابات الواقع والزمن وردود الأفعال وعمق الشعور بالتناقض داخل صفوف المجتمع، هذه الحسابات الدقيقة تجنب الثورة المفاجأة والانتكاسات وقد تتحول الثورة بعد ذلك إلى عقم في الحراك الشعبي، أما نتيجة الخيبة والفشل في التغيير، أو لجسامة الخسائر مقابل المكاسب المحدودة.
نعود لثورة تشرين في العراق ومنها نعرف حقيقة الواقع العراقي ومتطلبات المرحلة ومتطلبات الثورة، أولا لم يكن ما يجري اليوم في العراق خالي من الجذور والمقدمات أو منقطع عن حركة الشعب وإرادته في التغيير، وكما قلنا في مقالات سابقة أن الثورة هذه هي وريثة كل الرفض والتضاد والتناقض الشعب مع واقع ما بعد 2003، حتى وصلت الأمور إلى الطريق المسدود، ثانيا لا السلطة وقواها قادرة على أجتياز واقع الفشل والفساد والتخريب المتعمد أو الذي جاء نتيجة تخلف مفاهيمها الوطنية عن ذلك، وعدم إمكانية فهم حركة المجتمع ومتطلبات الحكم الرشيد كواحد من أساليب الحكم الناجحة في تأمين الحقوق والواجبات، ولا الشعب قادر على أن يمنح المزيد من الثقة والوقت لهذه السلطة وقواها وقد جرب كل أشكال التصبر، ومحاولة فسح المجال للقوى المؤثرة عليها أن تفعل ما يمكن أن يكون أفق حل أو محاولة للتصحيح.
في هذه النقطة وجد الشعب وخاصة الفئات الأكثر تضررا من تحولات 2003 وما بعدها وهم الغالبية من أبناءه أنهم أمام خيارين لا ثالث لهما، أما الصدام مع السلطة والمنظومة السياسية وأسترجاع القرار السياسي والسلطوي منها لأنها لا تصلح لقيادة هكذا شعب وبهذه المقدرات والخبرات، أو الرضوخ التام لها مما يعني المزيد من الأستبداد والطغيان والفشل ومع المزيد من الفساد والنهب، لقد حدد الداعون والمنظمون لهذه التظاهرات ثم الأحتجاجات ثم الوصول إلى حالة الثورة وهم على معرفة تامة بأن الحل يكمن فقط في إزاحة هذه الطغمة الحاكمة بكل ما تعني كلمة إزاحة من مدلولات سياسية، إنها عملية بتر وتطهير ومعالجة جذرية لسرطان أكل العراق جسدا وروحا وقوة ومستقبل، هذا هو خيار الثورة خيار التغيير الشامل والجذري والضروري كي يتخلص العراق من أزمته الطاحنة.
هذه النقطة الأهم والأساسية في بناء روح الثورة وهيكلها الخارجي، أنها أمتلكت مبرراتها وأمتلكت أدوات العمل الثوري وإن كان غير منظم ظاهريا، ولكن من يطلع ويراقب حركة الشعب الثائر يجد تنظيما حقيقيا يسير ويصيغ الحدث ويرسم الخطوة القادمة، هذا التنظيم قد يصعب من حالة تعقبه من قبل السلطة وأدواتها القمعية، ويحمي الثوار من أشكال التسلل والتدخل والتداخل والضغط، مما حصنها من أن تكون سهلة بالتعامل مع من يريد أن يقمع الثورة وحراكها، وصعب على السلطة وأدواتها في الكشف عن الثغرات ونقاط الضعف التي ممكن أن تؤدي إلى ضربها من العمق.
الشيء الأخر والضروري الذي أدرجناه في عناوين شروط الثورة وهو وضوح الهدف وتحديد النتائج منها، ومنذ أول يوم خرجت الجماهير وهي ترفع شعارين أساسيين، الأول أن (الشعب يريد إسقاط النظام)، والشعار الأخر (كلكم يعني كلكم)، والجمع بين هذين الشعارين مع الإصرار عليها يصل بنا إلى نتيجة حاسمة، أن الثورة شعارها وهدفها ورؤيتها ليست إصلاحية بمعنى تجديد الأداء مع بقاء المؤدي، وهو خيار الكثير ممن قالوا أنهم مع ثورة الشعب وخاصة المرجعيات الدينية وبعض القوى السياسية التي أدركت مؤخرا حجم الإخفاق والفشل الحكومي الذي لا يمكن إصلاحه أو تبرير بقاءه، بل لا بد من إستكمال تام وحقيقي وجذري لعملية تغيير شاملة لكل أوجه وأسس ومنطلقات وأساليب العملية السياسية الراهنة وبناءها السياسي والفكري.
فالثورة إذن أختارت التغيير والتغيير العميق لحد قلع أسس النظام الدستورية والمنظومة السياسية الحاكمة برمتها، وبدأت سقوف الشباب الثائر من المطالب والاهداف تتصاعد مع تصاعد ووتيرة المماطلة والتسويق وارتفاع أرقام الضحايا والخسائر البشرية، لم يعد يكتفي الثائرون مثلا بإستقالة الحكومة أو الدعوة إلى أستبدال الواجهة السياسية الحاكمة لإرضاء الشارع والشروع بالإصلاحات، ولا حتى المطالبة بتعديل الدستور وقوانين الأنتخاب والمفوضية المستقلة للأنتخابات وغيرها من القوانين التي مكنت هذه الطبقة السياسية الفاسدة من العبث بمقدرات الشعب، وصار السقف الذي لا يجب النزول عنه والبدء به هو إلغاء الدستور وكل ما نتج عنه من بنية قانونية وسياسية، ومنع كل الطبقة السياسية التي حكمت البلد من المشاركة في أي إجراء يتعلق بتحقيق المطالب والأهداف، بل أيضا وصل الأمر إلى رفض كامل للمؤسسة الدينية الراعية والحامية للنظام ومطالبتها بالصمت حاليا لحين نجاح الثورة وتقرير مصيرها بعد ذلك.
هذا الوضوح التام وعدم خلط الأوراق على رؤية المشاهد والمشارك والمنتمي للثورة وكذلك عزلها عن تأثيرات الحركات والأحزاب السياسية التي هي جزء من منظومة السياسة والسلطة وإدارة الدولة، أكسبها الشرعية لدى المواطن العراقي وتبنى موقفها ودعمها بلا أدنى تردد وبلا حدود، لأنه يعتبر ذلك تحقيقيا لرغبته وتطلعاته كفرد أضاعت الأحزاب وسلطتها كامل حقوقه وأهملت واجباتها تجاهه، ولأول مرة يشعر أن هذا الحراك الشعبي الثوري ينطلق من صراع الحق ضد الباطل، صراع الشعب مع حكامه الفاسدين الذي تخلى عنهم وأهملهم تدريجيا وصولا إلى اللا مبالاة بهم وبمصيرهم، ويعد ذلك جزء من رد الأعتبار له ولوجوده وإنسانيته المفقودة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسويف ومخاطر الإنزلاق نحو العنف المتبادل
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح2
- معضلة الدستور وخيارات الأزمة ح1
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح5
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح4
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح3
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح2
- دور المؤسسة الدينية لمرحلة ما بعد تشرين في العراق. ح1
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- في نقد الدستور العراقي (مواد دستورية معطلة)
- ملاحظات على قراءة الدستور العراقي
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج2
- تفصيلات الدستور والنصوص (تعديلات واقتراحات لسد النقص) ج1
- بيان الحراك الشعبي العراقي ومجموعات من تنظيمات ناشطي ساحة ال ...
- تفصيلات الدستور والنصوص (فن الصياغة)
- لماذا تشرين؟
- أزمة العقلية الحاكمة في العراق ومستقبل الحراك الشعبي.
- أساسيات الدستور العراقي ثالثا _الصيغة الأتحادية
- أساسيات الدستور العراقي ثانيا _التعددية الديمقراطية
- أساسيات الدستور العراقي


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - ثورة تشرين حركة تعيير أم إرادة إصلاح ح1